كلمة مركز العودة الفلسطيني
– الأستاذ ماجد الزير، المدير العام للمركز
أيها الأخوة؛ أيتها الأخوات؛
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
باسم إخواني وأخواتي أعضاء مجلس أمناء مركز العودة الفلسطيني والزملاء العاملين والمتطوعين والمتطوعات أرحب بكم بمناسبة انعقاد مؤتمر فلسطينيي أوروبا الثالث، والذي يعقد هذه السنة في فينا عاصمة النمسا بشراكة مع أخوتنا وأخواتنا في رابطة فلسطين الإعلامية وجمعية المغتربين الفلسطينيين، والذين أستهل خطابي بتقديم الشكر الحار لهم وللمتطوعين والمتطوعات معهم على ما وجدناه منهم من الهمة العالية والمثابرة، وهذا ينم عن حسهم الوطني الرفيع. وإنه لفخر لهم ولأهل النمسا من أن يسهر على ضمان نجاح هذا المؤتمر أكثر من مائتي أخ وأخت بدؤوا العمل غير المنقطع من ما يقرب السبعة أشهر، وقد ضربوا المثل الرفيع في العمل المشترك، مما يبشر بخير في تجارب التنسيق بين المؤسسات الفلسطينية والعربية، ومع المنظمات العاملة لفلسطين في أوروبا، سواء ضمن الجاليات المسلمة أو مع المؤسسات الأوربية الداعمة للقضية.
اسمحوا لي كذلك أن أحيِّي باسم فلسطينيي أوروبا المشاركين في مؤتمر فيينا، وكذلك المؤمنين بمبادئه وأهدافه ممن حالت ظروفهم دون المشاركة معنا، من أشكر دولة النمسا على سماحها بانعقاد المؤتمر على أرضها، وكذلك أحيي أعضاء السلك الدبلوماسي الذي تجاوبوا مع دعوتنا والأخوة والأخوات من الجالية العربية والمسلمة والأصدقاء النمساويين الداعمين للشعب الفلسطيني في نضاله لكي يسترجع حقه السليب. ولا يفوتني أن أشكر وسائل الإعلام التي ساهمت مساهمة فعالة للترويج لهذا الحدث.
كما وأدعوكم إلى الترحم على شهدائنا الأبرار دون تخصيص، الذين قضوا دفاعاً عن الحقوق والمقدسات، كما ونحيِّي صمود أسرانا الأبطال في سجون المحتل، الذين يدفعون من حريتهم ثمناً لكي تشق طريق العزة والكرامة للشعب الفلسطيني. ونرسل كل آيات الفخر ورسائل الدعم إلى أهلنا وشعبنا في فلسطين كل فلسطين، من بحرها إلى نهرها. وأقول لهم لقد سطرتم بصمودكم وتضحياتكم أروع الأمثلة، وأبقيتم قضيتكم وقضيتنا حية على مدار العقود. وقد حباكم الله بهذا الفضل بأن تكونوا رأس حربة في مشروع صمود الأمة العربية والإسلامية في وجه المخطط الاستعماري في فلسطين الحبيبة، ويا له من دور تُغبَطون عليه، فقد كنتم بحق أهلاً لهذا، وكنتم مثالاً لنا وللأجيال الجديدة من أبناء الشعب الفلسطيني في الخارج. فقد نشؤوا على حبكم وعلى التوق إلى لقياكم. وتعلّموا حب فلسطين والعمل على تحريرها مما رأوه وسمعوه منكم وعنكم.
واسمحوا لنا يا أهلنا في الضفة الغربية وقطاع غزة أن نوصيكم وأنفسنا بالوحدة الوطنية، تمسكوا بها فهي السبيل بعون الله إلى تفويت الفرصة على الأعداء المتربصين للنيل منا ومن قضيتنا.
كما وأحيي أهلنا وشعبنا في مخيمات الشتات، ونؤكد لهم على أنّ أخوتكم في أوروبا هم جزء منكم يألمون لألمكم، ونحن جميعاً ضمن الشعب الفلسطيني الواحد لا تفرقه الجغرافيا ولا السياسية.
وإلى كل أهلنا في أقاصي الدنيا؛ تحية العزة والفخار، ندعوهم كما ندعو أنفسنا إلى النهوض والعمل لصالح قضينا العادلة.
أيها الجمهور الكريم؛
إنّ انعقاد هذا التجمع، وقبله كان برلين، والذي جاء بعد مؤتمر لندن؛ هو بمثابة تجديد لإعلان واضح وصريح من جموع أبناء الشعب الفلسطيني في أوروبا، بمختلف أعمارهم وأجناسهم، من أنهم جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني الواحد، مرتبطين بنفس المصير، متمسكين بكل الحقوق، وعلى رأسها حق العودة إلى قراهم ومدنهم التي هُجِّروا منها. ويؤكدون أيضاً على أنّ بعد المسافة واختلاف الظروف المعيشية والحياتية وتقادم الزمن والسنين عليهم في البلاد الأوروبية؛ لا تعني نسيان الحقوق. وأنّ الحصول على المواطنة الأوربية لا تتناقض مع المطالبة بالحقوق في فلسطين.
