فى الذكرى الثامنة والعشرين لاغتيال المفكر المصري الدكتور فرج فوده فيديو يعرض لأول مرة.. المناظرة التى أدت لاغتياله

يصادف اليوم 8 يونيو الذكرى الثامنة والعشرين لاغتيال المفكر المصري الدكتور فرج فوده الذي اغتيل مساء نفس اليوم من العام 1992 بسبب أفكاره وآرائه التي دحض فيها أفكار التنظيمات المتطرفة، وكشف سعيهم للوصول إلى السلطة باسم الدين.

وبثت قناة الهيئة العامة للكتاب التابعة لوزارة الثقافة المصرية على قناتها على “يوتيوب” فيديو يعرض لأول مرة للمناظرة الشهيرة التي جرت بين فودة وقيادات الجماعة في معرض الكتاب عام 1992 والتي صدرت بعدها فتوى بقتله وإهدار دمه.

وكان المفكر المصري الراحل توقع كل ما حدث في المنطقة من ثورات الربيع العربي، وصعود الإخوان للحكم، ثم عودة العسكريين للسلطة مرة أخرى في مصر والسودان قبل ربع قرن.

كما تطرق قبل سنوات طويلة إلى ظهور وإنشاء ما يسمى “داعش”، وتوقع كل ما حدث في إيران إثر الثورة.

وألف فودة عدة كتب فند فيها أفكار جماعات الإسلام السياسي وعلى رأسها الإخوان، منها “نكون أو لا نكون”، و”الحقيقة الغائبة”، وقبل السقوط، والنذير، وحوار حول العلمانية.

دافع عن الدولة المدنية

وتعليقا على رؤيوية المفكر الراحل، قال اسحاق حنا، أمين عام الجمعية المصرية للتنوير التي تعيد بث ونشر كتب ومؤلفات فودة لـ”العربية.نت” إن فرج كان سباقا لعصره، ونادى بحرية الحوار، وإعمال العقل، ودافع باستماتة عن الدولة المدنية، وحرية التعبير، ولعل أبرز مقولاته الشهيرة “الحوار يجب أن يكون بالحروف وليس بالكلاشينكوف”.

وعن قصة المناظرة الشهيرة التي أدت لاغتيال فودة، أوضح حنا قائلا “إنه في الأول من يونيو عام 1992 وفي أوج تصاعد حدة الإرهاب في مصر، أعلنت الهيئة العامة للكتّاب برئاسة الدكتور سمير سرحان، عن مناظرة في معرض الكتاب تحت عنوان “مصر بين الدولة الدينية والدولة المدنية”، شارك فيها الشيخ محمد الغزالي، والمستشار محمد مأمون الهضيبي، المتحدث باسم الإخوان حينها، والدكتور محمد عمارة، في مواجهة فرج فودة والدكتور محمد أحمد خلف الله، العضو بحزب التجمع، وسبق تلك المناظرة حملات تجييش وتحشيد من قبل الجماعات الدينية التي كانت تتهم فودة بالكفر والردة والخروج عن عباءة الدين”.

وتابع “في تلك المناظرة التي أقيمت في استاد القاهرة وحضرها ما لا يقل عن 30 ألفا أغلبهم من أنصار الجماعات الدينية والإخوان، فند فودة كل حجج الجماعات الإسلامية، ورغبتهم في إقامة الدولة الدينية، ولم يخش هتافات أنصار الإخوان التي كانت تهاجمه”.

فرج فودة والمكان الذي اغتيل فيه

بداية المناظرة

هذا، وبدأت المناظرة بكلمة للشيخ الغزالي ذكر فيها أهمية الحفاظ على الهوية الإسلامية وتبعه الهضيبي الذي قال إنهم يؤيدون الدولة المدنية لكن لابد أن تحكم بـ”شرع الله” حسب تعبيره.

في حين، رد فودة على كافة أقاويل قادة الإخوان في المناظرة بهدوء وثبات، وقال إن “الشيخ الغزالي ذكر أن الإسلاميين منشغلون بتغيير الحكم أو الوصول إلى الحكم دون أن يعدوا أنفسهم لذلك ودون أن يطرحوا برنامجا سياسيا”.

كما تطرق إلى ما قدمته بعض الجماعات المتطرفة المغطية برداء الدين، من أعمال عنف وسفك للدماء، مستشهدا بتجارب لدول دينية مجاورة على رأسها إيران قائلًا “إذا كانت هذه هي البدايات، فبئس الخواتيم، ثم قال للجميع الفضل للدولة المدنية أنها سمحت لكم أن تناظرونا هنا ثم تخرجون ورؤوسكم فوق أعناقكم لكن بعض الدول الدينية (في إشارة إلى إيران) ، قطعت أعناق من يعارضونها”.

“الحوار بالحروف لا بالكلاشينكوف”

كما أكد فودة خلال المناظرة أنه يقبل أن تهان الشيوعية، ولكنه لا يقبل أن يهان الإسلام، مضيفا أن “التنظيم السري كان وما زال جزءاً من فصائل الإخوان، وقتل رئيس وزراء وقضاة في الأربعينيات كمقدمة لحل إسلامي وفق مزاعم الجماعة”، مؤكدا أن الإسلام سيظل دين السلام، ودين الرحمة، والدين الذي يرفض أن يُقتل مسلم ظلماً وزوراً وبهتاناً لمجرد خلاف.

