خسائر رياضية وسياسية كيف سقط مرتضى منصور من كل جوانبه !

سقوط المستشار مرتضى منصور رئيس نادي الزمالك في انتخابات مجلس الشعب المصرية صنع الحدث في وسائل الإعلام ووسائط التواصل الاجتماعي التي رحبت في مجملها بالعقوبة الشعبية التي تعرض لها الرجل في مسقط رأسه، مثلما رحبت سابقاً بالعقوبة الرياضية التي أصدرتها اللجنة الأولمبية المصرية التي حرمته من ممارسة مهامه الرياضية كرئيس للزمالك لمدة أربع سنوات، مما سيقوده حسب التوقعات إلى أروقة المحاكم بعدما كان يحتمي بحصانته البرلمانية التي عطلت الكثير من التحقيقات في القضايا المرفوعة ضده من طرف شخصيات معنوية ومؤسسات مصرية تضررت من خرجاته واتهاماته وتصريحاته وهجماته التي تبين مع الوقت أنها كانت وسيلة لإلهاء الناس عن أمهات القضايا التي تشغل بال المصريين، وحان موعد إيقافه بعدما تحولت تصرفاته إلى مصدر إزعاج للسلطات المصرية التي لم تعُد بحاجة إلى مزيد من التشويش.

معارضو الرجل سياسياً ورياضياً عبروا عن مشاعر الترحيب والشماتة في ردود أفعالهم على العقوبة السياسية والرياضية التي تعرض لها المستشار مرتضى منصور، وخرج عن صمته حتى من لم يكن يجرؤ على مواجهته في عز جبروته، بينما عبر مؤيدوه خاصة من أنصار الزمالك عن أسفهم وحسرتهم على العقوبة المزدوجة التي صنفها رئيسهم في خانة الحملة ضد نادي الزمالك عشية مواجهة الأهلي في نهائي دوري أبطال إفريقيا، واعتبرها البعض الآخر تصفية حسابات مع رجل لن يستسلم وسيتجاوز هذه المحنة بمغادرته مصر في أقرب فرصة أو الإيعاز للخصوم بالتنازل عن الدعاوى المرفوعة ضد المستشار منذ تسلح بالحصانة البرلمانية سنة 2005، ليعيث في أرض الكنانة فساداً سياسياً ورياضياً وأخلاقياً جعل منه طرزان زمانه الذي لا يقهر.

من جانب آخر يعتقد الكثير من المتابعين في مصر أن سقوط مرتضى منصور كان بإرادة سياسية قررت التخلص منه بعدما صار يشكل وجع رأس للسلطة التي استعملته في صدامها مع المعارضة، لكن عندما صعّد من لهجته وتهكم على مصطفى مدبولي رئيس الوزراء وعلى أعضاء في الحكومة وبعض رموز النظام الحالي، دخل منطقة العمليات المحرمة فتم إقصاؤه من الزمالك وإسقاطه في انتخابات البرلمان رغم شعبيته الكبيرة في دائرة انتخابية تضم 500 ألف صوت تحصل فيها هذه المرة على 21 ألف صوت فقط، وهو الذي كان يقول عن نفسه بأنه صاحب أعلى نسبة أصوات في مصر تحصل عليها في انتخابات مجلس الشعب سنة 2015، وكان يصف أنصار الزمالك بأنهم جنود في جيشه الذي يعد بالملايين سيدافعون عنه عند الضرورة، وبأنه يملك معطيات وأدلة تدين وتسجن كل خصومه.

لا أحد في مصر ينكر ما قدمه الرئيس مرتضى منصور لنادي الزمالك منذ دخله عضوا سنة 1996 إلى أن صار رئيساً، تحصل معه على العديد من البطولات والألقاب كان آخرها الفوز بكأس السوبر الإفريقي وكأس السوبر المصري، ثم بلوغه نهائي دوري أبطال إفريقيا بجدارة، ولا أحد ينكر شعبيته في مصر وقدرته على صناعة الرأي والتأثير على الأحداث، لكن أيضاً لا أحد في مصر يعفيه من مسؤولياته في تلويث المشهد الكروي والسياسي في مصر بسبب مشاحناته وخصوماته وتجاوزاته التي لم يسلم منها كل من يعارضه أو يختلف معه في جميع الأوساط السياسية والرياضية والفنية والثقافية، وحتى الإعلامية التي اضطرته إلى تأسيس قناة الزمالك التي جعل منها منبراً له يتهكم من خلاله على كل الناس، ليتحول اليوم إلى موضوع للتهكم والاستهتار والاستصغار في وسائل الإعلام ووسائط التواصل الاجتماعي.

حتى ولو سلّمنا بأن سقوطه في انتخابات مجلس الشعب يشكل خياراً سياسياً شعبياً يجب احترامه مهما كانت الشكوك في مصداقية الاقتراع، فإن معاقبته رياضياً من طرف اللجنة الأولمبية المصرية لأربع سنوات تبقى حدثاً مثيراً، يشغل الرأي العام باعتباره رئيساً لنادي الزمالك المقبل على نهائي دوري أبطال إفريقيا، لذلك يتجنب خصومه استفزازه في الوقت الراهن حتى لا يتهمهم بالتشويش على النادي عشية مواجهة الأهلي، والتي تليه مباشرة مرحلة إعادة إحياء البلاغات والشكاوى التي رفعت ضده على مدى سنوات بتهم الإساءة والإهانة لشخصيات عامة وتبديد المال العام وسوء التسيير، إضافة إلى بلاغات أخرى جديدة سيتم تحريك التحقيقات بشأنها بمجرد انتهاء ولايته الحالية كعضو في مجلس النواب بداية يناير المقبل.

المصريون سيشهدون تغييراً عميقاً في سيناريو الحلقة الأخيرة من مسلسل درامي دام سنوات طويلة سيلقى فيه البطل حتفه على غير العادة، إلا إذا حدثت معجزة أو مفاجأة غير متوقعة تطوي صفحة المستشار مرتضى منصور إلى الأبد دون شوشرة أو تداعيات ومتابعات قد تعصف بجهات كثيرة كانت متواطئة مع الرجل الذي شغل مصر وأثار جدلاً كبيراً في كل الأوساط على مدى أكثر من عقدين من الزمن في أروقة البرلمان، وملاعب الكرة ومختلف المنابر الإعلامية، لدرجة قد يترك تغييبه عن المشهد فراغاً يصعب تعويضه

المعلق الرياضى – حفيظ دراجي

 

شاهد أيضاً

“الإمبراطور الأبيض”.. مقاتلة الجيل السادس الصينية المصممة للهيمنة على السماء والفضاء

تشهد المنافسة بين الصين والولايات المتحدة تصعيداً ملحوظاً في العديد من المجالات، من أبرزها التسابق …