كشف الرئيس الأسبق عن الاتصالات التي أجراها قبل وبعد الغزو العراقي للكويت في أغسطس 1990، انتهاءً بمشاركة مصر بقوات عسكرية ضمن تحالف دولي لتحرير الكويت، لكنه عبر عن رفضه آنذاك لدخول القوات المصرية العراق آنذاك للقبض على الرئيس صدام حسين.
وقال مبارك في مقابلة مع الإعلامية الكويتية فجر السعيد نشرتها صحيفة “الأنباء” الكويتية اليوم: “بعد موافقة مجلس الشعب (البرلمان) أرسلت قوات للسعودية ضمن قوات التحالف لتحرير الكويت والشيخ زايد (رئيس دولة الإمارات آنذاك) طلب مني قوات لحماية آبار البترول عنده فأرسلت له لواء صاعقة”.
وأضاف: “القوات في السعودية كانت مهمتها محددة بتحرير الكويت وليس دخول العراق.. ولما كلمني الرئيس الأمريكي (جورج بوش) قبل نهاية الحرب يأخذ رأيي في دخول قوات التحالف للعراق للقبض على صدام حسين.. قلت له لن يدخل جندي مصري للعراق، وإذا أنت أقدمت على هذا ستخسر الدعم العربي.. ولذلك تراجع عن هذه الفكرة وانتهت الحرب بتحرير الكويت”.
وتحدث عن الظروف التي عقدت فيها القمة العربية التي استضافتها مصر بعد أيام من الغزو العراقي للكويت، مشيرًا إلى أنه دعا في 8 أغسطس 1990 إلى قمة عربية عاجلة، وعقدت بالفعل في اليوم التالي.. “وشهدت القمة تراشقات ومحاولات لإفشالها بكل الطرق.. السعودية كانت عايزة قرار يمكنها من دعوة قوات أجنبية لحمايتها وتحرير الكويت.. القوات العربية لم تكن مشكلة لأن إحنا عندنا اتفاقية الدفاع العربي المشترك.. وأنا لاحقًا أخذت موافقة البرلمان وأرسلت قوات مصرية للسعودية والإمارات”.
وتابع: “الوفد العراقي لما جه طلب عدم حضور وفد الكويت على أساس انهم ضموا الكويت للعراق.. شيء غير معقول.. وحصل ما بينهم وما بين الوفد الكويتي تراشق بالألفاظ في مقر المؤتمر.. وأنا كنت وفرت للوفد العراقي مقر إقامة مستقل منعا لأي احتكاك بينهم وبين الوفد الكويتي لأن الموقف كان ملتهبا.. قابلت الوفد العراقي اللي كان برئاسة طه ياسين رمضان (نائب الرئيس العراقي(.. قالي مش عايز الوفد الكويتي يتكلموا في المؤتمر.. قلت له الكويت دولة عربية ذات سيادة.. امال احنا عاملين مؤتمر قمة ليه؟ عشان نوافق على الاحتلال؟ طبعا ما سألتش فيهم.. ولما بدأنا الجلسة وجدت البعض عايز يتم طرح مشروع القرار على طول.. والبعض الآخر عايز يزايد علينا”.
وأوضح أن الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات “اقترح تشكيل وفد مني ومن الشيخ زايد وآخرين ونروح نقابل صدام.. قلت له لا روح انت.. القذافي كان عمال يعترض على إدارة الجلسة وعايز يبوظ التصويت.. أنا أصريت ان الكل يتكلم الأول وبعدين أعرض مشروع القرار للتصويت. الأمين العام للجامعة كان تونسي.. الشاذلي القليبي.. مع سخونة الجلسة وجدته مرتبك في حصد الأصوات على مشروع القرار.. فأخذت زمام الأمور وبدأت في التصويت وحصل القرار على الأغلبية واعتمد القرار ورفعت الجلسة”.
وكشف مبارك: “وأنا خارج من القاعة سمعت الوفد العراقي يوجه لي السباب فتجاهلتهم.. هما كانوا عايزين اشتباك لإفشال القمة.. القذافي برده كان زعلان وبيحتج.. ورجعت للقذافي بعد كده في القاعة لأنه فضل قاعد جوه وغضبان.. احتويته وقلت له يا معمر التصويت بالأغلبية وأخذته في نفس اليوم هو وحافظ الأسد في زيارة للإسكندرية واحتويت الأمر.. وفشلت محاولات إفشال القمة.. الفشل كان يعني القبول بالأمر الواقع وترك السعودية ودول الخليج تحت تهديد صدام.. ده كان وضع لا يمكن قبوله”.
وقال إنه حذر صدام مرات عديدة.. “أبلغته بأن قراءته للمشهد الدولي خاطئة، قلت له ان العمل العسكري قادم ضدك لا محالة إذا لم تنسحب.. بس ما كانش في فايدة.. ورد عليا من خلال تصريح لوزير إعلامه قالي انت خفيف ومش فاهم الوضع”.
وقال إنه كان هناك تنسيق عسكري وسياسي حول عملية تحرير الكويت، لاقتًا إلى أن “الرئيس الأميركي بوش أبلغني تلفونيًا فجر يوم 16 يناير (1991) أنه سيوجه خطابا للشعب الأميركي يعلن فيه بدء تحرير الكويت.. ده كان حوالي ساعة قبل إلقاء بيانه وبدء الضربة الجوية”.
وذكر أن “الحرب الجوية استمرت حوالي أربعين يوما.. وصدام حاول جر إسرائيل في هذه الحرب بإطلاق صواريخ سكود عليها.. أتذكر انني أُبلغت فجرا يوم إطلاق أول صواريخ سكود على اسرائيل، والكل توقع ان ترد اسرائيل وتضرب العراق.. اتصلت بالرئيس الأميركي على الفور وأبلغته انه يجب ان يمنع اسرائيل من الرد على هذه الصواريخ لأن هذا سيعقد الأمور ويسبب مشاكل للقوات العربية المشاركة في تحرير الكويت.. وبالفعل تفهم الرئيس بوش ونجح في إقناع اسرائيل بعدم الرد وزودهم بصواريخ باتريوت للتعامل مع صواريخ سكود.. دي كانت نقطة حرجة جدا أثناء الحرب”.
وأشار إلى أنه حذر الإدارة الأمريكية آنذاك من دخول العراق وهو ما استجاب له الرئيس الأمريكي، لافتًا إلى أن “القوات المصرية كانت أمام الحدود الكويتية ورفضت أي تمركز لها أمام حدود العراق.. مهمتنا كانت واضحة.. المشاركة في تحرير الكويت وليس دخول العراق أو الاعتداء عليه”