سبعة 7 استراتيجيات يحاربك بها عقلك.. كيف تتغلب عليها؟

تخلق عقولنا أحيانًا أفكارًا تحبسنا في نمط تفكير سلبي، يخلق جوًا من التوتر والقلق ويمنعنا من النمو وتجربة أشياء مختلفة. أحد أسباب حدوث ذلك؛ هو حاجة العقل للحفاظ على الوضع الراهن، ضمن آلياته للبقاء على قيد الحياة، ولكنها على الجانب الآخر تقاوم فرصنا في النضج والنمو.

في السطور التالية، نتناول سبع استراتيجيات يحتال بها العقل علينا، ونقدم عدة نصائح لإعادة صياغة الأفكار ومواجهة ذلك الاحتيال، والتي يمكن استخدامها أيضًا مع الأطفال لتعزيز ثقتهم بأنفسهم.

1. التنبؤ المتشائم.. سلسلة الأفكار السلبية التلقائية

تقول كريستين فونسيكا عالمة النفس التربوي، في مقال على موقع «Psychology Today»، أنه غالبًا ما ينخرط الدماغ في سلسلة من الأفكار السلبية، التي تُعرف باسم «الأفكار السلبية التلقائية»، وعادةً ما تحبس هذه الأفكار صاحبها في نمط تفكير يخلق التوتر والقلق، ويمنع النضج والنمو. ويعد هذا النمط السلبي في التفكير طريقة عقلك في إقناعك بأن البيانات الجزئية أو غير الصحيحة حقيقية. وقد تتسبب أخطاء الإدراك تلك، كما يُطلق عليها في دوائر الصحة العقلية، في زيادة خطورة الإصابة ببعض أنواع الاكتئاب، وتزيد من شدة اضطرابات المزاج؛ الأمر الذي يجعل علاجها أكثر صعوبة.

أحد هذه الأفكار السلبية، والتي تعد من الاستراتيجيات التي يخدعك بها عقلك، خدعة التنبؤ المتشائم، وغالبًا ما يظهر هذا الخداع في حالات الصدمة، والتعرض لسوء المعاملة أو الاستغلال. وفي هذه الحالة، يكون إدراكك للتهديد متيقظًا جدًا لدرجة تجعلك لا ترى سوى الصورة السلبية فقط في أي موقف، ولا يمكنك رؤية أي نقطة إيجابية من أي زاوية. وفي حالات أخرى يخدعك فيها عقلك، عندما تخبر نفسك بما يفكر فيه الآخرون عنك، ودائمًا يتنبأ بذلك بأكثر الطرق سلبية.

2. خداع التشويه.. كيف يشوه عقلك الأشخاص الذين لا تحبهم؟

عندما تكره شخصًا ما، فقد تبدو لك كل الأمور التي يقوم بها مزعجة، بداية من تسريحة شعره، إلى طريقته في مضغ الطعام، والطريقة التي يتحدث بها؛ وغيرها من التفاصيل التي يستقبلها عقلك. لكن عقلك يخدعك في هذا أيضًا.

يقول الدكتور برايان برونو، أستاذ الطب النفسي، في حوار مع صحيفة «Bustle»، أن أدمغتنا تميل إلى تجاهل السمات والحقائق الجيدة حول الأشخاص الذين لا نحبهم. كذلك، تقول الدكتورة كارين هول، مديرة ومالكة أحد مراكز العلاج السلوكي بالولايات المتحدة، أن عقولنا تعمد إلى تشويه الحقائق لكي تُلائم موقفنا من كراهية هؤلاء الأشخاص. لذا في حين أن الشخص الذي لا يعجبك قد يكون لديه بالفعل بعض الصفات الجيدة بالفعل، إلا أن عقلك يركز على ما يزعجك فقط.

3. دور الضحية.. حيلة الهروب من الفشل

في هذا الخداع، تجد عقلك يلوم الآخرين على كل ما يحدث لك، ويصور لك نفسك دائمًا وأبدًا ضحية الظروف والأشخاص من حولك. عندما يحدث شيء سيء، يقوم عقلك بتحريف الواقع لحماية احترامك لذاتك. بمعنى آخر، ربما تكون قد أخفقت، ولكنك لا نريد تحمل مسؤولية ذلك. لكن لماذا يلعب عقلك خدعة اللوم تلك؟

يعتقد الباحثون أن العديد من التحيزات المنسوبة لدينا تعمل وسيلة لحماية احترامنا لذاتنا، وحمايتنا من الخوف من الفشل. ووفقًا لطريقة التفكير هذه، يفسر عقلك أن الأشياء السيئة تحدث لك نتيجة أسباب خارجة عن إرادتك. وعلى الجانب الآخر، فإن نجاحاتك جاءت نتيجة مهاراتك، وجهودك، ومميزاتك الداخلية الأخرى. مع ذلك، فإن هذا النمط الأخير في التفكير بشأن النجاحات، لا ضير منه طالما أنه صحيح.

