منها 7 وصلت مرحلة الإنتاج! دليلك الشامل عن أمصال كورونا في المرحلة النهائية

منذ بدأت معركة البشر مع فيروس كورونا المستجد (SARS-Cov2) في نهايات 2019، نُصِّب العلمُ قائدًا، فوزع جيوشه على جبهات عدة؛ العلاج لمن أصيبوا، وحماية الأصحاء بالتباعد والإجراءات الاحترازية، وتحديد الفئات الأكثر هشاشة في مواجهة الفيروس حتى يوليها اهتمامًا خاصًّا.

لكن خبرة العلم في هذا النوع من المعارك مع هذا النوع من الأعداء، جعلته يدرك جيدًا أن أهم سلاح في معركة الأمراض المعدية هو الأمصال واللقاحات؛ لأن تحصين أكثر من 50% من أفراد المجتمع هو أقرب طريق لعودة الحياة لإيقاعها السابق.

التاريخ القصير للقاحات كورونا

كلما ازدادت معرفتنا عن العدو (الفيروس)، انطلقت كتائب عدة في محاولة لخلق سلاح جديد لردعه. فتضافرت معرفة الجامعات والمراكز البحثية مع إمكانات شركات الأدوية وتطوير اللقاحات من أجل إنتاج لقاح كورونا المرتقب.

بدأ الأمر في يناير (كانون الثاني) 2020، عندما تمكن العلماء من رسم الخريطة الجينية للفيروس، وبالتالي التعرف إلى مواضع فاعليته ومن ثم نقطة ضعفه، ثم بدأت أول تجربة فعلية للقاح على البشر في مارس (آذار) 2020.

سباق اللقاحات.. العلماء يصارعون الزمن

تمر الأدوية واللقاحات بمراحل ثلاث على البشر، بعد أن تتخطي مرحلة الحيوان، تهدف المرحلة الأولى إلى اختبار أمان اللقاح على مجموعة من البشر الأصحاء، ثم الثانية لتختبر فاعليته على عدد أكبر من المتطوعين، وربما تقسيمهم إلى مجموعات وفئات عمرية لاختبار الفروقات بينها، ثم تأتي الثالثة لاختبار فاعليته على مجموعة كبيرة من البشر ولمراقبة آثاره الجانبية المتوقعة. كل هذا قبل الانتقال إلى المرحلة الرابعة، والتي تعنى مراقبة الدواء/ اللقاح بعد طرحه في الأسواق بالفعل لاكتشاف أي أثر غير متوقع بعد تصنيعه بكميات كبيرة وطرحه لكل البشر.

جرت العادة أن تستغرق المرحلة الثانية بضعة أشهر والثالثة بضع سنوات، لكن الوضع الحالي للجائحة العالمية دفع بعض مطوري اللقاحات إلى اللجوء إلى نهج سريع في اختبارات الفيروس، بدمج المراحل. فمثلًا يدمج المرحلة الأولى والثانية بأن يبدأ أولى تجاربه ببضع مئات من المتطوعين، أو يدمج الثانية والثالثة بأن ينتقل من المرحلة الأولى إلى اختبارات على أعداد كبيرة من المتطوعين. هذا الاستثناء لم يستحدث لأجل الكورونا، لكنه أحد بروتوكولات اعتماد الأدوية للاستخدام العاجل، والتي تقرها منظمة الدواء والغذاء.

بمتابعتك للأخبار ستعرف عن عدة لقاحات قيد التطوير والاختبار، لكن المفاجأة أن عددهم الفعلي يتجاوز 100 لقاح، منهم أكثر من 50 لقاحًا بدأ اختبارهم على البشر، وأكثر من 80 ما يزالون قيد التجربة على الحيوانات.

10 لقاحات في المرحلة الثالثة

وصلت 10 لقاحات إلى المرحلة الثالثة للتجارب الإكلينيكية، بالإضافة إلى ثلاثة لقاحات تخضع للبروتوكول العاجل، وتعد في المرحلة الثانية والثالثة في الوقت نفسه. لقاحات هذه المرحلة هي الأقرب للظهور في الأسواق، ومنها ما بدأ دخولها بالفعل.

