هو أبو محمد ضياء الدين عبد الله بن أحمد بن البيطار، المالقي الأندلسي، الشهير بالعشاب المالقي، ولد في مالقة في الاندلس، وتلقى العلم بالأندلس والمغرب، من أساتذته في علم الأدوية ومعرفة النبات أحمد بن محمد بن مفرج المعروف بابن الرومية، (637 هـ/1239م).
يعتبر من أشهر علماء النبات عند العرب. ودرس على أبي العباس النباتي الأندلسي، الذي كان يعشب، أي يجمع النباتات لدرسها وتصنيفها، في منطقة اشبيلية.
سافر إبن البيطار، وهو في أول شبابه، إلى المغرب، فجاب مراكش والجزائر وتونس، معشباً ودارساً وقيل أن تجاوز إلى بلاد الأغارقة وأقصى بلاد الروم، آخذاً من علماء النبات فيها. واستقر به الحال في مصر، متصلاً بخدمة الملك الأيوبي الكامل الذي عينه (رئيساً على سائر العشابين وأصحاب البسطات) كما يقول ابن أبي أصيبعة وكان يعتمد علليه في الأدوية المفردة والحشائش. ثم خدم ابنه الملك الصالح نجم الدين صاحب دمشق.
من دمشق كان إبن البيطار يقوم بجولات في مناطق الشام والأناضول، فيعشب ويدرس. وفي هذه الفترة اتصل به ابن أبي أصيبعة صاحب (طبقات الأطباء)، فشاهد معه كثيراً من النبات في أماكنه بظاهر دمشق، وقرأ معه تفاسير أدوية كتاب ديسقوريدس. قال ابن أبي أصيبعة :كنت آخذ من غزارة علمه ودرايته شيئاً كثيراً. وكان لا يذكر دواء إلا ويعين في أي مكان هو من كتاب ديسقوريدس وجالينوس، وفي أي عدد هو من الأدوية المذكورة في تلك المقالة).
وقد توفي إبن البيطار بدمشق سنة 646 هـ، تاركاً مصنفات أهمها: كتاب الجامع لمفردات الأدوية والأغذية، وهو معروف بمفردات إبن البيطار، وقد سماه ابن أبي أصيبعة (كاتب الجامع في الأدوية المفردة)، وهو مجموعة من العلاجات البسيطة المستمدة من عناصر الطبيعة، وقد ترجم وطبع. كما له كتاب المغني في الأدوية المفردة، يتناول فيه الأعضاء واحداً واحداً، ويذكر طريقة معالجتها بالعقاقير. كما ترك إبن البيطار مؤلفات أخرى، أهمها كتاب الأفعال الغريبة، والخواص العجيبة، والإبانة والإعلام على ما في المنهاج من الخلل والأوهام.
ومن صفات إبن البيطار، كما جاء على لسان ابن أبي أصيبعة أنه كان صاحب أخلاق سامية، ومروءة كاملة، وعلم غزير. وكان لإبن البيطار قوة ذاكرة عجيبة، وقد أعانته ذاكرته القوية على تصنيف الأدوية التي قرأ عنها، واستخلص من النباتات العقاقير المتنوعة فلم يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا طبقها، بعد تحقيقات طويلة. وعنه يقول ماكس مايرهوف: أنه أعظم كاتب عربي ظهر في علم النبات.
وهو من اهم علماء الأندلس في القرن السابع الهجري، وكان على معرفة واسعة بالنبات وانواع العشب، حتى فاق أهل عصره. ورحل لطلب العلم ومعرفة ألمهم من الأعشاب في منابتها، وزار عددا من أقطار البحر المتوسط والمشرق العربي. وألف كتاب ” الرحلة المشرقية” الذي نقل منه وذكره كثيرا في كتابه “الجامع”. وكتاب “الرحلة” هذا مفقود، ولم يبقى منه إلا ما نقله منه.
كما تعلم إبن البيطار على عبد الله بن صالح الحريري الكتامي الذي كان حيا عام 583 هـ1187 م.
رحل إبن البيطار إلى المشرق وأقام في دمشق حيث صاحبه ابن أبي أصيبعة، ثم انتقل إلى مصر حيث استقر في القاهرة، ودخل في خدمة الملك محمد الأيوبي (615-635 هـ1218-238 م) وهو الذي عينه في رئاسة العشابين في مصر. وبعد وفاته خدم إبن البيطار الملك الصالح نجم الدين أيوب.
تقوم شهرة إبن البيطار في كتابه ” الجامع لمفردات الأدوية والأغذية” الذي أورد فيه أقوال المتقدمين والمتأخرين في طبائع الأدوية وقواها ومنافعها، وأضاف إليه تعليقات من عنده اكتسبها بواسع خبرته ورحلاته وطول معاناته لهذه الصناعة، وله كتب أخرى في هذا المجال.
رتب إبن البيطار كتاب ” الجامع لمفردات الأدوية والأغذية” على حروف المعجم مراعيا الحرفين الأولين، وجمع في كل حرف أسماء العشب والحيوان والأحجار، كما أورد فيه عددا من الأدوية المركبة وهو يفسر ماهية كل مادة، ويرجع إلى أقوال من سبقه في بعض الأحيان، وربما علق على بعضها لتصحيح قول او ترجيح رأي آخر. وقد اعتمد على مصادر كثيرة، ونبه في كتابه الى أوهام وأخطاء وقع فيها من سبقه.
وقد أورد أسماء الأعشاب والحيوان والأحجار بمختلف اللغات وذكر أسماءها الدارجة المشهورة في مختلف المناطق.
الرجوع للخلف