كان 2020 كارثيا على حزب الله الإرهابي اللبناني، إذ تعرض لضربات قاصمة في دول أوروبية عدة تأرجحت بين حظر وعقوبات قوية.
وتمهد تلك الخطوات لإجراءات أقوى في 2021، تضع مستقبل المليشيا اللبنانية في القارة العجوز على المحك.
البداية كانت في 30 أبريل/نيسان الماضي، وبالتحديد عندما أعلنت ألمانيا حظر حزب الله بالكامل على أراضيها، في ضربة قوية للمليشيا الإرهابية التي تعتمد على ألمانيا في جمع التبرعات لتمويل أنشطته الإجرامية.
وقال المتحدث باسم الداخلية الألمانية، ستيف التر، في تغريدة عبر حسابه بموقع “تويتر” آنذاك: “حظر (وزير الداخلية هورست) زيهوفر أنشطة المنظمة الإرهابية الشيعية حزب الله في ألمانيا”.
وبعد هذا التاريخ بـ4 أشهر، وبالتحديد في أغسطس/آب الماضي، حظرت ليتوانيا عناصر حزب الله من دخول أراضيها لمدة 10 سنوات في خطوة لاحتواء تهديد المليشيا اللبنانية.
وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قررت إستونيا فرض عقوبات على تنظيم حزب الله الإرهابي، واصفة إياه بـ”التهديد الكبير للأمن الدولي”.
ويفرض القرار الإستوني حظر دخول البلاد على أعضاء حزب الله، المنتمين إلى جناحيه العسكري والسياسي، وفرض عقوبات على قيادات بعينها من التنظيم يتوقع أن يجري تسميتها خلال الفترة المقبلة.
وقبل أسبوعين، أعلنت سلطات سلوفينيا عن إدراج “حزب الله” كـ”منظمة إرهابية تهدد السلام والاستقرار” وحظره.
وأوضحت الحكومة السلوفينية، في بيان لها، أن “أنشطة حزب الله مرتبطة بالجريمة المنظمة والإرهاب، والأنشطة العسكرية على المستوى العالمي”.
كما أعلنت حكومة جمهورية لاتفيا تصنيف حزب الله اللبناني منظمة إرهابية وحظره بالكامل، ومنع عناصره من دخول البلاد.
وبذلك اتخذت 5 دول أوروبية إجراءات قوية ضد حزب الله اللبناني في 2020، وارتفع عدد الدول الأوروبية التي تحظر المليشيا اللبنانية بشكل كامل في القارة العجوز إلى 6 دول.
دول على الطريق
خلال عام 2020، تزايدت الضغوط على سويسرا والنمسا لاتخاذ إجراءات قوية ضد حزب الله، ما يجعل الدولتين الأقرب للانضمام إلى قطار مواجهة الحزب في العام الجديد، وفق تقارير صحفية في البلدين.
وكانت صحيفة بليك السويسرية ذكرت في أغسطس/آب الماضي أن الحزب الديمقراطي المسيحي (يمين وسط)، أحد الأحزاب المكونة للحكومة، قدم طلبا لحظر حزب الله، ويدرسه المجلس الاتحادي (الحكومة).
وتابعت الصحيفة “يريد المجلس الاتحادي التحقيق فيما إذا كانت مليشيا حزب الله نشطة أيضًا في سويسرا، وإعداد تقرير شامل عن وضع التنظيم والأفرع التابعة له وأنشطته في البلاد”.
وفي وقت سابق، قال رئيس الحزب الديمقراطي المسيحي غيرهارد فيستر: “حظر حزب الله يمكن سويسرا من مراقبة خلايا التنظيم بشكل جيد في البلاد”، مضيفا: “نهدف لإعداد تقرير عن نشاط حزب الله في سويسرا، والمنظمات التي على اتصال به في أراضينا، وما إذا كان يجمع الأموال ويملك حسابات مصرفية نشطة لدينا”.
أما صحيفة لوزيرنر تسايتونغ فقالت أيضا: “يحتفظ حزب الله بشبكة في أوروبا وأيضا في سويسرا قادرة على دعم الأعمال والأنشطة الإرهابية”.