من أهم هذه اللقاحات سبعة حصلوا على ترخيصات استثنائية للاستخدام في بعض الدول، منها:

1 – لقاح شركة «فايزر» للأدوية و«بيو إن تيك» الألمانية

هو لقاح «BNT 162» المعتمد على الحمض النووي الريبوزي الرسول (mRNA)، والذي تُجرى تجاربه في أوروبا وأمريكا الشمالية والصين. أعلنت الشركة أن فاعليته قد تصل إلى 90%. وفي 20 نوفمبر (تشرين الثاني) تقدمت الشركة بطلب ترخيص الاستخدام الطارئ لوكالة الغذاء والدواء الأمريكية، إلا أن المملكة المتحدة البريطانية أعلنت في 2 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، ترخيص الاستخدام الطارئ له، لتصبح أول دولة غربية تعتمده.

اللافت في لقاح «فايزر» أن تجاربه في المرحلة الأولى والثانية كانت على نسختين من اللقاح، أسفرت كلتاهما عن نتائج مرضية، لكن إحداهما كانت آثارها الجانبية أقل، فانتلقوا بها إلى المرحلة الثانية والثالثة على 30 ألف متطوع في أمريكا وألمانيا والبرازيل والأرجنتين، ولما جاءت النتائج الأولية مُرضية، توسعوا في عدد المتطوعين للدراسة، كما بدأوا اختباره على الفئات العمرية الأصغر حتى 12 عامًا.

ولعل أكبر التحديات التي تواجه هذا اللقاح هو احتياجه لظروف خاصة للنقل والتخزين، فيجب حفظه في درجة حرارة 70 تحت الصفر حتى يعمل بكفاءة، وهو تحدٍ كبير في حالة تسويقه لدول العالم.

2 – لقاح شركة «مودرنا» الأمريكية

وهو أيضًا لقاح معتمد على الحمض النووي الريبوزي الرسولي (mRNA)، وبعد أن أعلنت «فايزر» فاعلية لقاحها العالية، لحقتها شركة «مودرنا» بأسبوع واحد فقط معلنة نسبة نجاح مماثلة تقريبًا. وقد تقدمت الشركة في 30 نوفمبر الماضي، لوكالة الغذاء والدواء بطلب لترخيص الاستخدام العاجل للقاح، وتتوقع أن تبدأ أولى جرعاته في 21 ديسمبر الجاري.

وتعد «مودرنا» أول شركة تنتقل إلى مرحلة التجارب البشرية في مارس الماضي بشراكة ضخمة مع المعهد الوطني للصحة في أمريكا (NIH)، يصل قدرها إلى مليار دولار أمريكي، وبدأت المرحلة الثالثة في 27 يوليو (تموز) بقرابة 30 ألف متطوع. كما انتقلت إلى مرحلة أخيرة بالغة الأهمية، عندما أطلقت تجربتها السريرية الجديدة في 2 ديسمبر، والتي تستهدف الفئة العمرية من 12 إلى 18 عامًا.

وفي إطار التسويق للقاح؛ فقد عقدت مودرنا صفقاتها مع الولايات المتحدة الأمريكية بقيمة مليار ونصف دولار أمريكي مقابل 100 مليون جرعة من اللقاح فور إثبات فاعليته وأمانه، وبدأت تسويقه أيضًا في الاتحاد الأوروبي وكندا واليابان وقطر.

ويحتاج لقاح «مودرنا» في حفظه إلى ظروف تجميد تصل إلى 20 تحت الصفر، لكنها درجة ممكن تحقيقها نسبيًّا مقارنة بنظيره من شركة «فايزر».

3- لقاح «كان ساينو» الصينية

يعتمد هذا اللقاح الصيني استراتيجية مختلفة، وهي تحميل جزء مهم، ولكنه غير خطير من فيروس كورونا على فيروس آخر من عائلة مسببات نزلات البرد المعتادة، فيتعرف إليه الجسم وينتج أجسامًا مضادة لكليهما.

