شبكة رمضان الإخبارية شبكة إخبارية تهتم بشئون الجالية العربية فى النمسا ودول الجوار
العالم يتغير بسرعة… المعلومة باتت متوفرة بكبسة زر، وهي نفسها تتغير باستمرار على وقع التطور التقني.
هذا التطور يفتح للعالم نافذتين، واحدة على الأمل بمستقبل واعد للبشرية، وواحدة على الخوف من تبخر مئات ملايين الوظائف.
عالمنا العربي من أكثر المناطق شباباً في العالم، وسيتأثر بقوة بالمتغيرات، لذا خصصت “العربية” أسبوعاً كاملاً من التقارير والتغطيات التي سعت إلى الإضاءة على مستقبل الجامعة والتعليم العالي، ومستقبل العمل.
نهاية الجامعة كما عرفناها منذ ألف عام
التكنولوجيا التي تغير كل شيء، تغير التعليم في العمق، فالجامعة كما عرفناها منذ ألف سنة قد انتهت عملياً.
جامعة المستقبل ليست محدودة في الزمان والمكان، أبوابها مشرعة على العالم بأسره، والتقنيات الحديثة تغيّر تجربة التعليم بشكل غير مسبوق في تاريخ البشرية… ولا شك أن الذكاء الاصطناعي هو اللاعب الأكبر في هذا التغيير.
والتغيير في عالم التعليم، يقابله تغيير أقوى في عالم العمل، فبحسب توقعات مختلفة، مئات ملايين الوظائف التي نعرفها في عالمنا اليوم ستختفي، وستحل مكانها الأتمتة والروبوتات والذكاء الاصطناعي، أو أن العالم لن يعود بحاجة إليها.
لكن هناك قدر مهم من الوظائف التي لا يمكن أن تنتهي، وهي الوظائف التي تعتمد بشكل خاص على إبداع الإنسان وعلى ذكائه العاطفي وقدرته على بناء روابط إنسانية. كما أن إطالة أمد الحياة ستزيد من الطلب على المهن التي ترافق الإنسان من الناحية الصحية.
أما من ناحية الأجر، فإن وظائف ستتفوق على أخرى بحكم الطلب عليها.. وظائف الأمن الالكتروني ستتربع على عرش الوظائف الأعلى أجراً لعقود مقبلة على الأرجح.
جامعة المستقبل والتعليم الدائم
لطالما كانت مرحلة الدراسة محددة بعدد من السنوات في المدرسة ثم في الجامعة… لكن هذا المفهوم يتغير بسرعة فما اكتسبه الطالب في الجامعة من معلومات قد يصبح من دون قيمة في غضون سنوات قليلة… لذا بات مفهوم التعليم الدائم أساساً في تطور التعليم والعمل، وبحسب هذا المفهوم، التعليم يستمر مدى الحياة، والشهادة التي اكتسبت قبل عقد من الزمن، لا بد أن يتم انعاشها بجرعات من التعليم الحديث.
لكن ذلك لا يعني أن مرحلة الجامعة لن تكون موجودة، بل سيكون التعليم الجامعي مختلفا. بعض الجامعات في منطقتنا تقدم نموذجا عن جامعة المستقبل، ومنها على سبيل المثال، جامعة الملك عبدالله للتقنية “كاوست” شمال جدة، وجامعة الأميرة نورة في الرياض، وهي مخصصة للبنات، إضافة إلى جامعة الملك فهد للبترول والمعادن في الظهران، وهي جامعة تخرج أجيالا لقيادة قطاع النفط في المملكة العربية السعودية.
إضافة إلى الجامعات المتقدمة في الداخل، تتيح السعودية لطلابها وطالباتها إمكانية التعلم في الخارج في أطار أكبر برنامج ابتعاث حكومي في العالم.
مصر، أكبر بلد عربي، تكافح بدورها من أجل توفير تعليم يعدّ عشرات ملايين الشباب للمستقبل.
النظام التعليمي الجامعي في مصر هو رسمي بشكل أساسي، ومن أبرز معضلاته هو توجيه طلاب الثانوية العامة إلى الكليات بشكل منظم جدا بسبب حاصل العلامات، وبالتالي، يتبع الطلاب مسيرة تعليمية قد لا يرغبون بها في الأساس.
لبنان، نموذج لبلد يتمتع بتاريخ عريق في التعليم الجامعي، لكنه يعاني من التضخم ومن انتشار الجامعات ذات الجودة المنخفضة، فضلاً عن سيطرة الحياة السياسية والحزبية على الجامعة الرسمية اللبنانية التي يتعلم فيها غالبية طلاب لبنان.
الطريق إلى الجامعات الكبرى
تسيطر الجامعات الأميركية من دون منازع على مؤشرات الجامعات الكبرى. الطريق إلى الجامعات الكبرى التي تتركز في شمال شرق الولايات المتحدة. هارفرد وMIT من أهم جامعات العالم، وكلتاهما في بوسطن.
الجامعات الكبرى تحاول اتباع سياسة التمييز الإيجابي لإفساح المجال أمام الطلاب من إثنيات وخلفيات عرقية مختلفة، لاسيما العرب، ولكي لا يكون تعليم النخبة حكراً على الأغنياء، وعلى الآسيويين الذين يغزون الجامعات الكبرى بكل معنى الكلمة. ولا بد من الإشارة إلى أن معظم الجامعات العريقة هي ضمن رابطة شهيرة تعرف برابطة الآيفي ليغ.. من يتابع أفلام هوليوود يعرفها جيدا.
وفي أوروبا، تبقى بريطانيا معقل الجامعات العريقة المصنفة ضمن أهم الجامعات في العالم، أوكسفورد مدينة جامعية من الأعرق في العالم، وتشكل مع جارتها كامبريدج ثنائيا متشابها في كل شيء، ومتنافسا في كل شيء، لدرجة يطلق عليهما إسم مبتكر واحد، أوكسبريدج. بعض أبرز شخصيات العالم درست في هذه الجامعات.
التعلم في الجامعات الكبرى باهظ الثمن، لكن المنح الجامعية يمكن أن تشكل حلا لمن يعجز ماديا عن دفع أقساط تصل إلى مئة ألف دولار سنويا.
وفي كل الأحوال، هناك عدد من المؤشرات والتصنيفات التي تسهل على الطلاب تحديد القيمة الحقيقية للشهادة الصادرة من هذه الجامعة أو تلك.
مؤشر شنغهاي من أهم المؤشرات، يصدر سنويا ليصنف أفضل 500 جامعة في العالم. ضمن أهم 10 جامعات في العالم، ثماني جامعات في أميركا، وجامعتان في بريطانيا. وضمن المؤشر كل، خمس جامعات عربية، أربع في السعودية، وواحدة في مصر.
الشهادات مقابل المهارات
في الحالة الطبيعية، ينهي الطالب علمه ويبحث عن عمل، لكن الشركات الكبرى باتت تبحث عن المواهب المتميزة على مقاعد الدراسة. الوظيفة قد تأتي للطالب وهو في الجامعة، خاصة إذا كان يملك المهارات الثمينة التي تبحث عنها الشركات، وأهمها على الإطلاق حاليا، مهارة الترميز، أو الـCODING.
أما في مرحلة الدراسات العليا، فيبدو أن ماجيستير إدارة الأعمال MBA بات الباب للوظائف العليا، وهو شهادة أكثر نفعاً في سوق العمل من الدكتوراه.
الأكيد أن البحث الأهم بالنسبة لأي طالب، يجب أن يكون عن المهارات، وليس فقط الشهادات.
