“أنا مش كافر”، كانت هذه آخر جملة كتبها مواطن لبناني يدعى محمد الهق، قبل أن ينتحر، الخميس 2 يوليو/تموز 2020، عندما أطلق النار على نفسه في شارع الحمراء وسط العاصمة اللبنانية بيروت، في وضح النهار، وسط حالة من الذهول بين المارة.
حسب ما ذكرته وسائل إعلام محلية وردود فعل اللبنانيين بمواقع التواصل الاجتماعي، فإن الوضعية الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد، دفعت المواطن الخمسيني إلى الإقدام على الانتحار؛ بعد أن عجز عن توفير قوت يومه.
واقعة الانتحار: قالت شاهدة عيان لصحيفة “النهار” اللبنانية، الجمعة 3 يوليو/تموز 2020: “الوضع كان طبيعيّاً قبل أن نسمع صوت إطلاق نار ويسقط الرجل أرضاً، من دون معرفة الأسباب”.
قد وُجدت بالقرب من جثته ورقة، كتب عليها “أنا مش كافر”، مرفقة بسجلِّ عدله النظيف. وقد حضرت القوى الأمنية إلى مكان الحادث. والهق، هو ابن بلدة الهرمل محلّة الكواخ، ومن سكان المريجة في الضاحية الجنوبية.
عمِل في الخليج وديون متراكمة: وفق رواية أقاربه، فإنه “غادر لبنان منذ سنوات إلى الخليج؛ سعياً لتأمين لقمة عيش حيث عمِل في مطاعم عدّة، ليعود بعدها إلى لبنان ويفتتح مطعماً في المريجة، إلا أن الظروف المالية والاقتصادية الصعبة خلال الأشهر الأخيرة، أدت إلى تراجع العمل في المحل وتعذُّر تأمين بدل الإيجار الشهري؛ وهو ما أدى إلى تعرّضه لضغوط من صاحب الملك، في وقت لم يعد يملك قوت يومه”.
من جهته، علّق مختار العائلة عدنان الهق على الحادثة الموجِعة، بالقول: “المشكلة اليوم أننا بدأنا بابننا ولا نعلم إلى أين نحن ذاهبون. المسؤولون صمّوا آذانهم ووصل الحال إلى ما هو عليه. الشعب بدأ بالانتحار فما حاجاتنا لمثل هؤلاء المسؤولين ودولة؟ ما جرى مع ابننا ودفعه إلى الانتحار هو الجوع والذل الذي نعانيه جميعنا، والجوع كافر. ابننا انتحر تاركاً خلفه أطفالاً، فقد أصبح معاش المواطن الفقير بضعة دولارات، ونأمل أن يعي المسؤولون خطورة ما وصلت إليه الحال”.
يروي الأهالي أن آخر ما قاله لشقيقه: “واصِل مشوار يا خيّ… وصّيني”.
ليست الحالة الوحيدة: لم تكن هذه حادثةَ الانتحار الوحيدة التي يشهدها لبنان، فقد عثرت الشرطة على جثمان المواطن اللبناني سامر حبلي، مشنوقاً بمنزله في منطقة وادي الزينة بالقرب من مدينة صيدا جنوب لبنان.
وعُلِم أن المتوفى كان يعاني من ضائقة مالية في الفترة الأخيرة، وهو متزوج ولديه ابنة وكان يعمل سائق حافلة عمومياً.
غضب على مواقع التواصل الاجتماعي: تحولت الجملة التي كتبها المواطن اللبناني إلى وسم على تويتر، #أنا_مش_كافر ، وبات ضمن الوسوم الأعلى تداولاً داخل لبنان على تويتر، حيث عبّر المغردون عن استيائهم من الأوضاع المعيشية التي أدت إلى انتحار الهق وآخرين.
حيث أجمعت أغلب التغريدات على انتقاد الحكومة اللبنانية واتهامها بالعجز عن إيجاد حلول عاجلة لمشاكل اللبنانيين، وزادت من تعميق أزمتهم، في ظل الانقسامات السياسية بين مختلف الفصائل اللبنانية.