رغم خدمات “الواتس أب” المجانية.. من أين تأتي أرباحة ؟

يستخدم أكثر من مليار شخص تطبيق «واتساب» حول العالم للمراسلات الشخصية وكذلك المتعلقة بالعمل، لكن كيف يجني التطبيق والقائمون عليه المال في ظل مجانية خدمته؟ هذا ما حاول موقع «إنفستوبيديا» الإجابة عليه في تقريرٍ عن التطبيق واسع الانتشار.

بحسب الموقع تأسس تطبيق «واتساب» في عام 2009 على يد براين أكتون وجان كوم، كبديل لخدمات الرسائل النصية القصيرة باهظة الثمن.

يتيح التطبيق للمُستخدمين تحميل قائمة جهات الاتصال الموجودة على هواتفهم، وإرسال رسائل لأي شخصٍ قام بتثبيت التطبيق، دون أي تكلفة. والتطبيق مُتوفر لأجهزة «الآيفون، والأندرويد، والبلاك بيري، وهواتف ويندوز، ونوكيا»، ومؤخرًا، أصبح متاحًا على أجهزة الحاسوب.

وذكر تقرير إنفستوبيديا أنَّ شركة «فيسبوك» اشترت «واتساب» في فبراير (شباط) 2014 بمبلغٍ قدره 19 مليار دولار. ووفقًا لتقريرٍ صادر عن «فيسبوك» عام 2014، في الأشهر التسعة السابقة ليوم 30 سبتمبر/أيلول 2014، حقق «واتساب» إيراداتٍ بلغت نحو 1.3 مليون دولار.

وفي يوم الاثنين، 30 أبريل (نيسان) 2018، أعلن جان كوم، الذي شارك في تأسيس «واتساب» ومُدير «فيسبوك»، عن رحيله من شركة «فيسبوك». وذكرت تقارير إعلامية أنَّ كوم قرر المغادرة بعد خلافٍ مع «فيسبوك» حول استخدامها بيانات المُستخدمين ورغبتها في السماح بالإعلانات على «واتساب». إذ كان كوم، وشريكه براين أكتون، يدافعان عن خصوصية مستخدمي «واتساب» منذ فترةٍ طويلة.

وأورد الموقع الأمريكي أنَّه في فبراير (شباط) 2018، كان لدى «واتساب» 1.5 مليار مُستخدم، وكان ثاني أكبر مشروع تمتلكه شركة «فيسبوك»، بعد التطبيق الذي يحمل اسم الشركة، متفوقًا على «ماسنجر» و«إنستجرام»، اللذين حلا في المرتبة الثالثة والرابعة.

دولار واحد لـ«واتساب» في كل مرة

أشار تقرير «إنفستوبيديا» إلى أنَّ استراتيجية تحقيق المكاسب في «واتساب» كانت تقوم على تحصيل دولار واحد عن كل مرة. ففي بعض البلدان، كلف التطبيق حوالي دولارًا لتحميله، وفي دولٍ أخرى، تكون السنة الأولى مجانية، لكن كل سنة لاحقة تكلف دولارًا.

بعبارةٍ أخرى، كان لدى «واتساب» نموذج اشتراك. وفي ذروة انتشاره، كان لدى «واتساب» حوالي 700 مليون مُستخدم حول العالم، أي يمكن تقدير الإيرادات السنوية بنحو 700 مليون دولار سنويًا في ذلك الوقت

لكن بحسب التقرير، في يناير (كانون الثاني) 2016، كشفت شركة «فيسبوك» في تقريرٍ لها أنَّه نظرًا لأنَّ «واتساب» يُحقق إيراداتٍ «محدودة للغاية»، فقد لا يُحقق إيراداتٍ ذات قيمة على المدى الطويل، مُشيرةً إلى أنَّ الاستراتيجية ستتغير قريبًا. كان ذلك بعد فترةٍ وجيزة من إعلانٍ أصدره «واتساب» في منشورٍ على المدونة الخاصة به يوضح أنَّ عصر الاشتراكات قد انتهى، وأنَّ تطبيق المُراسلة سيكون بالمجان من الآن.

ولفت الموقع الأمريكي إلى أنَّ التطبيق لا يزال خاليًا من الإعلانات حتى الآن. وجاء في الإعلان الذي نشره «واتساب» آنذاك: «ابتداءً من هذا العام، سنختبر الأدوات التي تسمح لك باستخدام «واتساب» للتواصل مع الشركات والمؤسسات التي ترغب في التواصل معها». الهدف من ذلك هو جعل الناس يتواصلون مُباشرةً مع بنوكهم، وشركات الطيران وغيرها عبر التطبيق، في حين تدفع الشركات ما كان يُدفع سابقًا من خلال الاشتراكات.

وعلى الرغم من أنَّ البيانات المالية لـ«واتساب» ليست عامة؛ (وذلك لأنَّ «فيسبوك» لا تُقسِّم إيراداتها وفقًا لكل شركة)، فقد قدرت مجلة «فوربس» إجمالي إيرادات «واتساب» بنحو 5 مليارات دولار، وأنَّ مُتوسط ​​العائد لكل مستخدم سيصل إلى 4 دولارات بحلول عام 2020.

