ادفع وإلا سنفضحك.. كواليس العالم الخفي للابنزاز الجنسي عبر الفيسبوك والإنترنت

Sexualtet-In-Internet123

 

وحيدًا في المنزل، يتلقى طلب صداقة من حساب يحمل اسم فتاة لا يعرفها، لا شيء يبدو غريبًا، فـ«سمير» لديه كثير من معارف الدراسة أو العمل القدامى الذين لا يذكر أسماءهم، وبدون الكثير من التردد يضغط زر قبول الطلب، لا يعرف أنه بهذا سيفتح على نفسه أبواب الجحيم.

تلقى سمير في اليوم التالي رسالة نصية من صاحبة الحساب، تقول فيها: «أهلا، كيف حالك؟ تصفحت حسابك علي فيسبوك وأحببتك للغاية»، دفعه هذا إلى إعادة فحص حسابه، راودته أفكار حالمة، لقد كانت صورة الفتاة مثيرة للغاية بالنسبة لسمير، وفي تلك الليلة، بدآ يتحادثان عبر «سكايب».

سمعتك بين أيدينا.. ادفع أو سندمر حياتك

أخبرته أنها في الثالثة والعشرين من عمرها، من جنوب لبنان، ولأن والديها قد توفيا فهي تعيش مع أختها التي تتمتع بطباع فظة، لكنها لحسن الحظ خارج المنزل الآن، وهو ما أعطاها الحرية أن تتحدث معه عن اهتماماتها كما تقول، وبسرعة قررت النفاذ إلى ما تريد مباشرة، أخبرته ببساطة أنها تحب «الجنس».

عند هذه النقطة، وبالرغم من أن الأمر كان شيقًا ومثيرًا، إلا أن الفضول والتشكك بدآ يتسربان إلي قلب سمير، فتاة عربية تتحدث بهذه الأريحية عن الجنس مع شخص غريب، لكنه على كل حال قرر خوض المغامرة، كان قد فقد صديقته للتو، ويحتاج إلي «تعويض عاطفي»، قرر أنه سيساير تلك الفتاة ويطرح كل مخاوفه وشكوكه جانبًا، كان قد وصل إلى درجة عالية من جموح الرغبة تطغى على كل شيء.

طلبت منه أن يفتح كاميرا الويب؛ فقبل على الفور، وطلب منها أن تفعل الشيء ذاته، بدت جميلة للغاية على الشاشة، ذلك الجمال الذي يُفقد الرجل عقله فور أن يراه، طلبت ألا يتحدثا عبر الميكروفون لئلا تلفت نظر أختها، فاستمر التواصل عبر الرسائل النصية «شات»، كان الأمر مغريًا للغاية، فقد سمير السيطرة على نفسه رويدًا رويدًا، وبدأ يستجيب لكل ما تأمره به كالمجذوب.

أظهرت هي أعضاءها التناسلية أمام الكاميرا، وأخبرته أن دورها قد حان، مالت برشاقة وتخففت من ملابسها، ثم بدأت بالاستمناء، لم يكن قد رأى شيئًا كهذا من قبل، كانت تمارس الأمر بسلاسة وصدق، بدأ سمير بالاستمناء هو الآخر أمام الكاميرا، طلبت مني أن يظهر وجهه وهو يمارس العادة السرية؛ لأن هذا يثيرها، مرت دقائق، ثم سألته عن عمله، وعما إذا كنت ثريًا أم لا، فأجاب بالموافقة، فجأة أخبرته أن أختها الكبرى قادمة، وأنها ستنهي المحادثة.

بعدها بنصف ساعة تلقى سمير رسالة صاعقة علي «فيسبوك»: «اسمع، أنا رجل، لقد قمت بتسجيل فيديو لك وأنت تمارس العادة السرية، هل ترغب في رؤيته؟» ثم أرسل مقطعًا لما صوره سمير بنفسه للفتاة المزعومة، خمس دقائق كاملة من الاستثارة. «لدي قائمة بأصدقائك علي فيسبوك، لدي حسابات أمك وأختك وأقاربك، أمامك أسبوع واحد لترسل لي 5 آلاف يورو، وإلا فالفضيحة تنتظرك».

