إيران ليست الوحيدة التي خدعت المجتمع الدولي بالنووي إسرائيل سبقتها بعقود، فى الخداع

Athom-Israel-index

“تحذر واشنطن من أن الانتشار النووي في الشرق الأوسط سيجعله أكثر مناطق العالم جنوناً وعنفاً حتى دون أسلحة نووية، لكن علينا أن نذكر أنَّ هناك دولة أخرى في الشرق الأوسط تمتلك بالفعل أسلحةً نووية؛ وهي دولةٌ يصدف أنَّها أقرب حليف لواشنطن في الشرق الأوسط: إسرائيل”.

هكذا يذكّر الكاتب Daniel R. DePetris، في مقاله بموقع National Interest، بأن الجدل الذي يشتد الآن في اتجاه النشاط النووي الإيراني يتجاهل دولة نووية أقدم من إيران، يكتنف الغموض ترسانتها النووية.

ويرجع هذا جزئياً إلى قاعدةٍ غير مكتوبة تتبعها المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، بعدم الحديث عن برنامج الأسلحة النووية للبلاد علناً؛ للحفاظ على مبدأ الردع. غير أنَّ هناك بالفعل بعض العناصر الأساسية في برنامج إسرائيل النووي، يُقر بها محللون عسكريون في الولايات المتحدة وفي جميع أنحاء العالم.. هنا ملخص بأهم هذه العناصر.

1 سياسة الغموض النووي

يوجد في العالم اعتقاد سائد بأن إسرائيل تمتلك أسلحة نووية، وأنها سادس دولة في العالم تقوم بتطوير هذا النوع من الأسلحة. وهي واحدة من 4 دول نووية غير مُعرَّفة في معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية (NPT) كدول تمتلك السلاح النووي. الدول الثلاث الأخرى هي الهند وباكستان وكوريا الشمالية.

وترفض إسرائيل الكشف عن برنامجها أو السماح للوكالة بتفتيش منشآتها أو مراقبتها.

حدث مرة أن اعترف رئيس الوزراء الإسرائيلي، إيهود أولمرت، خلال زيارته ألمانيا يوم 11 ديسمبر 2006، بامتلاك بلاده السلاح النووي، غير أنه سرعان ما تراجع عن تصريحاته تلك، من دون أن يؤكد أو ينفي امتلاك بلاده السلاح النووي، والغموض مستمر.

2 بداية البرنامج النووي الإسرائيلي

بدأ البرنامج النووي الإسرائيلي مع تدفق بعثات الطلاب المتفوقين إلى كلٍ من الولايات المتحدة وهولندا وسويسرا للتخصص في مجال الذرة، حيث أنشأت وزارة الدفاع عام 1949 قسماً للبحوث والتطور النووي في معهد وايزمان (راحبوت)، ضمَّ فريقاً من علماء الفيزياء والكيمياء والمهندسين.

وفي عام 1963 تم تشغيل مفاعل ديمونة؛ إذ تستخرج منه إسرائيل سنوياً من الماء الثقيل الذي اشترته من النرويج 32 كغم من البلوتونيوم.

Athom-Israel-nakab

موقع مفاعل ديمونة بصحراء النقب

3 بعيداً عن عيون الجميع حتى أقرب الحلفاء

وفي خمسينيات وستينيات القرن الماضي، قابلت الحكومة الإسرائيلية بتجهُّمٍ، طلبات الولايات المتحدة بتقديم معلوماتٍ عن التطوير المحتمل للأسلحة النووية، وتعمدت الكذب في أحيانٍ أخرى على حلفائها بالولايات المتحدة؛ أملاً في منح البرنامج النووي مساحة أكبر للبدء.

وفي عام 1960، زعمت إسرائيل في حديثها إلى وزارة الخارجية الأميركية، أنَّ مفاعل ديمونة إما “مصنع نسيج” وإما “مركز أبحاث لصناعة المعادن”. وطمأن وزير الخارجية الإسرائيلي، شيمون بيريز، الرئيسَ الأميركي جون كينيدي، في اجتماعٍ عُقد عام 1963 بالبيت الأبيض، بأنَّ إسرائيل لن “تُدخل الأسلحة النووية إلى المنطقة”.

كان كينيدي قلقاً بشأن وجود برنامج إسرائيلي للأسلحة النووية، لدرجة أنَّه طلب دخول مفتشين أميركيين إلى ديمونة للتجول في الموقع. وافق الإسرائيليون على تلك الطلبات، غير أنَّهم رتبوا أوضاعهم؛ لضمان ألا تنتهي الزيارات إلى أي شيءٍ يُدينهم. ولم يُسمَح للمفتشين الأميركيين، وفقاً لتقريرٍ استقصائي مطول نشرته صحيفة The Guardian، بإحضار معداتهم أو جمع عيناتٍ من الموقع.

