حفل افطار لبعض الشخصيات الإسلامية بالبرلمان النمساوى
عبّر الدكتور اندرياس كول رئيس البرلمان النمساوي الاتحادي الذين ستنتهي مدته في نهاية أكتوبر/تشرين الأول الجاري لتبدأ فترة البرلمان النمساوي الجديد في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، عن “أسفه وخيبة أمله للخسارة الكبيرة التي مُني بها حزب الشعب المحافظ بقيادة المستشار فولفغانغ شوسيل في الانتخابات البرلمانية
كول يتوقع مشاورات صعبة وطويلة الأمد لتشكيل حكومة من تحالف الاشتراكيين والمحافظين
التي جرت في عموم النمسا يوم الأحد الموافق في الأول من شهر اكتوبر الجارى”. وأكد كول أنه “شأنه شأن غالبية أعضاء مجالس قيادة الأحزاب النمساوية والشخصيات السياسية فوجئوا بنتائج الانتخابات البرلمانية”. واشار كول الذي يعتزم اعتزال العمل السياسي اعتباراً من نهاية ولاية البرلمان النمساوي الحالي، إلى إنه “لم يكن يتوقع أن يخسر حزب الشعب 13 مقعداً من رصيده البرلماني دفعة واحدة، على الرغم من انه ما زال في المركز الثاني بحصوله على 66 مقعداً، أي بفارق بسيط لا يتجاوز 1.1 % عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي حلّ بالمركز الأول بحصوله على 68 مقعداً وخسارته لمقعد واحد عن الانتخابات السابقة”. جاء ذلك في حديث مقتضب أدلى به أندرياس كول إلى الزميل حسين عون بعد انتهاء حفل الافطار الذي أقامه لنخبة من كبار المسؤولين والشخصيات الإسلامية من أصول عربية وتركية وألبانية وبوسنية وأفغانية ورجال الإعلام بمناسبة شهر رمضان المبارك.
نتائج إنتخابيه غير متوقعه
ورداً على سؤال حول تقييمه لنتائج الانتخابات البرلمانية التي جرت في النمسا في بداية الشهر الجاري، وسُجل فيها عدد من المفاجئات والمؤشرات كان أبرزها تراجع شعبية أكبر حزبين سياسيين في النمسا هما حزب الشعب والحزب الاشتراكي لمصلحة
الأحزاب الصغيرة قال كول “في الحقيقة، لم يكن أحد من المسؤولين في الأحزاب السياسية وكذلك في الاتحادات والنقابات العمالية، وحتى في الأوساط الشعبية ومنظمات المجتمع المدني، يتوقع نتائج الانتخابات البرلمانية، حيث كان حزب الشعب الخاسر الأكبر بفقده 13 معقداً عن الانتخابات البرلمانية التي جرت في العام 2002، عندما حقق حزب الشعب فوزاً كبيراً احتل بموجبه المركز الاول بحصوله على 79 مقعداً في البرلمان الاتحادي المؤلف من 183 مقعداً”.
اعتراف بخسارة حزب الشعب أمام الحزب الأشتراكى النمساوى
واغتنم أندرياس كول الفرصة للإشادة “بمستوى أداء الحكومة النمساوية السابقة بقيادة المستشار فولفلغانغ شوسيل، وبما حققته من منجزات على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية، منوهاً بأهمية الحضور المميّز
والنجاح المنقطع النظير لها طوال فترة رئاسة النمسا للاتحاد الأوروبي خلال النصف الأول من العام 2006”. ولكنه قبل على مضض نتائج الانتخابات البرلمانية واعترف بخسارة حزب الشعب وقال “مهما كانت النتائج مخيبة للآمال، ينبغي علينا أن نتقبلها ونحترم إرادة الشعب النمساوي وحقه في اختيار من يراه مناسباً لتمثيله تحت قبة البرلمان النمساوي الاتحادي، وتوجهه نحو التغيير”.
تراجع شعبيه الأحزاب الرائيسيه بالنمسا
وأعرب كول عن اعتقاده القوي بأنه “ينبغي على الخبراء والباحثين في مراكز الأبحاث والمحللين في مختلف وسائل الإعلام والمسؤولين في مراكز القرار في الأحزاب والتيارات والقوى السياسية في النمسا أن تبادر إلى إجراء دراسات معمقة للأبعاد والخلفيات والأسباب التي أدت إلى
تراجع شعبية الأحزاب الرئيسية وفي طليعتها حزب الشعب”. وفي هذا السياق، أشار كول إلى أن المسؤولين في حزب الشعب بحاجة إلى فترة مراجعة للذات من أجل النهوض من قوة الصدمة والتأقلم من نتائج الانتخابات، قبل الدخول في المشاورات الرامية إلى تشكيل حكومة نمساوية جديدة، والتي وصفها بأنها ستكون “صعبة للغاية وطويلة”.
