مترجم: يتنبأ العلماء بالتكنولوجيا.. لكن ماذا عن التنبؤ بالثقافة في المستقبل؟

كيف استطعنا  التنبؤ بالسيارات ذاتية القيادة منذ عقود، لكننا لم نتخيل وجود النساء في أماكن العمل؟ ولماذا نسمع طوال الوقت عن التقدم التكنولوجي الذي يحمله المستقبل، لكن قليلًا ما يخبرك أحد كيف ستتبدل الثقافة ونتبدل معها؟

هذه النقاط جميعها يطرحها الكاتب «توم ڤاندربيلت» في موقع «نوتيلوس»، في مقالٍ يحاول استكشاف قدرة الباحثين في شؤون المستقبل على التنبؤ به؛ أين أصابوا وأين أخطأوا؟

كبسولات زمنية مخيبة!

في أوائل عام 1999، خلال منتصف لعبة كرة السلة في جامعة واشنطن، فُتِحت كبسولةٌ زمنية تعود إلى عام 1927، ليجدوا من ضمن محتوياتها بعض الصحف المصفرّة وعملة العشر سنتات ودليل الطالب ورخصة بناء. بدأ الحشد فورًا بإصدار أصوات الاستهجان، فيما وصفها أحد الطلاب بأنها «غبية».

يبدو أن خيبة الأمل هذه متفشية في كبسولات الزمن، فوفقًا لما يورده ويليام جارڤيس في كتابه «كبسولات الزمن: تاريخٌ ثقافي»: هنالك عنوانٌ من صحيفة «ذي أونين» يختصر المسألة كلها: «اكتشاف حديثٌ لكبسولة زمنية ممتلئة بالخردة القديمة عديمة الجدوى».

تثير الكبسولات الزمنية الشفقة، فهي تبين لنا أنّا لم نصل إلى التقدم المستقبلي الذي كنا نتخيل أنه سيحدث، ولم يأت المستقبل بالسرعة التي أردناها. والماضي أيضًا لم يصبح متميزًا وغريبًا كما كنا نتوقع.

كثيرا ما تخيّب الكبسولات الزمنية توقعاتنا بمحتواها الأقرب إلى العادي

صدمة الماضي

في كتاب «التنبؤ بالمستقبل»، كتب نيكولاس ريشر أننا «نميل إلى رؤية المستقبل من خلال تلسكوب، كما كان، وبالتالي تكبير وتقريب ما يمكننا رؤيته أصلا». كذلك الحال بالنسبة إلى النظر إلى الماضي؛ كأنما ننظر إليه من الطرف الآخر من التلسكوب ما يجعل الأشياء تبدو أبعد مما كانت عليه في الواقع، وأحيانا تغيب عن بصرنا بعض الأشياء تماما.

تنطبق هذه الملاحظات بدقة على التكنولوجيا. ليس لدينا الآن السيارات الطائرة الشخصية التي توقعناها. فالفحم، كما يشير المؤرخ دافيد إدغرتون في كتابه «صدمة القديم»، كان مصدرًا أكبر للطاقة في فجر القرن الحادي والعشرين مما هو عليه في فترة 1900 السخامية. وكان البخار أكثر أهمية في 1900 مما هو عليه في 1800.

نظن أننا سنبقى أنفسنا

ينوّه الكاتب إلى أنه حينما يتعلق الأمر بالثقافة، فإنا نظن بأن المستقبل سيكون مختلفًا تمامًا عما هو عليه اليوم، ولكنه أيضًا سيظل نفسه تقريبًا. حاول أن تتخيل نفسك في وقتٍ ما من المستقبل. أين تتخيل مكان إقامتك؟ ماذا ترتدي؟ ما الموسيقى التي تحبها؟

احتمالٌ كبير أن الشخص الذي تخيلته يشبه ما أنت عليه الآن بصفةٍ كبيرة. وكما يذكر العالم جورج لوينستاين وزملاؤه في ظاهرةٍ أطلقوا عليها اسم «تحيز الإسقاط»، فإن الناس «يميلون إلى المبالغة بالدرجة التي ستشبه بها أذواقهم المستقبلية أذواقهم الحالية».

