الثلاثاء , 3 ديسمبر 2024

توضأ النبيُّ مِن ماءِ مشركة

AL-Wdoo

 

فيينا – د . محمد الرمادى : – 

سلسلة بحوث عن : « „كيفية التعامل مع الآخر‟ »: مثال”  مَزَادَةُ مُشْرِكَةٍ “.

تمهيدٌ للمثال لصعوبة بحثه بعيدأ عن الواقع الحالي المعاش:

1.] الأُمةُ الإسلامية كأفراد أو تجمعات أو جماعات داخل أوطانها؛ أو المؤسسات الرسمية التنفيذية التي تدعي رعاية الشؤون، أو مَن هاجر  برغبته أو هُجر قصراً أو طُرد من بلاده.. أو الجاليات(!) العربية الإسلامية في بلاد المهجر .. جميعهم يعيشون في مأزق منذ ما يزيد عن تسعين عاماً.

2.] ومِن الأساطير التي مازال البعض يعتقد ويقول بها ويصدقها فيرددها؛ وينبغي أن ننتبه إلى أن بعضها كـمصطلحات كان لها وجود في الماضي ثم صارت في الربع الثاني من العام – 2017م/1438هـ – آثرا في كتب التراث العربي/الإسلامي إذ ليست معاشة في معترك الحياة الإجتماعية أو السياسية وبالتالي لا يترتب شئ ما أو فعل يذكر فـصار اليوم -رجب 1438من الهجرة~ابريل 2017 لا وجود لها وإن كانت تتردد على ألسنة بعض الناس؛ منها مصطلح : „دار الخلافة‟ أو إن شئت سمها „الدولة الإسلامية‟ وبالتالي سقوط مصطلح „دار الإسلام‟ من القاموس الدولي بل غيابه من الوجود الفعلي للعلاقات الدولية ولا تأثير له في المنظمات العالمية؛ وعليه غاب مصطلح „دار الكفر‟ أو ما يقابله „دار الإيمان‟.. تبع هذا السقوط غياب مصطلحات: „المشرك‟؛ „الكافر‟؛ „أهل الكتاب‟ „الجزية‟ فلا يترتب على إستعمالها تصرف ما؛ بل صارت مسبة وإهانة ويستخدم الأن تعبير المواطن، وهذا التقسيم ليس على إساس ديني أو عقائدي أو طائفي أو مذهبي بل على أساس المواطنة والمساكنة والتواجد الدائم في الدولة الحديثة؛ لذا تجد أن رئيس جامعة القاهرة د. جابر جاد نصار ألغى خانة الديانة من استمارة التعبئة لجامعة القاهرة.

وايضاً أختفى من الوجود مصطلح „ أهل الذمة ‟؛ فعن أي ذمةٍ يتحدث!؟؛ وفي عنق مَن يقول!؟ القائل بها؛ وبعض السادة مازال يقول :” مَن آذىٰ ذميًّا فقدْ آذانِي ” وابن تيمية في مجموع الفتاوى [28 /653] يقول حديث كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وابن القيم في المنار المنيف [ 98] يقول حديث باطل، وأما [مَن آذَى ذمِّيًّا فأنا خَصمُه، ومَن كنتُ خَصمَه خصمْتُه يومَ القيامةِ] قال ابن الجوزي في كتابه الموضوعات [2 /633] : ينسب هذا القول إلى جابر بن عبدالله؛ ذُكره الإمام أحمد؛ وحكم على الحديث بأن :” ليس له أصل”. أنَّ الواقع ومنذ أن سقطت الخلافة -جاهل من يقول الإمبراطورية- العثمانية في مارس 1924 سقط معها الكثير من المصطلحات والأحكام الشرعية واختفت الكثير مِن الوقائع والمسميات .. فمن يجهل الواقع الحالي وشكل الدولة الحديثة المدنية والأعراف الدولية ودساتير البلاد -دول المنطقة العربية؛ سواء الجمهوريات أو الملكيات أو الإمارات ويجاورهم جمهورية إيران الإسلامية حالياً؛ مَن يجهل هذا يقع في هذه السقطة فيترب تلك الفوضى الفكرية التي تلاحظ في الخطاب الجماهيري وخطاب منابر بعض المساجد المحسوبة على تيارات بعينها أضف خطاب بعض الجماعات التي ترتدي ثوب إسلامي وبالتالي يتبع ذلك الفوضى الفقهية في التعامل مع الآخر -مسلم أو غير مسلم- فتترتب فوضى حراكية أو تعاملية من خلال التجمعات الإسلامية ومنها -جهلا- جماعات الإسلام السياسي، كما حدث في ثورة الربيع(!) التونسية فالمصرية؛ ثم توقفت –الجماعات ماعدا المسلحةمنها- إلى حين إشعار آخر.. إذ أن منهلها كان مِن كتب تراث أُلفت في زمانها وكُتبت لعصرها، وعصر اليوم وما يشاهد في أمهات العواصم العربية -بالقطع- غير عصر الخلافة الراشدة في مدينة الرسول المنورة أو الدولة التي جاءت من بعدها على إختلافٍ في تقيمها وتتناسى -تلك الجماعات ذات الوشاح الإسلامي- الطريقة العملية التطبيقية من السنة المحمدية وعدم التفريق بين أقوال ونصوص [الوحي] المرحلة المكية -دون عمل مادي ملحوظ- وبين نصوص وأقوال [الوحي] ترتب عليها افعال وتصرفات وأعمال المرحلة المدنية. هذه الأولى؛ وبعد سقوط الخلافة العثمانية ووجود الدولة المدنية -بدايةً من خمسينات القرن الماضي- سقطت هذه المصطلحات من قاموس السياسة وغابت عن الحياة العامة سواء الإجتماعية أو الإقتصادية أو السياسية؛ ترتب على ذلك أن بعض الأحكام الشرعية التي تقوم برعايتها -وحدها- الدولة الإسلامية تقلصت أو غابت؛ كـ بعض „مصارف الزكاة الثمانية‟ إذ النص القرآني المجيد يقول [ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ(١) وَالْمَسَاكِينِ(٢) وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا(٣: وهذا الصنف من مستحقيها ليس له وجود؛ إذ هو جامعها ويُعين مِن قِبل الدولة الإسلامية؛ فهو بالتعبير الحديث موظف في بيت مال الدولة الإسلامية؛ وهذا غير مَن يدفع الضرائب؛ فهما نظامان يختلفان وإن تعلقا بالمال) وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ ( ٤ : وهذا المصرف مِن مصارف أموال الزكاة أيضا أنتهى وجوده) وَفِي الرِّقَابِ ( ٥ : ليس له وجود في العصر الحديث بالمرة؛ إذ لا يوجد عبيد أو إماء) وَالْغَارِمِينَ ( ٦ : اي صاحب الدين؛ ومازال موجود) وَفِي سَبِيلِ اللَّـهِ ( ٧ : تم التحايل عليه) وَابْنِ السَّبِيلِ ( ٨ : يكاد لا يوجد ) : فَرِيضَةً مِّنَ اللَّـهِ وَاللَّـهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴿التوبة: ٦٠﴾].

