يعد قانون اللجوء في قطر أول قانون لجوء في الخليج. ورغم أن القانون “قدوة للمنطقة” حسبما تقول منظمات حقوقية، إلا أنه “لا يتوافق تماماً مع القانون الدولي”. وتثار تساؤلات حول توقيت إصداره وعلاقته بالأزمة الخليجية.
بعد حوالي تسعة أشهر من إصدار قطر أول قانون لجوء في الخليج في أيلول/سبتمبر الماضي، حدد مجلس الوزراء القطري الفئات التي يحق لهم التقدم بطلب اللجوء السياسي، بالإضافة إلى الحقوق و”المزايا” التي يتمتع بها اللاجئ السياسي.
ونشرت الجريدة الرسمية في قطر يوم الثلاثاء (21 أيار/مايو) قرار مجلس الوزراء القطري، والذي تضمن تفاصيل أكثر عن قانون “تنظيم اللجوء السياسي” (القانون رقم 11 لعام 2018) والمكون من 18 مادة.
من يحق له التقديم؟
فصّل مجلس الوزراء القطري في قراره الفئات التي يحق لها التقدم بطلب اللجوء السياسي وهي:
– المدافعون عن حقوق الإنسان الذين يتعرضون للملاحقة والتهديد بالاعتقال أو السجن أو التعذيب بسبب مواقفهم ضد انتهاكات حقوق الإنسان.
– مراسلو ومندوبو وسائل الإعلام المرئية والمكتوبة الذين يعملون على توثيق وتصوير الوقائع والأفعال التي تشكل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، ويتعرضون للملاحقة والتهديد بسبب عملهم.
– الكتاب والباحثون الذين يعبرون عن آرائهم في الصحف والمجلات أو المدونات الإلكترونية ويتعرضون للملاحقة والتهديد بسبب ذلك.
– المنتمون لأحزاب سياسية أو طوائف دينية أو أقليات عرقية ويكونون عرضة للملاحقة أو الاضطهاد بسبب هذا الانتماء.
– المسؤولون الحكوميون أو الحاليون المعارضون لحكوماتهم أو المنشقين عنها ويخشون التعرض للملاحقة والتهديد بسبب ذلك.
ما هي حقوق “اللاجئ السياسي” في قطر؟
بحسب قانون “تنظيم اللجوء السياسي في قطر”، وقرار مجلس الوزراء القطري بهذا الشأن، فإن اللاجئ السياسي “يتمتع بالمزايا والحقوق التالية”:
– إمكانية استقدام زوجته وأفراد أسرته من الدرجة الأولى: بشرط ألا يجاوز عمر أولاد اللاجئ الذين سيتم استقدامهم 18 عاماً
– تلقي إعانة مالية شهرية، لحين توافر فرصة عمل له:
الحد الأدنى لهذه الإعانة ثلاثة آلاف ريال قطري (820 دولارا) ومبلغ 800 ريال (220 دولارا) لزوجته ولكل ولد من أولاده ممن لم يبلغوا الثامنة عشرة.
– توفير السكن له ولأفراد عائلته
– تلقي الرعاية الصحية والتعليم
– توفير فرصة عمل: باستثناء الوظائف المتعلقة بأمن البلاد.
– الحصول على وثيقة سفر:
يحق للاجئ السياسي الحصول على وثيقة سفر، بحسب القانون، “ما لم تكن هناك أسباب تتصل بالأمن الوطني أو النظام العام تحول دون ذلك”. ولا يجوز للاجئ السياسي أو أي من أفراد أسرته البقاء خارج البلاد أكثر من ستة أشهر متصلة.
– “حرية التنقل والسفر”.
– “حرية العبادة وممارسة الشعائر الدينية”.
– “حق التقاضي”.
القانون “لا يتوافق تماماً مع القانون الدولي”
ورغم إشادة منظمات دولية بإصدار أول قانون لجوء في الخليج، إلا أنها أشارت إلى أن قانون اللجوء القطري “لا يتوافق تماماً مع القانون الدولي لحقوق الإنسان وقانون اللاجئين”.
وقالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” في تقرير لها إن قانون اللجوء السياسي في قطر “يعتبر قدوة للمنطقة، لكنه لا يفي بواجبات قطر الدولية ولا سيما بخصوص قيودها على حرية التعبير والحركة”، مشيرة إلى أنه “لا يتوافق تماماً مع القانون الدولي لحقوق الإنسان”.
