نشر موقع «فوكس» الأمريكي حوارًا أجراه عزرا كلاين مع إزيكيل إيمانويل، المختص في الأخلاقيات الحيوية وأخصائي الأورام، حول أفضل نظام صحي في العالم وجودة الرعاية الصحية التي تقدمها مختلف الدول حول العالم في سياق تصديها لجائحة فيروس كورونا المستجد.
يقول عزرا في بداية الحوار: بدأت كمدون في مجال السياسات الصحية، وأذكر أن أول سلسلة كتابات اهتم بها الناس كانت تحمل عنوان: «صحة الأمم» كتبت فيها بعض ما وجدت في الكتب التي حصلت عليها من مكتبة الجامعة، وحمّلت بعض التقارير الدولية حول الأمر من على شبكة الإنترنت، وكتبت لمحة عن الأنظمة الصحية الرائدة في العالم. كانت مادة خام، ولكني تعلمت منها الكثير، وعرفت أن الطريق الذي نسلكه في الرعاية الصحية ليس أفضل طريق، ولا يأتي حتى في المرتبة الثانية ولا الثالثة.
يعرّف عزرا بضيفه إزيكيل إيمانويل، عالم الأخلاقيات البيولوجية وطبيب الأورام والمدير المشارك في المعهد الصحي في جامعة بنسلفانيا، وأحد أكبر مستشاري الرعاية الصحية في إدارة أوباما. يصنع شيكولاته احترافية خاصة به، ومؤلف كتاب «ما هي الدولة التي لديها أفضل نظام صحي في العالم؟» الذي يذكر فيه تفاصيل كثيرة حول الأنظمة الصحية الأخرى ومقارنتها بنظامنا الصحي.
هذا الحوار الذي يستضيفه برنامج «عزرا كلاين شو» يدور حول أفضل نظام صحي في العالم، وأيضًا حول كيفية الاستفادة من الابتكار في مجال الرعاية الصحية، وما إذا كان التأمين يضيف قيمة فعلية، وكيف يمكن تحسين النظام الصحي، بينما يحارب نصف النظام السياسي بشدة ضد تلك التحسينات، وغيرها الكثير.
عمل إيمانويل أيضًا على سياسات فيروس كورونا، لذلك تطرق الحوار إلى هذا الأمر ليجيب عن السؤال الذي يؤرق عزرا: هل نحن ببساطة نستسلم في هذه المعركة؟ وهل هناك أصلًا خيار سياسي بالاستسلام، نظرًا لمقدار الوقت الذي أنفقته الحكومات ومدى استنزاف الشعب؟
أفضل نظام صحي في العالم
بدأ عزرا الحوار متسائلًا عن البلد التي لديها أفضل نظام صحي، فأجابه إزيكيل بالقول: أعلم أنها إجابة مراوغة، ولكن بالفعل هذا يعتمد على معاييرك وما يهمك حقًا، فإذا كنت مهتمًا بالسياسات الصحية، فأكثر ما يهمك هو: هل تحصل على تغطية تأمين شاملة وكم تكلفتها؟ وهل لديك آلية لضبط إجمالي النفقات في الدولة؟ وفقًا لهذه المعايير، يعترف الضيف بأن الولايات المتحدة لا تبلي بلاء حسنًا، بينما تفعل دول أخرى ذلك.
ما يهم الكثير من الناس هو ما إذا كان لديهم خيارات غير محدودة من الأطباء والمستشفيات. وبناء على هذه المعايير، تتصدر دول مثل: ألمانيا، أو سويسرا، أو فرنسا القائمة. وهناك أشخاص آخرون لا يريدون تحمل تكاليف مشتركة أو نفقات لا يغطيها التأمين، وهنا تقوم بريطانيا وكندا وأستراليا – على الأقل بالنسبة للمستشفيات العامة – بعمل جيد. وبعض الناس يريدون أدوية بأسعار مخفضة، وهنا تبرز النرويج، وتايوان، وأستراليا. وهناك من لا يفضل أوقات الانتظار، وهنا ربما لا تجد كندا، والنرويج، وبريطانيا، ولكن سويسرا، وألمانيا في أعلى القائمة. وبالتالي الإجابة تعتمد حقًا على المعيار، أو مجموعة المعايير، التي تتخذها مقياسًا.
كان عزرا يتوقع إجابة مراوغة كهذه على هذا السؤال بعد قراءته للكتاب، لذلك ضيَّق نطاق السؤال أكثر، وسأل إزيكيل عن النظام الصحي الذي يفضله هو، وفقًا لمعاييره الخاصة. فاختار الضيف: هولندا؛ لأن لديها مزيج جيد جدًا. إذ يمكنك اختيار شركة التأمين، وطبيب الرعاية الأولية الخاص بك، وأطباء الرعاية الأولية هناك هم حقًا بوابات حماية قبل الوصول إلى المستويات الأعلى من الرعاية الصحية، وهم مبتكرون أيضًا. ولكن هناك أكثر من بديل سيكون الضيف سعيدًا جدًا بها أيضًا.
بريطانيا والنرويج الأفضل في تقديم الرعاية الصحية للفقراء
يواصل عزرا الحوار متسائلًا: لو كان إزيكيل فقيرًا، فأي نظام صحي يفضل أن يشترك فيه؟ فيجيبه إزيكيل: بريطانيا أو النرويج × فهذه أنظمة تحظى بدعم جيد جدًا، وهناك أستراليا أيضًا حيث يمكن للفقراء تلقي رعاية جيدة. وأود أن أشير هنا إلى أن سويسرا ليست مكانًا رائعًا، صحيح أن لديها تأمينًا خاصًا وإعانات جيدة، ولكنها ليست عظيمة.
