د. أروى الشاعر إستشارية أمراض القلب والباطنية
يجب أن تكون مصائب قوم الصين عند قوم العالم فوائد، لقد أثبتت الأسابيع الأخيرة نجاح مدرستا التفكير الصينية والكورية الجنوبية والتي تمت ترجمتها على أرض الواقع في الكشف والسيطرة الناجحة على فيروس الكورونا ، وهو ما تدعمه الإحصائيات الرسمية خلال تلك الفترةً ، وذلك يإتخاذ أساليب حاسمة وسريعة بالتعامل مع الوباء وإيقاف إنتشاره رغم التعداد السكاني الهائل للصين، وحجم الإصابات التي ألمت بكوريا في وقت قصير، والأجدر بباقي الدول التي بدأ الوباء بالإنتشار فيها بتسارع، ولاسيما معظم دول أوروبا الغربية والولايات المتحدة الأمريكية، الإستفادة من هذه التجربة وذلك بإتباع نفس أساليب الوقاية والفحص لأعداد كبيرة وبطريقة أمنة وسريعة، كما جرى في كوريا الجنوبية أثناء تواجد الأشخاص بمراكبهم .
إن الاستراتيجية الأهم للسيطرة على ڤيروس الكورونا وڤيروسات الإنفلونزا الموسمية هي : “الفرز الأمامي” – أي فرز المرضى قبل وصولهم إلى قسم الطوارئ
(التطبيب عن بعد )، والذي يسمح بإجراء فحص المريض بكفاءة ، ويؤدي إلى الحجر الصحي الذاتي، كما أنه يحمي المرضى والأطباء و المجتمع من التعرض للڤيروس، ويمكنه أن يسمح للأطباء والمرضى بالتواصل على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع باستخدام الهواتف الذكية أو أجهزة الكمبيوتر .
إن العائق الرئيسي في الوقت الحاضر هو عدم توفر الفحص الطبي عن بعد على نطاق واسع لـ COVId -19 , رغم أنه يعتبر أفضل طرق الاختبار . يجب تطوير الأنظمة العالمية،
وذلك باستخدام الاختبار داخل السيارة مثل كوريا الجنوبية، أي باختصار بدلاً من التركيز فقط على التوصيات بشأن Covid-19 ، يجب نشر أنظمة تطبيب عن بعد لتقييم وعلاج المرضى دون إحالتهم إلى المراكز الطبية عندما تكون هناك حاجة إلى الاختبار. يتطلب هذا النهج تنسيقًا جيداً بين جميع دول العالم، حيث لا نقوم بتحويل كل المرضى أو الأشخاص القادمين من أماكن الوباء الى مراكز الرعاية الطبية، أو أي مراكز أخرى، الأمر الذي قد يعرض الأشخاص الغير مصابين و المرضى الآخرين ومقدمي الرعاية الصحية للخطر.
يسمح برنامج الرعاية الصحية المتنقلة للمرضى بالعلاج في منازلهم، مما يقلل من الحاجة إلى نقلهم الى وحدة الطوارئ في المستشفيات لعلاج Covid-19 ، ويقلل من تعرضهم لجرثومة المستشفى الخطيرة.
إن الهلع الذي أحدثته أجهزة الإعلام، بالإضافة الى نشر المعلومات الغير دقيقة بين الناس عن طريق أجهزة التلفونات، وخاصة الواتس أب، والتويتر والفيسبوك وغيرهم يشكل خطراً كبيراً على صحتهم ومناعتهم الذاتية التي قد تضعف وتؤدي الى إصابتهم بالڤيروس نتيجة ذلك. لقد أظهرت الأبحاث أن مستويات الضغط النفسي والتوتر قد تضعف جهاز المناعة بشكل كبير.
إن المناعة الذاتية للجسم هي أقوى سلاح فتاك للڤيروسات.، حيث أن الجهلز المناعي يقوم بعمل رائع في الدفاع عنا ضد الفيروسات والجراثيم المسببة للأمراض. ولكنه في بعض الأحيان يفشل، فهل من الممكن التدخل وتعزيز جهاز المناعة ليصبح متوازناً وشبه مثالي ؟
إن الحالة النفسية وآثار النظام الغذائي وممارسة الرياضة والعمر وغيرها من العوامل الأخرى تؤثر على القدرة المناعية ومقاومة الأمراض .
