ظهر فيديو، بائس ونادر، عما أحدثه غاز تسرب فجر الخميس من وحدة كيميائية لمصنع معروف باسم LG Polymers ويقع خارج بلدة في ولاية Andhra Pradesh المطلة بالجنوب الغربي الهندي على خليج البنغال، والتقطه مصور صحافي لمن وجدهم يتساقطون قتلى ومتضررين على الطرقات من استنشاقهم لغاز عدائي النوع سميّ وحارق، يسمونه Styrene المستخدم بإنتاج بلاستيك البوليستايرين والمطاط، لذلك قتل تسربه 11 شخصا، واعتل بتنشقه مئات آخرون.
معظم المستنشقين تم نقلهم سريعا إلى المستشفيات بعد شعورهم السريع بحرقان في أعينهم، كما وبضيق في التنفس مع طفحات بالجلد، منذ اللحظة التي بدأ فيها التسرب من المصنع عند إعادة افتتاحه للمرة الأولى منذ طبقت الهند الإغلاق التام في 24 مارس الماضي، لمواجهة “كورونا” المستجد، وفقا مما نقلته الوكالات عن راجيندرا ريدي، المسؤول بمجلس مكافحة التلوث في الولاية، والذي أخبر أن المحاولات الأولى لاحتواء التسرب “لم تكن ناجحة، لكننا نحاول فهم التأثير الطويل الأمد للغاز على من استنشقوه” كما قال.
والفيديو البالغة مدته 6 دقائق، بثته في موقعها صحيفة The Times of India الإنجليزية اللغة بالهند، كما في قناتها “اليوتيوبية” أمس، وفيه نرى كم كان تأثير التسرب سريعا على من كانوا قرب المصنع المملوكة وحدته قرب بلدة Visakhapatnam لشركة كورية جنوبية، علما أن عدد القتلى كان 8 فقط لحظة التصوير، وهم من نرى جثثهم ملقاة على الطرقات، رجالا ونساء وأطفالا، ومن كافة الأعمار، فيما أكدت صحيفة Hindustan Times الإنجليزية اللغة أيضا، أن المتضررين من الاستنشاق يزيدون عن 1500 شخص، مضيفة أن الرقم نقلته عن مسؤولين بسلطة الولاية.
الحادث دب ذعرا في الهنود، وظهرت آثاره على من لجأوا إلى حسابات لهم في مواقع التواصل، وفيها نشروا صورا وفيديوهات نقلوها عن مواقع الإعلام المحلية، إلا أن الفيديو الذي تعرضه “العربية.نت” أعلاه، لم يتنبه إليه كثيرون، مع أن صحيفة واسعة الانتشار بثته في موقعها، لذلك فهو نادر تقريبا، لأن ما فيه من لقطات عكس الواقع الحزين لما حدث إلى حد كبير.
وقتل التسرب 19 ألفاً آخرين
وما حدث، أعاد ذاكرة الهنود وغيرهم في دول أخرى، إلى كارثة دموية بامتياز، سبق وابتليت بها الهند حين تسرب غاز Methyl isocyanate في دسيمبر 1984 من مصنع لمبيدات الحشرات في مدينة Bhopal بالوسط الهندي، وهو شديد السمية أيضا، فقتل 3787 شخصاً في الأيام الأولى للتسرب، معظمهم ممن كانوا يقيمون في أحياء عشوائية قرب المصنع الذي كانت تقوم بتشغيله شركة Union Carbide الكيميائية الأميركية.
بعدهم توفي أكثر من 19 ألفا آخرين، تأثرا على مراحل بما استنشقوه. أما الذين تضرروا وبقوا أحياء، فيزيدون عن نصف مليون، وهو ما دفع الاستديوهات إلى إنتاج عدد من الأفلام السينمائية عن الكارثة، أشهرها هندي إنجليزي اللغة، أنتجوه في 2014 بعنوان Bhopal: A Prayer for Rain ولعب دور البطولة فيه الممثل الأميركي Martin Sheen مع آخرين من مشاهير الهند. أما من يبحث في “يوتيوب” عن فيديوهات ليرى مشاهد حقيقية عن Bhopal disaster وتوابعها، فقد لا يسره ما يعثر عليه، ويرى فيه ما يشبه الكوابيس.