القاهرة – محمد جلال القصاص : —
قال الكاتب والباحث الإسلامي محمد جلال القصاص إنه كان خارج مصر قبل ثورة يناير ، وبعد العودة ، وحين خالطت الإسلاميين امتلأت يقينًا بأنهم يتحركون لبلاء لا لتمكين .
وأضاف في مقال له بعنوان ” كيف أنقذت رابعة الإسلاميين” علي مدونات الجزيرة أنني اتجهت لدراسة السياسة أملًا في أن أفهم وأنصح نفسي وغيري بعلم؛ وجاءت رابعة وأنا أُجمع المادة العلمية لرسالة الماجستير!
وتابع في حديثه : كنت في الميدان منذ أول تجمع للإسلاميين وحتي الثالث من يوليو ، أتحرك بين الجموع أرى بعيني وأسجل ما أراه من ملاحظات، ونثرت ذلك في رسالة للماجستير، وهي مطبوعة.
وأشار إلي أنه لم يكن وقتها في الميدان سوى الإخوان وعدد قليل من عوام الناس، تحديدًا من الصعيد (جنوب مصر، ووجود الصعايدة بجوار الإخوان مما لم أجد له مبررًا إلى اليوم ولم أجد من التفت إليه وحاول تفسيره).
وبدأ الناس يتجمعون وتضاعف عدد المعتصمين، وبدأ التحرك من الميدان، وبالفعل تحركوا إلى دار الحرس الجمهوري، وكنت يومها بين الحضور، كانت الأعداد كثيفة جدًا، وكانت الحماسة مرتفعة، وانفض المشهد الملتهب فجأة بعد خطابٍ من أحد (صقور) الإخوان.
وأوضح القصاص في شهادته حين انتهى القائد الإخواني من كلمته قلت: لن يجدوا فرصة كهذه، وأن العد التنازلي قد بدأ، وأخذت بعضي واتجهت لرابعة أكمل تسجيل الملاحظات على الصحوة الإسلامية، فقد كانت رابعة فرصة ذهبية لرؤية أكبر عدد ممكن من المنتسبين للصحوة الإسلامية يتحدثون بشكل طبعي، بل في أزمة، كانت غنيمة شهية لمن يريد أن يعرف ويفهم أفراد الصحوة عن قرب؛ وبذلت جهدًا ووقتًا للسماع والحديث، ووقتها استيقنت من أن الإخوان لن يحسموا.
وأكد أنه بعد الاحتشاد في المدن الكبرى وأحياء القاهرة المكتظة بالسكان (كالعمرانية والهرم)، حتى كانت الشوارع تموج بالبشر موجًا، وظهر أمران متناقضان: حدة في الخطاب، وتراجع واضح في الفعل على الأرض ، حيث ظهر بوضوح أن قادة الموقف يومها ينتظرون الحسم من الخارج، كأنهم يعتقدون أن الخارج هو الذي يفصل في الخصومة وأنه يميل لمن هم أكثر عددًا.
وتابع قائلا : يظنون أن الخارج مع الأغلبية حسب مبادئ الديمقراطية..وظني أن ثمة من هدهدهم وأضعف عزمهم.
كما أشار إلي ظهور اليافتات المكتوبة بالإنجليزية والأحاديث باللغة الإنجليزية على المنصة، بل وفي داخل الميدان في المناطق البعيدة عن الكاميرات، علمًا بأن تردد الصحفيين الأجانب كان مؤقتًا ، وكأنهم جاءوا بشكل كثيف في يومٍ أو يومين مع بداية الاعتصام ثم رحلوا، كأنهم قد جاءوا في سيارة واحدة!
وأوضح أنه مما يدعم فكرة أن القيادات الإسلامية وقفت مكانها تنتظر حلًا من الخارج وأن غايتهم انحسرت في إظهار كثرة عددهم ليميل الخارج إليهم أن الاعتصام تحول لما يشبه السكن الدائم (مساكن اللاجئين)، وعرف أهل الخيام بعضهم، وظهرت أنشطة اجتماعية مختلفة في الاعتصام غلب عليها البعد الدعوي وخاصة من السلفيين الذين ملأوا الميدان نصرة للإخوان، وأصبحت المسيرات روتينية، وبدأ الحديث عن إنشاء مدارس في رابعة، ما يعني أن الاعتصام مستمر للأبد!
وأكد القصاص أنه مع مرارة رابعة ، وما أعقبها من أحداث كبيرة ، إلا أنها أنقذت الإسلاميين من ورطة قيادة المشهد، وأجلستهم حيث يحبون ، أو حيث يحسنون: “في السجون”.
وتساءل : ماذا يريد الإسلاميون في مصر؟ الهدف المجمل حاضر بقوة، وهو تحكيم شرع الله، أو: استئناف الحياة الإسلامية من جديد، وحين تسأل عن التفاصيل لا تجد، بضاعتنا في مصر – وغير مصر في الغالب- هي الرفض ، هي الممانعة، ولا نملك حلًا ولا أدواتٍ لفرض حل في حال وجوده، ولذا ننتظر الحسم من خارجنا، وكشفتنا رابعة وأخواتها، ولكننا لم نعِ الدرس بشكلٍ جيد، والسبب: أننا نفسر كل ما يقع علينا بأنه ابتلاء يرفع الله به درجاتنا؟
واختتم حديثه قائلا : علمًا بأن طرحَ السؤالِ الذي يبحث عن سبب الفشل هو أول ما فعله الصحابة يوم أحد، فقبل أن ينصرفوا من المعركة تساءلوا عن سبب الهزيمة: (أنّى هذا؟)، ونحن لا نفعل مثلهم..لا نطرح أسئلة على التجارب المتعثرة، بل نمضي قدمًا!
كما أكد ثانية أن “رابعة” أنقذت الإسلاميين من ورطة قيادة المشهد، وأجلستهم حيث يحبون.. أو حيث يحسنون: في السجون.. يشتكون الظلم والظالمين، ويتنادون بأن البلاء سنة الله في المرسلين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وهو حق يسترون به باطل.