إن خط دفاعك الأول هو اختيار نمط حياة صحي ، واتباع الإرشادات العامة لصحة أفضل مثل :
تقليل التوتر والضغط النفسي بقدر الإمكان
ترك التدخين
تناول نظامًا غذائيًا غنيًا بالفواكه والخضروات
ممارسة الرياضة بانتظام.
الحفاظ على وزن صحي.
قسط كافٍ من النوم.
الإبتعاد عن المصابين والأماكن المكتظة لتجنب العدوى •غسل يديك بشكل متكرر
غسل الخضار والفاكهة بشكل جيد
طهي اللحوم جيداً
إن ممارسة التمارين الرياضية الغير عنيفة، تماماً مثل الغذاء الصحي المتوازن، لها أهمية كبيرة في الحفاظ على الصحة وتقوية نظام المناعة، وذلك من خلال تعزيز الدورة الدموية الجيدة والتي تسمح لخلايا ومواد الجهاز المناعي بالانتقال عبر الجسم بحرية والقيام بعملهم بكفاءة.
إن الإنفلونزا الموسمية وما يرافقها في بعض الأحيان من التهاب الرئتين تعتبر من الأسباب الرئيسية للوفاة بين الأشخاص فوق سن 65 عامًا حول العالم. لا أحد يعرف على وجه اليقين سبب حدوث ذلك ، ولكن هذا الخطر المتزايد يمكنه أن يكون مرتبطاً بانخفاض الخلايا الليمفاوية التي تحارب الڤيروسات (T cells)، وذلك نتيجة ضمور غدة (Thymus) مع تقدم العمر ، والتي تنتج تلك الخلايا. ولربما يكون السبب هو بأن نخاع العظام يصبح أقل كفاءة في إنتاج الخلايا الجذعية والتي بدورها تنتج خلايا جهاز المناعة.
كما أن التغذية لها أثر كبير عند كبار السن، حيث يميل كبار السن إلى تناول طعام أقل وغالبًا ما يكون لديهم تنوع أقل في وجباتهم الغذائية، مما يؤدي الى نقص في بعض الفيتامينات والمعادن الهامةً ويجعلهم أكثر عرضة لمضاعفات الإنفلونزا. ولذلك يجب متابعة هؤلاء مع الأطباء المختصون بأمراض الشيخوخة.
يبلغ متوسط عمر مرضى ڤيروس الكورونا الذين توفوا بسبب الفيروس في إيطاليا 81 ، وفقًا للمعهد الصحي الوطني الإيطالي . قد تواجه إيطاليا ، التي تعتبر واحدة من الدول التي لديها أقدم عمر السكان في العالم ، معدل وفيات أعلى نتيجة لعدد السكان المسنين فوق المتوسط. كما أن إنفلونزا ڤيروس الكورونا كانت قد بدأت وانتشرت دون أن يلاحظها أحد مما يعني أنه بحلول الوقت، كان هناك الكثير من المصابين والحاملين للڤيروس، مما أدى الى انتقال العدوى بين الناس. كما أن الدراسات تشير إلى أن معدل الوفيات قد يكون أعلى من المتوسط لأن إيطاليا تختبر فقط الحالات الحرجة، وهذا ليس كفاية. إن إيطاليا تعتبر من أكثر المدن تلوثاً في أوروبا وخاصة الشمال الإيطالي وقد يكون هذا عاملاً مهماً في ارتفاع معدلات الوفيات. حيث أظهرت الدراسات وجود علاقة عالية بين معدلات الوفيات بسبب أمراض الجهاز التنفسي الفيروسية والتلوث.
إن العالم سيستطيع الحد من انتشار ڤيروس الكورونا والقضاء عليه قريباً في حال قامت دول العالم باتخاذ إجراءات مماثلة للصين وكوريا الجنوبية. حيث أعلن في الصين بأن البلاد تجاوزت ذروة تفشي ڤيروس الكورونا.
دعونا نعمل سوياً ونقول : “باي للكورونا”.