كيف يقضي المليونيرات أوقاتهم؟

أن تمتلك ثروة تصل لسبعة أرقام ليس أمرًا سهلًا أو عاديًا، وقد يدفعك للتساؤل حول كيفية قضاء المليونيرات أوقاتهم؟ وقد حاولت الباحثة سارة ستانلي الإجابة عن هذا السؤال في دراسة موسعة لطبيعة سلوكيات المليونيرات وأنشطتهم اليومية، لتخرح بدراسة شملت بحث لأكثر من 600 مليونير نشرتها في كتابها «المليونير القادم: استراتيجيات دائمة لبناء الثروة».

ووجدت أن هناك اختلافات ملحوظة في كيفية قضاء الأثرياء أوقاتهم بالمقارنة بالمواطنين العاديين، من خلال جوانب مثل: القراءة، والرياضة، وتصفح مواقع التواصل الاجتماعي، والموازنة بين النوم والعمل، الدراسة تضمنت أيضًا نتائج عامة، زودناها بمواقف خاصة متعلقة بطبيعة قضاء بعض المشاهير من الأثرياء أوقاتهم، ودراسات علمية تظهر فوائدها أو سلبياتها أو القدر المناسب منها.

5.5 ساعة قراءة أسبوعيًا

كم من الوقت تقضيه للقراءة الترفيهية أسبوعيًا؟ متوسط القراءة للمواطن الأمريكي العادي ساعتين في الأسبوع، باختلاف كبير عن متوسط قراءة المليونيرات الذين يقرأون أكثر من ضعف هذه المدة، إذ يبلغ متوسط القراءة لديهم 5.5 ساعة في المتوسط خلال الأسبوع.

إذ يقضي وارن بافيت ثالث أغنى أثرياء العالم وفقًا لقائمة «فوربس» لعام 2019، بصافي ثروة يبلغ 82.5 مليار دولار، نحو 80% من يومه في القراءة، ويقول إن لديه «كومة مثيرة للاشمئزاز من الكتب على كرسيه»، ويتعامل بافيت مع الوقت بطريقة خاصة، فمنذ صغره وهو مولع بالاستثمارات، ولم يضيع الكثير من أوقات الطفولة؛ إذ اشترى أول سهم له في سن 11 عام، وببلوغه سن 13 سنة دفع أول ضريبة، ويقول: «إن السُمعة تُبنى في 20 سنة وتُدمر في خمس دقائق»

فيما تعهد مارك زوكربيرج، وثامن أغنى أثرياء العالم لعام 2019، بصافي ثروة يبلغ 62.3 مليار دولار بقراءة كتاب أسبوعيًا «مع التركيز على التعرف إلى الثقافات والمعتقدات والتكنولوجيات المختلفة» وذلك في منشور له على موقعه «فيسبوك» عام 2015.

وللقراءة العديد من الفوائد  بعيدًا عن الجانب المعرفي، إذ تفيد في تخفيف الضغط النفسي؛ فلحسب بحث علمي يعود لعام 2009، وج أن القراءة، ولو لمدة وجيزة مثل ست دقائق مثلًا، يمكنها تقليص الضغط بنسبة أكثر من الثلثين، لذلك فإن التركيز في قراءة كتاب أو رواية يذهب بالعقل بعيدًا عن الأحداث الجارية، ويعطي نتائج أكثر فاعلية من الذهاب إلى التنزه أو الاستماع إلى الموسيقى.

6 ساعات للرياضة أسبوعيًا

القراءة ليست الهواية الوحيدة للأثرياء، وإنما تُعد ممارسة الرياضة إحدى أهم الهوايات التي يواظبون عليها وقد يشغلون أوقاتهم بها أكثر من القراءة نفسها؛ إذ كشفت دراسة سارة ستانلي أن الأثرياء يمارسون الرياضة بمتوسط ست ساعات أسبوعيًا، في مقابل متوسط 2.5 ساعة أسبوعيًا للمواطن الأمريكي العادي.

فيقول مثلًا مدرب الإعلامية الشهيرة أوبرا وينفري إنها تمارس تمارين الكارديو 45 دقيقة لست مرات في الأسبوع، وتحضر خمس أو أربع حصص تدريبية أسبوعيًا لممارسة أنواع أخرى من التدريبات الرياضية، أما الممثل الأمريكي مارك ويلبرج، فيتدرب مرتين يوميًا، الأولى من3:40 صباحًا، حتى 5:15 صباحا، والثانية في الساعة الرابعة مساءً.

ويمكن لحصة رياضة بسيطة يوميًا أن تصنع الفارق وتزيد التركيز؛ إذ تفيد دراسة نشرت في «المجلة الطبية البريطانية» أن ممارسة حصص رياضة تتراوح بين 10 إلى 40 دقيقة، تؤدي إلى زيادة التركيز الذهني والانتباه، وتلفت إلى أن نزهة سريعة من المشي لها فوائد كبيرة على التركيز والإنتاجية والصحة العامة.

