شكَّلت وفاة الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي – أول رئيس مدني منتخب ديمقراطياً في تاريخ البلاد – صدمة، سيما أن موته جاء خلال إحدى جلسات محاكمته بتهمة التخابر.
وفي حين يحتفي البعض بالرئيس الراحل كونه جسّد الديمقراطية بعد عقود من سيطرة الجيش المصري على السلطة، يرى بعض المصريين أنه كان منحازاً للتيّار الإسلامي.
فمن هو محمد محمد مرسي الذي توفي الاثنين 17 يونيو/حزيران 2019؟
عمِل مع وكالة ناسا.. وأصدر عشرات الأبحاث في معالجة أسطح المعادن
حصل الرئيس الراحل محمد مرسي على بكالوريوس الهندسة من جامعة القاهرة. وبعد أن حاز درجة الماجستير في هندسة الفلزات، حصل على منحة دراسية من جامعة جنوب كاليفورنيا، لينال درجة الدكتوراه من هناك.
خلال حياته الدراسية، عمِل معيداً ومدرساً مساعداً بكلية الهندسة في جامعة القاهرة.
ثم بدأ بالعمل مدرساً مساعداً بجامعة جنوب كاليفورنيا في الولايات المتحدة بين عامي 1982 و1985.
وعندما عاد إلى مصر تولى منصب رئيس قسم هندسة المواد في كلية الهندسة بجامعة الزقازيق، وأصدر خلال هذه الفترة عشرات الأبحاث في «معالجة أسطح المعادن».
عمِل محمد مرسي أيضاً مع شركة ناسا للفضاء الخارجي، وذلك لخبرته في التعدين والفلزات، وقام بعمل تجارب واختراعات لنوع من المعادن يتحمل السخونة الشديدة الناتجة عن السرعة العالية للصواريخ العابرة للفضاء الكوني.
مرسي في مجلس الشعب
كما هو معروف، ينتمي الرئيس المصري السابق إلى جماعة «الإخوان المسلمين»، إذ انضم إلى الجماعة في العام 1979، وعمل عضواً بالقسم السياسي للجماعة منذ نشأته.
ترشَّح محمد مرسي لانتخابات مجلس الشعب المصري في عام 1995، وأعاد الكَرةَّ في انتخابات 2000 ونجح فيها، حيث انتُخب عضواً ممثلاً عن جماعة «الإخوان المسلمين»، وشَغَلَ موقع المتحدث الرسمي باسم الكتلة البرلمانية للإخوان.
وقد اختير مرسي عضواً بلجنة مقاومة الصهيونية في محافظة الشرقية، كما اختير عضواً بالمؤتمر الدولي للأحزاب والقوى السياسية والنقابات المهنية، وهو عضو مؤسس بـ «اللجنة المصرية لمقاومة المشروع «الصهيوني.
شارك أيضاً في تأسيس الجبهة الوطنية للتغيير، كما شارك في تأسيس التحالف الديمقراطي من أجل مصر والذي ضم 40 حزباً وتياراً سياسياً.
وانتخبه مجلس شورى الإخوان في 30 أبريل/نيسان 2011 رئيساً لحزب الحرية والعدالة الذي أنشأته الجماعة.
اعتقال محمد مرسي وسجنه
رغم أن اعتقال محمد مرسي في عام 2013 كان الأشد وقعاً، فإنه لم يكن تجربته الأولى في السجن.
فقد اعتُقل عدة مرات في عهد الرئيس محمد حسني مبارك، حيث تم اعتقاله في عام 2006 من أمام محكمة شمال القاهرة، في أثناء مشاركته في مظاهرات شعبية تندِّد بتحويل اثنين من القضاة إلى لجنة الصلاحية، بسبب موقفهما من تزوير انتخابات مجلس الشعب.
كما اعتُقل في سجن وادي النطرون صباح جمعة الغضب 28 يناير/كانون الثاني 2011، في أثناء ثورة 25 يناير، مع 34 من قيادات الإخوان على مستوى المحافظات، لمنعهم من المشاركة في هذه الجمعة.
«مشروع النهضة» الذي لم يرَ النور
استمر حكم الرئيس المصري المنتخب نحو سنة، حيث باشر مهامه الرئاسية في 30 يونيو/حزيران 2012، بعد فوزه في الانتخابات بنسبة 51.73% من أصوات الناخبين المشاركين.
وقد شمل برنامجه الانتخابي الذي أطلق عليه اسم «مشروع النهضة»، خططاً مرحلية تقوم على عدة ركائز، أبرزها التّداول السِّلمي للسلطة واستقلال القضاء والفرص المتكافئة في الحصول على قَدر مناسب من موارد الدولة، وحلول للأزمة الاقتصادية وضعف أجهزة الدولة والاحتقان الطائفي.
لكن سرعان ما بدأت الاضطرابات والقلاقل تسود الشارع المصري في عهده.
واتهمه معارضوه بتكريس السلطة في أيدي جماعة «الإخوان المسلمين»، وبالعجز عن إنقاذ الوضع الاقتصادي المتردي.
نهاية التجربة الديمقراطية
في نهاية أبريل/نيسان 2013، انطلقت حركة «تمرد» تدعو إلي سحب الثقة من الرئيس المنتخب محمد مرسي.
حيث تمت مطالبته بانتخابات رئاسية مبكرة، وقد قامت الحركة بالدعوة إلى مظاهرات 30 يونيو/حزيران 2013، مستندة إلى توقيعات تزعم أنها جمعتها من 22 مليون مصري.
على خلفية هذه الحركة أصدرت القوات المصرية المسلحة بياناً تعطي فيه الرئيس مهلة 48 ساعة، لتلبية مطالب الشعب بالتنحي.
وفي 3 يوليو/تموز 2013، تم عزل الرئيس محمد مرسي من قِبل القوات المسلحة التي وجهت إليه تهماً من قبيل التخابر مع جهات أجنبية، وإفشاء أسرار الأمن القومي في أثناء فترة رئاسته.
وعلى أساس هذه التهم، ألقي القبض على محمد مرسي وتمت إحالته إلى النيابة العامة لمحكمة الجنايات في مطلع سبتمبر\أيلول 2013.
التهم الموجهة للرئيس السابق
قضت المحكمة بسجن الرئيس المصري السابق، محمد مرسي، 20 عاماً في أول قضية من القضايا التي حوكم بها، وهي قضية قتل المتظاهرين أمام قصر الاتحادية.
ومن أبرز القضايا التي اتهم فيها مرسي أيضاً قضية التخابر مع منظمات أجنبية من بينها قطر، وقضية الهروب من السجن، وإهانة القضاء.
رفض محمد مرسي جميع التهم الموجهة إليه في تلك القضايا، ووصف ما قام به الجيش في أعقاب الاحتجاجات الواسعة التي شهدتها البلاد في 30 يونيو/حزيران بـ»الانقلاب العسكري».
مكث الرئيس السابق في السجن قرابة 6 سنوات ليفارق بعدها الحياة في أثناء محاكمته الأخيرة يوم الاثنين 17 يونيو\حزيران 2019.