أجهزة التكييف الصيفى والمراوح عملة نادرة بعد أن بلغت درجات الحرارة فى النمسا مستويات قياسية

Hitze-in-Wien-2018

 

في النشرة الجوية المسائية على قناة «ÖRF1» النمساوية يوم الثلاثاء الماضى 7 أغسطس ، ظهر مذيع نشرة الأخبار الجوية مبتسماّ ومخاطباً مشاهديه بأنه يوم الأربعاء والخميس 8 و9 أغسطس سوف تصل درجات الحرارة فى النمسا إلى مستويات قياسية لم تصل أليها منذ زمن بعيد ؛ محذراّ من الهواء الساخن القادم من الصحراء، وارتفاع درجة الحرارة في النمسا إلى درجات قياسية

وفي أحد متاجر المواد الإلكترونية الضخمة في مدينة العاصمة النمساوية فيينا، كان الشاب الأسمر البشرة يتفحص مع صديقته النمساوية عدداً قليلاً من المراوح وأدوات التكييف، التي وصلت للتو إلى «كونراد» مطلع شهر أغسطس 2018.

كانا يوازنانِ بين ما يصبوان إليه ويخفف عنهما الحر الشديد، الذي بات ضيفاً ثقيلاً على السكان لا يغادر منازلهم وأماكن عملهم ليل نهار، وإمكاناتهما المادية المتواضعة، مفضلَين مروحة صغيرة.

لم يكونا وحدهما، خلفهما يقف عجوز نمساوي يرغب في شراء جهاز تكييف متحرك، إلا أن ثمنه الباهظ، الذي يتجاوز 200 يورو، لم يتناسب مع إمكاناته المالية فيما يبدو، ما جعله يتراجع خطوة، باحثاً عما هو أرخص.

لم يكن يهتم بها أحد في السابق

جاء موظف المبيعات وبدا مُفاجَأً هو نفسه من وضع زملائه دفعة جديدة من أدوات التكييف والمراوح في الرفوف، وتحدث عن إمكانية أن يشتري كل زبون قطعة واحدة فحسب من أجهزة التكييف. كيف لا وقد باتت هذه الأجهزة قطعاً نادراً هذه الأيام، في ظل موجة الحر الشديد التي ضربت معظم دول شمال أوروبا، ورفعت درجات الحرارة إلى ما يقارب الأربعين.

في متجر إلكتروني ضخم آخر هو «ساتورن»، يقع وسط مدينة فيينا النمساوية، لم يكن الحال أفضل، بل بدا وضع الزبائن كمن يشاهد سراباً من بعيد وعندما يقترب ويدخل المتجر، المؤلف من طابقين، يشاهد لافتة صادمة: احجز مروحة اليوم (الأربعاء 8 أغسطس 2018) وتعالَ لتسلُّمها الخميس القادم؛ أي بعد قرابة أسبوع.

بسؤال المسؤول عن القسم عن إمكانية شراء مروحة أو جهاز تكييف، قال إن كل الكمية بيعت يومها، ويمكن للمرء أن يحجز نوعاً من بين خمسة، كانت غالبيتها رديئة ورخيصة، ولنأمل أن تصل غداً أو بعد غد أو بعد أيام، مؤكداً أنه لا يمكنه التنبؤ بموعد وصولها.

بالعودة إلى متجر «كونراد»؛ للاطلاع على إقبال السكان عليها، كانت 3 قطع من صنف مراوح عمودية قد نفِدت بالفعل بعد مرور نصف ساعة فحسب.

لا يحتاج السكان في النمسا عادة إلى المراوح أو أجهزة التكييف في فصل الصيف، ولا تُجهز حتى المؤسسات الرسمية بها، إلا أن الحرارة التي وصلت لدرجات قياسية هذا الصيف وتواصُل موجة الحر منذ النصف الثاني من شهر يوليو 2018، جعلا الأمر يبدو كأن الاختراع المسمى أجهزة تكييف أو المراوح وصل حديثاً للبلد المعروف بشدة بالصناعة والتجارة.