ومع إعلان نتائج المرحلة الثانية في يوليو، اتخذت الصين قرارها باعتماده بشكل عاجل ولمدة عام، وما تزال تجارب المرحلة الثالثة تُجرى عليه في بعض الدول، مثل السعودية وباكستان.

4 – لقاح جامعة «أوكسفورد» وشركة«استرازينيكا»

حمل هذا اللقاح مفاجأة سارة من عدة نواحٍ، أولاها من حيث جرعاته اللازمة، فقد أعلن مطوروه أن الجرعة الأولى من جرعتيه المطلوبتين تُحدث نتيجة أفضل إذا كانت كمية الدواء المحقون نصف كمية الجرعة الثانية بنجاح يصل إلى 90%. كما أنه من أفضل اللقاحات من حيث الثبات وتحمل الحرارة؛ إذ يمكن حفظه في ثلاجات عند درجة حرارة تتراوح بين درجتين وثماني درجات مئوية، الأمر الذي يسهل نقله وتداوله.

تجري تجارب المرحلة الثالثة لهذا اللقاح في المملكة المتحدة، والولايات المتحدة، والهند، والبرازيل، وجنوب أفريقيا، لكنها توقفت في 6 سبتمبر (أيلول) الماضي، للتحقيق في أثر جانبي كبير، حدث لأحد المتطوعين في أمريكا، وهو التهاب النخاع المستعرض (transverse myelitis) ولكنها عادت من جديد في 23 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وقد تعاقدت الحكومة الأمريكية على 300 مليون جرعة مقابل 1.2 مليار دولار، كما تعاقد الاتحاد الأوروبي على 400 مليون جرعة.

5 – «سبوتنيك 5».. لقاح جماليا الروسي

قد نعد لقاح معهد جماليا التابع لوزارة الصحة الروسية أكثر اللقاحات إثارة للجدل؛ لأن تجاربه بدأت في يونيو (حزيران) 2020، ثم قررت الحكومة الروسية اعتماده في أغسطس (آب) 2020، قبل بدء تجارب المرحلة الثالثة على 40 ألف متطوع. لكنها عادت من جديد تؤكد أن اعتمادها له مرهون بحصوله على الترخيص الرسمي اللازم. ويشارك في المرحلة الثالثة دول أخرى منها روسيا البيضاء، والإمارات العربية المتحدة، وفنزويلا.

يعتمد «سبوتنيك 5» على نوعين من الفيروسات المعتاد استخدامها وسيطًا في صناعة اللقاحات، ويطمح العلماء الروس باستخدام نوعي الفيروس «Ad5» و«Ad26» إلى أن يتغلبوا على عقبة تعرف الجهاز المناعي إلى اللقاح وتدميره قبل أن يحدث فاعليته المطلوبة.

6 – لقاح «ساينوفاك»

لقاح الشركة الصينية «ساينوفاك بيوتك» والمعروف باسم «كورونا فاك»، بدأت مرحلته الثالثة في يوليو في البرازيل وإندونيسيا وتركيا، ورغم عدم انتهاء المرحلة الثالثة بعد، فإن حكومة الصين قد منحته تصريحًا طارئًا للتشغيل المحدود في يوليو، وبدأت إعطاءه لبعض العاملين في القطاع الصحي وقطاع الخدمات. في حين أوقفت حكومة البرازيل التجارب عليه مؤقتًا لتقصي سبب وفاة أحد المتطوعين، لكنها عادت وسمحت بمواصلة تشغيله بعد يومين.

7 – لقاح «جونسون آند جونسون»

مطورو لقاح الإيبولا، يجرون تجارب المرحلة الثالثة على 60 ألف متطوع بجرعة واحدة من اللقاح، بدلًا من جرعتين كعادة معظم اللقاحات المطروحة.

وتهدف الشركة إلى صناعة مليار جرعة في عام 2021، وقد عقدت صفقتها بالفعل مع الولايات المتحدة بـ100 مليون جرعة مقابل مليار دولار أمريكي، كما تعاقدت مع الاتحاد الأوروبي على 200 مليون جرعة.