وتابعت “يمكن تمديد القانون الحالي الذي يحظر تنظيم القاعدة وداعش في سويسرا ليشمل حزب الله”.
وفي النمسا، أصدر البرلمان توصية غير ملزمة للحكومة في مايو/أيار الماضي بحظر جميع أنشطة حزب الله اللبناني، ما يفتح الباب أمام الحكومة لاتخاذ هذا القرار.
وترجح وسائل إعلام نمساوية اتخاذ الحكومة النمساوية قرارا بحظر حزب الله في الأشهر المقبلة، خاصة في ظل شن السلطات حملة قوية ضد التنظيمات الإرهابية، ومنها الإخوان، مؤخرا.
زخم في التكتل
وتصنع التحركات الفردية من قبل بعض الدول الأوروبية ضد حزب الله، والضغوط الخارجية والداخلية على الاتحاد الأوروبي، حالة من الزخم ضد المليشيا اللبنانية داخل أروقة التكتل، وفق مراقبين.
وتضغط الحكومة الألمانية على الاتحاد الأوروبي لحظر أنشطة حزب الله بالكامل ووضعه على لائحة الإرهاب الأوروبية.
وقال سكرتير وزارة الداخلية الألمانية، هانز جورج أنجليكا في تصريحات سابقة لدير شبيجل الألمانية ذائعة الصيت، “الحكومة تريد وضع حزب الله على لائحة الإرهاب الأوروبية”.
وتابع “حزب الله منظمة إرهابية”، مضيفا “لهذا يجب وضعه بالكامل على لائحة الإرهاب الأوروبية”. ووفق دير شبيجل، تدعم الخارجية الألمانية صراحة هذه الخطوة.
فيما يقود نائب رئيس البرلمان الأوروبي نيكولا بير، حملة من أجل حزب الله على المستوى الأوروبي، وقال في تصريحات صحفية مؤخرا: “حظر ألمانيا لحزب الله اللبناني خطوة طال انتظارها، والآن يجب أن يتبع تلك الخطوة بشكل سريع، حظر كامل لأنشطة الحزب في كل الاتحاد الأوروبي”.
وأضاف “لا يزال الاتحاد الأوروبي يفصل بين الجناحين العسكري والسياسي لحزب الله، وهذا يمنح مؤسسات ومنظمات الحزب الثقافية الفرصة للتحرك بحرية في أوروبا، ونشر الكراهية وممارسة التحريض”.
وبالإضافة إلى ذلك، مارس وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، والسفير الأمريكي السابق في برلين، ريتشارد غرينل، خلال الأشهر الماضية، ضغوطا على الاتحاد الأوروبي من أجل اتخاذ إجراءات قوية ضد حزب الله.
وحتى الآن، لم يحدث اختراق في مسار تصنيف حزب الله بالكامل منظمة إرهابية في أوروبا، بسبب مقاومة فرنسا للخطوة. لكن ألمانيا مستمرة في الضغط على المستوى أوروبيا لوضع الحزب بالكامل على لائحة الإرهاب وحظر أنشطته، وفق دير شبيجل.
ومن المنتظر أن تستمر الضغوط وما تصنعه من زخم في داخل أروقة التكتل في 2021، وفق مراقبين.
وبصفة عامة، تحظر الولايات المتحدة و6 دول أوروبية حزب الله، أبرزها هولندا وبريطانيا وألمانيا، فيما تدرس سويسرا اتخاذ خطوة مماثلة، وقررت ليتوانيا منع عناصر المليشيا اللبنانية من دخول أراضيها.
أما الاتحاد الأوروبي فيفصل منذ يوليو/حزيران 2013، بين جناحي الحزب السياسي والعسكري، حيث يصنف الأخير إرهابيا ويحظره، لكن لا يصف الجناح الأول بنفس الوصف، بداعي الحفاظ على قنوات اتصال مع حكومة لبنان الذي يعد الحزب جزءا منها.