بعد مناظرةٍ استمرت لمدة 90 دقيقة بين مرشحي الرئاسة الأمريكية، شملت مواضيع متعددة أبرزها جائحة كورونا، والأسر الأمريكية، والعنصرية، والتغير المناخي، والأمن الوطني، والقيادة. تنشر شبكة «سي إن إن» تحليلًا للمحرر والكاتب كريس سيليزا يعطي فيه تلخيصًا لقائمة الفائزين والخاسرين في هذه المناظرة، ويفنّد فيه بنود النقاش ونتائجه المحتملة.
الفائزون
جو بايدن
لا يعتبر الكاتب أن نائب الرئيس السابق كان مثاليًا، ولكنه فعل كل ما يحتاجه الأمر، لا سيما مع وضع تصدّره في السباق بعين الاعتبار. يضيف الكاتب أن بايدن تمكن من صياغة الجمل، والإتيان بأفضل الردود، ومن ذلك يضرب مثلًا قول ترامب عن فيروس كورونا بأننا «نتعلم العيش معه» والذي ردّ عليه بايدن بالقول «نحن نموت به».
وبعد حوارٍ طويل متبادل بشأن عائلاتِهما ومزاعم الفساد التي تطالهم، التفت بايدن إلى الكاميرا قائلًا: «لا يتعلق الأمر بعائلته أو عائلتي، الأمر متعلق بعائلتك!». ومع التقدم في النقاش نحو مسألة العنصرية، ندّد بايدن بأعمال ترامب بهذا الصدد معتبرًا أنه يصبّ الوقود على كل خلاف عنصريّ وواصفًا إياه بالقول: «هذا الرجل لديه صافرة كلب بحجم بوق الضباب» (صافرة الكلب تعبير سياسي يعني استخدام الساسة تكتيك إدخال الرسائل الضمنية في خطاباتهم لتمريرها للجماهير، ويعني بايدن بذلك شدّة عنصرية ترامب). يُحتمل أن يعاد عرض هذه العبارات مرارًا وتكرارًا في تغطيات ما بعد المناظرة، وهو أمر يصبّ في صالح بايدن.
لكن يوضح الكاتب أن الأمور لم تجرِ كلها كذلك، فبعض إجابات بايدن كانت ضعيفة مثل ردوده على هجمات ترامب بشأن عدم قيامه بجهودٍ أفضل في مسائل الهجرة والعلاقات بين الأعراق خلال سنواته الثمانية في العمل في منصب نائب الرئيس (إذ ألقى بايدن باللوم على الكونجرس الذي يسيطر عليه الجمهوريون). وبالأخص في نهاية النقاش، بدا أن بايدن يفقد ترابط أفكاره لحدٍ ما ويخطئ في الكلام على حدّ تعبير الكاتب. ليس الأداء الجيد في المناظرات سمة بايدن، لكنه أدّى ما فيه الكفاية – وربما أكثر من هذا الوصف حتى – في المناظرة الأخيرة لإبقاء السباق يجري على الوتيرة الصحيحة له. إذ أن بايدن مرشح واضح للفوز في 3 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
ندّد بايدن بعنصرية ترامب معتبرًا بأنه يصبّ الوقود على كل خلاف عنصريّ، وسخر من قول ترامب عن فيروس كورونا بأننا «نتعلم العيش معه» ليردّ عليه بـ«نحن نموت به».
كريستين والكر
يؤكد الكاتب بأن مراسلة شبكة «إن بي سي» للبيت الأبيض قدمّت أفضل أداء ممكن في إدارة المناظرات لهذا الموسم (بما في ذلك المناظرة الرئاسية ومناظرة نائب الرئيس). رفضت والكر التعرض لأيّ مضايقات من ترامب، ولم تسمح لأيّ من المرشحين بالتحدث لوقتٍ أطول من مددهما المقررة.
تمسكت والكر بالأسئلة التي أرادت طرحها – يشمل ذلك الأسئلة الصعبة على ترامب مثل مسألة الضرائب، وكذلك لبايدن مثل مشاركته في قانون الجرائم لعام 1994 – تميزت هذه المناظرة بخاصية كتم صوت المرشحين خلال أجزاء معينة من النقاش، وهو ما ساعد والكر على إتمام مهمتها، وساهم في تخوّف المرشحين من مقاطعة الآخر لئلّا يُكتم صوتهما.
يعتبر الكاتب أن ترامب كان أقل عدوانية وتهجمًا في هذه المناظرة مما كان عليه في المناظرة الأولى الشهر الماضي، ولكن ساهم في ذلك خبرة والكر بالتعامل مع المناظرة. لم تلفت والكر الانتباه لنفسها، ولم تجعل نفسها موضع نقاشٍ في المناظرة. بالمختصر استطاعت والكر تقديم مناظرة مهتمة فعليًا بالقضايا المهمة بين المرشحين الرئاسيين.
زرّ كتم الصوت
لم يُستخدم زر الكتم بالقدر الذي كان يأمله أنصار أيّ من الجانبين، ولكن لا شك أن الخوف من الإحراج الذي قد يتأتّى من إيقاف تشغيل الميكرفون فجأة لأحد المرّشحين أدّى دورًا رادعًا بما فيه الكفاية لكلّ من ترامب وبايدين. يقترح الكاتب أن تغدو هذه خاصية دائمة في المناظرات والمناقشات المستقبلية من هذا النوع.
ألكساندريا أوكاسيو-كورتيز
لم يذكر ترامب ألكساندريا أوكاسيو-كورتيز – أصغر نائبة في الكونغرس الأمريكي – في عدة مناسبات فحسب، بل وصفها أيضًا بأنها تمتلك «مجموعة جيدة من الأشياء»، وهو ما يسخر الكاتب منه مؤكدًا أنه لا يعرف نهائيًا ما المعنى المقصود من هذه الجملة.
