صور وفيديو – تكون “ناطحة السحاب الأفقية” في الصين حل مناسب لمشكلة الازدحام؟

China-Tichnoliegie

إذا أردت أن تذهب لصديقك في البناية المجاورة، فلن تكون مضطراً للنزول للأسفل والسير في الشارع، بل يمكن أن تذهب له مباشرة.

تبدو هذه آخر مغامرات الهندسة الإنشائية لحل مشكلة الازدحام، عبر التوسع  الأفقي بدلاً من الرأسي، فالسماء بين البنايات ما زال بها متسع لجسور تسمح للتنقل واتخاذها حتى ساحة لإنشاء بنايات أفقية.

ففي الصين من المتوقع أن يساعد الجسر المعلق على مستوى الطابق 42، التابع لمشروع Raffles City، في حل مشكلة الاكتظاظ السكاني، ولكن هل سيكون  وسيلة الأثرياء للهروب إلى السماء من ضجة الفقراء في الأرض، حسبما يتساءل تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية.

ليس مجرد جسر إنما ناطحة سحاب كاملة تم تغيير اتجاهها

جيشٌ مكون من ستة آلاف عامل، يعملون بجد في بناء أحد المواقع الضخمة التي تطل على نقطة التقاء نهري يانغتسي وجيالينغ، في المدينة الكبرى تشونغتشينغ الواقعة في جنوب غربي الصين. وهناك، تقبع ثماني ناطحات سحاب على ضفاف النهر، اثنتان منها على ارتفاع 350 متراً، بينما يبلغ ارتفاع الست الأخريات 250 متراً.

ويمتد مجمع “Raffles City Chongqing”، وهو المشروع الذي يرأسه المهندس المعماري، موشى صفدي، بمدينة تشونغتشينغ، على مساحة 134 ألف متر مربع، حيث يضم منازل ومتاجر، بالإضافة إلى مكاتب ومرافق ترفيهية ووسائل نقل ومتنزه.

كما يتميز المجمع بعنصر إضافي من شأنه أن يجعله أكثر شهرة، ألا وهو “ناطحة سحاب أفقية” يبلغ طولها 300 متر، وتربط بين أربعة أبراج رئيسية على مستوى الطابق 42.

وهذا ما فعلوه لحمايتها من أي زلزال

ونظراً لوجود هذا المشروع فوق منطقة معرضة لوقوع الكثير من الزلازل، فإن الجسر  (الناطحة) “يطفو” فوق الأبراج لخلق نوع من الاتزان الضروري.  ولا يعد أي مشروع بارز في الصين مكتملاً من دون إحرازه أرقاماً قياسية عالمية، إذ إن هذه الناطحة الأفقية التي يتضمنها مجمع “Raffles City Chongqing” بمثابة أعلى جسر معلق يربط بين أهم أبراجه.

وبالاستعانة بجسور معلقة ذات حجم أصغر وتربط بين مجموعة من الأبراج المتجاورة، سيكون بإمكان الموظفين والمقيمين هناك التنقل بين الأبراج الثمانية دون الحاجة إلى النزول إلى الطابق الأرضي.

وقد أشار صفدي إلى ما وصفه بأكثر مشاريعه تعقيداً حتى الآن، حيث قال: “سيصبح المجمع بمثابة القلب النابض للمدينة. ونظراً لغياب المتسع للمنتزهات الشاسعة في مدن تتسم بالكثافة السكانية على غرار تشونغتشينغ، سيتوجب علينا نقلها إلى السماء”.

ومن دون شك، تعد تشونغتشينغ مدينة ذات كثافة سكانية عالية، إذ إنه خارج موقع المبنى، تزدحم الشوارع بالأسواق وتجار الجملة والباعة المتجولين وأكشاك الطعام.

ويتجمع عمال البناء حول أطباق من المعكرونة الحارة، ويحمل الباعة سلالاً من الفاكهة على أعناقهم، بينما يتجادل المتسوقون بشأن الأسعار.

التفكير في العقارات سيتغير.. لن تفكر في مساحة المبنى فقط

هذا المشروع التنموي يعكس توجهاً متنامياً يشهد أوج انتشاره على مستوى التخطيط العمراني، حسب الصفدي، حيث بدأت المدن التي تعج بناطحات السحاب بالتوسع أفقياً، بعد أن اعتادت التوسع عمودياً.

ويضيف: “أرى زمناً تتغير فيه الطريقة المتبعة في تقسيم المناطق لتصبح ثلاثية الأبعاد. وعوضاً عن مجرد التعامل مع الموقع من منظور ثنائي الأبعاد، سيتطلب هذا التقسيم من الأشخاص الربط بين المباني العقارية، أولاً على مستوى الأرض، ومن ثم فوق سطحها”.

وسيضم الجسر المعلق مرصداً عاماً ونادياً للمقيمين وبهو فندق، بالإضافة إلى العديد من المطاعم، وشرفة مفتوحة. وبالفعل، قام صفدي وفريقه بتجربة وصل الأبراج بواسطة الجسور في كل مشاريعهم “Sky Habitat”، و “Marina Bay Sands” في سنغافورة.

وبالفعل فإن فكرة المسالك الجوية تنتشر

وظهرت بوادر أخرى للتجربة والتطوير، حيث تعد مدينة مينيابولس بالولايات المتحدة موطن أكبر نظام طرقات جوية في العالم، بينما تعتبر المسالك الجوية في المدن الآسيوية، على غرار هونغ كونغ وبانكوك، منشآت تشرف عليها الحكومة، وهي تربط بين المباني والمحطات، بالإضافة إلى الممرات.

وغالباً ما توجد هذه المسالك على ارتفاع بضعة طوابق، ولكن مع تزايد أعداد الأبراج، تتزايد أعداد المسالك الجوية كذلك.