في أحد الأمثلة التجريبية سُئلَ الناس عن المبلغ الذي سيدفعونه ليحضروا فرقتهم الموسيقية – المفضلة الآن – بعد 10 سنوات، وسئل آخرون عن المبلغ الذي سيدفعونه ليحضروا الآن فرقتهم الموسيقية التي كانوا يفضلونها منذ 10 سنوات. ذكر الباحثون أن المشاركين اختاروا دفع مبالغ أكبر بكثير بغية الحصول على فرصة مستقبلية لرؤية تفضيلاتهم الحالية.

«بطريقة ما نتخيل أن الشخص الذي نحن عليه الآن هو نفس الشخص الذي سوف نكونه في المستقبل، وأنا قد وصلنا إلى ذواتنا الأصيلة»

طلق الباحثون على هذه الظاهرة اسم «وهم نهاية التاريخ»، يظن الناس أنهم وصلوا إلى «نقطة فاصلة» في حياتهم وأنهم بطريقة ما وصلوا إلى ذاتهم الأصيلة. تطرقت مقالة فرانسيس فوكوياما «نهاية التاريخ» إلى حجةٍ مماثلة باعتبار الديمقراطية الليبرالية الغربية نقطة نهاية بشكلٍ ما للتطور المجتمعي.

نقص التقدير والإفراط في التنبؤ على حدّ سواء جزء لا يتجزأ من كيفية تصورنا للمستقبل. اقترحت المؤرخة جوديث فلاندرز للكاتب قائلة: «علم المستقبل دائمًا ما يكون خاطئًا تقريبًا، لأنه نادرًا ما يأخذ بعين الاعتبار التغيرات السلوكية»، مضيفة:

«ننظر إلى الأشياء الخاطئة: المواصلات إلى العمل، بدلًا عن شكل العمل. التكنولوجيا بحد ذاتها، بدلًا عن تغير سلوكنا على إثر التغيرات ذاتها التي تأتي بها التكنولوجيا». يبدو أن التنبؤ بمن سنكون أصعب من التنبؤ بما سنتمكن من القيام به.

وهم التكنولوجيا

يشبه لوينستاين وزملاؤه الحال بالجائع الذي يطلب طعامًا أكثر للعشاء مما سيأكله في نهاية الأمر، يميل المتنبئون إلى أخذ شيءٍ بارزٍ حاليًا، ليفترضوا أن دوره سيكون كبيرًا في المستقبل. وما هو أبرزها اليوم؟ بالتأكيد ما هو جديد ومدمر ومفهوم بعمق: التكنولوجيا الجديدة.

يوضح المنظّر نسيم نيكولاس طالب في كتابه «ضد الهشاشة»: «نلاحظ ما يختلف ويتغيّر أكثر مما لديه دورٌ أكبر لكنه ثابت. فنحن نعتمد على الماء أكثر من الهواتف المحمولة، ولكن لأن الماء لا يتغير بعكسِ الهواتف المحمولة، نميل إلى الاعتقاد بأن الهواتف المحمولة تؤدي دورًا أكبر مما تفعله حقًا».

والنتيجة أنا صرنا نتساءل كيف كانت الحياة ممكنة قبل أن تأتي التكنولوجيا. ولكن كما يلاحظ الخبير الاقتصادي روبرت فوجل أنه لو لم يتم اختراع السكك الحديدية، فإنا كنا لننجز بنفس القدر من حيث الإنتاج الاقتصادي من خلال السفن والقنوات. بصياغة أخرى، نفترض عادة أن التكنولوجيا الحديثة كانت مُقدّرة بشكل رائع، بدلًا عن أن تكون صدفة كما هو الحال في الكثير من الأحيان. ظهر «الإنستجرام» بداية باعتباره تطبيقًا على الموضة تحت اسم «Burbn»، مع صورٍ مصحوبة بأفكارٍ عابرة. بينما بدأت الرسائل النصية بمثابة وسيلة تشخيصية للرسائل الاختبارية القصيرة، فمن يفضّل تحسس أزرار الأحرف الصغيرة على التحدث ببساطة!

