نشر موقع «سي إن بي سي» تحليلًا أعدته مراسلته لشؤون الشرق الأوسط، ناتاشا توراك، لتقرير بعنوان «تأثير كوفيد-19 على مجتمع الأعمال التجارية في دبي» الصادر عن غرفة دبي للتجارة.
التحليل أبرز نقاطًا مهمة:
- قرابة نصف المطاعم والفنادق التي شملتها دراسة «غرفة دبي» يُتوقع أن تتوقف عن العمل في الشهر المقبل وحده، كما تتوقع ثلاثة أرباع شركات السفر والسياحة إغلاق أبوابها في ذلك الوقت.
- «غرفة دبي للتجارة» أجرت دراسة شملت 1228 مديرًا تنفيذيًّا عبر مجموعة من القطاعات، بين 16 و22 أبريل (نيسان) أثناء فترة الإغلاق الأكثر صرامة التي طبقتها الإمارة.
نحو ثلاثة أرباع مَن شملتهم الدراسة، كانت شركات تجارية صغيرة تضم أقل من 20 موظفًا. ومن بين المستجيبين للدراسة، تحدث أكثر من الثلثين عن خطورة تتراوح بين المعتدلة والمرتفعة للتوقف عن العمل في الأشهر الستة المقبلة؛ إذ أوضح 27% منهم أنهم توقعوا فقدان أعمالهم التجارية في غضون الشهر المقبل، ويتوقع 43% منهم التوقف عن العمل في غضون ستة أشهر.
وقالت ناتاشا إن 70% من الشركات التجارية في دبي تتوقع إغلاق أبوابها في غضون ستة أشهر، في ظل تضرر الطلب بسبب جائحة فيروس كورونا وحالات الإغلاق العالمية، وفقًا لما كشفت عنه دراسة أجرتها غرفة تجارة دبي يوم الخميس الماضي.
دبي، الإمارة الخليجية؛ التي تتمتع بأحد الاقتصادات الأكثر تنوعًا، لا تعتمد على النفط، بل على قطاعات مثل الضيافة، والسياحة، والترفيه، والخدمات اللوجستية، والعقارات، والبيع بالتجزئة. وفنادقها ومطاعمها ذات صيت دولي؛ لكنَّ نحو نصف المطاعم والفنادق التي شملتها دراسة «غرفة دبي» توقعت التوقف عن العمل في الشهر المقبل وحده. وذكرت 74% من شركات السفر والسياحة أنها تتوقع إغلاق أبوابها في ذلك الوقت، كما تتوقع 30% من شركات النقل والتخزين والاتصالات المصير ذاته.
«تدابير إغلاق الإمارة الجزئي والكلي يقود الطلب في الأسواق الرئيسية إلى طريقٍ مسدود.. والتأثير ذو الصدمة المزدوجة يدفع النشاط الاقتصادي إلى مستويات لم يسبق رؤيتها حتى في أثناء الأزمة المالية»، هكذا كتبت غرفة دبي في تقريرها الصادر يوم الخميس، تحت عنوان «تأثير كوفيد-19 على مجتمع الأعمال في دبي».
وأشارت ناتاشا إلى أن المتحدث الرسمي باسم غرفة دبي، خفف من بعض نتائج الدراسة في وقت لاحق يوم الخميس، موضحًا في بيانٍ أن «دبي أجرت دراسة شملت 1228 من أصل 245 ألف شركة في دبي في أبريل (نيسان) عندما كانت تدابير الإغلاق في أشد مراحلها صرامة.. وقد استندت مشاعرهم إلى توقع مد مرحلة الإغلاق الأكثر صرامة».
وأضاف: «نتوقع أن تتحسن ثقة الأعمال التجارية تحسنًا كبيرًا في الأسابيع والأشهر المقبلة، مع عودة الأعمال التجارية إلى عمليتها الطبيعية».
انكماش سكاني
ولكن في ظل حالة الشك الحالية، بحسب التقرير، خفَّضَت الشركات التجارية في الإمارات السبع، كما في أماكن أخرى حول العالم، الرواتب، ووضعت الموظفين في إجازة غير مدفوعة الأجر، وخفضت مستويات التوظيف.
ويوجد في الإمارات أكثر من 26 ألف حالة إصابة مؤكدة بفيروس كورونا، و233 وفاة حتى يوم الخميس. وقد فرضت دبي، مركز البلاد التجاري والسياحي، إغلاقًا صارمًا على مدار الساعة على سكانها البالغ عددهم 3.3 مليون نسمة لنحو ثلاثة أسابيع بدأت من مطلع أبريل.
وتستدرك ناتاشا قائلة: في حين خففت السلطات الإغلاق طوال شهر رمضان، وذلك بالسماح لمراكز التسوق وبعض الشركات التجارية بفتح أبوابها بسعة 30% من طاقتها، فإن عودة الطلب بطيئة وتستمر الشركات في تسريح الموظفين. وغالبية الفنادق خاوية على عروشها، والسياحة غير موجودة؛ إذ لم يكن هناك رحلات قادمة لركاب غير إماراتيين منذ 24 مارس (آذار).
