كشف تقرير أمريكي نشره موقع «ذا انترسبت» عن أن هناك عمليات مراقبة تتم على موقع التواصل الإجتماعى الأشهر “فيس لوك” من خلال دعم إسرائيلى.
ونشر التقرير العديد من المخاطر التي تم تسليط الضوء عليها سابقًا من تحول شركات التكنولوجيا خاصة مثل «فيسبوك» و«تويتر» إلى مراقبين بشأن ما يمكن وما لا يمكن رؤيته لافتا إلى إن عمليات الرقابة التي يمارسها «فيسبوك» تمتد لما هو أبعد من ذلك.
وأضاف تقرير «ذا إنترسبت» أن وكالة « أسوشيتد برس» الأمريكية ذكرت مؤخرًا في تقرير نقلته من القدس أن «حكومة إسرائيل وفيسبوك اتفقتا على العمل معًا لتحديد كيفية التعامل مع التحريض على شبكة التواصل الاجتماعي».
وقال التقرير إن هذه الاجتماعات تجري «بينما تدفع الحكومة قدمًا نحو اتخاذ الخطوات التشريعية التي تهدف الى اجبار الشبكات الاجتماعية على كبح جماح المحتوى الذي تقول إسرائيل إنه يحرض على العنف»نقلا عن موقع ساسة بوست.
وبعبارة أخرى، فإن إسرائيل على وشك أن تجبر «فيسبوك» بالقانون على فرض رقابة على المحتوى الذي يعتبره مسؤولون إسرائيليون غير لائق، ويبدو أن «فيسبوك» حريص على استرضاء تلك التهديدات من خلال العمل مباشرة مع الحكومة الإسرائيلية لتحديد المحتوى الذي يجب أن يخضع للرقابة.
جهود الرقابة المشتركة بين «فيسبوك» وإسرائيل، وغني عن القول، سيتم توجيهها إلى العرب والمسلمين والفلسطينيين الذين يعارضون الاحتلال الإسرائيلي. تقرير «أسوشيتد برس» كان واضحًا حين قال: «إسرائيل قالت إن موجة من العنف مع الفلسطينيين خلال العام الماضي كان يغذيها التحريض، وكثير منها انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي».
وكما قال أليكس كين في «ذا إنترسبت» في يونيو (حزيران)، فقد بدأت إسرائيل بمراقبة محتوى مشاركات الفلسطينيين على «فيسبوك» وحتى بإلقاء القبض على البعض منهم على خلفية خطابات سياسية واضحة.
تقرير الموقع الأمريكي أوضح أن الهاجس وراء هوس إسرائيل للسيطرة على استخدام الفلسطينيين لوسائل الاعلام الاجتماعي يعود إلى استغلال هذه الوسائل من قبل معارضي الاحتلال لتنظيم تحركاتهم السياسية.
كما كتب كين: «مظاهرة ضد الاحتلال الإسرائيلي يمكن أن تنظم في غضون ساعات، في حين يتم إجراء رصد الفلسطينيين بطريقة أسهل عن طريق البصمة الرقمية الكبيرة التي يتركونها على أجهزة الكمبيوتر المحمول والهواتف المحمولة».
يذكر أن وزيرة العدل الإسرائيلية، وبحسب ما أفاد التقرير- «ايليت شاكيد» هي من مثلت إسرائيل في اجتماعات «فيسبوك»، وهي متطرفة بكل المقاييس، وكانت قد قالت في وقت سابق إنها لا تؤمن بقيام دولة فلسطينية.
وقدمت «شاكيد» «اقتراح مشروع قانون يسعى لإجبار الشبكات الاجتماعية على ازالة المحتوى الذي تعتبره اسرائيل محرضًا»، وتباهت مؤخرًا بأن «فيسبوك» متوافق بالفعل مع مطالب الرقابة الإسرائيلية.
