فيينا – محمد عزام —
كورونا هانم بسلامتها.. تربعت على عرش الحلوى والعسلية.. في مصر المحروسة، على يد صاحبنا اليوناني “خريستو إيفن جيبور”.
في العام 1919، بـ “سلامته” أسس ـ في مدينة الإسماعيلية، شركة للحلويات سماها “رويال لإنتاج الشيكولاتة”.
وأسمى الخواجة المولود حبة عينه.. “كورونا”.. ولم يخطر في بال ذلك ال “خريستو بن جيبور” آنذاك.. أن الهانم “الست كورونا” ستكون بعد قرن من الزمان غولاً “يتمخطر” في حواري وأزقة المعمورة، ويحبس.. بسلامته ناس القمة في قصورهم وناس القاع في غرفهم الستة في ستة..
طيب ما علينا.. الخواجة “خريستو” ربنا “يبشبش” قالب الشيكولاتة التي تحت رأسه “مش” مذنب.. “أمال مين”؟!
تعالوا نشوف معاً الفيلم.. بالألوان.. أحمر وأبيض وكحلي كمان..
ـ كنا ذات مساء.. نعد العدة للاحتفال بـ “الستات” بمناسبة يومهن العالمي، فتفجرت في وجوهنا عبر الراديوهات والتلفازات وعلى حوائط عمنا “فيس أفندي بوك” أن مدينة في الصين اسمها “ووهان” تساقط الناس فيها صرعى بعد أن تسللت إلي “نغاشيشهم” فيروسة بنت جنية أسماها ناس المعامل (كوفيد ـ 19).. وكان ناسنا في قارتنا العجوز ـ أوروبا ـ بين شامت في ذلك البلد البعيد الذي يلهث “ليلهط” كعكتهم.. وتحتل دكاكينه كل ناصية من نواصي مدن القارة العجوز.. وبين مصمصة للشفاه من باب “نتفة” إنسانية.. الشامتون والمصمصون لم يبقوا طويلاً على حالهم، بعد أن قفز الغول إلى شوارعهم وحاراتهم، وقال لهم جميعا.. بيتك بيتك..
ـ ولأننا مغرمون بالتفتيش في متن الحكاية.. تعالوا نسوح في بلاد الشرق والغرب.. وبلاد تركب الأفيال وأخرى لا تعرفها..
ـ السيد ترامب.. “بلاش” نبدأ به.. فحكايته مع الغول.. محتاجة نظر!!
ـ أختنا الست “أنجيلا ميركل”.. خرجت على شعبها مولولة.. أن ما أتي به الغول “هو التحدي الأكبر لنا منذ الحرب العالمية الثانية”.. و”نقح” عليها ماضيها حين كانت بنت “بنوت” في ألمانيا الشرقية.. فدعت إلى “التماسك والانضباط والتعقل والتضامن”.. وهي معانٍ غابت عن رأسها، وهي تفرش البساط الأحمر لبعض من يكبسون على أنفاس شعوبهم.. “يكبسون وماله”.. المهم أن تقتنص للشركات الألمانية عقداً هنا وآخر هناك ترضي به نهم السطوة الراسمالية!
ـ زميلها وجارها في القارة العجوز “إيمانويل ماكرون”، هو الآخر حذر من أن بلاده، فرنسا، تسير نحو وباء “لا يرحم”.. بلاده التي مثلها مثل الجارة ألمانيا تمارس ذات رياضة القنص في أحراش العالم الذي أسموه تلطفاً.. العالم الثالث!
ـ صاحب الوجه الأحمر.. مستر “بوريس جونسون” رئيس الوزراء البريطاني أطل على شعبه عبر التلفاز.. ليطلب منه وهو مرعوب.. أن يتهيأ لانتشار الوباء، وبشر ناس الإمبراطورية، التي أغربت عنها الشمس، أن “الكثير من العائلات، الكثير جدًا من العائلات، ستفقد أحباءها قبل الموعد”!!.
ـ التضامن الأوروبي خرافة.. هكذا صرخ الرئيس الصربي “الكسندر فوتشيتش” والذي قف أمام العدسات وهو يسعل، و”يا عيني” كادت الدموع تفر من عينيه، وهو يعلن حالة الطوارئ في البلاد، معبراً عن استياءه من الموقف والسلوك الأوروبي تجاه بلاده، بعد أن وصل إليها وباء فيروس كورونا المستجد.. قال الرجل أن نداءات بلاده ـ صربيا ـ طلباً للمساعدة، لاقت ودناً من طين وأخرى من عجين، ونقل عن رئيسة المفوضية الأوروبية ردها على استغاثة بلاده بـ «أنه من غير المسموح» لصربيا «استيراد المعدات الطبية من الاتحاد الأوروبي.. فناشد في ذات الخطاب المتلفز.. الصين البعيدة.. والتي استجابت على الفور.. وماله إحنا “إخوات”.. هكذا قال المتحدث الصيني ـ وهو يبتسم ـ نحن “تحت الطلب”.. ولا “الحوجة” للحاجة لأوروبا!!