وبصفته بلدًا يعتمد على 80% من المغتربين في كثير من نشاطه الاقتصادي، يشير التقرير إلى أن المخاطر أكبر: فإذا لم يعد المواطنون قادرين على إيجاد فرص عمل، فمن المرجح أن يعودوا إلى بلدانهم الأم، ما يستنزف قاعدة الاستهلاك اللازمة لتمكين أي انتعاش اقتصادي. وقد غادر بالفعل أكثر من 150 ألف مواطن هندي و40 ألف مواطن باكستاني، أو سجلوا لمغادرة الإمارات بحلول مايو (أيار)، وفقًا للبعثتين الدبلوماسيتين لهذين البلدين.
واستشهدت ناتاشا بما غرَّد به ناصر الشيخ، مدير عام الدائرة المالية في حكومة دبي سابقًا، على تويتر «حتى الآن، أعتقد أننا ننظر إلى حد أدنى من انكماش سكاني يبلغ 10% في هذا العام»
وأضافت غرفة دبي في تقريرها: «على الرغم من أن هذه صدمة مؤقتة لمعظم الأسواق – مع بدء الانتعاش تدريجيًّا بمجرد تخفيف القيود– فإن التجارة مع أسواق مجلس التعاون الخليجي تشكل تحديًا من نوع خاص؛ إذ عانت هذه الأسواق من صدمة مزدوجة ناتجة من انخفاض أسعار النفط وتفشي كوفيد-19».
حزم تحفيزية
وألمحت ناتاشا إلى أنه في نهاية مارس، أعلنت حكومة دبي عن حزمة تحفيزية بلغت قيمتها 1.5 مليار درهم (408 مليون دولار) بهدف تعزيز السيولة وتخفيف وقع عمليات الإغلاق التي سببها الفيروس، والتي تضمنت مجموعة كبيرة من استرداد الرسوم وخفضها، وخفض تكاليف المرافق. وأعلنت أبوظبي في الشهر ذاته خطة تحفيزية طارئة بلغت قيمتها 27 مليار دولار لمساعدة شركات القطاع الخاص التجارية وبنوكه.
بنك الإمارات المركزي أيضًا نشر حزمة تبلغ قيمتها 70 مليار دولار لمساعدة البنوك التجارية على تخفيف عبء الديون. لكنَّ العديد من الشركات التجارية لا تزال في حاجة إلى مزيد من الدعم، أو أنها تتردد في تحمل أعباء دين جديد بسبب التوقعات الهشة لآفاق التعافي، حسبما تفيد التقارير.
ويشير تقرير غرفة دبي إلى أنه في مارس، «يبدو أن البنوك زادت إقراض المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي شهدت نموًّا سنويًّا بلغ 5.3%، لتصل إلى ما قيمته 93.4 مليار درهم.. هذا التحسن يعود بصفة أساسية إلى الحزمة التحفيزية التي أعلنتها الحكومة في مارس».
«حكومة دبي تستمر في المراقبة وتقديم الدعم إذا لزم الأمر لمساعدة كافة مجتمع الأعمال التجارية في دبي في هذه الفترة»، هكذا صرح المتحدث الرسمي باسم غرفة دبي في الساعات التي تلت إصدار الدراسة.
اقتصاد بطيء بالفعل حتى قبل كوفيد-19
توضح ناتاشا أن أزمة فيروس كورونا تعقُب عددًا من سنوات انخفاض الإيرادات في بعض أهم قطاعات الإمارة، يأتي في مقدمتها العقارات والضيافة. إذ هبطت أسعار العقارات السكنية بالفعل بنسبة 30% عن مستوى ذروتها الذي بلغته عام 2014، في ظل فرط العرض وضعف الطلب، وانخفض الإيراد لكل غرفة فندقية متاحة إلى أكثر من 25% منذ عام 2015.
وفي العام الماضي، شهد اقتصاد دبي نموًّا بلغ فقط 1.94%، في أبطأ معدل له منذ الأيام الحالكة للانهيار الاقتصادي؛ الذي وقع في عام 2009م؛ تلك الأزمة، التي شهدتها الإمارة منذ عشر سنوات، أشعلت شرارتها أزمة عقارية، أجبرت دبي على طلب حزمة إنقاذ تبلغ قيمتها 20 مليار دولار من جارتها الأكثر ثراء ومحافظة، العاصمة الإماراتية أبوظبي.
اختتمت ناتاشا تقريرها بالقول: «لكن الجائحة العالمية من المرجح أن تتسبب في خسائر فادحة في دبي أكبر بكثير من التراجع الذي شهدته منذ عَقد. كما حذر تقرير الغرفة من أن: «تأثير أزمة كوفيد-19 في الاقتصاد العالمي أثناء عام 2020م يُتوقَع أن يكون أكبر من الأزمة العالمية في عامي 2008م- 2009م».