الإثنين , 25 نوفمبر 2024

هيروشيما بيروت من الفاعل – حزب الله أم إسرائيل أم إهمال حكومي كارثي؟

“انفجار مرفأ بيروت هذا لم نر مثله من قبل” عندما يصدر هذا الكلام من سكان بلد شهد حرباً أهلية دامت 15 عاماً وعانى من الحروب الخارجية والاغتيالات بشكل مستمر، فإننا أمام حدث شديد الخطورة وتداعياته قد تكون مدمرة.

فمشهد السحابة المتطايرة التي تنقشع على طريقة سحابة القنبلة الذرية لم يثر الرعب فقط، ولكنه يزيد الانفجار المروع غموضاً على الغموض الذي أثارته التصريحات الأولية عن الانفجار.

ورغم أنه من الصعب ومن المبكر معرفة سبب انفجار مرفأ بيروت، ومن وراءه إلا أن ما تسرب من معلومات وتصريحات وما يعرف من ملابسات عن وضع لبنان الدقيق يجعل هناك عدة سيناريوهات محتملة للانفجار.

مفرقعات الاحتفال وراء انفجار مرفأ بيروت

السيناريو الأول طرحه وزير الصحة اللبناني الذي قال إن الانفجار سبب مفرقعات، واللبنانيون مشهور عنهم استخدام المفرقعات بلا قيود في أبسط الاحتفالات من الاحتفال بالثانوية العامة إلى حفلات الزفاف.

ولكن بالإضافة إلى عدم معقولية أن تسبب الألعاب النارية مثل هذه الانفجارات، فإن اللواء عباس إبراهيم مدير الأمن العام اللبناني نفى هذا الاحتمال، مقدماً تفسيراً آخر لا يقل غرابة.

مواد متفجرة مخزنة في الميناء.. تفسير مسؤول مقرب من حزب الله

ولأن اللواء عباس إبراهيم ليس مجرد مسؤول أمني كبير، بل هو أهم شخصية شيعية تتقلد منصباً أمنياً، فإن تفسيره للانفجارات يجب التوقف عنده.

فالرجل الذي يمكن اعتباره الشخصية الشيعية الثالثة في البلاد بعد الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله ورئيس مجلس النواب نبيه بري، قال إن الانفجار حدث باسم مواد متفجرة مخزنة في مرفاً بيروت منذ سنوات بعد أن صودرت.

وهو تفسير سرعان ما استجلب الانتقادات حول كيف تخزن مثل هذه المواد الخطيرة في مرفأ بيروت الملاصق لمناطق سكنية، ودون إجراءات احترازية.

ويقال إن اللون البرتقالي للانفجار هو لوجود “ثاني أكسيد النيتروجين” الذي ينتج عن الانفجارات الكيميائية، وحسب شهادة صوتية فالانفجار وقع في عنبر 12 في ميناء بيروت، حيث كانت تقبع شحنة ضخمة من نترات الأمونيوم في ناقلة قديمة منذ 2008!

هل حزب الله له علاقة بالانفجار؟

ولأن تفسير عباس إبراهيم جاء سريعاً حتى لو بدا للبعض غير منطقي، فهو يشي بشيئين.

الأول أنه لديه معلومة، والثاني أنه قد يعمد إلى التغطية على حركة أمل أو حزب الله وفي الأغلب الثاني.

فتدخل عباس إبراهيم السريع لتفسير الأمر بدلاً من ترك الناس غارقة في حيرتها كمدير أمن الصليب الأحمر اللبناني الذي قال إن ما يحدث غير طبيعي، يشير إلى أن الرجل يسعى لتغطية حزب الله.

واللافت أن تفسير عباس إبراهيم لم يخرج مسؤول حكومي آخر بنفس السرعة لتأكيده، إذ تأخر تصريح وزير الداخلية الذي يؤيد تفسير عباس إيراهيم

وإذا استبعدنا تفسير مدير الأمن العام اللبناني، فيبقى تفسيران.

الأول أن الانفجارات من تدبير حزب الله كرسالة استباقية لتيار المستقبل قبل الإعلان عن قرار المحكمة الدولية التي تحاكم أعضاء في الحزب غيابياً بتهمة اغتيال رئيس وزراء لبنان الراحل رفيق الحريري.

ومما يعزز هذه الفرضية، الأنباء التي أذيعت عقب الانفجار مباشرة بأنه طال بيت سعد الحريري، حتى إن الزعيم الدرزي وليد جنبلاط قام بزيارته للاطمئنان عليه، في زيارة تضامن لافتة تعيد للأذهان تحالف جنبلاط مع آل الحريري سواء في عهد الأب أمام الوجود السوري في البلاد أو في عهد سعد الحريري أثناء أحداث 7 مايو/أيار 2008، التي افتعلها حزب الله.

فقد يكون الحزب كعادة حليفه الأسد يريد أن يرسل رسائل قوية معمدة بالدم والغموض، لتخويف التيار وأنصاره من أي تحركات في حال إدانة المحكمة الدولية الخاصة بلبنان لحزب الله.