أبراهام لنكولن
يصف الكاتب أبراهام لنكولن بالمحرّر العظيم الذي فعل أقصى ما يمكن من أجل الأمريكيين السود، على الأقل وفقًا لكلام دونالد ترامب الذي اعتبر نفسه الثاني على القائمة فورًا بعد لنكولن.
الخاسرون
دونالد ترامب
يؤكد الكاتب أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أدى أداءً أفضل بكثير في هذه المناظرة مما فعله في المناظرة الأولى أواخر شهر سبتمبر ربما أقنع أحد مساعدي ترامب في حملته الانتخابية أن مقاطعاته المستمرة في النقاش السابق أمر كارثيّ له من الجانب السياسي أو أنه بحاجةٍ إلى تحسين سلوكياته، أيًّا ما كان السبب فقد ظهر ذلك بالفعل.
أشاد ترامب على كيفية إدارة كريستين والكر للمناظرة، وفي معظم الساعة الأولى أظهر ترامب مستوى من الانضباط في رسائله نادرًا ما أظهره سابقًا في كل فترة رئاسته. يضيف الكاتب أن هجمات ترامب المتركزة على فترة بايدن الطويلة في السلك السياسي كانت مؤثرة، وتذكيره المتكرر باستلام بايدن منصب نائب الرئاسي لمدة ثماني سنوات ومسائلته عن إنجازاته فيها؛ إذ كرر ترامب القول بأن بايدن لم يفعل الكثير أثناء فترة توليه.
لكن مع ذلك يضع الكاتب في فقرة الخاسرين لثلاثة أسباب. أولًا: ترامب كان متأخرًا في السباق الرئاسي بالفعل وقد كان بحاجةٍ ماسة لهذه المناظرة لتغيير ذلك، وهو لم يفعل ما فيه الكفاية لتحقيق هذا وفقًا للكاتب. ثانيًا: لم يتمكن ترامب من الحفاظ على النغمة شبه الرئاسية تلك لكافة فترة المناظرة، إذ بات يتحدث في النهاية عن كونه «الشخص الأقل عنصرية» في المبنى، مصرًا على أنه يعرف عن الرياح أكثر من بايدن. ثالثًا: العدد الكبير للأشياء الخاطئة التي قالها خلال المناظرة.
الحقيقة
أظهر ترامب ازدراءً ملحوظًا للحقائق ومبدأ تحرّيها على طوال خط المناظرة، ويذكر الكاتب على ذلك مثالًا إجابته الأولى للنقاش حين قال أن أكثر من مليوني أمريكي كانوا عرضة للموت في حال لم يتخذ إجراءً سريعًا بشأن فيروس كورونا – وهو الرقم الذي وضع حصيلةً للوفيات المقدرة في حال لم يُتخذ إي إجراء تخفيفي على الإطلاق – وكذلك إجابته الأخيرة التي زعم فيها أن نظام 401k الأمريكي التقاعدي سينهار في حال فاز بايدن بالرئاسة.
وينقل الكاتب عن مدقق الحقائق في شبكة سي إن إن دانييل ديل قوله بأنه من منظور الكذب «كان ترامب أسوأ الليلة؛ مما كان عليه في المناظرة الأولى»، مضيفًا: لنكن واضحين، استعداد ترامب للمبالغة والتضليل والكذب الصريح لن تغيّر آراء الكثيرين بشأنه، سواء كان ذلك أمرًا سيئًا أم جيدًا، لكن ما تزال الحقائق مهمة وقد عانت الحقائق من ليلة قاسية مع هذه المناظرة.
التغير المناخي
اسأل أيّ عالمٍ عن القضية الأكثر إلحاحًا في عصرنا وسيخبرك أنها ارتفاع درجة حرارة الأرض دون شك. بوضع ذلك في عين الاعتبار لم يكن على تغير المناخ أن يوضع في نهاية قائمة مواضيع المناظرة، إذ تم حصره في الثماني دقائق الأخيرة، فيما كانت والكر تحاول إنهاء كل المواضيع وحصرها لتنتهي المناظرة في 90 دقيقة كما هو مقرر لها. يعتبر الكاتب أن الإجابات التي قدمها المرّشحان – وبالأخص ترامب – كانت مُحرجة، إذ أجاب ترامب مثلًا عند سؤاله عن مسألة احترار المناخ بقوله: «لدينا العديد من البرامج المختلفة»، ومضيفًا: «أنا أحب البيئة».
الليبراليون
يضع الكاتب الليبراليين في قائمة الخاسرين؛ لأن اليسار أصيب بخيبة الأمل، والإحباط من إصرار بايدن على عدم التحرك بشأن حظر عمليات التصديع المائي، أو الهيدروليكيّ، وكذلك بسبب رده على هجمات ترامب بخصوص التزامه بالسياسات المفروضة عليه من الليبراليين في حزبه؛ إذ كان جواب بايدن على ذلك: «أنا جو بايدن. يمكنني التغلب عليهم جميعًا».
محاولات ترامب لتقمص شخصية بايدن
خلال 90 دقيقة من المناظرة، حاول ترامب في مناسبتين مختلفتين تقليد المرشح الرئيس المنافس له وهو ما باء بالفشل، إذ كان ترامب يحاول في المرتين الادعاء بأن بايدن قال إنه سيحظر التصديع الهيدروليكيّ. على أيّة حال يختتم الكاتب بالنصح برؤية الممثل وودي هارلسون، وهو يقلّد بايدن؛ إذ إنه أفضل بـ«ألف مرة» من منافسيه في هذا المجال.