وتقول فونسيكا: «عقلك كاذب. إنه يختلق افتراضات غير موجودة في الواقع، ويستخلص استنتاجات نابعة من الشعور بالخوف أكثر من أي نوع آخر من الحجج المنطقية، والفطنة التي تملكها كثيرًا ما تتلاعب بها وسائل الإعلام، وتجارب الآخرين».

4. تفكيرك متحيز وليس حياديًا كما تظن.. كيف يتأثر تفكيرك بالتحيزات المختلفة؟

إذا كنت تظن أنك تملك نظرة حيادية للأمور، لا يمكنها التأثر بكائن من كان، فهذه خدعة أخرى من عقلك. يتأثرتفكيرك بالعديد من التحيزات الخفية، التي قد لا تدرك مدى تأثرك بها، والتي من شأنها أن تمنعك من التفكير بوضوح، واتخاذ قرارات دقيقة بشأن أموالك، وصحتك، وحتى الطرق التي تتفاعل بها في العالم.

حد هذه التحيزات، «تأثير الهالة» الذي يمكن أن يؤثر على كيفية إدراكك للناس، إلى جانب «تحيز الإدراك المتأخر» الذي يؤثر على كيفية تصورك للأحداث، ويسبب تشوشًا في الذاكرة، فضلا عن «تحيز الإسناد» الذي يؤثر على جوانب الموقف التي تستدعي الانتباه إليها عند اتخاذ قرار ما. هذا بالإضافة إلى «التحيز التأكيدي»، الذي يمكن أن يقودك إلى مزيد من التركيز، أو حتى البحث عن أشياء تؤكد ما تعتقده بالفعل، بينما تتجاهل في الوقت نفسه أي شيء آخر يعارض أفكارك الحالية أو ينقص منها.

5. الطُرُق المختصرة.. حيلة العقل الكسول

أحد أكبر أوجه القصور في عقولنا، أنها في بعض الأحيان تكون كسولة. وعند محاولة حل مشكلة أو اتخاذ قرار ما، غالبًا ما يميل عقلك إلى استرجاع الحلول التي نجحت في الماضي. وفي كثير من الحالات، تكون هذه الحلول مفيدة وفعالة، ويُتيح لك استخدام تلك الحلول، التي هي بمثابة طرق مختصرة بالنسبة لعقلك، اتخاذ القرارات بسرعة دون الاضطرار إلى بذل مجهود في فرز وتحليل القرارات والحلول الأخرى الممكنة.

يُطلق على هذه الاختصارات العقلية «الحدس المهني»، ويُعرف بأنه المقدرة النامية للفرد على حل المشكلات عن طريق الخبرة الطويلة. ولكن في بعض الأحيان، يمكن لهذه الطرق المختصرة أن تتسبب في ارتكابك أخطاء، بدلًا من إرشادك للطريق الأسرع.

6. خداع الذاكرة.. العقل ينسج أحداثًا زائفة

تقول فونسيكا: «لقد أدرك الباحثون منذ سنوات أن الذكريات ليست مصدرًا جيدًا للمعلومات؛ وذلك لأن رواية العقل غير موثوق بها. لا يفهم العقل الحقيقة كما نعرّفها غالبًا، بأنها كل ما يتوافق مع الحق أو الواقع. وبدلاً من ذلك، ينسج العقل الروايات وفقًا لأهوائه الشخصية؛ إذ تترشح الحقائق والوقائع خلال مصفاة تحيزاتنا وتصوراتنا الشخصية تجاه العالم، وتخضع هذه الحقيقة المنسوجة أيضًا لأخطاء الإدراك التي نرتكبها يوميًا».

تظهر الأبحاث أنه من السهل بشكل مفاجئ جعل شخص ما يملك ذكريات زائفة عن أحداث لم تحدث بالفعل، وفي إحدى الدراسات، وجد العلماء أنه بعد مشاهدة المشتركين بالدراسة فيديو لأشخاص آخرين يفعلون شيئًا ما؛ دفع المشاركين في الواقع إلى الاعتقاد بأنهم قاموا بالمهمة بأنفسهم.