نستخلص من النقاط السابقة غياب واقع الدولة الإسلامية (دار الخلافة)؛ بمقومات قيام دولة وعناصر بقاءها، أي كان له وجودا ثم غاب وانتهى؛ كالإمبراطورية الرومانية أو الفارسية في العصر القديم أو الإمبراطورية والملكية النمساوية ومملكة مصر والسودان أو الدولة البهلوية -مملكة إيران بالفارسية: پادشاهی ایران- في العصر الحديث، وصارت تلك الدول أو الإمبراطوريات أو الملكيات سطراً من تاريخ إنساني؛ قد يترحم البعض عليها وقد يلعنها أو يتمنى عودتها البعض.. ولوجود فوضى فكرية تبعها فوضى فقهية إنتهى الحال إلى فوضى حركية/تفاعلية في الشارع العام العربي/الإسلامي.. فنقرأ في الصحف ونشاهد “لايف” ما يصنعه تنظيم يَصف نفسه بأنه ينتمي إلى الإسلام بعد إنتهاء الحرب ضد الملحد “الأحمر” الشيوعي فيعلن الحرب على مَن موله بالسلاح وجهزه بالعداد ووفر الرجال ومناخ الدعاية… ثم تقدم غيره خطوة فأعلن أنه „الدولة‟» فقام بإراقة الدماء وتخريب الديار.. ثم جاء على قمة الفوضى وليس أعلاها حاكم يحارب شعبه فيقتله أو يرحله.

3.] ما يلفت الإنتباه ويحتار المرء في وصفه هي تلك الدعوة لمقاطعة منتج غربي؛ والواقع الفعلي أن هؤلاء السادة اصحاب تلك الدعوات يحمل كل منهم في يده هاتف جوال صناعة غربية ويضع فوق ارنبة أنفه نظارة شمسية صناعة غربية ويسير في شوارع أمهات مدن الأمة الإسلامية بسيارة صناعة غربية، ومما زاد الطين بلة أنْ غزا المنتج الشرقي – الصين فتايلاند فمجموعة النمور الآسيوية؛ وهو مصطلح استخدم في مطلع ثمانينات القرن الماضي والتي حققت نجاحات اقتصادية منقطعة النظير وهي دول تايوان وهونج كونج وسنغافورة وكوريا الجنوبية. هذا المنتج غزا السوق العالمي ومنه العربي والإسلامي؛ وترى اليوم سجادة صلاة صناعة صينية تشتريها من مكة المكرمة وساعة ضبط وقت الأذان؛ وفي ميادين القاهرة -مثلا- الدلالة الصينية تأتي لغاية المنزل بمنتجات بلادها الرخيصة. أو الدعوة بعدم تهنئة غير المسلمين في أعيادهم؛ مع أن رموزهم يحضر لتناول وجبة الإفطار في رمضان على موائد رئيس دولة غربية -الولايات المتحدة الأمريكية زمن حكم بوش الإبن والدولة النمساوية- أو الدعوة لهدم أماكن العبادة على رؤوس زوارها.

**

كان ينبغي عليَّ تقديم هذا التمهيد لما يحدث الأن من اسالة دماء على ساحات مدن، وإزهاق أرواح فوق شوارع أمهات عواصم الدنيا ومهاجمة فقتل ابرياء، وتعليق هذا التحرك الفوضي دون إيضاح أو توضيح الهدف المرجو؛ بدءً من تنظيم ما أطلق عليه “القاعدة” وصولا لتنظيم ما سُمي “داعش” المختصر لتنظيم “دولة اسلامية في العراق والشام”؛ أقول تعليق هذا التحرك الفوضي بما اصاب افراد الأمة الإسلامية ِمن أحداث تمت في فلسطين فأفغانستان فالعراق فسوريا فليبيا فاليمن -هذا هو الظاهر على الكف- فيترتب عليه إطلاق رصاصة هنا وتفجير إنتحاري نفسه هناك وتفخيخ سيارة ومحاربة جيش نظامي في دولة ثم تحرك ما أطلق عليه „الذئب المنفرد‟ أو „خلية نائمة‟ أو تنظيم اشبه بالعسكري مسلح؛ كما يحدث في سيناء المصرية ثم سيل من المصطلحات ينهمر على رؤوس الناس كـ „جهادي‟ أو „استشهادي‟ فيسمع المرء عن طفل في عمر الزهور يحمل كفنه ويقول عن نفسه أنه مشروع شهيد أو „أصولي‟ أو „إرهابي‟ أو „إسلامي‟ كما يجب أن نعترف أن الميديا -الإعلام- لعب دورا مهماً خاصة في دول أوربا من إستخدام هذه المصطلحات مما جعل اليمين المتطرف-دولة النمسا ففرنسا- يستثمر في هذا المناخ ما يحدث لإثارة الذعر والخوف من الوافد المهاجر القادم من دول منطقة ما سمي الشرق الأوسط.

