خلال العام الماضي جاءت الدول العربية على رأس قائمة الدول التي تعاني من البطالة بنسب كبيرة، وكانت مصر، والسعودية، والجزائر، والعراق ضمن تلك القائمة، ومن المتوقع أن تستمر تلك الأزمة وتتنامى في منطقة الوطن العربي، خاصة بعد أن تراجعت منطقة الخليج كوجهة للكثير من العاملين العرب بغرض جمع المزيد من المال.
يحدث هذا بالمزامنة مع فتح اليابان لباب الهجرة للعمالة من جميع أنحاء العالم بداية من أبريل (نيسان) 2019،فكيف يمكن للمواطنين الاستفادة من تلك المبادرة الجديدة التي أقبلت عليها اليابان؟ «ساسة بوست» يقدم لك دليلًا شاملًا عن طبيعة العمل والمجتمع في اليابان في حالة رغبتك للهجرة إليها
يحدث هذا بالمزامنة مع فتح اليابان لباب الهجرة للعمالة من جميع أنحاء العالم بداية من أبريل (نيسان) 2019،فكيف يمكن للمواطنين الاستفادة من تلك المبادرة الجديدة التي أقبلت عليها اليابان؟ «ساسة بوست» يقدم لك دليلًا شاملًا عن طبيعة العمل والمجتمع في اليابان في حالة رغبتك للهجرة إليها
لماذا فتحت اليابان باب الهجرة؟
في مقابل محاولات أمريكا المستمرة للتخلص من المهاجرين؛ نجد أن اليابان تفتح أبوابها وذراعيها لهم بعد سنوات طويلة من العزلة. تلك البلد – اليابان – التي حاربت طويلًا من أجل الدفاع عن ثقافتها وتجانسها العرقي من خلال تقليص عدد المهاجرين إلى أراضيها؛ توجب عليها التخلى عن تلك الخصوصية بعد ما شهدته مؤخرًا من تراجع قوى العمل فيها، والتي يتوقع انخفاض عدد سكانها من 127 مليون مواطن إلى 88 مليون بحلول عام 2065
وقد أعلنت الحكومة اليابانية بأن كبار السن يمثلون 28 % من سكانها، وبحلول كل عام جديد؛ تُغلق 500 مدرسة أبوابها بسبب نقص الطلاب؛ فتلك البلد تشيخ ويباع فيها حفاضات كبار السن بكميات أكثر من حفاضات الأطفال؛ وفتح باب الهجرة ما هو إلا محاولة لإنقاذ اليابان إذًا.
ولتلك الأسباب؛ هجرتك إلى اليابان لن تكون رحلة استكشافية أو بغرض البحث عما هو أفضل مما تحصل عليه في بلدك؛ بل ستكون هجرة للعمل فقط؛ وستلقى الحكومة اليابانية على عاتقك هم تنمية الاقتصاد الياباني.
هل أنت بصحة جيدة؟
بعد أن أقرت الحكومة اليابانية خلال هذا الشهر فتح أبوابها للمزيد من المهاجرين؛ أعلنت وزارة العدل عن أول الشروط المطلوبة في الراغبين للهجرة إلى اليابان وهي «الصحة الجيدة»؛ وعليه فإن أول الأوراق المطلوبة والتي على أساسها تنظر الحكومة اليابانية في شأن المهاجر وطلب ما تبقى من الأوراق الرسمية اللازمة لهجرته هو ثبوت كفاءته الصحية، ولكن إذا كان يعاني المتقدم من أي أمراض تمنعه من الكدح في العمل؛ فلن يكون هناك تواصل آخر معه من الأساس.
وأكدت الحكومة اليابانية من خلال وسائل الإعلام؛ أن المتقدم للهجرة يجب أن يثبت قدرته على العمل المستمر والمستقر لفترات طويلة، وأهم الفحوصات الطبية المطلوبة هي تحليل مستويات ضغط الدم، وفحص مرض السل؛ وهذا بسبب انتشار المرض بين الأجانب المقيمين في اليابان منذ عام 2017.
وستوفر الحكومة الاستمارات الطبية على موقع وزارة الخارجية بأكثر من 10 لغات منها الإنجليزية، وستعلن الوزارة في الشهر القادم أبريل عن مكان تسليم وإرسال تلك الشهادات الصحية.
