يقول رب العزة سبحان ( قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون )[الأعراف:33].
اعلم أن الله ما أحل إلا طيبا وما حرم إلا خبيثا
سئل أعرابي: لماذا أسلمت؟ قال: لم أر شيئا من قول أو فعل يستحسنه العقل وتستطيبه الفطرة إلا وحث عليه الإسلام وأمر به وأحله رب العزة سبحانه، ولم أجد شيئا يستقبحه العقل وتستقذره الفطرة إلا ونهى الله عنه وحرمه على عباده
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم:” كل مولود يولد على الفطرة, فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه”. وقصة اليوم ما هي إلا مصداق لهذا الحديث الشريف. فقد ولد كريستوفر وأخيه فليب لأبوين كاثوليكيين . وقررت أمهم منذ البداية أن تتركهما ليختارا دينهما بعيداً عن أي تأثيرات عائلية أو اجتماعية
الأسرة وصورة تذكاريه أمام المركز الإسلامى
“أريد أن أصبح مصوراً لأنقل الصورة الصحيحة عن المسلمين”. بهذه الكلمات بدأ سيد (16 سنة -كريستوفر سابقاّ) حديثه الذي تناول كيف هداه الله إلى الإسلام، وأسباب اعتناقه الدين الحنيف.
وأردف سيد: “أقبلت على الإسلام بنفس راضية واقتناع كامل.. ولا يسعني إلا أن أشكر لأمي دورها في إنارة الطريق لي، وأكرر لها شكرى لأنها تركت لي حرية الاختيار ولم تجبرني يوما على تحديد هويتي الدينية”.
ومضى سيد يقول: “اعتنقت أمي الإسلام منذ عامين ونصف تقريبا بعد أن تزجت من مصري مسلم وهداها الله على يديه، بعد أن قامت هي أيضا بالتعرف على الإسلام من خلال قراءاتها بإرشاد من زوجها. وانتقل الاهتمام بالإسلام من أمي إلي أنا وفيليب أخي فقررنا سويا أن نحذو حذو أمنا ونعتنق الإسلام، وتحقق لنا ذلك بأن أعلنا إسلامنا منذ عام ونصف أمام أسرتنا الصغيرة المكونة من أمي وزوجها. أما اليوم فنحن معكم هنا بالمركز الإسلامي لنحتفل بالعيد ونعلن أمامكم إسلامنا أمام هذا الجمع الغفير من إخواننا المسلمين في يوم نحتفل به بإنتهاء شهر رمضان الكريم”.
د . فريد الخوتانى مدير المركز الإسلامى وفليب الأخ الأصغر أثناء النطق بالشهادتين أمام جموع المصلين بعد صلاة العيد
ويقول سيد، الذي يسكن مع أسرته في مدينة كريمز بأقليم النمسا السفلى، إنه على علاقة مستمرة بعائلته، رغم أنها رفضت فكرة اعتناقه الإسلام، كما توقع هو شخصيا. فقد قوبل إسلامه هو وأخيه فيليب باستنكار من أفراد العائلة.
وكان الدكتور فريد الخوتاني مدير المركز الإسلامي في فيينا أعلن بعد صلاة العيد أمس أن الشابين كريستوفر (سيد) وفيليب يريدان إشهار إسلامهما أمام المصلين. وبعد النطق بالشهادة وسط تكبيرات مدوية من المصلين، اصطحب الدكتور الخوتاني الأسرة وتجول بهما بساحة المركز، حيث قدم لها الهدايا .
وفي لقاء مع الشابين المسلمين سألت سيد: ما هو الشيء الذي جذبك للإسلام؟ لماذا اخترت الإسلام دون غيره؟ -سكت الشاب المسلم لحظة ثم أجاب: “لا أدري.. كل ما يمكنني قوله أنني قرأت عنه وكلما زادت قراءتي أحببته أكثر.. ولكن أهم ماجذبني إلى الإسلام أني شعرت أن المسلمين يعبدون الله على الوجه الأكمل، فهم يتواصلون مع الله على مدار اليوم، ليلا ونهارا وهو ما تثبته فريضة الصلاة التي نؤديها خمس مرات في اليوم والليلة..أما عبادة أصحاب الديانات الأخرى فتقتصر على أيام محددة في الأسبوع، إن قاموا بتأديتها”.
