باتت العائلات اليابانية تتفادى عناء وتكلفة دفن جثامين أحبّائهم في المقابر الأرضية، واستعاضت عن ذلك بإرسال الرفات إلى الغلاف الجوي مباشرة، في “مراسم دفن فضائية”، يستعينون خلالها ببالونات ذات ألوان زاهية.
وفق تقرير لصحيفة The Times البريطانة، الثلاثاء 15 سبتمبر/أيلول 2020، فقد ابتكرت شركة في شمال مدينة طوكيو اليابانية طريقة لإدخال رفات ورماد الجثامين، بعد حرقها في بالونات مطاطية تُعبّأ بغاز الهيليوم، حتى يبلغ قطرها 8 أقدام (243.84 سم)، ثم تُطلق إلى السماء، وفق ما قاله تقرير لصحيفة The Times البريطانية، الإثنين 14 سبتمبر/أيلول 2020.
بعد ثلاث ساعات، يصل البالون إلى الحواف الخارجية من طبقة الستراتوسفير (ثاني طبقات الغلاف الجوّي)، على ارتفاع يتراوح بين 40 كيلومتراً و50 كيلومتراً فوق مستوى سطح البحر، وهناك يتسبب ضغط الجوّ المنخفض في تضخّم حجم البالون وانفجاره، ما ينثر الرماد والرفات في السماء، حسبما قالت الشركة. أمّا عن بقايا البالون، والمعدّة من مطاط قابل للتحلل البيولوجي، فتسقط على الأرض وتتحلل.
وقد أقامت الشركة التي ابتكرت تلك الفكرة، وتعرف باسم “بالون كابو- Balloon Kobo”، نحو 300 من مراسم الدفن الفضائية هذه، واستقبلت 100 حجز آخر. وتبلغ تكلفة تلك المراسم 240,000 ين ياباني (حوالي 2270 دولاراً أمريكياً) في حالات رماد أجسام البشر، أمّا عن نثر رماد جثامين الحيوانات الأليفة في السماء، فيكلف 180,000 (حوالي 1700 دولار أمريكي).
من الممكن إرسال رماد شخصٍ آخر إلى السماء في نفس البالون بتكلفة مُخفَّضة تبلغ 120,000 ين ياباني (حوالي 1135 دولاراً أمريكياً). وتتكلّف نفقات تحويل رماد الجثامين حتّى يتسنّى إدخاله في البالون 30,000 ين ياباني إضافية (حوالي 280 دولاراً أمريكياً).
فيما تنخفض تكلفة هذه الممارسة كثيراً عن الممارسات التقليدية المتمثلة في دفن الرماد داخل سرداب في قبر العائلة. إذ تبلغ تكلفة الجنازة في اليابان ما يتراوح بين 12,900 دولار أمريكي و19,300 دولار أمريكي، متضمّناً الطعام والمشروبات للحضور، والأجور التي يتقاضاها الكهنة.
وقد تُكلف المدافن العائلية نفس المبلغ أيضاً، متضمّنة شواهد القبور، بخلاف “التبرعات” السنوية التي تقدّر بآلاف الدولارات للمعابد البوذية التي تقيم مراسم حرق الجثث. كما يُتوقّع من العائلات تنظيف مقابر أحبائهم بانتظام ووضع الأزهار على مدافنهم، وهو ما يمثّل عبئاً على من ينتقلون للعيش بعيداً عن مثوى أسلافهم.
في السياق نفسه، أفادت شركة Balloon Kobo، أن بعض العائلات قد أغلقت مدافن عائلاتها وأرسلت رماد أجيال عديدة إلى السماوات.
يوشيهيرو أونوديرا، رئيس الشركة في حديث أجراه مع صحيفة Asahi اليابانية، قال: “إننا نستقبل عدداً متزايداً من الطلبات يتقدّم بها أولئك المتحيرون بشأن مكان الاحتفاظ برماد أحبائهم، إذ لا يمتلكون أماكن للدفن، ولم نستطع سوى تنظيم عدد محدود من هذا النوع من الجنازات، ولكننا نطرح خدماتنا كطريقة جديدة لنثر رماد الموتى”.
يذكر أن من الممكن إقامة تلك المراسم الجنائزية الفضائية في أماكن مفتوحة، لا يقل اتساعها عن 30 قدم مربّعة (2.7 متر مربع)، ما لم يكن هناك ما يعيقها من مبانٍ شاهقة أو كابلات كهربية علوية أو مطارات.