هو الشاعر المصري وأحد زعماء الثورة العرابية وأشعر الشعراء المصريين، محمود سامي البارودي ، فقد أباه وهو في السابعة من عمره ، إهتم بعض ذويه بتعليمه فوجهوه بعد التعليم الإبتدائي إلى المدارس الحربية، فتخرّج منها ضابطا متقنا للفنون الحربية، ومع ذلك بقي مشغوفا بالمطالعة مولعا بالأدب، فأخذ يلتهم دواوين الشعراء ويتذاكر في قضايا الشعر مع معاصريه، والمولعين بالأدب، فتهذّبت ميوله، وقويت شاعريّته، وتقوّم لسانه على الفصاحة، أخذ ينظم الشعر وهو في العشرين من عمره، رحل إلى الآستانة فإتقن الفارسية والتركية، وله فيها قصائد، وعاد إلى مصر فكان من قواد الحملتين المصريتين لمساعدة تركيا الأولى في عام 1868، والثانية في الحرب الروسية عام 1877، وتقلّب في المناصب، وإنتهت به إلى رئاسة النظّار، ولما حدثت الثورة العرابيّة، كان في صفوف الثائرين، ودخل الإنكليز القاهرة، فقبض عليه وسجن، وحُكم عليه بالإعدام، ثم أبدل الحكم بالنفي إلى جزيرة سيلان، حيث أقام سبعة عشر عاما تعلم الإنكليزية في خلالها ، وترجم عنها كتبا إلى العربيّة ، وكف بصره ، وعُفي عنه في العام 1899، فعاد إلى مصر، له ديوان شعر في جزئين، وله مجموعات شعرية سُميّت مختارات البارودي، جمع فيها مقتطفات لثلاثين شاعرا من الشعر العبّاسي، وله مختارات من النثر تُسمّى قيد الأوابد، نظم البارودي مطولة في مدح الرسول عليه الصلاة والسلام، تقع في أربعمائة وسبعة وأربعين بيتا، وقد جارى فيها قصيدة البوصيري البردى، قافية ووزنا وسماها، كشف الغمّة في مدح سيّد الأمة، مطلعها :
يا رائد البرق يمّم دارة العلم
واحْد الغَمام إلى حي بذي سلم
يُعد محمود سامي البارودي من الشعراء المؤمنين بتهذيب الشعر، فقد روي أنه عندما عاد من المنفى بدأ يرتّب من جديد ديوانه، ويعيد النظر فيما قاله من القصائد، وقصده من ذلك أن يخلّف للأجيال شعرا جيدا مصقولا لفظا ومعنى ، تُوفِّي في الثاني عشر من شهر كانون الأول في العام 1904م.
الرجوع للخلف