هل صمت رمضان؟. – جاءت إجابة سيد سريعة كأنه يترقب طرح هذا السؤال، فابتسم وقال نعم والحمد لله لقد صمت رمضان كاملاً إلا يوما واحدا كنت مريضا فيه وكان فى المدرسه ذلك اليوم أمتحان , وهي المرة الأولى التي أصوم فيها, لقد كان صعباً وخاصة في الأيام الأولى”. ثم أردف “لقد تحداتنى أمى أنني لن أستطيع الصيام, ولكني صمت ولم يصدق أحد ذلك”. أما فيليب أخيه 12 سنة فتمنى أن يتمكن من صوم رمضان المقبل كاملا بعد أن خاض تجربة الصيام ليوم واحد هذا العام.
من اليمين فليب . د الخوتانى . سيد ( كرستوفر. سابقاّ )
وأعرب سيد عن أمنتيه أن يتمكن من تعلم اللغة العربية وإتمام حفظ القرآن الكريم، خاصة أن الله من علي أنا وأخي بحفظ سورة الفاتحة وبعض قصار السور وهو ما مكننا من تأدية الصلوات الخمس المفروضة علينا.
أما عن خططه للمستقبل فقال سيد : “أريد أن أصبح مصوراً لأنقل الصورة الصحيحة عن المسلمين والإسلام. لقد شاهدت الكثير من الأفلام التي تشوه صورة المسلمين, كما شاهدت العديد من الأفلام الجيدة عن الإسلام والتي أصدرها أشخاص أعتبرهم مثلي الأعلى وقد اعتنقوا الإسلام. وسأقوم بدراسة الإسلام في جامعة فيينا. فقد عرفت أن لديهم برنامجاً جيداً في الدراسات الإسلامية
ومع رفع أذان الظهر نظر سيد وفيليب إلينا وقالا: هل تسمح لي بالأنصراف؟، ثم قام وسلم وأنصرف في الوقت الذي اغرورقت فيه عيناناّ بالدموع!
ويقول الدكتور الخوتاني إن المئات من النمساويين أشهروا إسلامهم داخل المركز الإسلامي على مدار سنوات وجوده داخل النمسا. فقد أسلم 1100 منذ إنشاء المركز، وأسلم 700 نمساوي في السنوات العشر الأخيرة وغالبيتهم من الشباب.
وتابع الخوتاني: “من المؤكد أن هناك برامج خاصة لاستيعاب المسلمين الجدد والوقوف على مدة رغبتهم الحقيقية في اعتناق الإسلام.. وتشتمل هذه البرامج
مع د . الخوتانى أثناء الحوار
على لقاءات تتم 4 مرات أسبوعيا لمدة ثلاثة أشهر.
نهتم في بداية أن ينطق المسلم الجديد الشهادتين ليكون على ملة الإسلام إذا قدر الله له الوفاة، ثم ينخرط في برامج الإعداد التي نعطيه فكرة عن الدين وتعاليمه الأساسية دون الدخول في تفاصيل قد تجعله يتشتت. ونعرف المسلم الجديد سماحة الدين الإسلامي ومنطقيته فلكل حكم في الإسلام حكمة. فنحن نهتم أن نبين له حكمة فرض الصلاة والصيام. وندعم ذلك بكتيبات موجزة بالألمانية”.
ويوضح الخوتاني أن “هناك عدد من الوافدين إلينا لإشهار إسلامهم إلا أنهم ينكصون خلال فترة الإعداد.. فمنهم من يرغب في التقدم لوظيفة تشترط الديانة الإسلامية ، ومنهم من يرنو إلى الزواج من إمرأة مسلمة فيسلم للزواج بها”.
ويستقبل المركز الإسلامي سنويا أكثر من 30 ألف مواطن نمساوي من الراغبين في التعرف على الإسلام دون وسيط. ومعظم هؤلاء الأشخاص من طلبة الجامعات والمدارس يحدد المركز المواعيد المناسبة لاستقبالهم.
كما سينظم المركز في مارس القادم أسبوع المسجد المفتوح يتم فيه الترحيب بضيوف المركز وسط جو إسلامي يتعرفون فيه على صلاة المسلمين، وجولات داخل المركز ومكان الصلاة بقيادة كوادر مؤهلة لغويا ودينيا.