ليست تلك القصة من وحي الخيال، بل هي قصة حقيقية، واسم «سمير» هنا هو اسم مستعار لشاب فلسطيني روي قصته لـ«هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)» التي نشرتها في تحقيق استقصائي بعنوان «الاحتيال الجنسي عبر سكايب – ثروات بُنيت علي مخافة العار»، في النهاية رفض سمير الخضوع للابتزاز، معتبرًا أنه ليس ثمة ضمانة لئلا يُنشر حتي لو دفع المبلغ المطلوب، بل سيجري ابتزازه لاحقًا مرارًا ومرارًا.

«عواصم» الابتزاز الجنسي حول العالم

آلاف مثل سمير وقعوا ضحية لعمليات احتيال جنسي مشابه، الأغلبية الساحقة من هؤلاء الضحايا يرضخون للابتزاز ويُضطرون في نهاية المطاف للدفع والاستسلام، أما الفتاة اللبنانية المزعومة، فقد كانت على الأرجح أحد الشباب الماهرين في منطقة وادي زم المغربية.

وادي زم «مدينة 3 آلاف مبتز» كما يصفها تحقيق استقصائي آخر أعدته جريدة «صن» البريطانية، بعدما شاعت عمليات الاحتيال التي تعرض لها مواطنون بريطانيون من قبل شباب تلك المدينة التي صارت «عاصمة» للابتزاز الجنسي عبر الإنترنت، بحسب التقارير، وصار ذلك النشاط مصدرًا لكسب العيش بالنسبة للكثير من شبابها العاطل عن العمل.

تحدث أحد الشباب لمراسل الجريدة، واصفًا له الخطوات التي يتبعونها للإيقاع بالفريسة: «نستخدم فيديوهات مسجلة مسبقًا لنجمات إباحيات، يقمن بدورهن في جلسات «ويب كام» حقيقية، وحين تأتي خُطوة فتح «الويب كام»، نستخدم برمجيات معينة تجعل الطرف الآخر يرى الفيديو، ولا يرانا نحن».

وبحسب الشهادات التي أوردها التحقيق، فإن الجميع تقريبًا يقعون في الفخ، حتى من يبدو للوهلة الأولي أكثرهم ورعًا، الخدعة تنطلي علي الجميع، والجنس هو نقطة الضعف الكبرى لدى البشر، والغالبية الساحقة ترضخ للابتزاز وتقرر الدفع، ولكن مع ذلك يتخير الشباب العاملين بذلك النشاط في «وادي زم» الفريسة جيدًا، حيث يفضلون أولئك الذين يمكن الوصول بسهولة إلى أقربائهم ومعارفهم، والمتزوجين، والأشخاص الأثرياء القادرين علي دفع مبالغ مغرية، وبشكل عام، يظل الأشخاص المنحدرون من دول الخليج العربي هدفًا محببًا.

في مدينة يعاني أغلب أبنائها من البطالة، وتفتقر إلي التنمية بشكل كبير، صنع آلاف الشباب ثرواتهم عبر الاحتيال، وكما يروي مراسل «صن» ففي العام 2005 كان عدد البنوك في المدينة اثنين فقط، اليوم تمتلك المدينة نحو 15 بنكًا و40 وكالة لتحويل الأموال.

قم بجولة في المدينة، وستعرف الأسباب، لا يوجد أي مكان لتشغيل الشباب، الكل هنا يشتغل إما في «الهاكرز» (القرصنة الإلكترونية)، أو في «السكامرز» (الاحتيال الجنسي عبر الإنترنت) *أحد شباب «وادي زم» في تصريح لمراسل «العربي الجديد».

ولا يتوقف الأمر على «وادي زم»؛ حيث إن مراكز تلك الجريمة صارت منتشرة في عدة بقاع من آسيا وأفريقيا، مثل ساحل العاج، ونيجيريا، والفلبين، وتشير الإحصاءات إلي تضاعف أعداد الضحايا عامًا بعد الآخر؛ إذ زاد عدد البريطانيين الذين وقعوا فريسة للاحتيال الجنسي من هذا النوع من نحو عشرة أضعاف بين عامي 2015 و2016، بعضها انتهى بنتائج مأسوية حين لم يقدر الضحية على مواجهة الفضيحة؛ فقرر إنهاء حياته بالانتحار.