وفي كتاب للدكتور جون راتي، أستاذ مساعد في الطب النفسي بكلية «هارفارد» للطب، عن تأثير ممارسة الرياضة على العقل، أفاد راتي أن ممارسة الرياضة وأداء التمارين تساعد على زيادة التركيز لفترة تصل إلى ساعتين أو ثلاث ساعات بعد الانتهاء منها.

ساعتان ونصف لمواقع التواصل الاجتماعي أسبوعيًا

قد يجد المليونيرات وقتًا أطول للقراءة وممارسة الرياضة؛ لأنهم يقضون وقتًا أقل في تصفح مواقع التواصل الاجتماعي؛ إذ كشفت دراسة سارة أن المليونيرات يقضون 2.5 ساعة أسبوعيًا في المتوسط، في مقابل 14 ساعة في المتوسط للمواطن الأمريكي العادي، قد يكون أقلهم وارن بافيت الذي ظل لفترة طويلة متمسكًا بهاتفه غير الذكي الذي يعمل بالأزرار لا اللمس.

ويُفضَل تقليص الوقت الذي تقضيه على مواقع التواصل الاجتماعي، وربما غلقها تمامًا أثناء العمل لما قد تسببه إشعاراتها من تشيت شديد للانتباه؛ فوفقًا لدراسة علمية من مؤسسة طبية دولية تعود لنهاية نوفمبر (تشرين الثاني)2017، فإن إشعارات الهاتف الذكي وتنبيهاته التي تقاطعك، يمكنها أن تؤثر على كيمياء الدماغ، فهاتفك الذي يضيء بجانبك ويصدر أصواتًا بين الحين والآخر عندما تأتيه إشعارات، يؤدي إلى تشتيت الانتباه عن المهمة التي تنفذها، ويؤدي إلى ما يُسمى بـ«تكلفة تحول» الانتباه.

والذي يعني بعبارات أكثر وضوحًا، أنه عندما يأتي مشتت مثل إشعار الهاتف الذكي، فإننا نحول انتباهنا من المهمة التي ننفذها، ونتشتت بالإشعار، وبعد ذلك نعود مرة أُخرى للمهمة التي كنا ننفذها، وهو أمر مكلف لقوة الدماغ وانتباهه، وكذلك الوقت الذي نستغرقه في عملية التحويل تلك.

«نحن نعتقد أن الإشعارات تشتت وتعوق كفاءة الذهن بنسبة تصل إلى نحو 40%»، هذا ما قاله سكوت بيا، الطبيب النفسي في مؤسسة «كليفلاند كلينيك» الطبية الأمريكية.

نوم أقل بـ8 ساعات أسبوعيًا

مع انشغال المليونيرات بأعمالهم وأنشطتهم اليومية، يقدمون بعض التضحيات أثناء محاولات تحقيق أقصى استفادة من وقتهم؛ وتأتي تلك التضحيات على حساب النوم الكافي أحيانًا. على سبيل المثال، فإن إلون ماسك المدير التنفيذي لشركة «Tesla » إحدى أفضل الشركات في أمريكا والعالم لعام 2019 وفقًا للتقرير السنوي لموقع «لينكيد إن»؛ ينام ست ساعات فقط ، من الواحدة بعد منتصف الليل وحتى السابعة صباحًا، ويعمل من 80 إلى 100 ساعة في الأسبوع.

فيما تستيقظ إندرا نوبي رئيسة شركة « PepsiCo» في الساعة الرابعة صباحًا، وقالت في تصريحات صحافية «إنهم يقولون إن النوم هبة من الله ولكني لم أحصل عليها أبدًا »، فيما يضرب مصمم الأزياء توم فورد مثالًا أكثر تطرفًا بالنوم ثلاث ساعات فقط يوميًا والبقاء مستيقظًا لـ 21 ساعة في اليوم!

ولكن قلة ساعات النوم لبعض المليونيرات ليس بالضرورة أمرًا يُحتذى به، فقد كشفت دراسات علمية العديد من الأضرارا الصحية والاقتصادية للنوم غير الكافي، والتي كلّفت اقتصاديات ودول: الولايات المتحدة الأمريكية، واليابان، وبريطانيا، وألمانيا، وكندا.خسائر اقتصادية قدرها 630.6 مليار دولار.

ولمعرفة عدد ساعات النوم المناسب؛ كشفت دراسة لمؤسسة «النوم الوطنية» تعود لعام 2015، عن عدد الساعات المناسب التي يجب أن ينامها الفرد يوميًا، وأظهرت الدراسة تباينًا في تلك الساعات من فترة عمرية لأخرى، وكان عدد الساعات الذي يتراوح من سبع لتسع ساعات هو الأنسب لأكثر الفترات العمرية، تلك التي تتراوح من 18 سنة وحتى 64 سنة.

وهذا رسم توضيحي يوضح عدد ساعات النوم المناسبة لكل فئة عمرية:

شاهد أيضاً

“الإمبراطور الأبيض”.. مقاتلة الجيل السادس الصينية المصممة للهيمنة على السماء والفضاء

تشهد المنافسة بين الصين والولايات المتحدة تصعيداً ملحوظاً في العديد من المجالات، من أبرزها التسابق …