يبدو أن وسائل النقل هي الموضوع المفضل للتكهنات المستقبلية المحمومة، والذي يحمل ثقلًا كبيرًا من إشباع الرغبات المؤجل (ربما لأننا نجد التنقل اليومي مؤلمًا). هنالك مثلًا نوع من رثاء السيارات الطائرة التي يُحبط تطبيقها على الدوام، ينطلق الرثاء من الرغبات الطفولية: (لماذا لا يمكنني الحصول عليها الآن؟) ويتجاهل الآثار المترتبة مثل الاختناقات المرورية الجوية، ومعدلات الوفيات التي يمكن أن تتجاوز وفيات النقل البري.

ستغير السيارة ذاتية القيادة طريقة عيشنا بشكلٍ جذري وفقًا للوعود التي يتم ترديدها، متناسين أنه وعلى مر التاريخ سعى البشر إلى حد كبير للحفاظ على وقتهم اليومي من السفر ضمن حدودٍ ثابتة. كان من المفترض أن ممرات المشاة المتحركة ستغيّر التنقل الحضري، لكن حين تم تطبيقها على أرض الواقع أصبحت تحرك الناس (الواقفين) بسرعةٍ أبطأ من المشي. عند التفكير في مستقبل النقل يتوجب علينا الوضع في عين الاعتبار أن حركتنا اليوم يعود فضلها بالغالب إلى التكنولوجيا القديمة. فمع تجارب أمازون بتوصيل الطرود بطائرات الدرونز، إلا أن منتجاتها اليومية تُنقل في أنحاء مدينة نيويورك باستخدام تقنية القرن التاسع عشر المذهلة: الدراجة.

يلاحظ إدجرتون أن النظرة العالمية «المتمحورة حول الابتكار» – الأجهزة المثيرة التي «غيرت العالم» – لا تكتفي بالمستقبل وحسب، بل الماضي أيضًا. مضيفًا: «قدم الحصان مساهمةً أكبر للغزو النازي من صاروخ فاو 2». نحن نلاحظ الاختراعات أكثر مما كان يُستخدم بالفعل.

لم نتطور إلى هذا الحد!

يوضح الكاتب أنه وبالطريقة نفسها التي يتسبب فيها تركيزنا على الابتكارات الحديثة بجعلِ الناس يبالغون بتقديرِ أهميتها معتقدين أنها ستتسبب بتغيير جذري للمستقبل – كما افتُرض لنظارات «جوجل» مثلًا – فإن النظرة إلى الماضي تُحرّف أيضًا إلى درجةٍ تبدو فيها أن التقنيات قد أهملت قبل أوانها بكثير.

يأتي التبصر بالمستقبل القريب أحيانًا من التكهنات الغريبة للتكنولوجيا المستقبلية – كما في فيلم بليد رانر، ويظهر فيه تمييز الحاسوب للأصوات، لكن مختبرات، بل كانت تعمل على التحليل الطيفي للأصوات البشرية منذ أربعينات القرن العشرين – بيد أنه يتمركز أكثر على التنبؤ باختلاط التقنيات القديمة والحديثة بشكل صارخ. بالمقابل، الأفلام التي تتصور عوالم مستقبلية موحدة غير مقنعة بشكل جيد –مثل أفلام الفترة الزمنية التي تشكّل فيها جميع السيارات نماذج مثالية، الدمار والأوساخ جزء من المستقبل كما هي جزء من الماضي.

في هذا الزمن المهووس بالابتكارات، يميل الناس إلى المبالغة في تقدير تأثير التكنولوجيا ليس فقط على المستقبل، بل على الحاضر أيضًا. نظن أننا نعيش في زمنٍ بالكاد يمكن تخيله قبل بضعة عقود. من الشائع قراءة أشياء من قبيل: «لم يكن من الممكن لشخصٍ ما في بداية القرن العشرين أن يكون قادرًا حتى على سبيل الحلم تخيل وسائل النقل التي ستوجد بعد نصف قرن». مع ذلك كانت تطير مناطيد زبلين في عام 1900، وفي العام الذي قبله سُجل أول حادث سير في نيويورك يتسبب بقتلِ واحدٍ من المشاة بمركبة. هل كان مفهوم السفر الجوي أو فكرة أن السيارة ستغير الحياة في الشارع أبعد من التصور فعلًا؟ أم أنها مجرد شوفينية الحاضر مترافقة مع نوعٍ من التعالي على أسلافنا البدائيين بلا أمل؟