جدير بالذكر أن تجارب شركة «جونسون آند جونسون» تعرضت لإيقاف مؤقت في 12 أكتوبر بسبب آثار جانبية في أحد المتطوعين، لكنها استأنفت من جديد بعد 11 يومًا فقط

8 – لقاح «كوفاكسين»

تعمل الهند في صمت؛ فالمعهد القومي للفيروسات والمجلس الهندي للأبحاث الطبية يعملان مع شركة «بارات بيوتك» من أجل إنتاج «كوفاكسين»، وبدأوا المرحلة الثالثة في 23 أكتوبر، ويُنتظر نتائجها في يونيو 2021.

9، 10 – لقاحات «ساينو فارم» الصينية

تعمل شركة «ساينوفارم» بقوة على لقاحين وصل كلاهما للمرحلة الثالثة، كلاهما فيروسات كورونا معطلة، أحدهما طوره معهد بكين للمنتجات البيولوجية، والآخر يعمل عليه معهد ووهان. وقد اعتمدت لقاحات «ساينوفارم» للاستخدام المحدود في الإمارات العربية المتحدة، أما في الصين فقد تلقى اللقاح قرابة مليون شخص، وذلك قبل انتهاء المرحلة الثالثة من التجارب.

11 – لقاح الدرن

هل تذكرون لقاح الدرن الشهير؟ قررت جامعة ميلبورن بأستراليا استخدامه في الوقاية من فيروس كورونا ووصلت التجارب إلى المرحلة الثالثة، وما نزال في انتظار نتائجها.

12 – لقاح «نوفافاكس»

الشركة المتخصصة في تطوير اللقاحات، تعمل الآن على المرحلة الثالثة على 15 ألف متطوع في المملكة المتحدة، وتستعد لإطلاق تجربة أخرى في أمريكا بنهاية ديسمبر الحالي. وإذا نجحت تجاربها فمن المتوقع أن تحصل الولايات المتحدة منها على 100 مليون جرعة، و40 مليون أخرى لأستراليا.

13 – وأخيرًا.. لقاح نباتي!

شركة «ميدكاجو» الكندية تعمل على إنتاج لقاح بطريقة مختلفة. فهي تدفع بالفيروس داخل أوراق نبات من عائلة التبغ، وتقوم خلايا النبات بتخليق قشرة بروتينية تشبه الفيروس، ثم تضيف إليه عاملًا مساعدًا من تصنيع شركة «جلاسكو سميث كلاين» (GSK) ليحفز الجهاز المناعي لجسم الإنسان لإنتاج أجسام مضادة لبروتين الفيروس.

بدأت تجارب المرحلة الثانية/ الثالثة في أول نوفمبر الفائت وتوصلت الشركة لاتفاق مع الحكومة الكندية بتوفير 76 مليون جرعة فور إعلان نجاح اللقاح.

في حالة توفر اللقاحات.. من الذين سيحصلون عليه أولًا؟

رغم تنافس عشرات الشركات على إنتاج اللقاح الأفضل فاعلية والأكثر أمانًا والأسرع في التوفر، فإن حجم الإنتاج يظل مؤشرًا مهمًّا، فإن 8 مليارات نسمة ينتظرونه، ولن تتحقق مناعة عالمية إلا بتحصين نصفهم على الأقل، حتى إن مركز التحكم في الأمراض (CDC) بدأ يصدر توصياته لترتيب البشر من حيث أولوية تلقي اللقاح كالتالي:

1 – مقدمو الخدمة الصحية.

2 – العاملون في الصناعات الحيوية والحرجة.

3 – المسنون فوق 65 عامًا.

4 – المصابون بأمراض تجعل إصابتهم بالكورونا أمرًا شديد الخطورة.

فهل ستنجح الشركات في التعاون لتغطية الكوكب باللقاحات؟ هذا ما ستسفر عنه الأيام.

 

شاهد أيضاً

النمسا – حلول رقمية مبتكرة لتقليل انبعاثات قطاع التنقل

دشنت النمسا برنامجا جديدا للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة في مجال التنقل، يركز على تحقيق …