**

الفقرة السابعة من مقالي « الآخر » الذي نشرته شبكة رمضان الإخبارية بتاريخ 19 ابريل 2017 تحدثت عن وضوء النبي من مزادة (امرأة) مشركة -فهي ليست كتابية بل تعبد الأوثان وتعتقد في الأصنام- فنقرأ عند صاحب المغني -من كتب الفقه المقارن- موفق الدين عبدالله بن أحمد بن قدامة؛ أنه قال:” رُوِيَ „وَتَوَضَّأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَزَادَةِ مُشْرِكَةٍ‟ ثم ذكر صاحب المغني أن الحديث: مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. إذاً فالحديث خرَّجه الإمام الْحَافِظُ أَبُو عَبْدِاللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْبُخَارِيُّ؛ والإمام مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري.

قال الْإِمَامُ يحيى بن شرف أبو زكريا النَّوَوِيُّ في موسوعته المجموع شرح المهذب -وهو ايضاً من كتب الفقه المقارن- ” وَأَمَّا قَوْلُهُ „تَوَضَّأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَزَادَةِ مُشْرِكَةٍ‟ فَهُوَ بَعْضٌ مِنْ حَدِيثٍ طَوِيلٍ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي صَحِيحَيْهِمَا مِنْ رِوَايَةِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُمْ „ كَانُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَعَطِشُوا فَأَرْسَلَ مَنْ يَطْلُبُ الْمَاءَ، فَجَاءُوا بِامْرَأَةٍ مُشْرِكَةٍ عَلَى بَعِيرٍ بَيْنَ مَزَادَتَيْنِ مِنْ مَاءٍ، فَدَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِنَاءٍ فَأَفْرَغَ فِيهِ مِنْهُمَا ثُمَّ قَالَ فِيهِ: مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ أَعَادَهُ فِي الْمَزَادَتَيْنِ وَنُودِيَ فِي النَّاسِ: اسْقُوا وَاسْتَقُوا، فَشَرِبُوا حَتَّى رَوَوْا وَلَمْ يَدَعُوا إنَاءً وَلَا سِقَاءً إلَّا مَلَئُوهُ، وَأَعْطَى رَجُلًا أَصَابَتْهُ جَنَابَةٌ إنَاءً مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ وَقَالَ: أَفْرِغْهُ عَلَيْك، ثُمَّ أَمْسَكَ عَنْ الْمَزَادَتَيْنِ وَكَأَنَّهُمَا أَشَدُّ امْتِلَاءً مِمَّا كَانَتَا، ثُمَّ أَسْلَمَتْ الْمَرْأَةُ بَعْدَ ذَلِكَ هِيَ وَقَوْمُهَا ‟.