واعتبارًا من فبراير 2018، كان لدى «واتساب» أكثر من 1.5 مليار مُستخدم، ويشهد التطبيق إرسال 60 مليار رسالة يوميًا، وفقًا لما ذكره مارك زوكربرج، الرئيس التنفيذي لشركة «فيسبوك»، في مؤتمرٍ هاتفي في الربع الأخير من عام 2017.

تطبيقات الرسائل القصيرة الأخرى

أشار تقرير «إنفستوبيديا» إلى أنَّ تطبيقات الرسائل القصيرة خارج أمريكا، حيث إرسال الرسائل النصية أغلى ثمنًا، أصبحت واسعة الانتشار وتنجح في تحقيق إيراداتٍ جيدة. فتطبيق «وي تشات»، تطبيق الرسائل النصية الصيني الشهير، يتضمن إعلاناتٍ بالإضافة إلى ألعاب عبر الإنترنت. وحقق التطبيق جزءًا من إيراداتٍ شركة «تينسينت» الصينية التي تملكه، والتي بلغت 6 مليارات دولار في الربع الثالث من عام 2016. ويضم التطبيق أكثر من 846 مليون مستخدم نشط.

التركيز على النمو

بحسب الموقع الأمريكي، فإنًّ «واتساب» يُضيف حوالي مليون مستخدم يوميًا، مُعظمهم في أمريكا اللاتينية، والهند، وأوروبا. ففي حالة تطبيقات الرسائل القصيرة، يكون النمو سريعًا. إذ عندما يقوم شخصٌ واحد في مجموعة اجتماعية بتحميل التطبيق ويُشجع استخدامه، يُحمل عددٌ من المُستخدمين الجدد التطبيق من أجل التواصل مع الشخص الأصلي. ويُشجع هؤلاء المُستخدمين الجدد الأعضاء الآخرين في مجموعاتهم الاجتماعية الأخرى على استخدام التطبيق. ومن خلال زيادة اختراق السوق، يُصبح التطبيق لا غنى عنه وتنمو قاعدة المستخدمين.

هل يتعلق الأمر بالمال حقًا؟

وفقًا لتقرير «إنفستوبيديا»، تكهن المُطّلعون على الصناعة أنَّ جزءًا من الأسباب المنطقية وراء شراء «فيسبوك» لتطبيق «واتساب» كان حتى تتمكن «فيسبوك» من الوصول إلى البيانات السلوكية للمستخدمين ومعلوماتهم الشخصية.

وذكر التقرير أنَّه من خلال مشاركة بيانات الموقع، و60 مليار رسالة تُرسل يوميًا، وقوائم جهات الاتصال الخاصة بالمستخدمين، فإنَّ «فيسبوك» بإمكانها الوصول إلى الكثير من المعلومات الشخصية، وكلها يجري تحميلها وحفظها على شبكتها. وفي حين وعد مارك زوكربرج سابقًا بعدم استخدام هذه البيانات لتحسين إمكانيات استهداف المُستهلكين في إعلانات «فيسبوك»، إلا أنَّ هذا لن يحدث إلا إذا غير المُستخدم الإعدادات لمنع مُشاركة المعلومات مع «فيسبوك».

الجدال المُتعلق بالتشفير من طرف إلى طرف

أورد التقرير أنَّ «واتساب»، بالإضافة إلى مُزودي خدمات المُراسلة الآخرين (بما في ذلك «آبل»)، وقعوا في مشاكل مع الحكومات في جميع أنحاء العالم بعد الكشف عن أنَّ الإرهابيين يستخدمون هذه التطبيقات للتواصل قبل الهجمات وأثناءها. أرادت الحكومات ووكالات مكافحة الإرهاب من الشركات التي تدعم هذه التطبيقات مُشاركة مفاتيح التشفير للوصول إلى الرسائل بين الإرهابيين.

ومع ذلك رفضت الشركات الامتثال لتك الطلبات. أدى ذلك إلى اعتماد «واتساب» على تقنيات التشفير من طرفٍ إلى طرف، والذي يمنع أي شخصٍ باستثناء المُرسل والمُستقبل، بما في ذلك «واتساب»، من الوصول إلى البيانات التي جرى مُشاركتها على التطبيق.

لذا يخلص الموقع إلى أنَّه سواءٌ كنتَ تعتقد أنَّ «فيسبوك» قد دفعت ثمنًا مُبالغ فيه من أجل شراء «واتساب» أم لا، فالحقيقة هي أنَّ التطبيق لديه تدفق إيرادات متزايد، ومساحةٌ أكبر للنمو.

شاهد أيضاً

“الإمبراطور الأبيض”.. مقاتلة الجيل السادس الصينية المصممة للهيمنة على السماء والفضاء

تشهد المنافسة بين الصين والولايات المتحدة تصعيداً ملحوظاً في العديد من المجالات، من أبرزها التسابق …