«أين ذهبت جميع المراوح؟

وسيطرت عناوين حول الجفاف وتنبؤات الطقس ونفاد وسائل التكييف على وسائل الإعلام المحلية، فكتبت صحيفة «كرونا تسايتنج»: «المراوح نفِدت في فيينا»، ناقلة عن مسؤولة في متجر توضيحها أن الكميات التي تطلبها بعض المتاجر من الموردين لا تصل إليهم، وكتب موقع «الدى برسة«، التابع لـ»لصحيفة الدى برسة»: «أين ذهبت جميع المراوح؟!»، متحدثاً عن نفاد المراوح في جميع ولايات النمسا التسع تقريباً.

ونقلت صحيفة «هويتة» المحلية عن ساشا بوهم، مدير متجر «مديا ماركت » في بلدة «فيينر نويا إشتاط» ثانى أكبر مدينة فى ولاية النمسا السفلى ، توضيحه أن البضاعة وصلت إليهم ربيع العام الحالي (2018)؛ لذا لم يكن بوسعهم ألبتة توقُّع الطلب الكبير عبر موجة الحر، مشيراً إلى أن مثل هذا النقص بالمتجر لم يتكرر منذ فصل الصيف الحار جداً في عام 2003.

من جانبه، يقول مدير متجر «ري آل» في البلدة إن الطلب على المراوح ارتفع بشكل حاد مع بدء موجة الحر، وإنهم عرضوا كل ما لديهم فبيعت كلها، مشيراً إلى أنهم يعلمون أن مثل هذا الوضع ليس حالة طارئة؛ لذا سيزيدون كمية التخزين وفقاً لذلك في العام القادم (2019). وقال متدرب في متجر «اكسبرت دورينغ» ببلدة لوبيكه في الولاية ذاتها، إن الإقبال كان كبيراً، فكانوا يتلقون قرابة 100 اتصال في اليوم للسؤال عما إذا كان لديهم مراوح.

هكذا تبدأ أفلام نهاية العالم!

وانتشرت على شبكات التواصل الاجتماعي تغريدات ساخرة، تعليقاً على القيمة الكبيرة التي اكتسبتها المراوح والمكيفات، وكيف لا يجد البعض وسيلة لتخفيف وطأة القيظ، في ظل عدم تمكُّنه من اقتناء أحدها. فكتبت مغردة تدعى جاكي، أنها قرأت عن بيع جميع المراوح في مدينة فيينا، ناصحةً بطريقة ساخرة جميع ممتلكي المراوح والمكيفات بسد الأبواب والنوافذ بمتاريس؛ لأن أفلام نهاية العالم كلها تبدأ على هذا النحو بالضبط.

Maraweh-Wind

واقترح آخرون اللجوء إلى حلول مبتكرة في ظل هذا النقص بأجهزة التكييف.

ووردت تساؤلات على شبكات التواصل الاجتماعي عن المكان الذي يمكن شراء مراوح منها، وتحدث كثيرون عن فشلهم في العثور عليها بأي من المتاجر المشهورة في النمسا.

وبلغ اليأس في العثور على مروحة لدى شاب سوري حداً دفعه إلى السؤال على مجموعة فييناوية بموقع فيسبوك للتبرع بقِطع منزلية لا يستعملها المرء «فري يور ستف»، إن كان لدى أحدهم مروحة؛ لأنه يحتاجها، فسخر الكثيرون من طلبه في ظل حاجة الجميع لها، وقال أحد المعلقين: «عندما يغرق القارب.. هؤلاء هم الذين يطلبون منك سترة النجاة!».

موقع «هويتة»، الذي يجري عادةً مسابقات للمشتركين في خدمته «هويتة بلوس» لبطاقات يصعب الحصول عليها مثلاً لحضور حفل أو مباراة، نظَّم هذه المرة في الأيام الماضية مسابقة، كانت جائزتها الفوز بواحدة من 10 أجهزة تكييف متنقلة صغيرة.

 

 

 

شاهد أيضاً

“الإمبراطور الأبيض”.. مقاتلة الجيل السادس الصينية المصممة للهيمنة على السماء والفضاء

تشهد المنافسة بين الصين والولايات المتحدة تصعيداً ملحوظاً في العديد من المجالات، من أبرزها التسابق …