وصاحب كتاب السنن الكبرى -وهو من كتب متون الحديث- أبوبكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي ذكره بتمامه؛ ص 216 : „ عَنْ أَبِي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيِّ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ : كُنَّا فِي سَفَرٍ مَعَ النَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وَإِنَّا سِرْنَا [جاءت رواية :”أَسْرَيْنَا حَتَّى كُنَّا فِي آخِرِ اللَّيْلِ “] لَيْلَةً حَتَّى إِذَا كُنَّا فِي آخِرِ اللَّيْلِ وَقَعْنَا فِي تِلْكَ الْوَقْعَةِ – وَلَا وَقْعَةَ أَحْلَى عِنْدَ الْمُسَافِرِ مِنْهَا قَالَ – فَمَا أَيْقَظَنَا إِلَّا حَرُّ الشَّمْسِ، وَكَانَ أَوَّلَ مِنَ اسْتَيْقَظَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ – يُسَمِّيهِمْ عَوْفٌ-  ثُمَّ كَانَ الرَّابِعَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ. قَالَ وَكَانَ النَّبِيُّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – إِذَا نَامَ لَمْ يُوقِظْهُ أَحَدٌ حَتَّى يَكُونَ هُوَ الْمُسْتَيْقِظَ، لِأَنَّا لَا نَدْرِي مَا يَحْدُثُ لَهُ فِي نَوْمِهِ – قَالَ – فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ عُمَرُ وَرَأَى مَا أَصَابَ النَّاسَ – وَكَانَ رَجُلًا أَجْوَفَ جَلِيدًا – كَبَّرَ وَرَفَعَ صَوْتَهُ بِالتَّكْبِيرِ، قَالَ : فَمَا زَالَ يُكَبِّرُ وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالتَّكْبِيرِ حَتَّى اسْتَيْقَظَ لِصَوْتِهِ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ شَكَوْنَا إِلَيْهِ الَّذِي أَصَابَنَا فَقَالَ: ” لَا ضَيْرَ أَوْ لَا ضَرَرَ”  – شَكَّ عَوْفٌ – فَقَالَ: ” ارْتَحِلُوا “. فَارْتَحَلَ النَّبِيُّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وَسَارَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَنَزَلَ، فَدَعَا بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأَ وَنَادَى بِالصَّلَاةِ، وَصَلَّى بِالنَّاسِ، فَلَمَّا انْفَتَلَ مِنْ صَلَاتِهِ إِذَا رَجُلٌ مُعْتَزِلٌ لَمْ يُصَلِّ مَعَ الْقَوْمِ، فَقَالَ: ” مَا مَنَعَكَ يَا فُلَانُ أَنْ تُصَلِّيَ مَعَ الْقَوْمِ ؟ “. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ وَلَا مَاءَ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – : ” عَلَيْكَ بِالصَّعِيدِ فَإِنَّهُ يَكْفِيكَ”؛ قَالَ: فَسَارَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فَشَكَا إِلَيْهِ النَّاسُ الْعَطَشَ؛ قَالَ: فَنَزَلَ فَدَعَا فُلَانًا – يُسَمِّيهِ عَوْفٌ- وَدَعَا عَلِيًّا فَقَالَ: ” اذْهَبَا فَابْتَغِيَا لَنَا الْمَاءَ “. فَانْطَلَقَا فَإِذَا هُمَا بِامْرَأَةٍ بَيْنَ مَزَادَتَيْنِ أَوْ سَطِيحَتَيْنِ مِنْ مَاءٍ عَلَى بَعِيرٍ لَهَا، قَالَ: فَقَالَا لَهَا: أَيْنَ الْمَاءُ ؟؛ قَالَتْ: عَهْدِي بِالْمَاءِ أَمْسِ هَذِهِ السَّاعَةَ، وَنَفَرُنَا خُلُوفٌ – قَالَ عَبْدُالْوَهَّابِ: يَعْنِي عِطَاشٌ-  قَالَ: فَقَالَا لَهَا: انْطَلِقِي إِذًا. فَقَالَتْ: إِلَى أَيْنَ ؟؛ فَقَالَا: إِلَى رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قَالَتْ: هُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ الصَّابِئُ؟؛ قَالَ: هُوَ الَّذِي تَعْنِينَ فَانْطَلِقِي. قَالَ: فَجَاءَا بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وَحَدَّثَاهُ الْحَدِيثَ، فَاسْتَنْزَلَهَا عَنْ بَعِيرِهَا، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِإِنَاءٍ فَأَفْرَغَ فِيهِ مِنْ أَفْوَاهِ الْمَزَادَتَيْنِ أَوِ السَّطِيحَتَيْنِ، فَمَضْمَضَ فِي الْمَاءِ وَأَعَادَهُ فِي أَفْوَاهِ الْمَزَادَتَيْنِ أَوِ السَّطِيحَتَيْنِ ثُمَّ أَوْكَأَ أَفْوَاهَهُمَا، وَأَطْلَقَ الْعَزَالِيَ، ثُمَّ قَالَ لِلنَّاسِ: ” اشْرَبُوا وَاسْتَقُوا “. فَاسْتَقَى مَنْ شَاءَ، وَشَرِبَ مَنْ شَاءَ، قَالَ: وَكَانَ آخِرُ ذَلِكَ أَنْ أَعْطَى الَّذِي أَصَابَتْهُ الْجَنَابَةُ إِنَاءً مِنْ مَاءٍ فَقَالَ: ” اذْهَبْ فَأَفْرِغْهُ عَلَيْكَ “. وَهْيَ قَائِمَةٌ تُبْصِرُ مَا يُفْعَلُ بِمَائِهَا، قَالَ: وَايْمُ اللَّهِ مَا أَقْلَعَ عَنْهَا حِينَ أَقْلَعَ، وَإِنَّهُ يُخَيَّلُ إِلَيْنَا أَنَّهَا أَمْلَأُ مِنْهَا حِينَ ابْتَدَأَ فِيهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ” اجْمَعُوا لَهَا “. فَجَمَعُوا لَهَا مِنْ بَيْنِ [عجوة و] دَقِيقَةٍ وَسَوِيقَةٍ حَتَّى جَمَعُوا لَهَا طَعَامًا، وَجَعَلُوهُ فِي ثَوْبِهَا فَحَمَلُوهُ وَوَضَعُوهُ بَيْنَ يَدَيْهَا، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ” تَعْلَمِينَ وَاللَّهِ إِنَّا مَا رَزَأْنَا مِنْ مَائِكِ شَيْئًا، وَلَكِنَّ اللَّهَ هُوَ الَّذِي سَقَانَا “. قَالَ: فَأَتَتْ أَهْلَهَا وَقَدِ احْتَبَسَتْ عَلَيْهِمْ فَقَالُوا لَهَا: مَا حَبَسَكِ يَا فُلَانَةُ ؟؛ قَالَتِ: الْعَجَبُ؛ أَتَانِي رَجُلَانِ فَذَهَبَا بِي إِلَى هَذَا الصَّابِئِ، فَفَعَلَ بِمَائِي كَذَا وَكَذَا -الَّذِي كَانَ- فَوَاللَّهِ إِنَّهُ لَأَسْحَرُ مِنْ بَيْنِ هَذِهِ وَهَذِهِ أَوْ إِنَّهُ لَرَسُولُ اللَّهِ حَقًّا. قَالَ: فَكَانَ الْمُسْلِمُونَ يُغِيرُونَ عَلَى مَنْ حَوْلِهَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَلَا يُصِيبُونَ الصِّرْمَ الَّذِي هِيَ فِيهِ، فَقَالَتْ يَوْمًا لِقَوْمِهَا: إِنَّ هَؤُلَاءَ الْقَوْمَ عَمْدًا يَدَعُونَكُمْ، هَلْ لَكُمْ فِي الْإِسْلَامِ ؟؛ فَأَطَاعُوهَا فَجَاءُوا جَمِيعًا فَدَخَلُوا فِي الْإِسْلَامِ ” . مُخَرَّجٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ عَوْفٍ . هذا ما ذكره البيهقي.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

التخريج: أخرجه البخاري؛ ومسلم؛ وأحمد؛ والبيهقي واسنادها صحيح؛ ورواها الطبراني ايضا؛ كما في الفتح.

ــــــــــــــــــــــ

نترك الإمام البيهقي لما رواه لنا وهناك رواية عند البخاري بها بعض الزيادات ونعود مرة ثانية إلى الإمام أبو زكريا النَّوَوِيُّ في موسوعته المجموع شرح المهذب فيقول:” هَذَا مَعْنَى الْحَدِيثِ مُخْتَصَرًا وَفِيهِ الْمُعْجِزَةُ الظَّاهِرَةُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ مِنْهُ صَرِيحًا. (*)، لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ كَانَ كَثِيرًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَوَضَّأَ فَقَدْ أَعْطَى الْجُنُبَ مَا يَغْتَسِلُ بِهِ، وَبِهَذَا يَحْصُلُ الْمَقْصُودُ وَهُوَ طَهَارَةُ إنَاءِ الْمُشْرِكِ، وَالْمَزَادَةُ هِيَ الَّتِي تُسَمِّيهَا النَّاسُ الرَّاوِيَةَ، وَإِنَّمَا الرَّاوِيَةُ فِي الْأَصْلِ الْبَعِيرُ الَّذِي يُسْتَقَى عَلَيْهِ “.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(*) قلت(الرمادي) : ولعل هذا ما دعا الألباني في تخريجه لأحاديث كتاب ” منار السبيل شرح الدليل ” لـ إبراهيم بن ضويان” (1 / 72-74) أنه قال :”لم أجده”، وقصد اللفظ المشار إليه في عنوان مقالي هذا :” وَتَوَضَّأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَزَادَةِ مُشْرِكَةٍ “. وهذه الصيغة :”لم أجده” ليست صيغة تشكيك؛ بقدر ما هي بحث في النصوص [هنا الأحاديث النبوية] بغض النظر عن أقوال السادة المجتهدين من الناحية الفقهية أو مَن سار على طريقتهم في استنباط الحكم الشرعي أو الفقهاء، قلت(الرمادي):” نعم؛ فقد القىٰ الألباني حجرا في الماء الراكد بقوله هذا، مما ألزم صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ نفسه بالرد على الألباني في كتابه “التَّكْمِيْل لِمَا فَاتَ تَخْرِيْجه مِنْ إِرْوَاءِ الغَلِيْل”. وذكر ما قلته في متن المقال؛ ومما قاله صالح :”