إنّ ردود الفعل ونتائج مؤتمري لندن وبرلين هي التي دفعتنا وحفّزت فينا الهمم على الاستمرار في عقد مثل هذه التجمعات، لما لها من أثر كبير نافذ وعملي أيضاً في تلاقي أبناء الشعب مع بعضهم والتنسيق فيما بينهم وإرسال رسائل ذات مغزى لكل من يدّعي تخلي الشعب عن حقه.
فقد قام المركز بترجمة نصّ وثيقة برلين الصادرة عن مؤتمر فلسطيني أوروبا الثاني، والذي انعقد في مثل هذه الأيام من العام الماضي، وأرسلت إلى كل وزارات الخارجية في الدول الأوروبية، وكذلك إلى المفوضية الأوروبية للشئون الخارجية، وقد جاءتنا ردود عديدة من أكثر من دولة غربية تفيد بأنهم اطلعوا على نتائج المؤتمر وأوضحوا موقفهم من القضية.
ومما نعتبره إنجاز للمؤتمرات السابقة؛ أنّ أبناء الشعب الفلسطيني في أوروبا والقائمين على المؤسسات المدنية قد تعرّفوا على بعضهم، بل وتوثقت هذه العلاقة خلال الفترة الماضية وقامت مشاريع مشتركة لصالح فلسطين وتم تبادل الزيارات وكثرت اللقاءات. ومن ناحية أخرى فقد حفّزت ثل هذه المؤامرات الهمة عند أخوتنا وأخواتنا في العديد من الدول الأوربية فقاموا بإنشاء مؤسسات تقوم على رعاية الشعب الفلسطيني في أوروبا.
وإنه لفخر لنا أن تكون مؤتمراتكم هذه فرصة لتعارف أبناء الشعب الفلسطيني في شتى أصقاع الأرض على ما تقومون به من أنشطة وفعاليات.
إننا نعتقد أن ما نقوم به كأبناء شعب فلسطيني في أوروبا وكذلك ما يقوم به إخواننا في مناطق عدة في العالم قد لفت أنظار المعنيين في الصراع في العالم إلى أهمية وحيوية دور فلسطيني الخارج وعدم إمكانية الالتفاف عليهم أو تجاهلهم لصالح أي تسوية يمكن أن تهضمهم حقوقهم. ونعتقد أن هذا ما دفع بعض الدول المعنية في إنهاء الصراع في فلسطين لغير ما يتمنى أبناء الشعب الفلسطيني من استرجاع لكامل حقوقهم إلى عقد عشرات حلقات النقاش وكذلك إلى رصد الأموال لصالح إنشاء بعض المؤسسات التي تعمل بين قطاعات الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج للوقوف على حقيقة وقوة الموقف الشعبي الفلسطيني من موضوعة حق العودة والحقوق الفلسطينية. ولا نظن حسن النية في هذا.
أيها الحضور الكريم؛
إننا ومن على هذا المنبر الرفيع لنعلن ودون تردد اعتقادنا بفشل مشروع الاحتلال الصهيوني على أرض فلسطين. وإن قيام حكومة الاحتلال ببناء جدار عازل يمثل قمة هذا الفشل. فعبر أكثر 57 سنة من نكبة فلسطين، حيث الاضطهاد وقتل الشعب وسرقة الأرض وزرعها بالمستوطنات ومحاولة تغييب الهوية وملء السجون بالمعتقلين، في محاولة لكسر إرادة الشعب وثنيه عن المطالبة بحقوقه. لم يجد أصحاب المشروع التوسعي من بناء جدار يتقوقعون به حول أنفسهم في دولة انعزالية مزعومة بالرغم من تفوقهم التقني في كل شيء.
أيها المؤتمرون؛
أختم بالقول بأنّ مؤتمر فيينا لفلسطيني أوروبا يمثل ارتقاء في الأداء والعطاء من قبل الجماهير الفلسطينية في أوروبا لمستوى صناعة الحدث ودخول التاريخ وعدم الركون إلى مجرى الأحداث التي من شأن بعضها تضيع الحقوق. وفلسطينيو أوروبا بذلك يكونون جنبا إلى جنب مع أخوانهم وأخواتهم في الضفة وغزة ولفلسطيني 48 الذين يعانون من اضطهاد المحتل الغاصب.
ولعل هذا يعطي إشارة واضحة للإسرائيليين المحتلين بأنّ الحقوق سوف ترجع إلى أصحابها طال الزمن أو قصر. وأنّ الأيام دول، وأنّ الشعب الفلسطيني قد قلب سحركم عليكم، وأطفال فلسطين في كل أنحاء العالم قد نشؤوا وترعرعوا على حبها والتوق للرجوع. وإنّ غدا لناظره لقريب.
وأخيراً، فإننا في مركز العودة الفلسطيني نعد أبناء شعبنا في أوروبا وكل العالم أن لا ندخر جهداً بإذن الله في الدفاع عن الحقوق وعلى رأسها حق العودة حسب إمكانات كمنظمة غير حكومية. ونمدّ أيدنا لكل من أراد التنسيق والتعاون على قاعدة عدم التنازل عن الحقوق الفلسطينية الثابتة وعلى رأسها حق عودة الشعب الفلسطيني إلى قراه ومدن التي هجر منها.