لماذا يخشى المجلس العسكرى السودانى تسليم السلطة؟ تعرف على قصة ذهب حميدتي الذي يذهب إلى دبي

مع عزم قادة الانقلاب في السودان التشبث بالسلطة، يعتقد البعض في دوائر المعارضة أنَّ جزءاً على الأقل من إحجامهم عن التنحي ينبع من احتمال فقدان السيطرة على المصالح التجارية الكبيرة، والتحقيق معهم في قضايا الفساد، إذ يعتقد أن حماية الفساد من أبرز دوافع العسكريين السودانيين للبقاء في السلطة.

يقال إنَّه في عهد الرئيس المخلوع عمر البشير، اكتسب حزب المؤتمر الوطني الحاكم سابقاً، والجيش، وقوات الدعم السريع شبه العسكرية (المعروفة أيضاً باسم الجنجويد)، وأجهزة الاستخبارات، حصصاً كبيرةً من الاقتصاد، حسبما ورد في تقرير لموقع Lobelog الأمريكي.

ويُعتقد أنَّ العديد من الموالين للنظام كونوا ثروات لأنفسهم، وزُعم أنَّهم يستخدمون الأموال لشراء الأراضي والممتلكات في السودان وفي الخارج، خصوصاً في الخليج وجنوب شرق آسيا.

حماية الفساد من أبرز دوافع العسكريين السودانيين للبقاء في السلطة فهم يخشون المحاكمة

يدرك أعضاء المجلس العسكري الانتقالي الذي تتزايد حدة قمعه، وحلفاؤه في القوات المسلحة، تمام الإدراك، أنَّه في ظلّ حكومة مدنية ديمقراطية، قد يواجه بعضهم المحاكمة، لا على الجرائم المرتكبة ضد أنصار المعارضة في الأسابيع الأخيرة فحسب، بل على ممارسات الفساد المزعومة على مدار حكم البشير أيضاً.

تحتل العدالة المالية مكانة عالية على جدول أعمال ممثلي المعارضة، وفي حال شكَّلوا حكومة فمن المرجح عندها أن يبحثوا عن قدر أكبر من الشفافية حول مالية الدولة واستعادة الأصول والأموال التي نُهبت، للمساعدة في إعادة بناء البلد، والإشارة إلى أنَّ هذه الجريمة لن يتسامح معها.

الرئيس السوداني عمر البشير أثناء اقتياده إلى النيابة العامة

لكن مع الدعم المالي والعسكري من السعوديين والإماراتيين، يبدو أنَّ المجلس العسكري الانتقالي مستعد لمواصلة مقاومة الانتقال إلى الديمقراطية وكسر ظهر المعارضة، من خلال العنف في ثورة مضادة لا تكاد تخفى على أحد.

ويمكن أن يؤدي إلغاء المجلس جميع الاتفاقات السابقة مع المعارضة، ودعوته لإجراء انتخابات مفاجئة إلى عودة حزب المؤتمر الوطني إلى الحكم واستعادة النظام السابق.

ما السر وراء تراجع التغطية الصحفية لقضايا الفساد؟

في الأسبوع الماضي، وافقت المعارضة على إنهاء حملة العصيان المدني، واستئناف المحادثات مع المجلس العسكري، مما قد يشير إلى ضعف حركة الاحتجاج.

احتلّ عنف المجلس العسكري الانتقالي ضدّ المعارضة العناوين الرئيسية، أما ما لم ينل القدر نفسه من التغطية فكان إحباط محاولات الصحفيين السودانيين للتحقيق في الفساد المتفشي في عهد حكومة البشير وكشفه.

خلال الفترة القصيرة بين سقوط النظام وسيطرة المجلس على السلطة، لم تكن رقابة الدولة الصارمة المطبقة عادة موجودة. انتهز الصحفيون السودانيون، الذين عرفوا منذ فترة طويلة عن التجاوزات المالية المشتبه فيها للنخب السودانية، الفرصة لنشر الفضائح التي سكتوا عنها سابقاً.

ظهرت موجة من الفضائح في الصحافة، وشملت ادعاءات بإساءة استخدام رصيد بنكي بقيمة عدة ملايين من اليوروهات، مخصَّصة للمشروعات الزراعية، إذ حولَّت الأموال إلى شركة مقرها المملكة المتحدة، وادعاءات باستخدام ملايين الدولارات من أموال من شركة تمتلك الدولة أغلبيتها لدفع رشاوى لشخصيات سياسية، من بينهم شخصان مقربان لقادة أفارقة.

لكن بمجرد عودة تأسيس الرقابة تحت سلطة المخابرات العسكرية، توقفت تقارير التحقيق فجأة.

والآن ها هو المجلس العسكري يستخدم هذه القضايا لتصفية الحسابات

بدلاً من ذلك، ورغم الخطاب الرسمي حول الرغبة في كبح جماح الفساد ومحاسبة المذنبين، تابع المجلس العسكري القضايا بطريقة انتقائية للغاية، مركزاً على قضايا متعلقة بالخارجين عن طوعه وتسوية حسابات قديمة.

حتى التحقيق في اكتشاف ثروة صغيرة بالعملة الأجنبية والجنيه السوداني في منزل البشير يبدو أنَّه يفقد زخمه، وجّهت له اتهامات بالفساد الأسبوع الماضي، لكن هذا يبدو وكأنَّه خدعة من المجلس العسكري الانتقالي لصرف الانتباه عن أنفسهم.

صناعة السيارات للجيش والزراعة للمخابرات والذهب لقوات الدعم

لا يرغب المجلس في وضع النظام السابق تحت أي درجة من التدقيق المالي، لأنَّ هذا من المرجح أن يهدد السيطرة الاقتصادية لقوات الدعم السريع والجيش والأجهزة الأمنية، والممارسات الفاسدة التي يعتقد كثيرون أنَّهم متورطون فيها.

تتراوح أنشطة الجيش التجارية من صناعة السيارات إلى إنتاج الأسلحة، بينما لدى أجهزة المخابرات مصالح زراعية ضخمة. يمتلك كلاهما أيضاً شركات سلع استهلاكية، ويقال إنَّهما رسخا وجودهما في العديد من البنوك السودانية.

وفي الوقت نفسه، تمول قوات الدعم السريع التي يقودها الفريق محمد حمدان دقلو (الرجل القوي  الذي يعتقد أنه يؤهل نفسه لكي يكون رئيساً للبلاد) نفسها بفعالية من خلال خدمات الحماية وتعدين الذهب، إذ يُقال إنَّ معظم الخام يصدر إلى دبي.

والأموال تذهب إلى دبي وماليزيا

يُشتبه في أنَّ العديد من الموالين للنظام يستثمرون مكاسب غير شرعية في ممتلكات كبيرة في السودان وفي العقارات السكنية في دبي وماليزيا.

من الصعب تقدير قيمة الأصول المنهوبة المُبلَّغ عنها، ربما تكون الحكومة المدنية قادرة في الوقت المناسب على مصادرة بعض عائدات الفساد الموجودة في السودان، لكن ما هُرِّب إلى الخارج سيتطلب إجراء تحقيقات معقدة لتحديد موقعها، إلى جانب استعداد الدول التي توجد فيها الأموال المسروقة لإعادتها إلى السودان. الأحداث السابقة تشير إلى أنَّ ذلك سيكون صعباً.

شاهد أيضاً

“الإمبراطور الأبيض”.. مقاتلة الجيل السادس الصينية المصممة للهيمنة على السماء والفضاء

تشهد المنافسة بين الصين والولايات المتحدة تصعيداً ملحوظاً في العديد من المجالات، من أبرزها التسابق …