وتشير دراسة سابقة إلي تعرض نحو 30 ألف رجل خليجي لحالات ابتزاز عبر الإنترنت، حيث السعوديون هم الضحايا الأساسيون، يليهم الكويتيون والإماراتيون، وتسببت بعض الحوادث في حالات انتحار بين الضحايا، بعد أن يقرر الشاب المحتال ردًا على رفض الضحية الانصياع لطلباته تصعيد الأمور، ونشر الفيديو بين أصدقاء الضحية وأقاربه.

ويرجع البعض انتشار تورط الشباب في مثل هذه القضايا إلى عوامل عدة، منها الوحدة التي يعيشها الشباب، وضعف مراقبة الأهل لسلوك أبنائهم على الشبكات الاجتماعية، إلى جانب عدم اكتراث الشباب لقواعد الخصوصية الأساسية وقبولهم طلبات الصداقة العشوائية.

ماذا لو وقعت في الفخ؟

حسنًا ما الذي يكن فعله إذا تعرضت لمشكلة كهذه، من الأفضل طبعًا ألا تطلق لغرائزك العنان، ولا تتهاون في سياسة الخصوصية، فلا تقع أصلًا في مشكلة كهذه، لكن إن حدث وفعلت، ولم ترغب – أو لم تستطع – الدفع، فإن ثمة نصائح يجب اتباعها كما يرويها بعض الخبراء، أو من تعرضوا لتجربة مماثلة على منصة «كورا».

كُن هادئًا، استجمع قواك، وحاول أن تجمع أكبر قدر ممكن من البيانات المالية للمحتال، طالما أنك لن تقابله وجهًا لوجه، وسيضطر أن يطالبك بأن ترسل له الأموال عبر الحدود «حساب ويسترن يونيون مثلًا»، سيكون مضطرًا للكشف بدرجة معينة عن بعض بياناته الشخصية الحقيقية.

بعد ذلك يمكن استخدام مهاراتك في التفاوض لمقايضة ما لديك بما لدى المحتال، أخبره بأنك تمتلك تفاصيل حساباته المالية الآن، وبأن بإمكانك إبلاغ الشرطة عنه، حيث سيكون معرضًَا للقبض عليه والكشف عن هويته، وقل له إنك لن تخبر الشرطة طالما أنه لن ينشر الفيديو الخاص بك، هؤلاء المحتالون في النهاية ليسوا مجرمين مخضرمين، بل مجرد شباب صغير السن، والاحتمال الأرجح أنه سيتركك ويمضي إلى غيرك.

يمكنك كذلك استخدام محركات البحث – مثل «جوجل» – يوميًا لمدة أسبوع أو أسبوعين بعد الحادثة للتأكد من أن ذلك الشخص لم ينفذ تهديده، أغلب مواقع تحميل الفيديو غير الجنسية، مثل «يوتيوب»، لا تسمح بنشر المحتوى الإباحي على منصاتها، وسوف تقوم بإزالة المقطع مع حذف حساب الناشر؛ الأمر الذي يساعد على تقليل الأضرار.

ربما يكون بإمكانك كذلك مصارحة أهلك وأصدقائك المقربين بالأمر، والاعتذار لهم، سيكون ذلك أفضل من أن يُفاجأوا بصورتك عاريًا على مقطع فيديو مرسل من مجهول، وفي النهاية، يجب أن تعلم يقينًا أن هذا الموقف – على ما يسببه من إحراج – ليس نهاية العالم؛ فالحياة تستمر، والجميع سينسى قصتك برمتها بعد أيام قليلة، فمارس حياتك بشكل طبيعي، ولا تجعلها تتوقف عند تلك الانتكاسة.

 

شاهد أيضاً

النمسا – حلول رقمية مبتكرة لتقليل انبعاثات قطاع التنقل

دشنت النمسا برنامجا جديدا للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة في مجال التنقل، يركز على تحقيق …