بدء أعمال المؤتمر العام للوكالة الذرية
البرادعي يحذر من خطورة أنشطة سرية
لإنتاج أسلحة ذرية محظورة والإرهاب النووي
حسين عون (الأمم المتحدة/فيينا في 29/9/2008)
حذر المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، الدكتور محمد البرادعي من خطورة استمرار قيام عدد من الدول بأنشطة نووية سرية والعمل على إنتاج أسلحة نووية محظورة، في الوقت الذي تواصل فيه دول أخرى عدم الالتزام بتعهداتها الواردة في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية والتهرب من تطبيق اتفاقات الضمانات والبروتوكولات الإضافية وأحكام النظام الأساسي للوكالة. وعبر البرادعي في التقرير الذي تلاه خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر العام الذي بدأ اعمال دورته الثانية والخمسين اليوم في فيينا عن “القلق البالغ” ااستمرار 30 دولة خارج إطار اتفاق الضمانات وأكثر من 50 دولة خارج إطار البروتوكول الإضافي. واقترح أربعة عناصر اعتبرها “أساسية ومحورية” لتكريس الأمن والأمان في المرافق النووية هي “منح الوكالة سلطات قانونية كاملة، واعتماد منتهى الشفافية والمصداقية في التعامل مع الشأن النووي، وتعزيز التكنولوجيا النووية وتسهيل المعاينة الميدانية، وتدعيم الموارد المالية والبشرية.
واعترف المدير العام للوكالة الذرية بوجود قصور كبير في التزام الدول الأعضاء بتلك العناصر الأربعة، وخصوصاً العنصر المتعلق بمنح الوكالة سلطات قانونية كاملة تندرج في إطار البروتوكول الإضافي الذي يتيح لمفتشي الوكالة القيام بزيارات ميدانية مباغتة على أي من المرافق النووية العاملة. وفي هذا السياق، عبّر عن “القلق البالغ” لاستمرار 30 دولة خارج إطار نظام الوكالة للضمانات الشاملة، واشار إلى خطورة أربع حالات نووية مثيرة للقلق هي كوريا الشمالية، وإيران، والشرق الأوسط والإرهاب النووي. وفيما يتعلق بكوريا الشمالية حذر البرادعي من قيام سلطات كوريا الشمالية بإزالة أختام الوكالة وأجهزة الرقابة السرية من مفاعل يونغبيون، واستئناف أنشطة إنتاج البلوتونيوم بدون مراقبة المفتشين. وطالب بضرورة إقناع كوريا للعودة إلى معاهدة عدم الانتشار وتطبيق نظام الوكالة للضمانات الشاملة.
وفيما يتعلق بإيران، أكد البرادعي أنه “مع إحراز تقدم في عمل الوكالة في إيران خلال السنوات الست الماضية فيما يتصل بأنشطة برنامج تخصيب اليورانيوم وعملية إعادة المعالجة، بالإضافة إلى التأكد من عدم تحريف الانشطة النووية المعلنة، إلا أن الوكالة ما تزال غير قادرة على التأكد من عدم وجود أنشطة نووية محظورة”. ويبدو أنه كان يشير بذلك إلى الأنشطة العسكرية وإجراء أبحاث وتجارب على إطلاق صواريخ من منصات سريعة الارتداد، وهي أنشطة تندرج في إطار ما يسمى بـ “الدراسات المزعومة”. وحث البرادعي إيران على ضرورة الالتزام بالشفافية الكاملة لتسوية المسائل العالقة في أقرب وقت ممكن ولما فيه مصلحة الشعب الإيراني ومنطقة الشرق الاوسط والعالم أجمع، على حد قوله.
واشاد البرادعي بقرار ليبيا التخلي عن برنامجها السري للأسلحة النووية، ونوّه بأهمية تعاونها مع الوكالة الذرية، وأشار إلى أن “سعي ليبيا للحصول على اسلحة نووية ما يزال يثير القلق، ومن هذا المنطلق، ستواصل الوكالة القيام بأعمال التفتيش والتحقق بشكل روتيني”.
وفيما يتعلق بتطبيق نظام الضمانات في الشرق الأوسط، اعترف البرادعي بعدم إحراز أي تقدم ملحوظ بسبب استمرار فجوة الخلافات العميقة في وجهات نظر إسرائيل والدول العربية بشأن إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الاوسط باعتبارها عنصراً جوهرياً في بناء معايير الثقة.
وفيما يتعلق بالإرهاب النووي، حذر البرادعي من المخاطر التي تهدد الأمن والسلم الدوليين والأمان النووي في العالم، ودعا الدول الاعضاء إلى اتخاذ كافة التدابير الوقائية لمكافحة الإرهاب النووي ومنع وقوع أي مواد أو أسلحة نووية أو قنابل قذرة بأيدي المجموعات الشريرة. كما نبّه لخطر تفاقم أزمات حادة مثل الفقر والمجاعة وارتفاع أسعار الطاقة والمواد الغذائية الأساسية، واشار إلى أن “أكثر من 1.4 مليار شخص في البلدان النامية والبلدان الأقل نمواً في العالم يعيشون على أقل من دولار في اليوم”.
ولاحظ البرادعي تزايد الطلب العالمي على دورة الوقود النووي واستخدام الطاقة الذرية في توليد الطاقة الكهربائية فقال “هناك 439 محطة نووية تعمل في 30 دولة، بالإضافة إلى 36 محطة قيد الإنشاء، وذلك في ظل معلومات تؤكد أن عدد تلك المحطات سيتضاعف في غضون السنوات المقبلة، في الوقت الذي تستعد فيه 12 دولة لدخول باب استخدام الطاقة الذرية لإنتاج الكهرباء وتحلية المياه”.
وكان سيرجي دوارتيه مسؤول نزع السلاح تلا رسالة من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، فدعا المؤتمرين إلى ضرورة مواجهة التحديات والمخاطر جراء الارتفاع في استخدام الطاقة الذرية، ونوّه بأهمية الدور البارز التي تقوم به الوكالة الذرية. وبعدما أشار إلى استمرار انشغال الوكالة في معالجة مسائل نووية مفتعلة في كوريا الشمالية وإيران، خلص مون إلى مطالبة الدول الأعضاء في الوكالة الذرية إلى العمل كشركاء للنهوض باستخدام الطاقة الذرية للأغراض السلمية والتنموية وعدم انتشار الأسلحة النووية.
هذا وسيناقش حوالي 2000 مندوب يشاركون في المؤتمر العام للوكالة الذرية خلال الأسبوع الحالي جدول أعمال حافلاً بالمواضيع المهمة ابرزها ميزانية الوكالة لعام 2009، وتقوية التعاون الدولي في مجال الامن والأمان النووي وتصريف النفايات النووية، والتدابير الرامية لمكافحة الإرهاب النووي، وتطبيق نظام الضمانات الشاملة في الشرق الأوسط وفي كوريا الشمالية، بالإضافة إلى القدرات النووية الإسرائيلية.