4 لا أحد يعرف على وجه الدقة حجم هذه الترسانة

قدَّر الرئيس جيمي كارتر عام 2008 أنَّ إسرائيل ربما لديها على الأقل 150 سلاحاً في مخزونها، جاهزة للاستخدام في حال استدعت الظروف ذلك. وبعد ذلك بـ6 سنوات، راجع الرئيس السابق تقديراته تلك، ورفعها إلى 300 سلاح، وإذا ما صدقت حسابات كارتر فإنَّ هذا يعني أنَّ إسرائيل ضاعفت ترسانتها النووية في الفترة ما بين 2008 و2014.

وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أكد للصحفيين بالأمم المتحدة، في ذروة محادثات مجموعة “5+1″ حول برنامج إيران النووي، أنَّ “إسرائيل تملك 400 رأس حربي نووي”.

وترى دورية The Bulletin of Atomic Scientists أنَّ الرقم الذي ذكره ظريف مبالَغ فيه وغير واقعي، والأقرب من 65 إلى 85 رأساً نووياً. وقبل أسابيع، نقل موقع RT الروسي مقابلة مع الباحث الإسرائيلي فلاديمير ميسامد، الخبير في الشؤون الإيرانية والمحاضِر بالجامعة العبرية في القدس. سأله الموقع عما يمكن أن تفعله إيران تجاه “التهديد” الإيراني.

ورد ميسامد: “كما هو متبع عندنا، نقول وفقاً لـ(مصادر غربية)، تمتلك إسرائيل أسلحة نووية، ما يقرب من 200 قنبلة ذرية جاهزة للاستخدام”.

5 كانت إسرائيل تحتاج الحصول على القنبلة النووية في بادئ الأمر

يرى تقرير National Interest أن إسرائيل احتاجت فور تأسيسها إلى رادع قوي للأعداء المحيطين، وكان السلاح النووي أولويةً قصوى بالنسبة إلى بن غوريون لهذا السبب؛ وأشار إلى أحد موظفيه في أوروبا، بخطابٍ أرسله في أبريل من عام 1948، إلى أنَّ الإسرائيليين يحتاجون إلى تسريع وتيرة ما يُجرونه من أبحاث حول بناء مخزون من القنابل النووية من شأنه حماية الدولة اليهودية.

كانت القنبلة النووية في رأي بن غوريون “بوليصة تأمين” بهدف الحفاظ على بقائها وسط محيطٍ يملؤه الخصوم.

6 وترفض منذ وقتٍ طويل الانضمام إلى معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية

منذ عام 1995، حين دعا الموقِّعون على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية إلى أن “تُشكل الأطراف الإقليمية منطقة شرق أوسط خالية من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل”، والأمم المتحدة تحاول إقناع إسرائيل بأنَّ توقيع المعاهدة والسماح لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالدخول إلى منشآتها النووية هما الطريقة الأمثل لتحقيق هذا الهدف. غير أنَّ إسرائيل رفضت الانصياع لهذه المطالبات، وأعلنت مراراً أنَّ برنامج الأسلحة النووية الذي تملكه إسرائيل (والذي لا تؤكد تل أبيب وجوده ولا تنفيه) لا يُعد حتى قريباً من أن يكون أكبر تهديد لأمن الشرق الأوسط.

وفي شهر مايو 2015، حاول الموقعون على المعاهدة إقامة مؤتمرٍ جديد لإنشاء منطقةٍ خالية من أسلحة الدمار الشامل، غير أنَّ الولايات المتحدة وكندا والمملكة المتحدة عرقلت تمرير القرار؛ بسبب مخاوف من أنَّ الاجتماعات ستُعقَد، سواءٌ وافقت إسرائيل أو لا. وخلال عام 2015، رفضت الولايات المتحدة وكندا والمملكة المتحدة وفرنسا وكندا و60 دولة أخرى من أعضاء المعاهدة قراراً صاغته المجموعة العربية في مجلس الأمن، من شأنه أن يُطالب إسرائيل بإخضاع برنامجها النووي لإشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

شاهد أيضاً

“الإمبراطور الأبيض”.. مقاتلة الجيل السادس الصينية المصممة للهيمنة على السماء والفضاء

تشهد المنافسة بين الصين والولايات المتحدة تصعيداً ملحوظاً في العديد من المجالات، من أبرزها التسابق …