مشاورات صعبة وطويلة الأمد لتشكيل حكومة من تحالف الاشتراكيين والمحافظين
ورداً على سؤال حول توقعاته عن احتمال تشكيل حكومة قوية وموسعة من تحالف الحزب الاشتراكي وحزب الشعب رفض كول في البداية الرد أو اعطاء أية تكهنات شخصية ولكنه قال “لا أتوقع أن تكون مهمة المستشار المكلف ألفريد غوزنباور زعيم الحزب الاشتراكي أن تكون مهمة سهلة، بل ستكون شاقة للغاية، وهذا بحد ذاته مؤشراً إيجابياً، لأن المسؤولين في قيادة الحزبين الكبيرين سيحتاجان إلى فترة طويلة لعرض مواقف الحزبين وبرامجهما في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وكذلك على الصعيدين الأوروبي والخارجي، مع ضرورة الأخذ في الاعتبار أن الحزبين هما خصمان لدودان، ومرت العلاقة بينهما خلال فترة حكم المستشار شوسيل بمرحلة رديئة من خلال اعتمادهما لسياسة الند للند”.
مصلحة البلاد والشعب النمساوي على المصالح الحزبية
ورأى كول أنه في ضوء النتائج التي وصفها بـ (المؤسفة) للانتخابات البرلمانية وما اتسمت به حملة التنافس التي سبقتها من مؤشرات سلبية للغاية “ينبغي على كبار القادة والمسؤولين في الحزبين الجلوس معاً حول طاولة مستديرة وفتح صفحة جديدة للحوار الإيجابي والبناء، والعمل المشترك من أجل تضييق الفجوة السياسية وإزالة كافة مظاهر الجفاء والتوتر التي ظهرت في السابق، وبذل كافة الجهود للاتفاق آلية مشتركة تضع في أولوياتها تغليب مصلحة البلاد والشعب النمساوي على المصالح الحزبية”. وأعرب عن اعتقاده بأنه “ينبغي على كلا الحزبين أن يعملا من أجل تشكيل حكومة ائتلافية موسعة”. ومن هذا المنطلق، توقع أندرياس كول أن تأخذ المشاورات بين الحزب الاشتراكي وحزب الشعب وقتاً طويلاً وتستمر لمرحلة ما بعد فترة أعياد الميلاد ورأس السنة الجديدة. وبعدما حذر من مغبة تمسك الحزبين كلٌ بسياسته وبرامجه الداخلية والخارجية، قال كول “إذا أصرّت قيادتا الحزبين على مواقفهما والاستمرار في التراشق وتبادل الاتهامات السياسية وحملات النقد الجارح، فإن ذلك لن يساهم في تسهيل مهمة المستشار المكلف بتشكيل حكومة نمساوية قوية وموسعة في النمسا، وقد يفتح ذلك الأبواب على الكثير من الاحتمالات”.
أسف بالغ للحرب التي شنتها إسرائيل ضد لبنان
ورداً على سؤال حول تقييمه للتطورات الأخيرة في الشرق الأوسط، عبر أندرياس كول عن الأسف البالغ للحرب التي شنتها إسرائيل ضد لبنان على خلفية خطف جنديين إسرائيليين، وقال “إن تلك الحرب أدت إلى خسائر هائلة في الأرواح والممتلكات والبنى التحتية”
. وعبر عن أمله بأن “تشكل النتائج الكارثية لتلك الحرب دافعاً قوياً لكافة الأطراف الإقليمية والدولية المعنية لمضاعفة جهودهم من أجل إقرار تسوية سلمية شاملة ونهائية للنزاع العربي الإسرائيلي والقضية الفلسطينية على أساس قرارات الشرعية الدولية ومجلس الأمن، وإنشاء دولتين متجاورتين هما إسرائيل وفلسطين تعيشان جنباً إلى جنب بأمن وسلام، مع الاخذ في الاعتبار بأن خارطة الطريق قد تعثرت وفشلت بتحقيق مثل هذا الانجاز”.
علاقات صداقة وتعاون تاريخية تقليدية متميزة مع العالم العربى والإسلامى
واشاد أندرياس كول العضو البارز في مجلس قيادة الحزب الاشتراكي بمستوى العلاقات القائمة بين بلاده والعالم العربي والاسلامي ووصفها بأنها”علاقات صداقة وتعاون تاريخية تقليدية متميزة” مؤكداً أنها ستتواصل على نفس الوتيرة أياً كان الحزب النمساوي الحاكم في المستشارية. واشار الى انه بحلول نهاية الشهر الجاري سيغادر منصبه كرئيس للبرلمان بعد الانتكاسة الكبيرة التي مني بها حزب الشعب. وفي نهاية حديثه، عبّر كول عن اعتزازه بالتقدم الذي تم أحرزه على صعيد تعزيز الاندماج والتعايش الديني والحضاري والثقافي بين مختلف الطوائف الذي تحقق خلال فترة ولايته كرئيس للبرلمان النمساوي، وأكد بأنه شخصياً وغالبية أنصار حزب الشعب يحترمون الدين الإسلامي، ولا يؤيدون الشعارات المتطرفة المناهضة للإسلام التي طرحها مرشحو حزب الأحرار اليميني خلال الحملة الانتخابية الأخيرة في النمسا.