بعد أن سجنه وحظر سفره.. محمد بن سلمان يلجأ إلى الوليد بن طلال لإنقاذه من أزمة خاشقجي، وهؤلاء من اشترطوا عليه ذلك

عاد الأمير السعودي الملياردير الوليد بن طلال ليكون واجهة السعودية بعد عامٍ من اعتقاله، إذ يبدو أن ولي العهد السعودي يحاول الاستفادة من الأمير الوليد لإنقاذه من تداعيات مقتل خاشقجي التي شكلت أكبر أزمة له منذ توليه الحكم.

وكان لافتاً أن عودة الأمير الوليد بن طلال قوبلت بترحاب من قِبل شركاء السعوديين الدوليين، حسبما ورد في تقرير لصحيفة The Wall Street Journalالأميركية.

ولي العهد السعودي يحاول الاستفادة من الأمير وليد لإنقاذه من تداعيات مقتل خاشقجي.. فلما فعل ذلك؟

كان الأمير «الوليد» الأشهر عالمياً من بين رجال الأعمال السعوديين، والمسؤولين الحكوميين، وأبناء الأسرة الملكية الذين اعتُقلوا العام الماضي (2017)، عندما أطلقت عليه السلطات السعودية «حملة مكافحة الفساد». ولم تُوجَّه اتهاماتٌ معلنةٌ إلى الأمير «الوليد»، لكن اعتقاله الذي وصل إلى 3 أشهر، ألقى شكوكاً حول إمكانية استمرار دوره شبه الدبلوماسي كسفير أعمال غير رسميٍّ للسعودية.

في الشهور التالية لإطلاق سراح الأمير «الوليد» بأعقاب تسويةٍ غير معلنةٍ مع الحكومة السعودية، ظل بعيداً عن الأنظار.

وها هو «الوليد» يستخدم شخصيته لجذب المستثمرين في «دافوس الصحراء«

والآن، بدأ «الوليد» يساعد المملكة مستفيداً من شخصيته الودودة لجذب المستثمرين الغربيين والمسؤولين الأجانب، بعد أن بدأ مسؤولون تنفيذيون في الشركات العالمية تجنب ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للمملكة، بسبب الاتهامات بتورط فريق سعودي في قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي بإيعاز من الحكومة السعودية.

واتصل مكتب الأمير محمد بمكتب الأمير «الوليد» في أكتوبر/تشرين الأول 2018، وطلب  منه حضور مؤتمر أعمالٍ سعودي يطلق عليه «دافوس الصحراء«، شهد مقاطعةً كبيرةً من جانب كبار المديرين التنفيذيين في الشركات العالمية، وذلك حسبما أفاد أشخاصٌ قريبون من الأميرين.

وفي اليوم التالي، وقف الملياردير بجوار حاكم السعودية المحاصَر، حسب وصف الصحيفة، بل وفي فندق الريتز كارلتون نفسه الذي اعتُقل فيه الأمير «الوليد».

كما رافق بن طلال، بن سلمان في جولةٍ ترحيبيةٍ خلال المؤتمر، والتقطا معاً صور سيلفي، في مشهدٍ كان المقصود منه طمأنة المستثمرين الغربيين، وذلك وفقاً لما أفاد به هؤلاء الأشخاص.

كما أنه أبرم هذه الصفقات الكبرى مع المستثمرين الدوليين

وثمة إشارةٌ أخرى إلى أنّ الأمير «الوليد» استعاد حظوته لدى الديوان الملكي، ألا وهي مجموعة الصفقات التي عُقدت مع المستثمرين الدوليين.

وقد كان من بينها استثمارات تجارية فرنسية في السعودية، شارك فيها «الوليد» بقيمة 300 مليون دولار، الأسبوع الماضي، حسبما قال أشخاصٌ على اطِّلاعٍ على هذه الصفقات.

واستثمر الأمير «الوليد» أيضاً 500 مليون دولار أخرى في شركات التقنية الغربية.

وقال أشخاص على علمٍ بهذه الصفقات، إنّ الأمير دخل في محادثاتٍ كذلك مع ليونارد بلافاتنيك، مالك مجموعة Warner Music Group، ومديرين تنفيذيين آخرين للاستثمار في شركة الترفيه «روتانا للخدمات الإعلامية»، التي يمتكلها «الوليد» ويوجد مقرها بالرياض.

