أيام ترامب الأخيرة في البيت الأبيض تبدو كابوساً بالنسبة للكثيرين، فالبعض يخشى أن يضرب إيران، ويتساءلون ماذا يخطط هذا الرجل في الفترة التي يوصف أي رئيس أمريكي بها بالبطة العرجاء، وماذا سيحدث لو أصدر ترامب أوامر متهورة للجيش الأمريكي؟
تقرير لمجلة Foreign Policy الأمريكية، عرض لآراء اثنين من الخبراء حول السيناريوهات المتوقعة في أيام ترامب الأخيرة.
ماذا سيحدث في أيام ترامب الأخيرة في البيت الأبيض؟
الكاتب ماثيو كرونينغ: لقد كانا أسبوعين مثيرين للاهتمام. كانت هناك عملية انتقالٍ بطيئة إلى الإدارة الجديدة، وأقال ترامب وزير الدفاع مارك إسبر وغيره من كبار مسؤولي الأمن القومي، مِمَّا دَفَعَ البعض للخوف من حدوث انقلاب. والجميع يتكهَّنون الآن حول مَن سيتولَّى مناصب وزارية في إدارة بايدن وماذا سيعني ذلك لمستقبل السياسة الخارجية للولايات المتحدة.
الكاتبة إيما أشفورد المتخصصة في شؤون الأمن القومي: لقد سمعت أننا في الواقع ننتقل إلى إدارة ترامب الثانية. وبالطبع جاء ذلك على أسماعي من مصدرٍ غير حسن السمعة، وهو مايك بومبيو، وزير الخارجية الأمريكي.
لكن حتى معظم الجمهوريين يقبلون الآن أن الانتخابات قد انتهت رسمياً، وأن بايدن فاز بالفعل. في واشنطن، يمكن أن يعني هذا أمراً واحداً فقط: المناورة على مناصب في الإدارة الجديدة. ولكن بخلاف ميشيل فلورنوي، وزيرة الدفاع المقبلة، لا نعرف في الواقع الكثير عن التعيينات المُحتَمَلة للأمن القومي لبايدن.
هل هناك أيُّ شخصٍ لَفَتَ انتباهك على وجه الخصوص؟ وهل هناك أيُّ قضايا في السياسة الخارجية؟
ماثيو: إن توني بلينكين، المُقرَّب من بايدن منذ فترةٍ طويلة، مُرشَّحٌ قريبٌ لمنصب مستشار الأمن القومي. كان هناك حديثٌ دائرٌ حول مستشارة الأمن القومي السابقة سوزان رايس لشغل وزارة الخارجية، لكن الجمهوريين في مجلس الشيوخ يقولون إن الأمر يؤكَّد. وصلتها السابقة للحزب الذي ينخرط الآن في حربٍ أهليةٍ ضد الحكومة الإثيوبية قد يجعلها غير مستساغة سياسياً لهذا المنصب لأسبابٍ أخرى (انتقدت لمدحها المبالغ به لرئيس وزراء إثيوبيا الراحل مليس زيناوي والذي يوصف بأنه ديكتاتور وحزبه هو الذي يقود إقليم تيغراي في الحرب الأهلية الإثيوبية).
وبغض النظر عمَّن سيحصل على هذه المناصب، فقد يرثون مشهداً مُتغيِّراً في الشرق الأوسط. ووفقاً لتقارير صحفية، قد ينسحب ترامب من أفغانستان ويضرب إيران قبل 20 يناير/كانون الثاني. قد يكون موسم عطلة مزدحماً بالنسبة لمتخصِّصي الأمن القومي.
هل يضرب ترامب إيران؟
إيما: نعم، دونالد ترامب، حمامة السلام الأولى في العالم. أتذكَّر عندما نشرت صحيفة New York Times الأمريكية مقال رأي أشاد بترامب باعتباره “ترامب حمامة السلام”. وها نحن بعد أربع سنواتٍ فقط، بالكاد تمكَّن الرجل من سحب ألفيّ جندي إضافي من أفغانستان، ويُحتمل أن يقصف إيران. أشكُّ في أن هذه الخطوة في أفغانستان ستكون كافيةً للوفاء عملياً بوعود حملته لعام 2016 بإنهاء حروب الولايات المتحدة في الخارج.
ماثيو: لهذه الأسباب رحَّبت بتولي ترامب منصبه الرئاسي. كنت قلقاً بشأن العديد من سياساته المُقتَرَحة أثناء الحملة الانتخابية، ولكن بحلول ربيع عام 2017، أظهَرَ أنه سعيدٌ بالقوة الأمريكية، ووَعَدَ ببناء ترسانة نووية وضرب الأسد بسبب استخدام الغازات السامة ضد شعبه.
خلاف حول قراره بالانسحاب من أفغانستان
إيما: أراهن أنك لست مسروراً بقرار أفغانستان رغم ذلك.