فيسأله عزرا: ماذا بعد مرور 15 سنة من الآن، أي نظام صحي تود أن تكون فيه؟ ليجيب إزيكيل: بأن واحدة من أهم النقاط في هذا الصدد هي الرعاية طويلة المدى، فبعد 15 سنة من الآن سأكون في عمر الـ77 وسأكون قلقًا بشأن الرعاية طويلة المدى. الألمان والهولنديون هم الوحيدون الذين وجدنا أن لديهم تمويلًا مخصصًا للرعاية طويلة المدى، وكلتا الدولتين تركزان على مسألة قضاء فترة الشيخوخة في منزلك أو منزل أحد أقاربك. وعلى عكس كل الدول الأخرى، كفلت هذه الدول الرعاية طويلة المدى لمواطنيها.
يضيف إزيكيل: أعتقد أن معظم الدول الأخرى، سواء الولايات المتحدة أو بريطانيا أو أستراليا وخاصة الصين، تتخبط حقًا في هذا المجال، وعواقب هذا الأمر تشكل عبئًا على كاهل الناس الذين لديهم أقارب في عمر الشيخوخة. فإذا كنت تهتم حقًا بألا يضطر أطفالك لرعايتك عندما تتقدم في العمر، فوجود آلية تمويل مخصصة لهذا الأمر تكتسب أهمية أكبر.
متشائمون ومتفائلون حول النظام الصحي الأمريكي
يعود عزرا ليستأنف أسئلته معترفًا بأن لديه باعثًا خفيًا خلف هذا السؤال، ويقول لإزيكيل: قلت في كتابك «في العقد أو العقدين القادمين، ستصبح الولايات المتحدة مرة أخرى واحدة من أفضل الأنظمة في العالم»، ليعترف بأن هذه الجملة فاجأته جدًا. فلماذا يجب أن أعتقد أنه بعد 15 سنة من الآن لن تكون الولايات المتحدة ثاني أسوأ نظام صحي بعد الصين؟
يجيب إزيكيل: لأنني أعتقد أن لدينا الكثير من الابتكار في نظامنا الصحي، فهناك العديد من الابتكارات التي تركز على الأدوية والأجهزة الطبية أو الإجراءات الجراحية أو اختبارات التصوير الجديدة. وأعتقد أيضًا أن لدينا ابتكارات وتجارب في كيفية دفع تكاليف الرعاية وتقديم الرعاية بشكل مختلف. وأعتقد أيضًا أن لدينا بعض النماذج الناجحة للغاية بشأن تنسيق الرعاية للأمراض المزمنة، كما بدأنا في تحقيق تطورات هامة في مجال الصحة النفسية.
والتحدي الحقيقي للولايات المتحدة اليوم – بحسب الضيف – هو: تعميم وتعديل تلك الأشياء. صحيح أن هناك الكثير من الأمور التي يمكن أن تنسف هذا التقدم، فلدينا الكثير من المصالح التي ستخضع لتحديات من بينها المستشفيات. ويشير إيزيكيل هنا إلى أن الكثير من المستشفيات تشهد انخفاضًا في الإشغال وربما يُغلق بعضها أو يتحول لرعاية المرضى الخارجيين، وأعتقد أننا رأينا الكثير من ذلك يحدث بسبب (كوفيد-19) وأظن أنه سيستمر.
3 استثمارات كفيلة بتغيير النظام الصحي الأمريكي
يأخذ عزرا دفة الحديث من جديد ويسأل: إذا أردنا أن نزيد متوسط العمر المتوقع أو أي مؤشر آخر للازدهار الصحي على مدى العشر سنوات القادمة، فهل يجب أن يدور النقاش اليوم حول التأمين الصحي ونظام الرعاية الصحية أم حول أمر آخر؟
يجيب إزيكيل بأن الرعاية الصحية تضيف من 10 إلى 20% أو 30% في أفضل الأحوال إلى النتائج الصحية وطول العمر، وبالطبع هناك أشياء أخرى تضيف المزيد، مثل: التعليم، والعمل، والإسكان، والتغذية، والتمارين الرياضية، وعدم التدخين، والقيادة الآمنة. وأعلى عائد استثمار يمكن أن تقوم به الولايات المتحدة هو التدخلات في مرحلة الطفولة المبكرة، خاصة في الأطفال الذين يولدون في بيئات فقيرة والذين يمثلون 40 – 50% من مجموع المواليد في أمريكا.
بمجرد ولادتهم في ظروف تجعلهم في حاجة للمعونة الطبية، يجب أن يحصلوا على هذه الميزة لمدة عامين سواء خرجوا من نطاق الحاجة أم لا. وحول ذلك يقول جيم هيكمان من جامعة شيكاغو: «إن عائدات هذه التدخلات في الطفولة المبكرة تتراوح من سبعة إلى 15 دولار لكل طفل»، ويعلق إزيكيل بالقول إن هذا نوع التدخل الذي كان ليفعله.
يختم إزيكيل الحوار قائلًا: أود أيضًا أن أجعل رعاية الأطفال مجانية حقًا، وهذه التجربة أُجريت في مونتريال وهي تمول نفسها بسرعة جدًا، وهذا ثاني استثمار كبير سأفعله. والاستثمار الثالث الذي أود فعله هو جعل مرحلة ما قبل الروضة عامة وإجبارية ومجانية، وكما ترى فجميع استثماراتي في الأطفال.