.. فتش فتش..
من هندس الغول؟، وجعله يبرطع في كل بقاع المعمورة؟!
ـ القيصر “بوتين” المتخفي في حقول الذرة، ضبط إعلامه إيقاع النوتة الموسيقية، على نغمة واحدة، وهي “أن النخب السياسية الغربية، خاصة الأمريكية، تقف وراء هذا الوباء”!!
ـ دعونا من الكبار.. وهمزهم ولمزهم، والصيد في الماء العكر..
تعالوا نمارس السباحة.. لنكمل الحكاية في أروقة أخرى:
ـ رجال السماء.. وماذا يا ترى تحت العمائم والقبعات؟:
على ناصية الحكاية.. يقف ناس الإمام الغائب “الذي سيأتي قبل سويعات من نهاية العالم”:
“قاسم الطائي” رجل الدين العراقي، الشيعي المذهب، قال على الملأ، وهو محاط بمريديه، إن “فيروس كورونا لا يصيب المؤمنين المخلصين، بل لعله لا يصيب المسلمين الملتزمين بأحكام الشريعة، والفيروس “عقاب للبشر على ما كسبت أيديهم”!!
وطبعا لم يتخلف إخواننا شيوخ السنة، الواقفون على الضفة الأخرى من النهر.. “بشير بن حسن”، الداعية التونسي، المقيم في فرنسا “الكافرة”، قال لا فض فوه: “فيروس كورونا إنذار للبشر، فهؤلاء الصينيون يرتكبون أنواعا فظيعة من المجازر بحق هذه الفئة المستضعفة من المسلمين، حيث يحاصرون مليون شخص من فئة الإيغور، وينتهكون أعراضهم، ويمارسون ضدهم إبادة جماعية في وضح النهار”.. وأكمل وهو يحرك السواك بين أسنانه أن: “فيروس كورونا هو جُند من جنود الله (وما يعلم جنود ربك إلا هو)، فاليوم يتساقط الناس بسببه كأنهم حشرات. هم ـ السلطات الصينية ـ حاصروا مليون مسلم، فإذا بهم محاصرين، بأكثر من خمسين مليون شخص بسبب هذا الفيروس، الذي يجتاحهم ولا يجدون له دواء، لأنه أمر الله الذي لا راد لحكمه. (ولله جنود السماوات والأرض)، فالله عنده جنود منهم الملائكة والفيروسات والمصائب، وإذا أراد أن يسلطها على ظالم فلن يرده شيء في الأرض ولا في السماء، حيث دمر قوم عاد بالريح وثمود بالصيحة وأغرق قوم فرعون بالماء، وهو الآن ينصر “الإيغور” ضد السلطات الصينية الظالمة بفيروس كورونا”.. مشكور يا شيخ أتيت بالتائهة!!
ـ وهكذا بقية القبعات والعمائم.. أبيضها وأسودها، والتي بين بين.. يصر رجال دين مسلمون ومسيحيون ويهود، وحتى هندوس، أن الفيروس “عقاب إلهي”.
السياسي، ورجل الدين الهندوسي “تشاكراباني ماهاراج”، زعيم منظمة “هندو مهاسبها” القومية المتطرفة، يقول إن فيروس كورونا “تجسد” للإله فيشنو لمعاقبة من يأكل اللحم!!.. مشكور يا مهراجا.. أنا مقاطع اللحم ومكتفي بالسَلطَة..
أبونا القس الأميركي “ريك وايلز” يعتبر الفيروس “ملك موت” مرسلاً من الله و”جائحة لتطهير العالم من الخطيئة مع اقتراب النهاية”!!.
والراهب اليهودي “يهودا غليك”، هو الآخر، وجه تحذيرا للسلطات الصينية، وقال إن “فيروس كورونا عقاب من الله لحكومة الصين بسبب اضطهاد المؤمنين بالكتاب المقدس وانتهاكات حقوق الإنسان في البلاد”!!.
طيب.. كيف يا مؤمنين ويا كفرة.. لا “يبرطع” الغول في كرتنا المدورة عند البعض والمسطحة عند آخرون.. وهكذا هُم الساسة.. وعلى نفس الخط حراس أبواب السماء!!
ـ يا لهوي.. نسينا في الزحمة.. سمسار العقارات والبشر.. الخواجة “ترامبو”.. الذي تلكأ، ثم أعلن حالة الطوارئ في الولايات المتحدة، وخصص ـ متباهياً ـ “خمسين مليار دولار” لمواجهة عواقب انتشار الوباء في بلاده، وعلى ذات المنصة، واصل وزير خارجيته “جورج بومبيو”، مطالبة إيران بالتزام الشفافية في الإعلان عن الأرقام الحقيقية لأعداد المصابين والمتوفين، بسبب الإصابة بفيروس الكورونا..
ـ بجاحة بالمايونيز الأمريكاني!!.. وعلى نفسها جنت براقش..
