غضب عارم فى المحطات.. الركاب: حسبى الله ونعم الوكيل.. هنجيب منين؟
برلمانيون يطالبون بمثول وزير النقل.. و«ضد الغلاء» تطالب الحكومة بالتخلى عن «سياسة القسوة»
حالة من الغضب استقبل بها المصريون قرار الدكتور هشام عرفات وزير النقل مساء الخميس الماضي برفع أسعار تذاكر مترو الأنفاق بنسب تتراوح بين 50 و150 و250 بالمائة.
ودخلت الزيادة حيز التنفيذ اعتبارًا من يوم الجمعة؛ حيث تراوحت الأسعار بين 3 لعدد 9 محطات، و5 جنيهات حتى 16 محطة، و7 جنيهات لأكثر من ذلك.
وقابل الركاب الذين استقلوا المترو في الساعات الأولى من صباح الجمعة، القرار بعبارة: “حسبي الله ونعم الوكيل”.
ففي محطة شبرا الخيمة، شهدت نوافذ بيع التذاكر، زحامًا على غير العادة في يوم الجمعة، الذي يوافق الإجازة الأسبوعية للمصريين، حيث اصطف المئات لمعرفة الأسعار الجديدة.
وعلق أحد المواطنين قائلاً: “لا بد من وقفة جادة، والمقاطعة هي خير سبيل للرد على الحكومة”، بينما علق آخر معبرًا عن مخاوفه من الزيادة المرتقبة في أسعار الوقود مع بداية السنة المالية الجديدة في يوليو المقبل، قائلاً: “هناك مصيبة أكبر في الطريق بعد رفع التذاكر وهي زيادة أسعار الوقود، وهو الأمر الذي يزيد من الأعباء على كاهل المواطن البسيط”.
وفي محطة غمرة، لم يختلف الوضع كثيرًا، بعدما شهدت نوافذ ليع التذاكر اصطفاف الركاب لمعرفة شرائح أسعار التذاكر بعد إقرار الزيادة.
وقال “مصطفى محمود”: “تذكرة المترو أصبحت للأغنياء فقط، بعدما وصلت إلى 7 جنيهات في الرحلة الواحدة”، متسائلاً: “أجيب منين 14 جنيه في المشوار الواحد، حرام عليكم اللي بيحصل ده”.
وفي محطة المظلات، رفضت “نجاح إبراهيم”، استقلال المترو واتجهت لركوب أتوبيس النقل العام، قائلة: “حنجيب فلوس منين للزيادات دي كلها، بقينا ننام ونصحي كل يوم علي زيادة جديدة في أي منتج في السوق”.
وتابعت: “حرام كل اللي بيحصل فينا ده مش قادرين نستحمل الزيادة كتير أوي علينا، كده المرتب مش هيكمل معانا لآخر الشهر”.
ويلتقط طرف الحديث رجل خمسيني قائلاً: “خلاص مش قادرين نستحمل أي زيادة تاني، يعمل إيه المواطن البسيط في كل الغلاء اللي بقينا فيه”.
وتابع: “بأركب المترو مرتين في اليوم، والتذكرة سعرها زاد وصل لخمسة جنيهات غير مواصلتين كمان علشان أروح بيتي، مش هأركب المترو تاني عشان أقدر أكمل باقي الشهر وأكفي مصاريف عيالي.. ياريت الدولة تخف على الغلبان”.
وبنبرة حزن شديدة، عبر شاب ثلاثيني عن استيائه من قرار رفع أسعار التذاكر قائلاً: “زيادة سعر تذكرة المترو يجب أن يعقبها زيادة أسعار المرتبات كي يستطيع المواطنين مواكبة ارتفاع الأسعار”.
ومن محطة المعادي، انطلقت صيحات الغضب أمام منافذ بيع التذاكر، حيث يسأل الموظف الركاب البداية عن عدد المحطات التي سيسلكونها في الرحلة، لكي يحدد سعر التذكرة، وأثناء ذاك حدث تلاسن بين المواطنين احتجاجًا على القرار، الذي وصفته سيدة بـ”القرار المفتري”.
ومن داخل عربات المترو، صرخ رجل كبير يبلغ من العمر 70 عاما، معترضًا على الأسعار الجديدة، قائلًا: “أنا طلعت على المعاش منذ سنوات ومعاشي لا يتجاوز 900 جنيه، فقررت العمل في شغلانة أمن في بإحدى المصانع، ومرتبي بها 2000 جنيه”.