1.] قال مجدالدين بن تيمية في “المنتقى” : ” وقد صح عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الوضوء من مزادة مشركة”.

2.] وذكره محمد بن علي الشوكاني في ” نيل الأوطار” (1/70) فلم يخرجه ولم يتكلم عليه من حيث ثبوته بشيء!.

3.] قال الحافظ ابن عبدالهادي في ” المحرر: ص7″ وعن عمران بن حصين ـ رضي الله عنهما ـ ” أن النبي صلى الله عليه وسلم ـ وأصحابه توضأوا من مزادة امرأة مشركة” متفق عليه ، وهو مختصر من حديث طويل ” اهـ ، ووافقه عليه الحافظ ابن حجر في ” بلوغ المرام”؛ حديث 25 ؛ 1 45 – بشرحه :” من حديث عمران وقال : متفق عليه في حديث طويل”.

4.] وجزم الحافظ ابن عبدالهادي بـ “أن النبي صلى الله عليه وسلم ـ توضأ”: قد يكون أخذه من بعض الطرق، أو من المعنى فإن سياق القصة يقتضيه، وهو الظاهر كما قال النووي في ” المجموع ” (1/263) [1 /11]. ولعل ذلك يؤخذ من روايه الدارقطني: وذكر الحديث، سنن الدارقطني :ج1/ص200 ح2)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نلتقط الخيط من الشوكاني في كتابه نيل الأوطار -مِن كتب أحاديث الأحكام- إذ أنه قال:” ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

1.] تَوَضَّأَ مِنْ مَزَادَةِ مُشْرِكَةٍ ، وَ

2.] رَبَطَ ثُمَامَةَ بْنَ أُثَالٍ وَهُوَ مُشْرِكٌ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ . وَ

3.] أَكَلَ مِنْ الشَّاةِ الَّتِي أَهْدَتْهَا لَهُ يَهُودِيَّةٌ مِنْ خَيْبَرَ . وَ

4.] أَكَلَ مِنْ الْجُبْنِ الْمَجْلُوبِ مِنْ بِلَادِ النَّصَارَى كَمَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ ، وَ

5.] أَكَلَ مِنْ خُبْزِ الشَّعِيرِ وَالْإِهَالَةِ لَمَّا دَعَاهُ إلَى ذَلِكَ يَهُودِيٌّ “.

ــــــــــــــــــــــ

أقول(الرمادي): صرح النص القرآني من سورة المائدة آية 5 فقد :” أَذِنَ اللَّهُ بِأَكْلِ طَعَامِهِمْ وَصَرَّحَ بِحِلِّهِ وَهُوَ لَا يَخْلُو مِنْ رُطُوبَاتِهِمْ فِي الْغَالِبِ ” قال بذلك الشوكاني. والنصوص الرسولية والأحاديث النبوية القولية والفعلية تُبيّن أنه صلى الله عليه وآله وسلم شرب [مضمض] من ماء المرأة المشركة؛ كما توضأ، وهذه ليست من خصوصياته؛ كما يدعي البعض، بل ومعه صحابته الكرام عليهم رضوان الله تعالى ورحماته، بل أغتسل آحدهم بماء المرأة المشركة بأمره؛ هذه واحدة، والثانية ربطَ ثمامة في المسجد النبوي بالمدينة المنورة؛ والثالثة أنه عزم على أكل الشاة من المرأة اليهودية -زينب بنت الحارث- ويهود خيبر في رواية آخرى دون أن يسأل عليه الصلاة والسلام وآله كيف تم الذبح!؟، أو كيف تم الطبخ!؟، أو كيف تم إعداد الشاة المشوية (المصلية)!؟، كما لم يسأل عليه السلام هل تم إستبعاد ما حُرم على اليهود-الشحم- وفق معتقداتهم!؟. والحقيقة تفيد أنه تعامل مع اليهود بيعاً وشراءً؛ فالمعلوم أنه عليه السلام أشترى 30 صاعاً من شعير من يهودي ورهن عنده درعه حتى انتقل إلى الرفيق الأعلى صلوات الله وسلامه عليه وآله. هكذا تعامل النبي الخاتم والرسول الرحمة مع غير المسلمين تعاملاً وبيعا وشراء وطعاماً.

ـــــــــــــــــــــــ

ثم قال صاحب النيل ؛ الشوكاني :” وَتَحْلِيلِ طَعَامِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَنِسَائِهِمْ بِآيَةِ الْمَائِدَةِ [آية رقم 5] وَهِيَ آخِرُ مَا نَزَلَ، وَإِطْعَامِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ لِلْوَفْدِ مِنْ الْكُفَّارِ مِنْ دُونِ غَسْلٍ لِلْآنِيَةِ، وَلَا أَمَرَ بِهِ، وَلَمْ يُنْقَلْ تَوَقِّي رُطُوبَاتِ الْكُفَّارِ عَنْ السَّلَفِ الصَّالِحِ وَلَوْ تَوَقَّوْهَا لَشَاعَ؛ وتقرأ في النيل” قَالَ ابْنُ عَبْدِالسَّلَامِ لَيْسَ مِنْ “التَّقَشُّفِ” أَنْ يَقُولَ أَشْتَرِي مِنْ سَمْنِ الْمُسْلِمِ لَا مِنْ سَمْنِ الْكَافِرِ ؛ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ لَمْ يَلْتَفِتُوا إلَى ذَلِكَ “.