وقالت لما فقيه، نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط في “هيومن رايتس ووتش”: “يمثّل قانون اللجوء في قطر خطوة كبيرة إلى الأمام في منطقة غنيّة أغلقت أبوابها تاريخيا في وجه اللاجئين”، وأضافت: “على قطر أن تذهب أبعد من ذلك، وأن تعدّل القانون ليتماشى بالكامل مع التزاماتها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان وقانون اللاجئين”.
ما هي المواد الإشكالية في القانون؟
بحسب “هيومن رايتس ووتش” فإن المادتان 10 و11 من القانون “تنتهكان العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية”، وهي معاهدة حقوق أساسية انضمت إليها قطر مؤخراً.
فالمادة 11 من القانون تحظر على طالبي اللجوء واللاجئين المعترف بهم ممارسة نشاط سياسي أثناء إقامتهم في قطر، وتجيز لوزير الداخلية إبعادهم إلى بلد يختارونه إن فعلوا ذلك.
أما المادة 10 فتفرض على اللاجئين الحصول على الموافقة إذا أرادوا الانتقال من مكان إقامتهم المحدد من قِبل الحكومة، بخلاف المقيمين الآخرين بشكل دائم وقانوني.
مواد أخرى وجهت إليها المنظمة انتقادات
المادة 8 التي لا تسمح لطالب اللجوء المرفوض بالاستئناف أمام محكمة أو هيئة قضائية، رغم أنها تسمح له بالتظلم إلى رئيس مجلس الوزراء. وتشير هيومن رايتش ووتش إلى أن القانون الجديد لا يفرض على الهيئات الإدارية الكشف عن مبررات الرفض، وتطالب المنظمة قطر بـ”تعديل القانون لإدراج إشارة إلى إجراءات عادلة وكاملة لدراسة طلبات اللجوء، ومن ضمنها المقابلات السرية وغير العدائية والحق في استئناف طلب مرفوض أمام محكمة أو هيئة قضائية”.
المادة 7 التي تنص على أن وزير الداخلية يصدر قراراً بشأن طلب اللجوء خلال 3 أشهر من رفع توصية “لجنة شؤون اللاجئين السياسيين”، وتعتبر أن مضي المدة المشار إليها دون رد على الطلب يعتبر رفضاً ضمنياً.
من جهتها اعتبرت منظمة العفو الدولية أن إصدار قطر قانوناً بشأن اللجوء السياسي “خطوة إيجابية أضعفتها بعض الجوانب الإشكالية”.
ومن هذه الجوانب ذكرت المنظمة السلطات التقديرية الواسعة الممنوحة لوزير الداخلية فيما يتعلق بطلبات اللجوء، وسلطات وزير الداخلية في ترحيل اللاجئين في حالة اشتراكهم في “أنشطة سياسية” داخل قطر.
“قانون في دولة ليست دولة قانون؟”
ويرى الدكتور علاء الحمارنة، الباحث في مركز دراسات العالم العربي في ألمانيا، أن القضية الأهم في مسألة إصدار قانون للجوء في قطر “ليس نص القانون نفسه، بل تطبيق ذلك القانون في دولة ليست دولة قانون بالضرورة”.
ويضيف الحمارنة لـمهاجر نيوز: “دول الخليج في الغالب ليست دولاً ديمقراطية أو دول قانون بالضرورة، فالقوانين التي تصدرها حالياً وخصوصاً بعد الأزمة الخليجية لها غايتان: الأولى تحسين صورتها على المستوى العالمي، والثانية لها علاقة بسياساتها البراغماتية أو ضرورات التغيير في المجتمع”.
ويتابع الخبير: “تطبيق القوانين في الدول الخليجية يتم في إطار شخصي وليس في إطار دولة قانون”، مضيفاً أن “اختيار من سيستفيد من هذه القوانين يخضع للتوجه السياسي في قطر”. ويقول: “قد يتم استخدام القانون لمنح اللجوء للشخصيات التي كانت منخرطة في إطار السياسة القطرية في المنطقة، سواء من الإخوان المسلمين أو غيرهم”.
ويعتقد الحمارنة أن الدول العربية مازالت بعيدة عن إصدار قانون لجوء يقارب قوانين اللجوء الأوروبية، ويضيف: “عندما تصل الدول العربية إلى مستوى قريب ولو نسبياً من إحدى الدول الأوروبية فيما يتعلق بسيادة القانون وحقوق المواطنة، عندها قد نرى قانون لجوء عربي يشبه قانون لجوء أوروبي ولو بشكل نسبي”، ويختم: “لكن الطريق ما يزال طويلاً”.