ولم يردَّ متحدثون باسم مجموعة Warner Music، ومتحدثون باسم الشركة القابضة التي يملكها بلافاتنيك Access Industries، على طلبات للتعليق من قِبل الصحيفة الأميركية.

ولكن لماذا تعمَّد ولي العهد السعودي منذ البداية محاربة «الوليد»؟

كان الأمير «الوليد»، البالغ من العمر 63 عاماً، وجهاً دولياً مألوفاً قبل صعود الأمير محمد وأبيه، الملك سلمان، إلى سدة الحكم عام 2015.

فعلى الدوام، كان الأمير «الوليد» يلتقي رؤساء دول، ويوقِّع على ما وصفه بصفقاتٍ تجاريةٍ استراتيجيةٍ من أجل السعودية، وظهر في القنوات التلفزيونية الأميركية وتولَّى مناصب كبيرةً في الشركات الأميركية، من ضمنها شركتا تويتر وسيتي بنك.

ولكن بعد سيطرته على مقاليد السلطة فعلياً في السعودية، حاول الأمير محمد بن سلمان تهميش منفّذي الصفقات ممن هم على شاكلة «الوليد»، واستبدل بهم شركاتٍ ومديرين تنفيذيين مرتبطين بصندوق الاستثمارات العامة، وهو صندوق الثروة السيادية السعودي الذي يستخدمه الحاكم السعودي لتنويع اقتصاد المملكة المعتمد على النفط.

حتى إنه حظر سفر ابن عمه بعد أن أطلق سراحه

وقال أشخاص يعرفون بن طلال، إنّ الأشهُر التي تلت إطلاق سراحه شهدت منعه من السفر لخارج البلاد دون موافقة الأمير محمد.

وعندما أُطلق سراح الأمير الملياردير، حصل ولي العهد على حق الطعن على الاستثمارات بشركة المملكة القابضة التي يمتلكها الأمير «الوليد»، وذلك حسبما نقلت صحيفة The Wall Street Journal الأميركية عن أشخاصٍ مطلعين على الموضوع.

ولكن، أنكر الأمير «الوليد» ذلك الأمر.

من دونه كنا سنعلق المحادثات.. لهذه الأسباب قرر الأمير محمد اللجوء إليه

كانت هناك أسباب منطقية جعلت ولي العهد السعودي يحاول الاستفادة من الأمير الوليد لإنقاذه من تداعيات مقتل خاشقجي وليس حباً في ابن عمه.

إذ ما زال كثيرٌ من المديرين والرؤساء التنفيذيون الدوليون يرحبون بعودة الأمير «الوليد»، ويصفه أحدهم بأنه لا يمكن الاستغناء عنه.

في حين قال آخر يرتبط بالمحادثات التجارية الأخيرة عن الأمير «الوليد»: «من دونه، كنا سنعلق المحادثات».

فالمستثمرون يريدون «الوليد»، ولكن لديهم شرط آخر

وقال مستثمرٌ غربيٌ إنّ مناشدات الأمير «الوليد» القيام بأعمال تجارية في السعودية يمكن أن تنجح فقط إذا لم يكن هناك مزيدٌ من الفضائح.

ولكن، يبدو بعض المديرين والرؤساء التنفيذيين الذين يعرفون «الوليد» مرتابين من حملته لدعم صورة ولي العهد وتحسينها، حسبما ورد في تقرير الصحيفة الأميركية.

ولكن هل أصبح «الوليد» يتحدث بِحُرية حقاً؟ لقد كان صديقاً لخاشقجي!

فالشركاء الدوليون غير متأكدين من أن «الوليد» أصبح يتحدث بِحُرِيَّةٍ حقاً.

ويقول أشخاص يعرفون الأمير إن لديه مشاعر مختلطةً حول دوره الجديد.

فقد كان خاشقجي صديقاً له وعمل من قبلُ في أحد مشروعاته التلفزيونية.

أخبر الأمير «الوليد» قناة Fox News: «ما حدث في القنصلية السعودية كان بكل وضوحٍ مروعاً… وحقيراً، ومأساوياً، ولا يمكن وصفه».