ماثيو: الانسحاب سيكون خطوةً خاطئة. من المُحتَمَل أن تسقط الحكومة الأفغانية في يد طالبان بدون دعم الولايات المتحدة، وهذه ليست النتيجة التي أريد أن أشهدها. يتحدَّث الناس عن إنهاء الحروب التي لا نهاية لها، لكن القوات الأمريكية موجودةٌ هناك بأمرٍ من الحكومة الأفغانية، وتساعدها في تأمين بلادها. لا يشكو أحدٌ من الحروب التي لا نهاية لها، لأننا لا نزال نمتلك قواتٍ في ألمانيا واليابان.
إيما: آخر مرة راجعت فيها أوضاع القوات الأمريكية بالخارج، لم تكن القوات الأمريكية في ألمانيا تقاتل متمرِّدين. ولقد قُتِلَ 22 جندياً وامرأة في أفغانستان العام الماضي وحده. استراتيجية الولايات المتحدة إزاء أفغانستان غير موجودة فعلياً. تخوض القوات هناك حرباً دائمة مع عدوٍ لم يُهزَم بعشرة أضعاف من القوات. وما هي الخطة؟ فقط اترك القوات هناك إلى الأبد؟ نادراً ما أمنح الفضل لترامب في أيِّ شيء، لكن قراره بالتحدُّث إلى طالبان وسحب القوات من أفغانستان طال انتظاره في السياسة الأمريكية.
ماثيو: إذاً أنتِ توافقين على عودة طالبان للسيطرة على البلاد؟
إيما: لن أشعر بالسعادة حيال ذلك. سيكون ضاراً بالحرية وحقوق المرأة والشعب الأفغاني. لكن حقيقة هذا لن يمثل بالضرورة تهديداً على الأمن القومي الأمريكي. لا يوجد دليلٌ على أن طالبان ستعود لرعاية الجماعات الإرهابية، ويمكن للعمليات السياسية، مثل محادثات الدوحة، أن تعمل على ربط هذا الهدف بحوافز ملموسة تجعله أقل احتمالاً.
ماثيو: لكن لن يكون للولايات المتحدة أيُّ نفوذٍ في محادثات السلام إذا تراجَعَت، بغض النظر عمَّا يحدث على طاولة المفاوضات. وهناك استراتيجيةٌ بمساعدة الحكومة الأفغانية على السيطرة على العاصمة ومعظم البلاد حتى مع الاعتراف بأنه ليس من الممكن إنزال الهزيمة بطالبان بشكلٍ حاسم. وهذه نتيجةٌ مستقرة ومقبولة يمكن تحقيقها بتكلفةٍ معقولة. لا يمكن حلُّ جميع مشكلات السياسة الخارجية، لكن هذه مشكلةٌ واحدةٌ علينا فقط إدارتها.
إيما: ما تصفه بالنتيجة المقبولة هو فعلياً وجودٌ عسكريٌّ أمريكيٌّ دائم في البلاد. لكن إلى متى؟ لقد مرَّ ما يقرب من 20 عاماً من هذه المرحلة، ولا يزال الجنود الأمريكيون وعائلاتهم يتحمَّلون هذه “التكاليف المعقولة”.
والأهم هو أن واشنطن يمكن أن تحقِّق الأهداف نفسها دون وجودٍ كبيرٍ على الأرض في أفغانستان. إن الجيش الأمريكي بارعٌ بالفعل في استخدام الطائرات المُسيَّرة- إذا كان ذلك مرغوباً فيه- علاوة على القدرات الأخرى لضرب الجماعات الإرهابية في الخارج إذا لزم الأمر، ويحتفظ الجيش الأمريكي دائماً بخيار إرسال قوات إلى أفغانستان في حال دعت طالبان القاعدة إلى العودة. إذاً، نحن ندرس المصالح الأمريكية- وليس المصالح الأفغانية.
ماثيو: لا توجد ساعة حاسمة في الأمن الدولي. يجب أن تبقى القوات الأمريكية طالما كان عليها ذلك. مرةً أخرى، لا أحد يعد سنوات الانتشار الأمريكي في الدول الحليفة، والبقاء أسهل بكثير من الانسحاب الآن، والاضطرار بعد ذلك للعودة لوضع أسوأ.
ماذا سيحدث لو أصدر ترامب أوامر متهورة للجيش الأمريكي؟
ماثيو: قد نتفق على نقطةٍ واحدة، وهي أن ترامب هو القائد العام المُنتَخَب، وإذا كانت نيَّته الانسحاب، فيجب على البنتاغون بذل قصارى جهده لتنفيذ هذا الأمر على نحوٍ مسؤول.
إيما: إذا كان الأمر قانونياً، سيحدث ذلك بالطبع.
يتحمَّل القادة العسكريون مسؤولية رفض الأوامر غير الدستورية أو غير القانونية، مثل ارتكاب جرائم حرب، أو تفريق المتظاهرين السلميين بالقوة. ولكن فيما يتعلَّق بشيءٍ مثل انسحاب القوات، إذا قال الرئيس هيا اقفزوا، ينبغي أن يرد البنتاغون بالسؤال عن ارتفاع هذه القفزة.