من جانبنا يا عم.. نتوكل على الحي القيوم، ونكشف المستور.. “ذنبك على جنبك” أنت ورئيسك.. كما يقول ناسنا في مصر المحروسة:
وها نحن نتوكل على الباري.. ونفرش لكما الملاية.. نتوكأ في هذا على مقال كاشف، كتبه الزميل، محمد صادق الحسيني:
ـ أول هام.. في “ووهان” الصينية.. عقدت دورة الألعاب العسكرية العالمية، لهذا العام، من (18/10/2019) وحتى (27/10/2019)، وشارك فيها ما يزيد على تسعة آلاف، بينهم ثلاثمائة عسكري أميركي، تقول المصادر.. تبعكم.. أنه أدخل خمسة منهم إلى المستشفيات في مدينة “ووهان الصينية”، وتم تشخيص إصابتهم بفيروس (Covid/19)، وأعيدوا إلى بلادهم، بعد أن تلقوا العلاج اللازم هناك.. هناك!! عند ناس الصين “الوحشين”!!.. والكلام ليس من “عندياتنا” أيضاً ياعم “الخواجة”، بل مثبت بالوثائق والمراسلات الدبلوماسية الرسمية بين بكين تبعهم وواشنطن تبعكم.. طيب لماذا إذن، يا باحث عن الشفافية.. لم تعلن عن هذا الموضوع، وأخفيته أنت والمحروس رئيسك عن الشعب الأميركي، وعن العالم كله؟!
ـ ويا فالح.. تعال هنا.. كيف ستكون المواجهة الصحية لهذا الغول، السريع الانتشار، في بلادك.. والتي تتسيد العالم ـ بالعصا ودون جزرة ـ هي بجلالة قدرها.. لا تمتلك نظاماً صحياً قادراً حتى على مواجهة متطلبات 400 مليون مواطن أميركي في الحالات الطبيعية.. تقول تقارير مؤسساتكم أن “الولايات المتحدة بها فقط تسعمائة وخمسة وعشرين ألف سرير في جميع أنحاء البلاد”. وهذا يعني سرير مستشفى واحد، وعادي، وليس سرير عناية مركزة، لكل 432 مواطن أميركي!!. فكيف لو وصلت أعداد المصابين حافة المائة ألف مصاب، في كل ولاية أميركية، كما صرح حاكم ولاية أوهايو نفسه؟؟، الذي أعلن عن وجود هذا الرقم من المصابين في ولايته؟ أين سيعالج هؤلاء الملايين؟
ثم بماذا ستعالجونهم؟ هل لديكم ما يكفي من المضادات المختلفة لعلاج أمراض الفيروسات، أم أنكم ـ ستعصرون على نفسكم ليمونة ـ قبل اللجوء إلى الجار الكوبي، الذي يتقدم عليكم سنوات ضوئية في هذا المجال؟ أم أن عنصريتكم وعنجهيتكم لا تسمح لكم بتلقي المساعدة من كوبا الشيوعية؟! ألا تعرف أن أحد أهم الإجراءات الإدارية التي استخدمتها جمهورية الصين، في مكافحة الفيروس الغول والسيطرة عليه والوقوف على بعد خطوة من القضاء عليه نهائياً في الصين، هو العقار الطبي الكوبي: “إنترفيرون/ألفا 2 ب (Interferon Alpha 2 B)”؟ الذي استخدمته الصين على نطاق واسع خلال الأشهر الثلاثة الماضية، والذي ساعد على شفاء عشرات آلاف المصابين.
واسمح لنا يا خواجة “الشفاف بسلامتك”: ما هي خطة الطوارئ التي تعدون بها ناسكم، وأنتم دولة لا تملك الحد الأدنى من وسائل التحقق من الإصابات والأدوية والأمصال الضرورية لمعالجة المصابين؟ هل تعلم أن بلادك “بعظمتها” قد أجرت عشرة آلاف فحص لمشتبه بهم كمصابين بالفيروسات، حتى العاشر من الشهر الجاري، بينما نفذت حكومة كوريا الشمالية مائتي ألف عملية فحص في نفس الفترة الزمنية؟
ورئيسك.. أرغي وأزبد.. وأعلن في خطابه المتلفز، أن إدارته، قد قررت إنشاء صندوق برأسمال خمسين مليار دولار لمواجهة هذا الوباء؟
هل تعلم يا خواجة “بومبيو” كم رصدت الحكومة الألمانية لمواجهة هذا الوباء على أراضيها؟ لقد قررت يوم (12/3/2020) رصد مبلغ خمسمائة وخمسين مليار يورو لهذا الغرض. أي بزيادة خمسمائة مليار عما رصدتم أنتم، “الدولة الأعظم” في العالم!
ـ طولنا عليكم.. نعمل إيه هذا الـ “بومبيو”.. فوّر الدم في عروقنا.. و”اللي فينا مكفينا”.. على رأي المثل..
ـ طولت عليكم..
ـ طيب.. خليكم في البيت.. وحياة رأس الحاجة وشيبتها..