يشرح إدغرتون: «عندما نفكر بتكنولوجيا المعلومات ننسى البريد والتلغراف والهاتف والراديو والتلفاز. حين نحتفي بالتسوق عبر الإنترنت، يختفي كتالوغ الطلبات البريدية». مثلا عند قراءة كيف توقع فلم The Net طلب البيتزا أونلاين قبل أكثر من عقد من حصول ذلك بالفعل، يتم تجاهل سؤال مقدار التقدم الفعلي في ذلك: فقد جرى استخدام وسيلة اتصال إلكترونية لطلب البيتزا المخصصة منذ ستينات القرن العشرين. ويعقب الكاتب أنه نفسه حين استقلّ المترو إلى المقهى ليكتب هذا المقال ويرسله إلكترونيا إلى محررٍ بعيد، كان ينجز شيئًا يمكن تحقيقه في مدينة نيويورك منذ فترة العشرينات، باستخدام نفس المترو ومقهى روزفلت براذرز والمراسلة بالبرقية، وإن كانت أقل كفاءة. (يتساءل الكاتب هل ساعدته الكفاءة هذه بشكلٍ شخصي أم أنها جعلته يعمل أكثر بسبب انخفاض الأجور، تاركًا إياه سؤالًا مفتوحًا).

باختصار، نتوقع تغييرًا أكبر في المستقبل لأننا نتخيل حياتنا قد تغيّرت بشكل أكبر مما هي عليه في الواقع.

لكننا لم نعد نبصق!

يعرّج الكاتب على كتاب للمؤرخة جوديث فلاندرز، تدرج فيه إحالةُ لكاتب اليوميات صامويل پپيس عام 1662، تحديدًا عن شيء يدعى «ورقة البصق». تتكهن فلاندرز بأن هذه الورقة كانت تثبت على الجدار قرب المبصقة لتحمي أغطية الجدران من البصاق الضال. وتعدّ مثالًا على ما تسميه «الأثاث غير المرئي». يعرف أغلبنا المبصقة، لكن نادرًا ما تذكر في الأدب أو تصوّر في الفنون، ولذا فمن السهل التغاضي عن مدى انتشار عمل البصاق قديمًا حتى في المجتمعات الرفيعة.

تشير فلاندرز إلى أن الولايات المتحدة اعتادت تنظيم الأماكن المسموح بها بالبصاق في المحطات وعلى القطارات والمنصات. في مؤتمر للهيئات الصحية عُقِد عام 1917 في واشنطن، نصّ على «توفير تجهيزات كافية من المباصق» في عربات القطار. اختفت اليوم كلمة cuspidor (وتعني المبصقة) والغرض نفسه اختفى عمليًا (على الرغم من أن قضاة المحكمة العليا ما يزالون يحصلون عليها). لا يعود اختفاؤها لأنها تكنولوجيا عفا عليها الزمن، بل لأن سلوكنا نفسه قد تغيّر.

صرّاف يقف خلف منضدة في بنك في أوائل القرن العشرين. وتبدو المبصقة على الأرض أسفل اليسار.

موضع الضعف

اعتبر المؤرخ لورانس صامويل التقدم الاجتماعي «كعب آخيل» للحركة المستقبلية (أي نقطة الضعف). ينسى الناس تحذير المؤرخ والفيلسوف أرنولد توينبي الذي يفيد بأن الأفكار وليس التكنولوجيا ما يقود التغيرات التاريخية الكبرى. عندما تغير التكنولوجيا البشرية، لا يكون ذلك غالبًا بالطرق التي يتوقعها المرء. على سبيل المثال، لم تصبح تقنيات الهاتف المحمول عرافة «موت المسافة»، لكنها عززت في الواقع قدرة التمدن. حررت غسّالة الثياب النساء من العمل الشاق، وربما أثارت ثورة في تقسيم الأدوار الجندرية والعلاقات بين الجنسين كما لاحظ علماء النفس الاجتماعي نينا هانسن وتوم پوستميس. كتب العالمان أنه «عوضًا عن تأجيج حركة النسوية، أتاح تبني التكنولوجيا (على الأقل في البداية) ظهور الدور الجديد لربة المنزل؛ لم تستفد نساء الطبقة الوسطى من زمن التحرر.. للتمرد على الهيكليات الموجودة أو الاستفادة حتى من استقلاليتهنّ». يجادل المؤلفان بأنه عوضا عما سبق، تولت النساء ببساطة الوظائف التي شغلها خدمهم من قبل.