ولكن مما يقلل من هذا الاحتمال أن الحزب عادة رسائله الداخلية تكون أقل عنفاً، وهذه الرسالة شديدة العنف بطابع شبه نووي غير معتاد حتى في بلد تاريخه متخم بالعنف كلبنان، حتى إن الكثيرين علقوا أن الانفجار أعنف من التفجير الذي استهدف موكب رفيق الحريري.

كما يقلل منه أنه إذا كان رسالة غامضة من حزب الله فلم يكن هناك داع لأن يورط مدير الأمن العام نفسه في محاولة تفسير تلفت الأنظار أكثر لحزب الله.

والأهم أن سعد الحريري نفسه، لا يركز كثيراً على دور حزب الله في اغتيال والده رغم ان المحكمة الدولية اتهمت الحزب، بل على العكس فإن الحريري دوماً يركز على دور النظام السوري، والحزب والحريري لم يقطعا شعرة معاوية أبداً بل على العكس، ففي الأغلب الحزب يريد أن يعود الحريري للحكومة لمحاولة انتشال البلاد من أزمتها الكبرى.

ويبقى احتمال أن الانفجار مرتبط بحزب الله، وهو احتمال له سيناريوهان.

الأول أن التفجير حدث بشكل خاطئ لمواد متفجرة كان الحزب يستوردها أو يخزنها في المرفاً ( واحتمال الاستيراد أعلى من التخزين).

ولكن مما يقلل من هذا الاحتمال بشقيه أن الحزب لديه مرافئ في الجنوب حيث معاقله، كما أنه يعتقد أن الحزب عامة يفضل استيراد احتياجاته العسكرية وشبه العسكرية إما عبر المطار أو براً عبر سوريا، خاصة في ظل احتمالات مصادرتها أو اعتراضها من قبل الأمريكيين أو الإسرائيليين أو أي قوى غربية إذا نقلت عبر البحر المتوسط.

هل تقف إسرائيل وراء الانفجار؟

ويبقى الاحتمال الأخير وهو أن الانفجار من تدبير إسرائيل سواء باستهدافها أهدافاً قابلة للتفجير تابعة لحزب الله أو غيره أو أن الانفجار برمته من تدبيرها.

​وكان الجيش الإسرائيلي أعلن مساء أمس الإثنين، شن مقاتلات إسرائيلية هجوماً على أهداف عسكرية في سوريا، منوهاً بأن الضربات جاءت “رداً على محاولة من عناصر معادية لزرع قنبلة على السياج الحدودي”.

وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي ​بنيامين نتانياهو​، أن “​الجيش الإسرائيلي​ ضرب الخلية التي حاولت تنفيذ هجوم عند حدود ​الجولان​، كما أنه قتل من أرسلها”.

وقال نتنياهو “ضربنا الخلية ومن أرسلها”، مؤكداً أن “إسرائيل ستفعل كل شيء لحماية نفسها”. واعتبر أن “ما جرى رسالة إلى “​حزب الله​” اللبناني، عليهم أن يأخذوا هذا بالاعتبار”.

تشير تقديرات متعددة أن الحزب عكس أسلوبه السابق بات يعمد إلى تنفيذ عمليات دون الإعلان عنها، خاصة في ضوء الرواية الإسرائيلية بتسلل عناصر للحزب إلى شمال إسرائيل مؤخراً، وهي الرواية التي نفاها الحزب.

ومما يعزز هذا الاحتمال الرسائل المعمدة بالدم والغموض التي تتبادلها إسرائيل مع حزب الله مؤخراً، والتي تشي بتصعيد ملتبس بالغموض من قبل الطرفين، ومحاولة خلق قواعد اشتباك جديد يقول فيها حزب الله إنه سيرد على اعتداء على قواته في سوريا من أي مكان حتى لو من لبنان، وترد إسرائيل بأنها سترد على أي عمل لحزب سواء معلن أو ملتبس وفي أي مكان سواء في الجبهة السورية أو الحدود اللبنانية الإسرائيلية أو حتى في قلب بيروت النابض.

وقد يكون اختيار إسرائيل للمكان (قبيل صدور الحكم في قضية اغتيال رفيق الحريري) والمكان قلب بيروت وبالقرب من مقر رفيق الحريري) يسعى إلى إدخال لبنان في أزمة داخلية وإشعال فتنة بين السنة والشيعة في لبنان، في توقيت شديد الحساسية.

فهل نعرف قريباً السبب الحقيقي لانفجار مرفأ بيروت أو انفجار لبنان الكبير أم ينضم هذا الانفجار لقائمة طويلة من الانفجارات والاغتيالات التي وقعت في هذا البلد العربي الصغير دون أن تجد لها الحقيقة طريقاً.

شاهد أيضاً

انتخابات ولاية إشتاير مارك.. اليمين المتطرف يحقق فوزا تاريخيا بنسبة 35.4%

تشير التقديرات الأولية إلى فوز حزب الحرية النمساوي اليميني المتطرف والذي أسسه نازيون سابقون بالانتخابات …