وقالت: «على مدى الأشهر الأربعة الماضية قدمت إسرائيل 158 طلبًا لفيسبوك لإزالة المحتوى المحرض»، فيما قبل «فيسبوك» 95% من تلك الطلبات.
التقرير ذكر أن كل هذا يؤكد على المخاطر الشديدة لأن يكون خطابنا العام خاضعًا لسيطرة عدد صغير جدًا من عمالقة التكنولوجيا، الذين لا يمكن محاسبتهم.
وتابع بقوله إن البعض يشعر بالارتياح من فكرة أن المديرين التنفيذيين لـ«فيسبوك» مثل «مارك زوكربيرج» سيتحركون نحو حمايتنا جميعًا من «خطاب الكراهية» و«التحريض»، ولكن – مثل «الإرهاب» – فإن أيًا من هذه المصطلحات ليس له أي معنى ثابت، وهي مصطلحات مرنة، وتخضع للتلاعب لأغراض دعائية.
وتسائل التقرير: هل تثق في «فيسبوك» – أو الحكومة الإسرائيلية – لتقييم منشور لشخص فلسطيني ضد الاحتلال والعدوان الإسرائيلي؟ وقال التقرير إنه في حين أن التركيز هنا على «تحريض» الفلسطينيين، فإنه في الواقع أمر شائع جدًا للإسرائيليين استخدام «فيسبوك» للدعوة إلى العنف ضد الفلسطينيين، بمن فيهم المستوطنون الذين يحثون على «الانتقام» عندما يكون هناك هجوم على إسرائيل.
في الواقع، كما قالت صحيفة «واشنطن بوست» مؤخرًا، «راعى انتباه الفلسطينيين منصات التواصل الاجتماعي، قائلين إنها تحرض على العنف وتعزيز الخطاب الإسرائيلي من الكراهية والعنصرية والمواقف التمييزية ضد الفلسطينيين».
في عام 2014، استخدم الآلاف من الإسرائيليين «فيسبوك» لنشر رسائل «تدعو إلى قتل الفلسطينيين».
وعندما ألقي القبض على جندي تابع لجيش الدفاع الإسرائيلي، أطلق النار وقتل جريح فلسطيني في رأس السنة الماضية، استخدم جنود جيش الدفاع «فيسبوك» للثناء على القتل وتبرير هذا العنف، مع حشد الدعم عبر الإنترنت.
في الواقع، وكما ذكر التقرير، فقد استخدمت وزيرة العدل «شاكيد» نفسها «فيسبوك» لنشر التطرف والخطاب الذي يحفز على العنف ضد الفلسطينيين. رئيس الوزراء الاسرائيلي «بنيامين نتنياهو» وغيره من كبار الوزراء، فعلوا الشئ نفسه.
كما ذكرت قناة الجزيرة أمريكا بالتفصيل في 2014: «خطاب الكراهية ضد العرب الذي اكتسب زخمًا في فيسبوك وتويتر امتد إلى الشوارع في القدس في الوقت الذي بدأ فيه المتطرفون الإسرائيليون في تبني العنف وسببوا الفوضى.
هذا العنف عرف طريقه مرة أخرى على الإنترنت: تظهر فيديوهات على يوتيوب وفيسبوك مئات من الغوغاء الإسرائيليين الغاضبين يركضون وهم يهتفون “الموت للعرب”، ويبحثون عن الفلسطينيين لمهاجمتهم. وتدعو المزيد من لقطات الفيديو التي تظهر قوات الأمن الإسرائيلية وهي تستخدم القوة المفرطة ضد صبي فلسطيني-أمريكي مكبل اليدين، تدعو الى مزيد من التساؤل حول من يحرض حقًا على هذه الفوضى».