هذا واختتم فودة كلامه في حينها قائلاً: “القرآن بدأ بـكلمة اقرأ، وسنظل نتحاور لنوقف نزيف الدم ونصل إلى كلمة سواء، وأنا أؤكد لكم أنه ليس خلافاً بين أنصار الإسلام وأعدائه، هو خلاف رؤى، وهذه الرؤى لا تتناقض مع الإسلام، لكن الفريق الذي أنتمي إليه لم ير أبداً أن الإسلام دين العنف، الإسلام هو دين القول بالتي هي أحسن، ولأجل هذا نحن ندين الإرهاب لأنه قول وفعل بالتي هي أسوأ، التاريخ نقل إلينا حوار أبي حنيفة مع ملحد، كان الحوار بالحروف لا بالكلاشينكوف أدعو الله للجميع أن يهتدوا بهدي الإسلام وهو دين الرحمة، وأن يهديهم الله ليضعوا الإسلام في مكانه العزيز بعيداً عن الاختلاف والفُرقة والإرهاب، وعن الدم والمطامح والمطامع”.

وعقب أسبوع من نهاية المناظرة اغتيل المفكر المصري الأمر الذي جعل الدكتور سمير سرحان رئيس الهيئة العامة للكتاب يبكي بحرقة لشعوره بالذنب ولكونه وراء خروج فكرة المناظرة التي أودت بحياة فودة.

فرج فودة وقاتله

دراجة بخارية.. وإطلاق رصاص

فقبل أيام من عيد الأضحى، في 8 يونيو 1992 انتظر شابان من الجماعة الإسلامية، هما أشرف سعيد إبراهيم، وعبدالشافي أحمد رمضان، على دراجة نارية أمام مكتب المفكر المصري بشارع أسماء فهمي في مصر الجديدة، وفور خروجه في تمام الساعة السادسة والنصف مساء بصحبة ابنه أحمد وصديق له يدعى وحيد رأفت، وتوجههم جميعاً ليستقلوا سيارة فودة، انطلق أشرف إبراهيم بالدراجة البخارية، وأطلق عبد الشافي رمضان الرصاص من سلاح آلي كان بحوزته، فأصاب المفكر بإصابات بالغة في الكبد والأمعاء، بينما أصاب صديقه وابنه إصابات طفيفة، وفر المتهمان هاربين.

وفي المستشفى لفظ فرج فودة أنفاسه الأخيرة، بعد دفاعه عن الحرية والرأي والدولة المدنية.

ووفقا لرواية الدكتور مدحت خفاجي الذي كان ضمن الفريق الطبي المعالج له فقد قال فودة قبل وفاته بلحظات “يعلم الله أنني ما فعلت شيئا إلا من أجل وطني”، فيما حاول جراح القلب د.حمدي السيد نقيب الأطباء وقتها إنقاذه لمدة ست ساعات كاملة دون جدوى.

فتوى وراء اغتياله

إلى ذلك، كشفت التحقيقات أن اغتيال فودة كان بناء على فتوى من مفتي تنظيم “الجهاد” والجماعة الإسلامية الدكتور عمر عبد الرحمن، وبتكليف مباشر وصريح من الدكتور صفوت عبد الغني أحد المتهمين في واقعة اغتيال الدكتور رفعت المحجوب، رئيس مجلس الشعب الأسبق، وأحد قادة الجماعة الإسلامية التي شاركت في اغتيال الرئيس المصري الأسبق أنور السادات.

وقال المتهم الأول في القضية عبدالشافي أحمد في اعترافاته إنه قرر تنفيذ فتوى عمر عبد الرحمن بقتل فرج فودة، خاصة أن جبهة علماء الأزهر أباحت دمه أيضا، وأفتت بتكفيره، وصدر تكليف القتل من الدكتور صفوت عبد الغني عبر محامٍ يدعى منصور كان يزوره في السجن باستمرار وينقل التكليفات، مؤكداً أن المحامي أبلغهم برسالة صفوت بالبحث عن شخص مناسب من أعضاء الجماعة لقتل الدكتور فرج فودة.

ترحيب الإخوان بقتل فودة

وفي نفس يوم الحادث نشرت الجماعة الإسلامية بيانا أعلنت فيه مسؤوليتها عن اغتياله، وأنها قتلته تطبيقا لفتوى علماء الأزهر، ثم رحبت جماعة الإخوان في اليوم التالي من خلال متحدثها الرسمي، مأمون الهضيبي، باغتيال فرج فودة.

يذكر أن فرج فودة ولد في 20 أغسطس 1945 ببلدة الزرقا بمحافظة دمياط شمال مصر، وحصل على ماجستير العلوم الزراعية ودكتوراه الفلسفة في الاقتصاد الزراعي من جامعة عين شمس.

شاهد أيضاً

قانون أمريكى محلى يتيح لأمريكا اجتياح هولندا لإنقاذ نتنياهو من الجنائية الدولية

مع إصدار المحكمة الجنائية الدولية، الخميس 21 نوفمبر 2024، مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين …