بعد أكثر من 45 عامًا على اندلاع حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973م، رمضان 1393هـ؛ أبرز جولات الصدام العسكري العربي الإسرائيلي، ما تزال ذكراها حاضرة في الوعي المصري الخاص أو العام، خاصة مع إصرار النظام المصري على استحضارها كل حين، لا سيّما في الذكرى السنوية لاندلاعها، من أجل تعزيز الصورة الإيجابية للجيش في أذهان المصريين.
تركز الرواية الرسمية للحرب، والتي يتم تضمينها في مناهج التاريخ المدرسية، على أنها كانت انتصارًا كاملًا ونادرًا، ومعجزةً عسكرية حيَّرت الخبراء حول العالم، خاصة فيما يتعلق بعملية العبور. وهذا الكلام السابق رغم ما يحمله بالفعل من بعض الحقائق، فإنه لا يخلو من مبالغاتٍ غير حقيقية، هدفها الترويج السياسي. في السطور التالية، وعبر ثمانية نقاط رئيسية، سنجلو الكثير من الحقائق على تلك الحرب العظيمة، بحلوِها ومرٍّها، وسنزيل عبرَها غبار الترويج الدعائي، والتاريخ المدرسي.
سنعتمد على مذكرات الفريق سعد الدين الشاذلي، الذي قدَّم رواية لإرهاصات الحرب وأحداثها، تخالف كثيرًا الرواية الرسمية، لكنها رواية متماسكة، غنية بالتفاصيل، ويمنحها قدرًا عاليًا من المصداقية والمنطقية أن كاتبها هو رئيس أركان الجيش المصري، قبل الحرب بعامين ونصف، وأثناء الحرب، وحتى شهريْن بعدها، والمطلع على كل صغيرةٍ وكبيرةٍ في المشهد العسكري آنذاك، والذي زار الجبهة مراتٍ عدة أثناء الحرب، ومرتيْن على الأقل بعد بداية الثغرة الإسرائيلية في 15 أكتوبر 1973م.
سنعتمد أيضًا على مذكرات الفريق عبد الغني الجمسي، رئيس هيئة عمليات القوات المسلَّحة آنذاك، والذي قدَّم رواية متوازنة، لكنها غير بعيدة عن الرواية الرسمية للأحداث. بالإضافة إلى بعض المصادر الأجنبية.
1. لم يكن أمام مصر إلا أن تُحارب!
نجح السادات بالكاريزما الشخصية التي اشتهر بها، وبقدراتِه الخطابية، وبذكاء استخدامِه للإعلام، في التسويق لنفسه كبطلٍ للحرب والسلام، وما تزال نسبة غير قليلة من المصريين حتى يومنا هذا، تحتفي به، وبقرار الحرب الشجاع الذي اتخذه.
ما قد لا يعلمه الكثيرون، أن السادات لم يكن ليمكث على كرسي الرئاسة بضعة أشهر، لو لم يحارب، محاولا استرداد سيناء. كان الجيش من أكبر قائدٍ إلى أصغر عسكري يغلي بالاحتقان، رغبةً في الثأر من جيش الاحتلال، بعد هزيمة 1967 القاسية، وكانت أية بادرة تراخٍ من القيادة السياسية في السعي نحو الحرب آنذاك، تعني احتمالية انقلاب عسكري.
علاوة على نقطة اجتماعية هامة، تتعلق بالتعبئة العسكرية الواسعة للكثير من المدنيين؛ جامعيين ومهنيين، لتعزيز صفوف القوات المسلحة. إذ كانت حياة الكثيرين متوقفة بسبب طول مدة التجنيد، وكانوا يتوقون لاندلاع الحرب في أقرب وقت، ليتسنَّى لهم تحرير الأرض، ومن ثمَّ يتم تسريحهم، والعودة لحيواتهم.
أما باقي دوائر الدولة، ومؤسساتها السيادية والسياسية، فلم يكنْ موقفها يختلف كثيرًا عن موقف الجيش، خصوصًا وأن الميراث الناصري ورجاله، كانوا لا يزالون يمتلكون اليد العليا، ومفاصل الدولة. وعندما نجح السادات فيما يُعرف بـ«ثورة التصحيح» في 15 مايو (أيار) 1971، في الإطاحة بمراكز القوى الناصرية – كما كان يطلق عليهم – مثل وزير الدفاع الفريق محمد فوزي، ووزير الداخلية شعراوي جمعة.. وغيرهما، فإن من أبرز ما قبل آنذاك لتبرير ذلك؛ أن مصرَ لا يمكن أن تُحارب وبها رأسان يتنازعان صلاحيات الحكم والقرار.
على صعيد المجتمع المصري، كانت الغالبية الساحقة تنتظر بفارغ الصبر اندلاع الحرب، وتجلَّى هذا في المظاهرات الطلابية العنيفة التي اندلعت في جامعة القاهرة في يناير (كانون الثاني) 1972، احتجاجًا على مماطلة السادات، وكان عماد تلك الانتفاضة الطلابية، التياراتِ اليسارية والناصرية. ورغم نجاح السادات في قمع تلك الاحتجاجات، فإن جذوتها كانت لا تزال تحت السطح، ويمكن أن تندلع مجدَّدًا، ويلتف حولَها جموع أكبر من الشعب المصري في حالة استمرار حالة اللاسلم واللاحرب مع العدو.
وحتى الخصوم الأيدولوجيين لليسار والناصريين؛ التيارات الإسلامية، التي أطلق السادات الآلاف من منتسبيها من السجون، لخلق توازن مع المد اليساري والناصري المهيمن منذ الحقبة الناصرية؛ اجتمعوا مع خصومهم في الضغط باتجاه الحرب مع إسرائيل لأنها «جهادٌ واجبٌ في سبيل الله».
إذًا نجد أن قرار الحرب الذي اتخذه السادات، لم بكن منه مفر، إن لم يكن من أجل مصر، والإيفاءِ بقسمه الجمهوري بحفظ الوطن وسلامة أراضيه، فمن أجل الحفاظ على استقرار حكمه.
2. انتصار عسكري.. ولكن
«حدود إسرائيل تكون حيث يقف جنودها». *بن جوريون، أول رئيس وزراء لإسرائيل
في ثنايا حديثها عن «حرب يوم كيبور» – كما تعرف إسرائيليًا ودوليًا -، تذكر الموسوعة البريطانية أن تلك الحرب شنتها مصر وسوريا لتحسين شروط التفاوض مع إسرائيل. ثم تذكر الموسوعة، أن الهجوم العربي بدا عاتيًا في أول الحرب، بشكلٍ غير متوقع، بالنظر إلى الأداء الكارثي في الحرب السابقة عام 1967. لكن مع تدفق الإمدادات الأمريكية، استطاعت إسرائيل قلب الميزان، واستردَّت معظم الجولان السوري، وكادت تتقدم نحو دمشق، وبالتوازي، اخترقت المواقع المصرية في ما يعرف بالثغرة، وقامت قواتها بعبور مضاد غرب القناة، نجحت من خلاله في الالتفاف حول مؤخرة الجيش المصري الثالث، وقطع إمداداته، وحصاره؛ مما مكَّنها من تحسين موقعها في مفاوضات الحرب.
يقدم محررو موقع «هيستوري» المرموق رواية مشابهة، يذكرون فيها صراحة أن إسرائيل انتصرت في حرب أكتوبر رغم تكبدها خسائر ثقيلة، إلا أن الانتصارات الأولية التي حققتها مصر، أعطت قيادتها الزخم الكافي في المفاوضات، لتنجح في التوصل عبر اتفاقيتيْ فصل القوات 1974/1975، إلى انسحاب إسرائيل من غرب القناة، ومن أجزاء من سيناء، وصولًا إلى توقيع معاهدة السلام مارس (آذار) 1979، وإتمام الانسحاب الإسرائيلي من سيناء.
قد تبدو الرواية السابقة صادمة لبعض المصريين، ومنحازة لإسرائيل، لكنها أقرب للحقيقة – كما سنبيِّن – من الرواية المصرية الرسمية. لاشك أن حرب رمضان/أكتوبر 1973، خاصةً على الجبهة المصرية، شهدت أداءً عسكريًا متميزًا.
تجلَّى في الأسبوع الأول من الحرب. إذ نجحت القوات المصرية في العبور بخمسة فرق مشاة كاملة، قوامها 80 ألف جندي ومئات الدبابات؛ مانع قناة السويس المائي الصعب، واقتحام الساتر الترابي الرابض على ضفتها الشرقية. والاستيلاء على معظم حصون خط بارليف العسكري، ثم الاندفاع شرقًا، لمسافة 10-12 كم بطول الجبهة، وهو العمق الأقصى الذي يغطي سماءه حائط صواريخ الدفاع الجوي المصري الشهير المنتصب غرب القناة، والذي كان يكسر من حدة التفوق الجوي الإسرائيلي الكاسح.
وبهذا تمَّ تنفيذ الهدف الرئيس من الخطة الحربية المصرية بحسب ما ذكره الفريق الشاذلي رئيس الأركان في مذكراته. كما تصدَّت القوات المصرية على طول الجبهة – يوم 8 أكتوبر – للهجوم المضاد الإسرائيلي الرئيس، وكبَّدتها خسائر ثقيلة، بمئات القتلي والجرحى، وتدمير كتائب مدرعة بأكملها، وإسقاط عشرات الطائرات الحربية. وفي الأيام التالية 9-13 أكتوبر، ثبَّتت فرق المشاة المصرية الخمسة مواقعها، وتخندقت جيدًا، وكبَّدت العدو خسائر متواصلة في محاولاته الفاشلة للاختراق.
لكن منذ يوم 14 أكتوبر؛ انقلب المشهد. فشل تطوير الهجوم شرقُا، وتكبَّدت مصر خسائر فادحة؛ ما سمح لإسرائيل بالقيام باختراقٍ، وعبور مضاد إلى غرب القناة، فيما عرف بعملية الثغرة، والتي وصلت خلال أسبوع إلى ذروتها بحصار الجيش المصري الثالث، ومحاولة احتلال مدينة السويس.
سمحت الثغرة، وحصار الجيش الثالث، أن تتفاوض إسرائيل من موضع قوة، حتى أنها اشترطت أن تتم مفاوضات فصل القوات في الكيلو 101 طريق القاهرة السويس، وهو أبعد نقطة وصلتها قواتها غربًا. كما سمح ذلك الانتقاص من النصر للسادات بأن يسوِّق للتنازلات الهائلة التي قدَّمها على حساب القضية العربية والتي تكلَّلت باتفاقية السلام عام 1978.
3. إسرائيل كانت على علمٍ بوقوع الهجوم يوم 6 أكتوبر
خلال الشهور السابقة للحرب، نفَّذت مصر خطةً جيدةَ للتمويه الاستراتيجي، فرفعت حالة الاستعداد للحرب عدة مرات؛ مما كان يضطر إسرائيل لتعبئة الاحتياطي، ثم تسرح قواتها دون حرب. ولذا ترددت القيادة الإسرائيلية في تعبئة الاحتياطي في المرة التي تزامنت مع عيد الغفران الإسرائيلي أكتوبر 1973، والتي كانت الحرب الفعلية.
لكن مؤخرًا ثارت ضجة بعد صدور كتاب «الملاك»، للكاتب الإسرائيلي القريب من دوائر الاستخبارات، يوري جوزيف، والذي سرد فيه قصة أشرف مروان صهر عبد الناصر، وسكرتير السادات، الذي كان يتخابر مع إسرائيل قبل الحرب بسنواتٍ، وأكَّد فيه أن مروان حذَّر إسرائيل من هجوم وشيك يوم 6 أكتوبر، لكن القيادة الإسرائيلية توقعت أن يكون الهجوم بعض الغروب، لخوف العرب من التفوق الجوي الإسرائيلي، ما أسهم في عدم قيام إسرائيل بضربة استباقية نهار 6 أكتوبر.
يؤكد ما سبق، ما ذكره هنري كسنجر – وزير الخارجية الأمريكي آنذاك – في مقدمة الفصل 11 من مذكراته «حرب في الشرق الأوسط»، أن الإسرائيليين أبلغوه قبل اندلاع الحرب الفعلية بساعة ونصف أن مصر وسوريا على وشك الهجوم، وأنه تمَّ رصد تحركات مكثقة لقواتهما بالجبهة.
4. لم يكن الدور العربي ضئيلًا
رددت الرواية الرسمية المصرية، المسارعة إلى السلام مع إسرائيل، والدوران في الفلك الأمريكي بعد الحرب، بأن الدعم العربي لم يكن كافيًا لأن تحارب مصر طويلًا، ورغم ما في هذا الادعاء من بعض الصواب، فإن ما يحمله من المبالغة أكثر.فقد أسهمت دول عربية عدة، وبعضها بعيدٌ عن المواجهة كالجزائر، إسهاماتٍ مادية وبشرية وعسكرية خصّّص الفريق الشاذلي لتفاصيلها، الباب السادس في مذكراته.
بدأ الدعم بعد هزيمة 1967، بأسابيع في مؤتمر القمة العربي الشهير بالخرطوم، مؤتمر اللاءات الثلاثة: لا صلح، لا تفاوض، لا اعتراف بإسرائيل؛ والذي تعهَّد فيه القادة العرب بتقديم الملايين من الدولارات لدعم مصر لإعادة بناء القوات المسلحة.
يذكر الفريق الجمسي في مذكراته في ص 182 فصل حرب الاستنزاف 1969-1970م، أنه مع اشتداد القصف الجوي الإسرائيلي للعمق المصري، تمَّ نقل بعض المؤسسات الحيوية المصرية إلى السودان وليبيا، خارج مدى قصف الطيران الإسرائيلي آنذاك، ومنها الكلية الحربية إلى الخرطوم، والبحرية إلى طبرق شرقي ليبيا، كذلك تمَّ نقل بعض القطع البحرية المصرية إلى الموانئ الليبية.
وأثناء الحرب، تدخَّلت القوات العراقية، وعلى رأسها فرقة مدرعة كاملة بالجبهة السورية يوم 12 أكتوبر، وأسهمت بشكل فعال في إيقاف التقدم الإسرائيلي نحو دمشق، وأعادت الاتزان إلى تلك الجبهة المختلة، بحسب ما ذكر الفريق الجمسي في مذكراته.
وبالطبع لا يٌنسى الحظر البترولي العربي ضد إسرائيل والدول الداعمة لها، والذي حوَّل أزمة الشرق الأوسط إلى أزمة عالمية، ودفع القوى الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة إلى الضغط على إسرائيل للبدء في تنفيذ التزاماتها بعد الحرب. ولم يتم رفع الحظر البترولي نهائيًا إلا بحلول مارس (آذار) 1974، بعد اتفاقية فض الاشتباك بين سوريا وإسرائيل.
5. لم يتخلَّ السوفييت عن المصريين.. لا قبل الحرب ولا أثناءَها
«لما نكون أصدقاء الروس، نطلَّع الروس السما! ولما نكون قطعنا الخط مع الروس، يبقى الروس ما بيدوناش. مش ممكن.. مش ممكن، هذا تزوير للتاريخ!». *تصريحالفريق سعد الدين الشاذلي، في الحلقة السادسة من شهادته على العصر.
من أهم ما روَّج به السادات ميله إلى الجانب الأمريكي، اتهامه للاتحاد السوفيتي بالتقصير في الدعم، والتقليل مما قدَّمه لمصرٍ في الحرب كأهم حليفٍ لها. لا نقصد هنا امتداح الاتحاد السوفييتي، وموقفه من الصراع العربي الإسرائيلي، فقد كان الدولة الأولى في العالم اعترافًا بقيام إسرائيل عام 1948، وله مصالحة الخاصة.
لكن ومع اشتداد الحرب الباردة بين قطبيْ العالم آنذاك، ورغبة السوفييت في موطيء قدم لنفوذهم في الشرق الأوسط، بدأ الاتحاد السوفييتي يلعب دور الحليف السياسي والعسكري للعرب، خاصة دول المواجهة مع إسرائيل، ذات الحكومات الاشتراكية – آنذاك – الأقرب للسوفييت عن الأمريكيين؛ وهكذا أصبح تسليح معظم الدول العربية سوفييتيًا.
بعد الهزيمة القاسية 1967م، تتابعت صفقات السلاح السوفييتي، لإعادة بناء القوات المسلحة التي فقدت الجانب الأكبر من أسلحتها الثقيلة؛ وقدم السوفييت تسهيلاتٍ كبيرة في الدفع كما ذكر الفريق فوزي وزير الحربية آنذاك في مذكراته صـ 362. ذكر الشاذلي أن مشكلة التسليح السوفييتي لم تكن في «كم» الأسلحة ، إذ كان يوجد فائض في بعض الأسلحة مقارنة بالأفراد، إنما في «الكيف»، إذ كان التسليح الأمريكي خاصة الطائرات، متفوقًا فنيًا بجيليْن أو ثلاثة على السوفييت.
في عام 1970، تدخل السوفييت بشكل مباشر بطلب من عبد الناصر، وأرسلوا 100 طائرة بطياريها، وكتائب من الدفاع الجوي، لحماية العمق المصري من الغارات الإسرائيلية التي تكثَّفت مع انهيار الدفاع الجوي المصري أواخر 1969. وبالفعل اشتبكت الطائرات السوفيتية والإسرائيلية يوم 18 أبريل (نيسان) 1970، ثم تمكَّنت مصر بحلول منتصف 1970؛ من إتمام حائط الصواريخ السوفيتية المضادة للطائرات غرب القناة، والذي حدَّ من التفوق الجوي الإسرائيلي، وبدونه لم يكن للعبور أن يحدث. وكان الخبراء السوفييت يقدمون الدعم الفني في إدارة تلك الصواريخ، لحين استكمال تدريب الطواقم المصرية.
ورغم إنهاء السادات خدمة مئات الخبراء السوفييت عام 1972، التزم السوفييت عند اندلاع الحرب، بتعويض الذخائر المستهلكة، وقطع الغيار الحيوية للأسلحة. في الحلقة التاسعة من شهادته على العصر عبر قناة «الجزيرة» عام 1998؛ عرض الفريق الشاذلي جدولًا توضيحيًا لحجم الإمدادات العسكرية التي قدمتها القوتيْن العظمييْن لكل طرف في المعركة، إبان حرب أكتوبر. تظهر الأرقام أن مجموع الإمدادات العسكرية الأمريكية لإسرائيل بالأسلحة والذخائر بلغ أكثر من 60 ألف طن. في المقابل، فإن الاتحاد السوفييتي قدَّ زوَّد مصر وسوريا بأكثر من 78 ألف طن
سياسيًا، حاول السوفييت كما يذكر الفريق الجمسي في الصفحة 375 من مذكراته؛ بعد ثلاثة أيام من الحرب، إقناع السادات بإعطائهم الضوء الأخضر لفرض وقفٍ لإطلاق النار عبر مجلس الأمن، للحفاظ على المكتسبات العربية الأولية، استغلالًا للاضطراب الإسرائيلي، قبل تكامل وصول الإمدادات الأمريكية، لكن السادات رفض بتصلب. في اليوم التالي بدأت الأمور تتدهور على الجبهة السورية، وبعد بضعة أيام لحقتها الجبهة المصرية بعد بدء عملية الثغرة.
يذكر الفريق الشاذلي أن السادات عاد يوم 21 أكتوبر، بعد تفاقم الثغرة، وطلب من السوفييت التدخل لوقف إطلاق النار، والذي تمَّ إعلانه فعلًا يوم 22 أكتوبر، لكن لم تلتزم به إسرائيل بعد تحسن وضعها، واستمرت بضعة أيام تتقدم جنوبًا وغربًا، مستكملة تطويق الجيش الثالث، وتدمير مواقع حائط الصواريخ في مناطقه، وحاولت احتلال مدينة السويس، وهي الرواية التي ذكرها الفريق الجمسي أيضًا في مذكراته.
6. تدخل القيادة السياسية تسبب في حدوث الثغرة!
«نظرًا للوضع المركزي التي تتمتع به إسرائيل، ونظرًا لتفوقها الساحق في الطيران، لا تستطيع الجبهة المصرية أن تخفِّف الضغط عن الجبهة السورية، ولا الجبهة السورية تستطيع أن تخفِّف الضغط عن الجبهة المصرية، فيما لو حدث أن ركَّز العدو على إحدى الجبهتيْن. ولذا لا بد أن تمتلك كل جبهة القدرة على الصدّ بمفردها». *الفريق سعد الدين الشاذلي، رئيس أركان حرب الجيش المصري الأسبق بتصرف، نوفمبر (تشرين الثاني) 1971، في مؤتمر مجلس الدفاع العربي المشترك.
ركَّز الشاذلي كثيرًا على تفاصيل الثغرة في مذكراته، خاصة في الفصل 39 الذي خصَّصه لانتقاد عملية تطوير الهجوم شرقًا. ذكر الشاذلي أيضًا في لقاءاته الإعلامية وفي مذكراته، أن الهدف الرئيس من الخطة الحربية المصرية في حرب رمضان/ أكتوبر، كان تعديل الميزان المختل بيننا وبين العدو الإسرائيلي.
وأوضح أن سبيل ذلك هو إلحاق أكبر قدرٍ ممكن من الخسائر العسكرية والبشرية؛ التي لا يقدر العدو الإسرائيلي قليل السكان على تحملها، وإطالة زمن الحرب، لإجباره على الاستمرار في حشد الاحتياطي العسكري الكامل والذي قد يصل إلى 18% من إجمال سكان الكيان، وما يترتب على ذلك من الإضرار الشديد بمعظم الأنشطة الاقتصادية والحياتية في الداخل الإسرائيلي.
وكانت «الخطة بدر» تقتضي احتلال الضفة الشرقية لقناة السويس، وخط بارليف، والسيطرة على عمق 10-12 كم من أرض سيناء بطول الجبهة، وهو العمق الذي تحميه شبكة حائط صواريخ الدفاع الجوي المصري. بذلك يكون الموقف العسكري المصري قد تحسَّن كثيرًا، إذ أصبح لدينا جيشيْن ميدانييْن كامليْن داخل سيناء، لا يفصلهما عن العدو سوى الصحراء، بدون موانع دفاعية يشتغلها العدو، ويمكن بعد سنوات أخرى من الاستعداد للمعركة كمًّا وكيفًا، أن تبدأ حرب التحرير الفعلية من موقعٍ أقوى.
عصفت تدخلات السادات في إدارة المعركة – والذي لم يكن له خبرة قتالية وعسكرية تُذكر – بهذا المبدأ السابق، وتجلَّى ذلك في قراره الأحادي الذي فرضه على رئيس الأركان وقائدي الجيشين الثاني والثالث الموكل بهما التنفيذ، بتوسيع الهجوم 40-50 كم شرقًا لاحتلال منطقة المضايق الجبلية، وهي ممرات حيوية بين غرب سيناء ووسطها، مبررًا ذلك، بالرغبة في تخفيف الضغط الإسرائيلي على الجبهة السورية (وقد فنَّد الشاذلي تلك الفكرة تفصيليًا في الفصل 39 أيضًا، وبيَّن أن إسرائيل عمليًا كانت تستطيع محاربة الجبهتيْن معًا بشكلٍ منفصل).
فيما يذكر الفريق الجمسي في الصفحة 378، أن الموقف على الجبهة السورية قد بدأ في الاتزان يوم 12 أكتوبر مع التدخل العراقي العسكري الواسع، ثم وصول لواء مدرع أردني يوم 13. يثير هذا تساؤلات جدية عن صحة الحجة المتعلقة بتخفيف الضغط عن سوريا.
جدير بالذكر أن الأيام السابقة لتطوير الهجوم شرقًا قد شهدت واقعتيْن كانتا من المُفترض أن تساهما في ثنيْ القيادة المصرية عن عملية التطوير خارج حماية حائط الصواريخ.
الأولى يوم 10 أكتوبر عندما كُلٍّف اللواء الأول مشاة (حوالي 5 آلاف جندي) التابع للجيش الثالث بالتقدم خارج مظلة الصواريخ مساءً، لاحتلال رأس سدر جنوبًا. تحرَّك قائد اللواء ساعتيْن قبل الغروب مخالفًا للتعليمات التي هدفها أن يحول الظلام دون تدخل الطيران الإسرائيلي. كانت النتيجة أن تعرض اللواء لقصف جوي عنيف، أدى إلى تشتت قواته، وفشل المهمة، وتوجَّه الشاذلي بنفسه إلى الجبهة للتعامل مع تلك الواقعة.
أما الثانية، فيذكر الفريق الجمسي في صفحة 401 من مذكراته، أن غرفة العمليات المصرية الرئيسة رصدت اختراق طائرة تجسس أمريكية لكامل الجبهة المصرية يوم 13 أكتوبر – ذاليوم السابق للتطوير – ما يعني أن إسرائيل أصبحت على علمٍ بكافة التحركات المصرية استعدادًا للتطوير، وأكد هذا ما ذكره الجمسي في صفحة 403 من أن كسنجر ذكر له في حديث بينهما بعد الحرب، أن الطائرة الأمريكية رصدت تحرك الفرقة 21 المدرعة من الغرب إلى الشرق استعدادًا للتطوير. ورغم ذلك، لم يكن هناك صوت يعلو لدى القيادة السياسية فوق صوت التطوير.
يوم 14 أكتوبر، تقدًَّمت 400 دبابة مصرية شرقًا خارج مدى حائط الصواريخ، فتم تدمير أكثر من نصفها في بضعة ساعات وذكر الجمسي أن الخسائر بلغت 250 دبابة، فيما انسحب الباقي. جدير بالذكر أن اللواء سعد مأمون، قائد الجش الثاني الميداني – وكان من المعارضين لتطوير الهجوم – أصيب بانفعال عصبي، وذبحة صدرية عندما بلغته أنباء الهزيمة، وتمَّ استبداله في الأيام التالية.
كانت تلك الدبابات التي خسرها الجيش كما ذكرنا، هي عمود الاحتياطي الاستراتيجي غربَ القناة، فاستغلَّت إسرائيل الفرصة، وزجَّت بقواتها لاختراق القطاع الأوسط من الجبهة، مهاجمةً ميمنة الجيش الثاني المصري، وصولًا لشاطيء القناة، ومن ثمَّ العبور غربًا، وهكذا بدأت عملية الثغرة منذ ليلة 15/16 أكتوبر، بعد أن صوَّرت طائرة تجسس أمريكية أخرى الجبهة على ارتفاع شاهق يوم 15، وتأكدت من ضعف الدفاعات غربي القناة.
حاولت الفرقة 16 مشاة المصرية منع تقدم القوات الإسرائيلية، لكنها تكبَّدت خسائر فادحة بحسب رواية الفريق الجمسي، نتيجة زج العدو بفرقة مدرعة كاملة، ولواءٍ مظلي في مواجهتها، دارت معركة المزرعة الصينية الرهيبة يوم 16 أكتوبر (منطقة شرق القناة المقابلة لمنطقة العبور المضاد التي يريد العدو الوصول إليها)، والتي خسر فيها الطرفيْن المئات من الجنود والمدرعات، لكن تمكَّنت القوات الإسرائيلية من الوصول للقناة، وإقامة معبرها في اليوم التالي، كما ذكر الفريق الجمسي.
الذي غير الموقف هو عملية «تطوير الهجوم»، بمعنى أننا حققنا النصر فعلًا، ووجهنا ضربات موجعة للعدو. ولكن إمكاناتنا كانت لا تتجاوز ما حصلنا عليه من تقدم على الأرض. الخطة الرئيسية التي أقرها الفريق الشاذلي، والتي عرفت باسم »المآذن العالية»، كانت تعتمد على حائط الصواريخ سام 2، سام 3، وهما يحققان أقصى عمق لمسافة 25 كيلومترا، وأى تجاوز لهذه المسافة يعرض سلامة القوات للخطر. * اللواء أسامة إبراهيم، قائد قوات الصاعقة التي منعت الإسرائيليين من احتلال الإسماعيلية بعد وقوع الثغرة، في حواره مع المصري اليوم أكتوبر 2013.
كان أسلوب القضاء على الثغرة محلّ خلافٍ شديد في أروقة القيادة المصرية، أبرزه الشاذلي في مذكراته، تبعًا لتطورات الثغرة. قدّم الشاذلي – الذي زار الجبهة مراتٍ عدة إبَّان الثغرة – مقترحات جريئة للقضاء عليها (تفاصيلها في الفصل 33 من مذكراته)، تتضمن سحب بعض المدرعات من الشرق للغرب (كانت أكثرية الدبابات المصرية موزعة مع فرق المشاة لدعمها)، بما لا يضر بثبات الجبهة شرقًا. فخلال 10 أيام بعد العبور، كانت فرق المشاة قد حفرت مواقعها، وأقامت تحصيناتها، ولم تعد بحاجة ماسة للدبابات، إذ تضم كل منها مئات الأسلحة المضادة للدبابات.
لكن تصلَّب السادات – والمشير إسماعيل وزير الدفاع – في رفض سحب جنديٍّ واحد غربًا، خوفًا – برأيهم – من انهيار معنويات القوات شرق القناة. والغريب، أنهما نفذا بعض مقترحات الشاذلي بعد رفضها بأيامٍ، فأبطل فعاليتها تضخم الاختراق الإسرائيلي مع التأخير.
– يوم 15 اقترح الشاذلي سحب بقايا الفرقتين 4 و21 الناجية من مذبحة التطوير (حوالي 150 دبابة)، إلى مواقعها الأصلية غرب القناة.
– يوم 16، ومن أجل وأد الثغرة، اقترح هجومًا مزدوجًا من الشرق والغرب، باستغلال الفرقتيْن المذكورتيْن، يدعمهما اللواء 25 مدرع ويُسحب من الشرق، ليهاجم الثغرة من الغرب. وكانت قوات العدو غربًا حينها أقل من لواءٍ مدرع. عوضًا عن ذلك، أمر السادات وإسماعيل بهجوم فردي من الشرق باللواء 25، فلحقته خسائر جسيمة، وفشل في مهمته (مذكرات الجمسي ص 417).
– يوم 18 أصبح للعدو خمسة ألوية مدرعة غرب القناة، وتوجه الشاذلي للجبهة.
– صباح 20، عاد الشاذلي للقيادة، وطلب اجتماعًا عاجلًا، وطلب سحب أربعة ألوية مدرعة متمركزة في النسق الثاني شرق القناة، لتنضم إلى لواءين تم توفيرهما غربًا، للقيام بهجوم شامل على الثغرة (خمسة ألوية) للقضاء عليها أو تحجيمها، لكن وصل السادات للقيادة، واجتمع بإسماعيل منفردًا، ثم خرج للقادة وطلب كلماتهم جميعًا سوى الشاذلي، ثم قال: «لن نقوم بسحب أي جندي من الشرق!».
– ليلة 21 انضم لواءان آخران لقوات العدو غرب القناة.
بعد الحرب، اتهم السادات في كتابه حث عن الذات صفحة 348، الشاذلي بأنه عاد يوم 20 من الجبهة منهارًا، يريد الانسحاب الكامل من الشرق. ندَّد الشاذلي بهذه الادعاءات كثيرًا، ونفاها الفريق الجمسي أيضًا في مذكراته، بالرغم أنه كان مؤيدًا لطريقة السادات وإسماعيل في مواجهة الثغرة.
وللمفارقة الصادمة، ففي اتفاقية فض الاشتباك الأولى 18 يناير 1974م، وافق السادات – الذي رفض المناورة بأربعة ألوية مدرعة لتدمير الثغرة أثناء الحرب – على سحب كافة القوات المصرية شرق القناة، باستثناء 7 آلاف عسكري و30 دبابة مقابل سحب إسرائيل قواتها من الثغرة، وأصبح الضامن الرئيس الآن لالتزام إسرائيل، هو قوات الطوارئ الدولية التي انتشرت بين مواقع الجيشيْن، والوعود الأمريكية بالوصول إلى اتفاقية سلام عادلة مع إسرائيل.
7. 45 ألف جندي مصري وقعوا تحت حصارٍ قاسٍ
ركزَّت الدعاية الرسمية والتي بدأتها القيادة السياسية المصرية في أعقاب الحرب، على التقليل من الأثر السياسي والعسكري لثغرة الدفرسوار لأهدافٍ دعائية، لكن على أرض الواقع، كانت لقصة الثغرة مآلاتٌ شديدة الخطورة، كان أصعب تجلياتها، هو الحصار الخانق الذي تعرض له الجيش الثالث الميداني لأسابيع، والذي كان يمثل حوالي 40% من القوة الضاربة المصرية المشاركة في الحرب.
في الجزء التاسع من شهادته على العصر، بيّن الفريق الشاذلي كيف أجاد الإسرائيليون لعبة ابتزاز المصريين بورقة الجيش الثالث المحاصَر. على سبيل المثال، أكَّدت جولدا مائير أنه لن تعبرَ كسرة خبرٍ إلى الجيش الثالث المصري إلا بعد إتمام عملية تبادل الأسرى، والتي كانت مصر تفضل تأخيرها إلى وقتٍ لاحق، ورضخت القيادة المصرية إلى الطلب.
كذلك فرضت إسرائيل على مصر كسرًا جزئيًا للحصار البحري المصري عبر البارجات المصرية المتمركزة في مضيق باب المندب، وتمَّ السماح بعبور ناقلات البترول إلى إسرائيل. كذلك كانت تشترط أن يكون سائقو شاحنات الإمدادات إلى القوات المحاصرة، من القوات الدولية، أو الإسرائيلية، وكان يتم نهب غالبية تلك الإمدادات، فلا يصل للمحاصَرين إلا الفُتات.
ولم يتم رفع الحصار إلا بعد أكثر من ثلاثة أشهر، مع البدء في تنفيذ اتفاقية فصل القوات الأولى والتي وقعت في 18 يناير 1974.
8. الشعب المصري هو بطل الحرب الأول والأخير
قدمت مصر آلاف الشهداء، وعشرات آلاف الجرحى، من العسكريين والمدنيين طوال سنوات الحرب، وفقد الكثير من الشباب زهرة عمرهم في الثكنات وعلى الجبهة، وكان الشعب لا يمانع في التحمل أكثر فأكثر في سبيل استعادة الأرض والكرامة.
كذلك كان يمكن لنتائج حرب أكتوبر أن تكون أسوأ كثيرًا، لولا بسالة الشعب المصري، وجنوده الأبطال. كانت خطة الثغرة تقتضي أن تقوم القوات الإسرائيلية باختراق مؤخرة الجيشين الثاني – شمالًا – والثالث – جنوبًا – لقطع إمداداتهما، وحصارها، وبالتالي إجبار مصر على الاستسلام.
ورغم اهتزاز الموقف الدفاعي غرب القناة بعد فقد جزء هام من الاحتياطي الاستراتيجي في التطوير الفاشل، فإن لواءً مظليًا مصريًا، مدعومًا بكتيبتي صاعقة، نجح في تعطيل فرقة مدرعة إسرائيلية كاملة، وإجهاض التقدم الإسرائيلي شمالًا نحو الإسماعيلية، وفجَّر الكباري فوق ترعة الإسماعيلية.
في حواره مع جريدة المصري اليوم في أكتوبر 2013، يذكر اللواء أسامة إبراهيم، قائد قوات الصاعقة التي ساهمت في منع قوات الثغرة من احتلال الإسماعيلية، أن مهمته تلك عرفت بالمهمة المستحيلة، حيث كان على بضع مئات من القوات الخاصة المصرية التصدي لفرقة مدرعة إسرائيلية كاملة (أكثر من 300 دبابة). يضيف اللواء إبراهيم أن الإسرائيليون لو نجحوا في احتلال الاسماعيلية، لقطعوا المياه عن معظم مناطق الجبهة المصرية، ولتمكَّنوا من تطويق الجيش الثاني، والذي كان يمثل أكثر من 60% من قوات العبور، وكان هذا سيعني الهزيمة الكاملة لمصر.
في الحوار نفسه، أكد اللواء إبراهيم أن القوات المصرية كانت تتوقع أثناء التخطيط للمعركة أن يحاول العدو الاختراق، والعبور المضاد عبر منطقة الدفرسوار أو منطقة البلاح، ولذلك خصص احتياطيًا إستراتيجيًا مدرعًا غرب القناة، وهو ما تمَّ الزج به في عملية التطوير شرقًا الفاشلة، والتي اعتبرها إبراهيم السبب المباشر في وقوع الثغرة رغم توقعها.
بعد الفشل شمالًا، ركزت قوات الثغرة هجومها جنوبًا، ونجحت بالفعل في حصار الجيش الثالث، وتدمير مقر قيادته، ولم يبقى أمامها سوى احتلال مدينة السويس. ولأن قوات الثغرة تمكَّنت من تدمير أجزاء كبيرة من حائط الصواريخ المصري، عاد الطيران الإسرائيلي للعمل بحرية فوق الثغرة، وقام بتدمير كافة معابر الجيش الثالث فوق القناة.
ابتداء من 24 أكتوبر، وفي كسر صارخ لوقف إطلاق النار الذي أعلن 22 أكتوبر، بدأت إسرائيل قصفًا جويًا ومدفعيًا وحشيًا على السويس، والتي كانت شبه خالية، منذ أن تمَّ تهجير معظم سكان القناة بعد هزيمة 1967م.
تقدمت الدبابات الإسرائيلية، تدعمها قوات المشاة والمظليين في شوارع السويس، لتستقبلها مفاجآت دموية، أبطالها العشرات من الجنود المصريين، وقوات الدفاع الشعبي من أهل المدينة، والذين تمكَّنوا بأسلحتهم الخفيقة المضادة للدبابات من تدمير عشرات المدرعات الإسرائيلية، وإلحاق خسائر بشرية جسيمة بالمعتدين، بلغت 100 قتيل و500 جريح، وهكذا فشل الهجوم الإسرائيلي على السويس، واكتفت قواتهم بحصارها من الخارج.