وأعاد التقرير التساؤل بقوله: هل يمكن لأي شخص أن يتصور أن يقوم «فيسبوك» بحذف مشاركات تعود إلى شخصيات إسرائيلية بارزة، تدعو إلى زيادة العنف والقمع ضد الفلسطينيين؟ في الواقع، هل هو ممكن حتى أن نتخيل قيام «فيسبوك» بحذف مشاركات للأمريكيين أو الأوروبيين الغربيين الذين يدعون إلى الحروب العدوانية أو غيره من أشكال العنف ضد دول مسلمة، أو ضد منتقدي الغرب؟ تساؤلات مشروعة وأجاب التقرير بقوله إن «فيسبوك» هو شركة خاصة، مع التزام قانوني بتعظيم الربح، ولذلك سوف يفسر مفاهيم خادعة مثل «خطاب الكراهية» و«التحريض على العنف» لإرضاء أولئك الذين يتمتعون بالقوة العظمى. بالتالي من غير المعقول أن يحلم «فيسبوك» بحذف هذا النوع من الدعوة أو التحريض على العنف.
واستطرد التقرير قائلًا إن «فيسبوك» يواجه الضغط الشديد لفرض رقابة على المحتوى غير المحبوب من قبل الحكومات المختلفة.
وقد شنت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة حملة مشتركة للنيل من شركات وادي السيليكون باعتبارهم داعمين وأنصار لتنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) لرفضهم اتخاذ خطوات أكثر فعالية لمنع محتوى أولئك الذين تعتبرهم هذه الحكومات «إرهابيين». وكانت إسرائيل عدوانية بشكل خاص في محاولة لإلقاء اللوم على «فيسبوك» على العنف واجباره على فرض الرقابة.
وفي التقرير، قدم «ذا انترسبت» الأسئلة التالية إلى «فيسبوك»، والتي لم يرد رد بشأنها بعد من قبل موقع التواصل الاجتماعي الشهير: 1) هل اجتمع «فيسبوك» في أي وقت مضى مع القادة الفلسطينيين في محاولة لتحديد وقمع مشاركات الاسرائيليين التي تحرض على العنف؟ هل هناك أي خطة للقيام بذلك؟ 2) إذا دعا إسرائيلي إلى مهاجمة أو قصف الفلسطينيين، هل هذه المشاركات تنتهك خدمات «فيسبوك» وسيتم حذفها؟ 3) ما هو الدور، بالضبط، الذي تقوم به الحكومة الإسرائيلية في مساعدة «فيسبوك» في تحديد المحتوى الذي يجب أن يمنع؟ 4) «فيسبوك» وافق على نحو 95٪ من طلبات المسؤولين الإسرائيليين لإزالة المحتوى. ما هي النسبة المئوية التي تم قبولها من الطلبات المقدمة من الفلسطينيين لإزالة محتوى؟ 5) إذا كان هناك من يقول إن الاحتلال الإسرائيلي غير قانوني ويجب أن يقاوم بكل الوسائل، هل سيتم السماح بذلك ؟ وقال التقرير: «صحيح أن هذه الشركات لديها الحق القانوني لفرض رقابة على كل ما تريد.
لكن هذا الاقتراح يتجاهل السيطرة غير المسبوقة التي تمارسها هذه المجموعة الصغيرة من الشركات الآن على الاتصالات العالمية.
إن هذه الرقابة التي هي ضمن حقوقهم القانونية لا تلغي الخطر الجدي الذي يشكله سلوك هذه الشركات».
واختتم التقرير بقوله إن ليس من قبيل المبالغة القول بأن «فيسبوك»، في هذه المرحلة هو الآن القوة الأبرز في مجال الصحافة.
جدير بالذكر أن الأسبوع الماضي، اندلع جدل كبير بشأن الرقابة عندما شرع موقع التواصل الاجتماع «فيسبوك» في حذف كل المشاركات التي تحتوي على صورة أيقونية لـ«فتاة النابالم» الفيتنامية، باعتبار أنها تنتهك حظر الشركة على قوانين «تعري الأطفال» حتى أن «فيسبوك» حذف منشورًا لرئيس وزراء النرويج، الذي نشر الصورة احتجاجًا على الرقابة.