وقال صاحب نيل الأوطار؛ محمد بن علي الشوكاني:” فَإِنْ قَالَ الذَّاهِبُ إلَى نَجَاسَةِ الْمُسْتَعْمَلِ لِلْوُضُوءِ إنَّ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ غَايَةُ مَا فِيهَا الدَّلَالَةُ عَلَى طَهَارَةِ مَا تَوَضَّأَ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَعَلَّ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِهِ. قُلْنَا [ أي الشوكاني]: هَذِهِ دَعْوَى غَيْرُ نَافِقَةٍ، فَإِنَّ الْأَصْلَ أَنَّ حُكْمَهُ [عليه الصلوات والسلامات من رب الأحياء والأموات] وَحُكْمَ أُمَّتِهِ وَاحِدٌ إلَّا أَنْ يَقُومَ دَلِيلٌ يَقْضِي بِالِاخْتِصَاصِ وَلَا دَلِيلَ. وَأَيْضًا الْحُكْمُ بِكَوْنِ الشَّيْءِ نَجِسًا حُكْمٌ شَرْعِيٌّ يَحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ يَلْتَزِمُهُ الْخَصْمُ فَمَا هُوَ “. وقال:” وَاللَّهُ أَبَاحَ نِسَاءَ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ عَرَقَهُنَّ لَا يَسْلَمُ مِنْهُ مَنْ يُضَاجِعُهُنَّ، وَمَعَ ذَلِكَ فَلَا يَجِبُ مِنْ غُسْلِ الْكِتَابِيَّةِ إلَّا مِثْلُ مَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ غُسْلِ الْمُسْلِمَةِ، وَحَدِيثُ إنْزَالِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفْدَ ثَقِيفٍ الْمَسْجِدَ “. ثم يقول محمد بن علي الشوكاني في نيل الأوطار:” وَأَجَابَ الْجُمْهُورُ عَنْ حَدِيثِ إنْزَالِ وَفْدِ ثَقِيفٍ بِأَنَّهُ حُجَّةٌ لِأَنَّ قَوْلَهُ “لَيْسَ عَلَى الْأَرْضِ مِنْ أَنْجَاسِ الْقَوْمِ شَيْءٌ إنَّمَا أَنْجَاسُ الْقَوْمِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بَعْدَ قَوْلِ الصَّحَابَةِ: قَوْمٌ أَنْجَاسٌ صَرِيحٌ فِي نَفْيِ النَّجَاسَةِ الْحِسِّيَّةِ الَّتِي هِيَ مَحَلُّ النِّزَاعِ، وَدَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ نَجَاسَةُ الِاعْتِقَادِ وَالِاسْتِقْذَارِ”.

قال صاحب:” نيل الأوطار ” عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ قَالَ :” كُنَّا نَغَزُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنُصِيبُ مِنْ آنِيَةِ الْمُشْرِكِينَ وَأَسْقِيَتِهِمْ فَنَسْتَمْتِعُ بِهَا وَلَا يَعِيبُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ” . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد” وقال:” حَدِيثُ جَابِرٍ أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ بِمَعْنَاهُ وَاسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ قَالَ بِطَهَارَةِ الْكَافِرِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْجَمَاهِيرِ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ، كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ؛ لِأَنَّ تَقْرِيرَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الِاسْتِمْتَاعِ بِآنِيَةِ الْكُفَّارِ مَعَ كَوْنِهَا مَظِنَّةً لِمُلَابَسَتِهِمْ وَمَحَلًّا لِلْمُنْفَصِلِ مِنْ رُطُوبَتِهِمْ مُؤْذِنٌ بِالطَّهَارَةِ.

وهذا ما ذهبتُ إليه في المقال السابق أن غير المسلم طاهر البدن والجسد حساً ولمساً وعرقاً .

وبما أن المسألة خلافية بين السادة أصحاب المذاهب؛ وكي لا يكون هناك حرج فنسمع من :” الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ أنه قَالَ : حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :” دَعْ مَا يَرِيبُكَ إلَى مَا لَا يَرِيبُكَ “.

ــــــــــــــــــــــــ

التخريج:” رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ. وَصَحَّحَهُ أَيْضًا ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ”.انظر: نيل الأوطار ؛ محمد بن علي الشوكاني.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