علاوة على ذلك، تقول الدكتورة كارين هول: «يمكن أن تتأثر ذكرياتك الماضية بالتفاعلات والمواقف، التي تحدث بعد الحدث الأصلي. علاوة على ذلك، يمكن أن تؤثر اللغة التي يستخدمها شخص ما لطرح أسئلة حول الحدث على ذاكرتك. وإذا كانت لديك فجوات في ذاكرتك حول حدث ما، يميل عقلك إلى ملء تلك الفجوات وجعل الذاكرة كاملة. بالإضافة إلى ذلك، تؤثر الظروف التي تحدث بعد الحدث الأصلي على ذاكرتك. على سبيل المثال، إذا كنت صديقًا مقربًا لشخص ما في وقت الحدث الأصلي، ثم حدث أن انقطعت علاقتكم في السنوات التي تلت ذلك، فإنك لن تتذكر أنكم كنتم على مقربة من بعضكم البعض مثلما كنتم حقًا».

7. عمى التغيير.. العقل لا ينتبه لكل التفاصيل

تحدث الكثير من التغيرات في العالم والتي قد يطرأ أي منها في أي لحظة؛ مما يجعل من الصعب على الدماغ أن ينتبه لكل التفاصيل. وقد يكون من الصعب في بعض الأحيان أن تغفل تمامًا عن التغييرات الكبيرة التي تحدث أمام عينيك، وهذا ما يسمى «عمى التغيير»

في إحدى الدراسات، وجد الباحثون أنه عندما جرى تبديل شركاء المحادثة خلال مقاطعة قصيرة لمحادثات بين المشتركين، لم يلاحظ غالبية الأشخاص حدوث أي تغيير. ويعتقد الباحثون أن السبب في ذلك يرجع إلى أنه إذا كنت مشغولاً بالتركيز على شيء واحد، فينبغي عليك ضبط كميات هائلة من المعلومات الأخرى، التي لا يستطيع عقلك التعامل معها في الوقت نفسه.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تلعب التوقعات دورًا هامًا في تفسير عدم ملاحظة المشتركين للتغيير؛ فلا أحد يتوقع أن يتحول شخص ما فجأة إلى شخص آخر بينما كان يتحدث معه؛ لذلك قد لا يكون غريبًا أن يفوتهم تحول كذلك الذي حدث.

عقلك محتال وكاذب.. كيف تتغلب على ذلك؟

تشترك جميع تلك الحيل السابقة في هدف واحد، وهو منعك من النضج أو تجربة شيء مختلف. ولحسن الحظ،هناك بعض الأشياء التي يمكنك القيام بها، وتعليمها لأطفالك أيضًا للمساعدة في تجاوز سلبياتها معًا. أولًا: عليك أن تُقر وتقبل بأن أفكارك ليست صحيحة دائمًا، وتعلم كيفية تمييزها وضبطها حسب الحاجة.

ثانيًا: تدرب على متابعة أفكارك حتى تتعرف على الوقت الذي قد يحاول فيه عقلك خداعك. وكلما تتبعت المزيد منها كلما زادت قدرتك على التحكم في أفكارك. ثالثًا: عندما تدرك أن عقلك يخدعك، هدئ من أفكارك فورًا وحاول تصحيح الأخطاء التي بها، وإعادة صياغة أفكارك من السلبية إلى شيء أكثر توجها نحو النضج والنمو. رابعًا: جرب الانخراط في أنشطة التعاطف الذاتي؛ فمن خلال الانخراط بنشاط في التعاطف الذاتي، سوف تكون قادرًا على ممارسة إعادة صياغة سلبيات عقلك.

في البداية، قد يكون من الصعب اكتشاف المرات التي يخدعك عقلك فيها. وبالمثل، قد يكون من الصعب تعليم أطفالك الحيل التي يخدعنا بها الدماغ. ولكن قضاء بعض الوقت في التعرف إلى حيلك الشخصية، وممارسة مهارات إعادة صياغة الأفكار الخاصة بك، سيسمح لك بمساعدة أطفالك على أن يفعلوا الشيء نفسه.

شاهد أيضاً

“الإمبراطور الأبيض”.. مقاتلة الجيل السادس الصينية المصممة للهيمنة على السماء والفضاء

تشهد المنافسة بين الصين والولايات المتحدة تصعيداً ملحوظاً في العديد من المجالات، من أبرزها التسابق …