ولكن، ردد الوليد بن طلال مزاعم الحكومة السعودية التي تنكر تورط الأمير محمد في مقتل خاشقجي.

فقد قال للقناة: «أعتقد أنّ التحقيقات سوف تبري ساحة ولي العهد السعودي بنسبة 100%».

ويقول أشخاصٌ يعرفون الأمير «الوليد» عن قرب، إنه اختار تأييد الأمير محمد ودعم العائلية الملكية في وقت الأزمة.

ويقولون إنه يؤيد التغييرات التي اضطلع بها الأمير محمد، مثل السماح للنساء بقيادة السيارات وانفتاح الاقتصاد أمام الاستثمارات الأجنبية.

والآن المستثمرون بدأوا يستجيبون لدعوات الوليد بن طلال

ويبدو أن مساعي الأمير «الوليد» قد كُلِّلت ببعض النجاح.

فقد سعى لإعادة بناء العلاقات التجارية الدولية المتوترة، ولا سيما في الولايات المتحدة وفرنسا.

ودعا بن طلال إلى مكتبه في الرياض، خلال الشهر الماضي، مسؤولين من صندوق الثروة السيادي الفرنسي، المعروف بـ «صندوق الودائع والأمانات-Caisse des Depots et Consignations»، للاستثمار في السعودية معه، حسبما قال أشخاصٌ على دراية بالمقابلة.

وُضعت على مكتبه في أثناء المقابلة صورةٌ حديثةٌ التُقطت له مع ولي العهد، وهما يبتسمان، بجوار نموذجٍ مصغرٍ لطائرته وممتلكاته.

وقبل أسبوعين، أتم صندوق Five Capital -وهو صندوق مشترك بين صندوق الودائع والأمانات الفرنسي وشركة المملكة القابضة- صفقتين طويلتا الأجل، حسبما أفاد أشخاص على اطلاع على الموضوع.

وقال هيرفيه كوفيليز، المدير التنفيذي لشركة Diwanee التابعة لـWebedia، إن الصندوق الفرنسي، إضافة إلى الشركة الناشئة Webedia، اتفقا على شراء منصة البث الرئيسية السعودية للفيديو والموسيقى Uturn.

وأضاف أنّ شركة Diwanee سوف تُدمَج مع Uturn، في صفقة تبلغ قيمتها نحو 100 مليون دولار، عندما تتحول أسهمها إلى الملّاك الجدد.

وقال كوفيليز: «كان أمراً مهماً جداً أن نحظى بشراكة الأمير «الوليد». لديه كثيرٌ من الخبرة فيما يتعلق بالاستثمار في شركات التكنولوجيا، وعلاقاتٌ هائلةٌ بالسعودية».

وهو يقول إنه ما زال يحتفظ بالسيطرة على ثرواته عكس رفاقه في الريتز كارلتون

وقال الأشخاص المطلعون إنّ صندوق Five Capital واصل محادثاته مع صندوق الاستثمارات العامة في المملكة، لدعم الشركات في الخارج.

في حينا قال متحدث باسم شركة المملكة القابضة، إنّ الأمير «الوليد» لم يكن متاحاً من أجل التعليق. لم يردَّ مسؤولون في شركة Uturn والديوان الملكي على طلبات للتعليق على الموضوع، قدمتها صحيفة The Wall Street Journal.

كان الأمير «الوليد» قد قال إنه يحتفظ بسيطرته على أصوله، عكس آخرين اعتُقلوا في الريتز كارلتون، ومن ضمنها 95% من أسهم شركة المملكة القابضة.

وخلال فصل الصيف، واصلت شركة روتانا وشركة المملكة الاستثمار في شركات التكنولوجيا، ليبلغ حجم الإنفاق المشترك للشركتين 500 مليون دولار في الشركة الأم لمنصة التواصل الاجتماعي Snapchat وموقع Deezer للبث الموسيقي الذي يقع مقره في باريس.

شاهد أيضاً

“الإمبراطور الأبيض”.. مقاتلة الجيل السادس الصينية المصممة للهيمنة على السماء والفضاء

تشهد المنافسة بين الصين والولايات المتحدة تصعيداً ملحوظاً في العديد من المجالات، من أبرزها التسابق …