فائدة” مَا أَصْلُهُ الْإِبَاحَةُ كَطَهَارَةِ الْمَاءِ، وَالثَّوْبِ، وَالْأَرْضِ، إِذَا لَمْ يَتَيَقَّنْ زَوَالَ أَصْلِهِ، فَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ، وَمَا أَصْلُهُ الْحَظْرُ كَـ .. لُحُومِ الْحَيَوَانِ، فَلَا تَحِلُّ إِلَّا بِيَقِينِ حِلِّهِ مِنَ التَّذْكِيَةِ، فَإِنْ تَرَدَّدَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لِظُهُورِ سَبَبٍ آخَرَ رَجَعَ إِلَى الْأَصْلِ فَبَنَى عَلَيْهِ، فَيَبْنِي فِيمَا أَصْلُهُ الْحُرْمَةُ عَلَى التَّحْرِيمِ وَلِهَذَا نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْلِ الصَّيْدِ الَّذِي يَجِدُ فِيهِ الصَّائِدُ أَثَرَ سَهْمٍ غَيْرِ سَهْمِهِ، أَوْ كَلْبٍ غَيْرِ كَلْبِهِ، أَوْ يَجِدُهُ قَدْ وَقَعَ فِي مَاءٍ وَعَلَّلَ بِأَنَّهُ لَا يَدْرِي: هَلْ مَاتَ مِنَ السَّبَبِ الْمُبِيحِ لَهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ، فَيَرْجِعُ فِيمَا أَصْلُهُ الْحِلُّ إِلَى الْحِلِّ، فَلَا يُنَجِّسُ الْمَاءَ وَالْأَرْضَ وَالثَّوْبَ بِمُجَرَّدِ ظَنِّ النَّجَاسَةِ، وَكَذَلِكَ الْبَدَنُ إِذَا تَحَقَّقَ طَهَارَتُهُ وَشَكَّ: هَلِ انْتَقَضَتْ بِالْحَدَثِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ خِلَافًا لِمَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ قَدْ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ وَقَدْ صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :” أَنَّهُ شَكَى إِلَيْهِ الرَّجُلَ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَجِدُ الشَّيْءَ فِي الصَّلَاةِ، فَقَالَ: لَا يَنْصَرِفُ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا “. وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ : ” فِي الْمَسْجِدِ ” بَدَلَ الصَّلَاةِ . وَهَذَا يَعُمُّ حَالَ الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا، فَإِنْ وُجِدَ سَبَبٌ قَوِيٌّ يُغَلِّبُ مَعَهُ عَلَى الظَّنِّ نَجَاسَةَ مَا أَصْلُهُ الطَّهَارَةُ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ الثَّوْبُ يَلْبَسُهُ كَافِرٌ لَا يَتَحَرَّزُ مِنَ النَّجَاسَاتِ، فَهَذَا مَحَلُّ اشْتِبَاهٍ، فَمِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ رَخَّصَ فِيهِ أَخْذًا بِالْأَصْلِ، وَمِنْهُمْ مَنْ كَرِهَهُ تَنْزِيهًا، وَمِنْهُمْ مَنْ حَرَّمَهُ إِذَا قَوِيَ ظَنُّ النَّجَاسَةِ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ الْكَافِرُ مِمَّنْ لَا تُبَاحُ ذَبِيحَتُهُ أَوْ يَكُونُ مُلَاقِيًا لِعَوْرَتِهِ كَالسَّرَاوِيلِ وَالْقَمِيصِ، وَتَرْجِعُ هَذِهِ الْمَسَائِلُ وَشَبَهُهَا عَلَى قَاعِدَةِ تَعَارُضِ الْأَصْلِ وَالظَّاهِرِ، فَإِنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ وَالظَّاهِرُ النَّجَاسَةُ وَقَدْ تَعَارَضَتِ الْأَدِلَّةُ فِي ذَلِكَ. فَالْقَائِلُونَ بِالطَّهَارَةِ يَسْتَدِلُّونَ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَحَلَّ طَعَامَ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَطَعَامُهُمْ إِنَّمَا يَصْنَعُونَهُ بِأَيْدِيهِمْ فِي أَوَانِيهِمْ، وَقَدْ أَجَابَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعْوَةَ يَهُودِيٍّ، وَكَانَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ يَلْبَسُونَ وَيَسْتَعْمِلُونَ مَا يُجْلَبُ إِلَيْهِمْ مِمَّا يَنْسِجُهُ الْكَفَّارُ بِأَيْدِيهِمْ مِنَ الثِّيَابِ وَالْأَوَانِي، وَكَانُوا فِي الْمَغَازِي يَقْتَسِمُونَ مَا وَقَعَ لَهُمْ مِنَ الْأَوْعِيَةِ، وَالثِّيَابِ وَيَسْتَعْمِلُونَهَا، وَصَحَّ عَنْهُمْ أَنَّهُمُ اسْتَعْمَلُوا الْمَاءَ مِنْ مَزَادَةِ مُشْرِكَةٍ. وَالْقَائِلُونَ بِالنَّجَاسَةِ يَسْتَدِلُّونَ بِأَنَّهُ صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ آنِيَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الْخِنْزِيرَ، وَيَشْرَبُونَ الْخَمْرَ، فَقَالَ: إِنْ لَمْ تَجِدُوا غَيْرَهَا، فَاغْسِلُوهَا بِالْمَاءِ ثُمَّ كُلُوا فِيهَا. وَقَدْ فَسَّرَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ الشُّبْهَةَ بِأَنَّهَا مَنْزِلَةٌ بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ: يَعْنِي الْحَلَالَ الْمَحْضَ وَالْحَرَامَ الْمَحْضَ، وَقَالَ: مَنِ اتَّقَاهَا، فَقَدِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ، وَفَسَّرَهَا تَارَةً بِاخْتِلَاطِ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ. وَيَتَفَرَّعُ عَلَى هَذَا مُعَامَلَةُ مَنْ فِي مَالِهِ حَلَالٌ وَحَرَامٌ مُخْتَلِطٌ، فَإِنْ كَانَ أَكْثَرُ مَالِهِ الْحَرَامَ؛ فَقَالَ أَحْمَدُ: يَنْبَغِي أَنْ يَتَجَنَّبَهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ شَيْئًا يَسِيرًا، أَوْ شَيْئًا لَا يُعْرَفُ، وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا [أي الحنابلة؛ هذا ما قصده ابن رجب الحنبلي]: هَلْ هُوَ مَكْرُوهٌ أَوْ مُحَرَّمٌ ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ . وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُ مَالِهِ الْحَلَالَ، جَازَتْ مُعَامَلَتُهُ وَالْأَكْلُ مِنْ مَالِهِ. وَقَدْ رَوَى الْحَارِثُ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ فِي جَوَائِزِ السُّلْطَانِ: لَا بَأْسَ بِهَا، مَا يُعْطِيكُمْ مِنَ الْحَلَالِ أَكْثَرُ مِمَّا يُعْطِيكُمْ مِنَ الْحَرَامِ  وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ يُعَامِلُونَ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلَ الْكِتَابِ مَعَ عِلْمِهِمْ بِأَنَّهُمْ لَا يَجْتَنِبُونَ الْحَرَامَ كُلَّهُ. وَإِنِ اشْتَبَهَ الْأَمْرُ فَهُوَ شُبْهَةٌ ، وَالْوَرَعُ تَرْكُهُ؛ قَالَ سُفْيَانُ  لَا يُعْجِبُنِي ذَلِكَ، وَتَرْكُهُ أَعْجَبُ إِلَيَّ؛ وَقَالَ الزُّهْرِيُّ وَمَكْحُولٌ: لَا بَأْسَ أَنْ يُؤْكَلَ مِنْهُ مَا لَمْ يُعْرَفْ أَنَّهُ حَرَامٌ بِعَيْنِهِ، فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ فِي مَالِهِ حَرَامٌ بِعَيْنِهِ، وَلَكِنْ عُلِمَ أَنَّ فِيهِ شُبْهَةً؛ فَلَا بَأْسَ بِالْأَكْلِ مِنْهُ، نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ. وَذَهَبَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ إِلَى مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَسَلْمَانَ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الرُّخْصَةِ، وَإِلَى مَا رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ فِي إِبَاحَةِ الْأَخْذِ بِمَا يَقْضِي مِنَ الرِّبَا وَالْقِمَارِ، نَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ مَنْصُورٍ. وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي الْمَالِ الْمُشْتَبَهِ حَلَالُهُ بِحَرَامِهِ: إِنْ كَانَ الْمَالُ كَثِيرًا أَخْرَجَ مِنْهُ قَدْرَ الْحَرَامِ، وَتَصَرَّفَ فِي الْبَاقِي، وَإِنْ كَانَ الْمَالُ قَلِيلًا، اجْتَنَبَهُ كُلَّهُ، وَهَذَا لِأَنَّ الْقَلِيلَ إِذَا تَنَاوَلَ مِنْهُ شَيْئًا، فَإِنَّهُ تَبْعُدُ مَعَهُ السَّلَامَةُ مِنَ الْحَرَامِ بِخِلَافِ الْكَثِيرِ، وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ حَمَلَ ذَلِكَ عَلَى “الْوَرَعِ” دُونَ التَّحْرِيمِ، وَأَبَاحَ التَّصَرُّفَ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ بَعْدَ إِخْرَاجِ قَدْرِ الْحَرَامِ مِنْهُ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ، وَأَخَذَ بِهِ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْوَرَعِ مِنْهُمْ بِشْرٌ الْحَافِيُّ. وَرَخَّصَ قَوْمٌ مِنَ السَّلَفِ فِي الْأَكْلِ مِمَّنْ يُعْلَمُ فِي مَالِهِ حَرَامٌ مَا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ مِنَ الْحَرَامِ بِعَيْنِهِ، كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ مَكْحُولٍ وَالزُّهْرِيِّ، وَرُوِيَ مِثْلُهُ عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ. وَرُوِيَ فِي ذَلِكَ آثَارٌ عَنِ السَّلَفِ، فَصَحَّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَمَّنْ لَهُ جَارٌ يَأْكُلُ الرِّبَا عَلَانِيَةً وَلَا يَتَحَرَّجُ مِنْ مَالٍ خَبِيثٍ يَأْخُذُهُ يَدَعُوهُ إِلَى طَعَامِهِ، قَالَ: أَجِيبُوهُ فَإِنَّمَا الْمَهْنَأُ لَكُمْ وَالْوِزْرُ عَلَيْهِ وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ قَالَ: لَا أَعْلَمُ لَهُ شَيْئًا إِلَّا خَبِيثًا أَوْ حَرَامًا، فَقَالَ: أَجِيبُوهُ وَقَدْ صَحَّحَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ هَذَا عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَلَكِنَّهُ عَارَضَهُ عَارِضٌ بِمَا رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: الْإِثْمُ حَوَازُّ الْقُلُوبِ. وَرُوِيَ عَنْ سَلْمَانَ مِثْلُ قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ الْأَوَّلِ، وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَمُوَرِّقٍ الْعِجْلِيِّ، وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَغَيْرِهِمْ، وَالْآثَارُ بِذَلِكَ مَوْجُودَةٌ فِي كِتَابِ ” الْأَدَبِ ” لِحُمَيْدِ بْنِ زَنْجَوَيْهِ، وَبَعْضُهَا فِي كِتَابِ ” الْجَامِعِ ” لِلْخَلَّالِ وَفِي مُصَنَّفَيْ عَبْدِالرَّزَّاقِ وَابْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَغَيْرِهِمْ. وَمَتَى عُلِمَ أَنَّ عَيْنَ الشَّيْءِ حَرَامٌ، أُخِذَ بِوَجْهٍ مُحَرَّمٍ، فَإِنَّهُ يَحْرُمُ تَنَاوُلُهُ، وَقَدْ حَكَى الْإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ عَبْدِالْبَرِّ وَغَيْرُهُ، وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ فِي الرَّجُلِ يُقْضَى مِنَ الرِّبَا، قَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ، وَعَنِ الرَّجُلِ يُقْضَى مِنَ الْقِمَارِ قَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ، خَرَّجَهُ الْخَلَّالُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ خِلَافُ هَذَا، وَأَنَّهُ قَالَ: إِنَّ هَذِهِ الْمَكَاسِبَ قَدْ فَسَدَتْ، فَخُذُوا مِنْهَا مَا شِبْهَ الْمُضْطَرِّ . وَعَارَضَ الْمَرْوِيَّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَسَلْمَانَ، مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَكَلَ طَعَامًا ثُمَّ أُخْبِرَ أَنَّهُ مِنْ حَرَامٍ فَاسْتَقَاءَهُ “.[ انظر كتاب:” جامع العلوم والحكم؛ ابن رجب الحنبلي].

فقه حديث : „وَتَوَضَّأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَزَادَةِ مُشْرِكَةٍ‟

١. ] :” وبمراجعة النص تجد:

١. ١.] الحديث فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن لصحابته -رضوان الله عليهم أجمعين- بالشرب من مزادة المرأة المشركة وكذا أذن للجنب أن يغتسل منها ؛ ونضيف أنك :” ترى أنه ليس في الحديث توضؤه صلى الله عليه وسلم من مزادة المشركة ولكن فيه استعماله صلى الله عليه وسلم لمزادة المشركة “.

نزيد :” إثبات طهارة آنية الكفار وقد قال الحافظ : ” واستدل بهذا على جواز استعمال أواني المشركين ما لم يتيقن فيها النجاسة “.

شاهد أيضاً

مصير مجهول ينتظر أصحاب المنح الدراسية العالقين في غزة

عد أن أنهى الطالب أدهم جابر ثلاث سنوات من دراسة الهندسة الميكانيكية بدرجة الامتياز في …