وتابع، “بعد ارتفاع الأسعار سأدفع 1000 جنيه قيمة تذاكر المترو والمواصلات الأخرى، وأصرف على أسرتي الألف الأخرى فهل هذا يعقل”؟
وفي المرج، اختلف الوضع كثيرًا، فما بين تسول سعر التذكرة و”التزويغ” من مشرفي الأمن على ماكينات التذاكر.
“أم أحمد” مسنة انتابتها صدمة عندما سألها موظف شباك التذاكر، إلي أي المحطات ستتجه وبعدها طلب منها 7 جنيهات كثمن للرحلة، ووسط حالة من الاندهاش والحزن والغضب سيطرت عليها لأنها لا تملك ذلك المبلغ، وهو ما جعلها تتوسل للموظف لإعطائها التذكرة، لكنه رفض وطلب منها الخروج من الطابور ك لا تعطل مصالح الناس، وهو ما جعلها تقف تسول ثمن التذكرة من المصطفين بالطابور وهي تبكي مما يحدث لها.
“سماح” موظفة بأحدي شركات القطاع الخاص، قالت إنها ستقاطع المترو بعدما ارتفع سعره بطريقة مبالغ فيها، ووقفت وسط الطوابير بشباك التذاكر تنادي بأعلى صوت: “وداعًا للمترو وأهلاً بالمواصلات”، معلقة بنبرة سخرية: “خليه لصحابه اللى بيقبضوا بـ الآلاف”.
بينما تحدى طلاب المدارس قرار الزيادة، بعدما عمدوا إلى القفز من أعلى ماكينات التذاكر دون الحصول على تذكرة، وسط حالة من الهرج والمرج، كي يتمكنوا من الذهاب إلى دروسهم الخصوصية.
إلى ذلك، عبر النائب محمد عبد الله زين الدين، وكيل لجنة النقل والمواصلات بمجلس النواب عن رفضه للقرارات الجديدة لهيئة مترو الأنفاق؛ بشأن زيادة أسعار التذاكر.
وأضاف في بيان له لا يتحملون أي زيادات جديدة في ظل ارتفاع أسعار كافة السلع والخدمات”، متابعًا: “ليس من المعقول أن يتم تحريك الأسعار بهذه السرعة، حيث إن أسعار التذاكر زادت إلى جنيهين العام الماضي”.
وأشار إلى أن “زيادة الأسعار مبالغ فيها، خصوصًا في الوقت الذي لم تقدم هيئة المترو أي مبرر لذلك سواء في تحسين مستوى الخدمة من خلال انتظام الحركة والنظافة وتشغيل التكييفات”.
وقال النائب جمال آدم، عضو لجنة النقل، إن “قرار الزيادة كان بحاجة إلى دراسة علمية عميقة، وليس إقرار بهذه العشوائية، وعلى الوزارة أن تعرضه على اللجنة للدراسة والبحث لرصد تداعياته على المواطنين”.
وأضاف: “على الرغم من أن القرار سيصب في مصلحة دعم المرفق الذي يستخدمه الملايين من المصريين، لكن كان يتعين على الحكومة أن تمهد للمواطنين قبل إقرار الزيادة حتى يستطيعوا أن ينظموا أوضاعهم المعيشية”.
وأشار إلى أنه “سيتقدم بطلب لمثول وزير النقل أمام اللجنة ففي اجتماع طارئ لدراسة تداعيات القرار وبحضور خبراء النقل والمواصلات والاقتصاد”.
وقال محمود عسقلاني، رئيس جمعية “مواطنون ضد الغلاء”، إن “القرار يفتقد للملائمة السياسية والإحساس بمشاكل وهموم الناس، وسيدفع الكثير منهم إلى استقلال السيارات والمواصلات الأخرى عوضًا عن المترو، وبالتالي سيحدث تكدس كبير نحن في غنى عنه في هذا التوقيت”.
وأضاف عسقلاني متوجهًا إلى الحكومة بالقول:” أتمنى أن تتخلى الحكومة عن سياسة القسوة والحلول الخشنة التي تفتقد للإحساس بمشاكل المجتمع والانفصال التام عن أزماته، خاصة وأن الضغوط الاقتصادية تحدث حالة احتقان مكبوتة، تتراكم في الوعي العام ما قد يعجل بانهيار السلام الاجتماعي”.
وطالب، إرجاء القرار إلى حين نهاية شهر رمضان، حيث تتزايد أعباء المواطنين وترهق ميزانية الأسرة المصرية خلال هذا الشهر بسبب زيادة الإنفاق.