أوروبا تنتفض في مواجهة الإرهاب.. استراتيجية «ثلاثية المسار» للقضاء على التهديدات

اتخذت العديد من الحكومات الأوروبية، إجراءات غير مسبوقة في الآونة الأخيرة، لمحاصرة الجماعات المتطرفة، والتي باتت تمثل تهديدا صريحا للأمن في القارة العجوز، وذلك في أعقاب الهجمات الإرهابية التي ضربت مدن عدة، أبرزها في العاصمة النمساوية فيينا، ومدينة نيس الفرنسية، فضلا عن ذبح معلم فرنسي، في أعقاب الرسوم المسيئة للرسول، التي نشرتها مجلة فرنسية.
وكانت الأحداث الدامية التي شهدتها أوروبا بمثابة جرس إنذار مهم، لحكومات دول القارة العجوز، لمواجهة موجة جديدة من الإرهاب، بعدد من الإجراءات الحاسمة، وأهمها التضييق على المتطرفين، الذين طالما روجوا للعنف، عبر العديد من المنابر، سواء من خلال منصات التواصل الاجتماعي، مرورا بالجمعيات الإسلامية، وحتى منابر المساجد، والتي يسعى بعض الأئمة لاستخدامها من أجل التحريض على أعمال العنف والإرهاب.
الهجوم على فيينا
في النمسا، نجد أن ثمة قوانين خرجت مؤخرا إلى النور، ليس فقط لتجريم أعمال العنف، وإنما لاستئصالها من المنبع، عبر تجريم الأفكار المتطرفة واعتناقها، فيما يسمى بـ”جريمة الإسلام السياسى”، وإن جرى تعديل اسمها مؤخرا، باستخدام ما أسمته الحكومة النمساوية بـ”مكافحة التطرف ذو الدوافع الدينية”، ليصبح التحرك القانوني الذى تتبناه فيينا أكثر شمولا، لمنع ما يمكننا تسميته بـ”العنف والعنف المضاد”، خاصة وأن عددا من الدول الأوروبية قد شهدت في السنوات الأخيرة استهدافا للمسلمين، من قبل بعض المتطرفين الأوروبيين، والذين اعتبروا جرائمهم بمثابة أعمال “ثأر”، على غرار ما شهدته نيوزلندا قبل أكثر من عام، عندما استهدف متطرف أسترالى مسجدين في مدينة كرايست شيرش”، أثناء الصلاة مما أدى إلى سقوط العديد من القتلى وعشرات المصابين.
اتبعت الحكومة الفرنسية نفس الإجراءات الحاسمة لمواجهة الإرهاب لم تقتصر على النمسا، في أعقاب هجوم نيس الإرهابى، حيث اتخذ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خطوات مماثلة، على رأسها حل ما يسمى بـ”جمعية الشيخ ياسين”، والتي تروج لنفسها باعتبارها داعمة للقضية الفلسطينية، في الوقت الذى تعمل فيه على ترويج الأفكار المتطرفة، بالإضافة إلى اتخاذ خطوات جدية من شأنها الرقابة على الخطب الدينية، ومنصات التواصل الاجتماعى، لرصد المحرضين على العنف واتخاذ إجراءات حاسمة بصددهم.
الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون
إلا أن الإجراءات الأمنية ربما ليست الإطار الوحيد الذى اتخذته أوروبا لمواجهة التطرف، حيث اتجهت بعض الدول إلى محاربة الأفكار، عبر ما يمكننا تسميته بـ”تجديد الخطاب الدينى”، وهو ما يبدو واضحا في قرار ماكرون، بتشكيل “مجلس أئمة للمسلمين”، حيث يهدف في المقام الأول إلى تنقية الخطابات الدينية من شبهات التطرف، عبر تعيين أئمة معتدلين غير موالين للقوى الدولية المعروفة بدعمها للإرهاب.
بينما يبقى المسار الثالث التي اتخذته العديد من دول أوروبا، هو محاربة المنظمات الإسلامية الممولة من الخارج، والتي تعمل في أوروبا، والتي يراها قطاع كبير من المتابعين أنها بمثابة قنبلة موقوتة، يمكنها الانفجار في أي لحظة، والنيل من سلام واستقرار المجتمع.
ففي تقرير نشرته عدة منصات إعلامية، حذر مجلس الشيوخ الفرنسي من منظمات تابعة لجماعة الإخوان الإرهابية، معتبرا أنها تمس جميع الأقاليم الفرنسية، لا سيما في الغرب أماكن تكتلهم، حتى خرجت بعض المناطق عن سيطرة الحكومة وباتت في أيديهم، وعلى رأسها  “ائتلاف مكافحة الإسلاموفوبيا” في فرنسا، ومنظمة “مسلمي فرنسا”، كما تطال الاتهامات أيضاً بعض العاملين في “مجلس الديانة الإسلامية” المقربين من التنظيم الإرهابى.
وهنا تصبح الإجراءات الأوروبية لمجابهة الإرهاب، تقوم على عدة مسارات متوازية، أولهما أمنى وقانونى، عبر اتخاذ الإجراءات اللازمة لحصار العناصر المتطرفة، ليس فقط بسبب أعمال عنف ارتكبوها، ولكن أيضا من خلال تجريم أفكارهم التي يقومون بنشرها، بينما يقوم المسار الثانى من خلال الإشراف على الخطاب الدينى في المساجد، في حين يبقى المسار الثالث على مراقبة الجمعيات والمنظمات الممولة من الخارج، والتي تلعب دورا رئيسيا في تمويل العمليات الإرهابية.

شاهد أيضاً

برعاية ريد بول النمساوى.. تفاصيل رحلة ثنائي الأهلي محمد هاني وكريم فؤاد إلى النمسا

يستعد ثنائي الأهلي المصري، للسفر إلى دولة النمسا للخضوع لكشف طبي واستكمال مرحلة التأهيل من …