ويعد المجمع المختلط الموصول في بكين عبارة عن سلسلة من الأبراج المتصلة عبر سلسلة من الجسور المعلقة بين الطابقين الثاني عشر والثامن عشر.

ويعد مشروع Pinnacle@Duxton في سنغافورة مشروعاً كبيراً للإسكان العام، مكوناً من سبع مبان سكنية تحتوي على 51 طابقاً، متصلة ببعضها البعض من خلال الجسور والمتنزهات المعلقة. كما يضم “Velo Tower”، في مدينة سيول، ناطحتي سحاب مرتبطتين ببرج سماوي يبلغ ارتفاعه 30 طابقاً.

عليك أن تسلك شارع الطابق الخامس والعشرين وثورة المصاعد ستساعدك

“الفكرة قابلة للتمديد”، حسب الصفدي، حتى إنه يمكنك تخصيص شارع عام في الطابق الخامس والعشرين، كما سيكون أمامك كل هذه الفرص للقيام بأمور تتجاوز مساحة قطعة أرض واحدة، وأعتقد أن ذلك ما نمضي قدماً لتحقيقه”.

China-Tichnoliegie-1

أن كان المستقبل للمباني المرتفعة الموصولة، فستُعجّل التكنولوجيا في قدومه، إذ كشفت شركة الهندسة الألمانية “ThyssenKrupp” في العام الماضي عن نظام مصاعد أفقي-عمودي جديد.

ويتيح نظام “Multi” للمصاعد القيام بعديد العمليات في رحلة واحدة، والتخلص من قيود الارتفاع، كما يسمح بالرفع الأفقي للمصعد من مبنى إلى آخر. بحيث، يمكن للمباني التواصل فيما بينها عمودياً وأفقياً وإنشاء شبكة مترابطة تمتد عبر المدينة.

في هذا الصدد، قال مايكل سيزرز، الرئيس التنفيذي لنظام “Multi” في شركة “ThyssenKrupp” إن “ذلك يقدم لنا خيارات حول كيفية فهم المبنى بطريقة مختلفة.

وبالنسبة لي، كوني معمارياً ومهندساً، فذلك لا يفرض عليّ التفكير في المصاعد كمركز للمبنى، حيث يمكنني وضعها في أي مكان أراه مناسباً، علاوة على أن الانتقال أفقياً يخلق نوعاً جديداً من الحرية.

ويمكنك نقل الأشخاص من طرف إلى آخر في المبنى الواحد أو بين المباني المتصلة ببعضها، دون أن تضطر للخروج من المصعد”.

مَن مِن البشر سيُسمح لهم بالسير عبر السماء؟

ولكن، ما الآثار الاجتماعية المترتبة على حياة معلقة؟ وهل يمكن لهذا الاتجاه، بالنسبة لناطحات السحاب المتصلة، أن يسرع من عملية الفُرقة بين الناس، ليخلق مدينة ذات مستوييْن، اجتماعياً وجسدياً، حيث تكون هناك مدن عالية في السماء للنخبة، في حين يعيش البقية على الأرض؟ في هذا السياق، يؤمن ماثيو كليفورد، رئيس خدمات الطاقة والاستدامة في “JLL Asia Pacific”، أن المباني الشاهقة المتصلة يمكن أن يكون لها تأثير إيجابي. فعلى سبيل المثال، تقلل هذه المباني من نسبة التلوث، ومن حركة المرور على سطح الأرض.

China-Tichnoliegie-2 - Kopie

في المقابل، حذّر كليفورد من أنه “يجب أن تفكر ملياً في كيفية استخدام الأشخاص للمبنى، وكيف يمكن أن تصبح الجسور المعلقة حصرية، تعج بالمطاعم الفاخرة والمرافق الراقية.

ويتمثل الخطر في أن هذا التصميم والعمل المعماري الفذ قد ينتهي به الأمر ليكون حكراً على عدد قليل من الأشخاص”. وفي مجمع “Raffles City Chongqing”، ستكون معظم وسائل الراحة في الجسور المعلقة مفتوحة للجمهور. ويشتمل المشروع على حديقة عامة تحيط بالبرجيْن، فضلاً عن اتصال مباشر بين المترو ومحطة الحافلات.

سوف نتيح للعوام استخدامه ولكن لا يمكننا التخلص من ثقافة الرفاهية

ويجادل صفدي بأن الجسر المعلق، والمتاح للعامة، يدحض مفهوم التفرد والحصرية. وأوضح المهندس المعماري أن “هدفنا يكمن في تعيين طابقين، يكونان الأقرب إلى سطح الأرض، للعموم، وحجز الطوابق العليا للترفيه”.

وأضاف قائلاً: “لا يمكننا التخلص من هذه الفكرة تماماً، نظراً لأن توفير الرفاهية القصوى يمثل جزءاً كبيراً من الثقافة والسوق على حد سواء”. واستطرد صفدي قائلاً: “لكن، في مدينة تشونغتشينغ، نجمع بين الأشخاص على مستويات مختلفة، من خلال المتنزه، والمترو، وذلك عبوراً بمحطة الحافلات، ووصولاً إلى موقف السيارات الواقع تحت الأرض.

ولإضفاء طابع من المساواة والديمقراطية على المبنى، قمنا بتخصيص مساحة عامة على قمة المجمع، بطريقة تجذب الأشخاص إلى المشروع”.

China-Tichnoliegie

 

شاهد أيضاً

النمسا – حلول رقمية مبتكرة لتقليل انبعاثات قطاع التنقل

دشنت النمسا برنامجا جديدا للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة في مجال التنقل، يركز على تحقيق …