«كاروشي».. وظيفتك يمكنها أن تقتلك حرفيًا
إن لم تكن مدمنًا على العمل، وتضعه على قائمة أولوياتك في الحياة؛ فالعمل في اليابان سيكون أقسى عليك مما تتصور. ربما تكون استخدمت تعبير «مُت من العمل» لتصف إجهادك من ساعات العمل الطويلة المتواصلة، ولكن العمل في اليابان يقتل الموظفين حرفيًا وليس مجازًا.
شاهد هذا الفيلم القصير لتتعرف على شكل حياة الموظف الياباني:
مصطلح «كاروشي» منتشر في اليابان وهو يرمز للموت الذي ينتج عن العمل المفرط لساعات طويلة ومتواصلة؛ حينما يصاب الموظف بأزمة قلبية تحت ضغط العمل والارهاق الشديد، أو الانتحار نتيجة تلك الضغوط قبل أن يصاب الموظف بالأزمة القلبية، وهي ظاهرة منتشرة منذ ما يزيد عن أربعة عقود في اليابان.
مبدأ «Uchi-Soto».. توقع أن يعاملوك بعنصرية
إذا كنت تظن أن المهاجرين يعامَلون بعنصرية في الولايات المتحدة الأمريكية، وأنهم أكثر المهاجرين الذي يعانون من الطبقية؛ فعليك أن تفكر جيدًا قبل اتخاذ قرار الهجرة إلى اليابان؛ فهذا المجتمع منغلق، والطبقية والعزلة الاجتماعية هي جزء لا يتجزأ من ثقافتهم وتراثهم الشخصي، ومبدأ « Uchi-Soto» يؤكد لك ذلك.
«أوتشي» تعني حرفيًا «المنزل أو في الداخل»، و«سوتو» تعني حرفيًا الخارج، والمغزى العام منها هو ترسيخ مبدأ القريب والغريب، أو الشخص الذي ينتمي إلى المجموعة والشخص القادم عليها من الخارج، وعليه يُعامل هذا الشخص الغريب معاملة مختلفة عن الشخص المنتمي للمجموعة، والأمر لا ينطبق فقط على المهاجرين بل يطبق على جميع نواحي الحياة في اليابان؛ فعلي سبيل المثال: موظفو أي شركة هم من مجموعة «أوتشي» بينما العميل ـ والذي يحمل الجنسية اليابانية ـ هو من جماعة «سوتو»؛ فتخيل كيف يمكن تطبيق هذا المبدأ الثقافي المتأصل في الشعب الياباني على المهاجرين.
فإذا كنت تنوي الهجرة إلى اليابان؛ فعليك احترام خصوصيتهم داخل مجتمعاتهم الصغيرة، فالود والرغبة في الانخراط في انشطة اجتماعية مع الغرباء مثلما اعتدنا أن نرحب بكل غريب في مجتمعاتنا العربية. لن يجدي نفعًا في اليابان، وربما يزيد المسافة بينك وبينهم.
بنسبة كبيرة.. لن تعمل على مكتب
أصحاب المهارات العالية دائمًا ما كانوا موضع ترحيب من اليابان، ولكن الآن اليابان في حاجة «للأيدي العاملة» أو ما يطلقون عليه «semi skilled» أو ذوي المهارات الضعيفة، وقد أعربت الحكومة اليابانية عن رغبتها في استقبال ما يزيد عن 345 ألف عامل من تلك الفئة بحلول العام 2024؛ بغرض العمل فيما يزيد عن 10 صناعات منها الزراعة والبناء.
وعلى المهاجر بغرض العمل اجتياز فترة أقصاها خمس سنوات تحت الاختبار، ومن بعدها – إذا أثبت كفاذته – يُسمح له بتجديد عقد العمل لخمس سنوات آخرى، وقد ينظر في طلبات إحضار أسرهم إلى اليابان ليكونوا معهم. ولكن عليك أن تدرك أن العامل المهاجر في اليابان قد لا يسمح له بالحصول على هاتف محمول، أو فتح حساب مصرفي، بجانب ضرورة اجتياز اختبارين لإثبات الكفاءة والمهارة في الوظيفة المتقدم لها، وهو الأمر الذي يمر به الكثير من العمال الأجانب الآن في اليابان والذين يندرجون تحت برنامج «التدريب التقني»؛ هذا البرنامج الذي اتهم أكثر من مرة بإساءة معاملة العمال ذوي المهارات الضعيفة.