إذا نزعت الشيء من سياقه التاريخي، يضيع عنك رؤية السلوك التاريخي. تمتد المشكلة نفسها على الإسقاطات المستقبلية: يُبرز الشيء في المقدمة، فيما يحجب التأثير السلوكي. في مسلسل الرسوم المتحركة «ذا جتسونز» وفكرتهم عن الحقائب النفاثة والوجبات المضغوطة في حبوب، فاتهم ما قد تغير في الواقع: فكرة الاستقرار المهني، أو الطقوس الاجتماعية لتناول الغداء.

ذا جتسونز (1962-1963)، تدور أحداثه في عصر الفضاء وتظهر فيه الكثير من التخيلات التكنولوجية

لاحظت باحثة مستقبلية أن فيلمًا يعود لستينات القرن العشرين يصوّر مكتبًا تخيليًا من المستقبل، وضعوا فيه تنبؤات تكنولوجية متقدمة (أجهزة الفاكس وما شابه)، لكنهم أغفلوا شيئًا صارخًا: لم يكن في المكتب أي نساء. أظهرت صور السيارات ذاتية القيادة من الخمسينات العائلات وهي تلعب الألعاب اللوحية داخل سياراتهم المتحركة بسرعة على الطرق الرئيسية. الآن بعد 70 عامًا نشتبه في كون السيارات المؤتمتة ستسمح ببساطة بتمديد الوقت الإنتاجي، وبالتالي ساعات العمل. السيارات ذاتية القيادة كانت دومًا مُعطى معين بطريقة ما، لكن ليس الحال نفسه بالنسبة للثقافة الحديثة.

إعلانات تتصور السيارات ذاتية القيادة منذ فترة الخمسينات

التغير الثقافي حجر أساس

لماذا يصعب التنبؤ بالتغير الثقافي؟ بدايةً، اعتدنا لزمنٍ طويل نسيان أنه يتغير أصلا. يسود التحيز للوضع الراهن. يقول عالم الاجتماع كيران هيلي: «حتى وقت قريب، بينت الثقافة لماذا بقيت الأمور على حالها، وليس لماذا تغيرت. إذ فُهِمت ككتلة متراصة من المعايير المبطنة السلبية المنقولة بالتنشئة الاجتماعية والمطوّبة بالتقاليد، فقد اعتيد النظر إليها عادة على أنها مثبطة للأفراد».

وحين تتغير الثقافة، تكون الأحداث المتسببة بتغيّرها صغيرة وعشوائية بشكل مفاجئ. كما يوضح الكاتب تشارلز دويج في كتابه «قوة العادات»، أن أحد النقاط البارزة في حركة تطور حقوق المثليين في الولايات المتحدة هو تغيّر محدد من قبل مكتبة الكونغرس، وذلك بتغيير تصنيف كتب حركة المثليين من «العلاقات الجنسية غير الطبيعية، بما في ذلك الجرائم الجنسية»، إلى «المثلية الجنسية-حركة تحرير المثليين، حركة هوموفايل». ربما يبدو تغيرًا طفيفًا، لكنه ساهم في تمهيد الطريق لتغيرات أخرى أكبر (بعد عام، توقفت جمعية الطب النفسي الأمريكية عن اعتبار المثلية الجنسية مرضًا عقليًا). ويقتبس الكاتب عن عالمِ نفسٍ تنظيميّ قوله: «لا تجتمع المكاسب الصغيرة في شكلٍ أنيق متسلسل، حيث تشكل كل خطوةٍ، خطوةً ملموسة أقرب إلى الأهداف المحددة سلفًا».يمكننا أن نقول الشيء نفسه عن المستقبل.

شاهد أيضاً

برعاية ريد بول النمساوى.. تفاصيل رحلة ثنائي الأهلي محمد هاني وكريم فؤاد إلى النمسا

يستعد ثنائي الأهلي المصري، للسفر إلى دولة النمسا للخضوع لكشف طبي واستكمال مرحلة التأهيل من …