آلام اللاجئين السوريين.. كبار يرجون النسيان وصغار يتشبَّثون بماضٍ مفقود

osterreich-asyel-probleme

 

تتمنى اللاجئة السورية وردة أن لو استطاعت محو حياتها السابقة، فالذكريات صارت مؤلمة للغاية. لكن أطفالها، عكسها، ليس لديهم ما يتذكرونه أو حتى ما ينسونه عن وطنهم، الذي يشهد حرباً منذ نحو 8 أعوام.

إنهم جزء من جيل جديد من السوريين الذين فرَّ آباؤهم بالملايين من الحرب والدمار، لكنهم أصغر سنّاً من أن يتذكروا وطنهم.

والوطن بالنسبة لأبناء وردة، هو خيمة مؤقتة بمخيم للاجئين في لبنان، يعيشون فيها مع أمهم، البالغة من العمر 34 عاماً، والتي يمزقها الحزن.

أطفالنا لا يعرفون سوريا!

وقالت وردة والدموع تنهمر على وجهها: “أول شي بدي أنسى، لو بإيدي أنسى، وما فيني أنا أنسى، أنسى هالسوريا، هي أول شغلة. أنسى بيتي … أنسى رفقاتي، أنسى كل شي، بس ما فيه الواحد ينسى، ما بينسى”.

وفرَّ 5 ملايين شخص من سوريا منذ اندلاع الحرب، بعد قمع احتجاجات مناهضة لنظام الأسد بالقوة في عام 2011. وفي 15 مارس 2018، تحل الذكرى السنوية السابعة لموعد اندلاع تلك الاحتجاجات.

ووردة وابنها بلال (13 عاماً)، وابنتها ريان (7 سنوات)، وابنها الأصغر إبراهيم (3 سنوات)، ضمن مليون لاجئ يقيمون في لبنان المجاور. ويقيم أغلبهم -مثل هذه الأسرة- في خيام متهالكة، تفتقر إلى المياه الجارية أو أنظمة الصرف الصحي الملائمة.

وقالت وردة عن ابنها الأكبر: “الكبير بانبسط أنا وإياه، نقعد نحكي، كنا نعمل هيك. كنا نروح هيك، باخده عالحديقة مثلاً، باخده عالمدرسة”.

لكنها أضافت عن ابنتها ريان، الجالسة في حجرها: “هي ما بتعرف شو هي سوريا. هي بتعرف متل ما بتحكي العالم. شايفة أبوها. (بتقول) شفت عمي، شفت ستي. وهي ما شايفة شي. يعني هادا أكتر شي بيقهرني!”.

وأضافت وردة، التي تمكنت من العثور على عمل في جمع الفاكهة بمزارع قريبة، بضعة أيام كل أسبوع: “بسوريا صار هالحرب، القوي بده الحرية، بس الضعيف بده السترة. ونحن اللي ضعنا، نحن اللي رحنا بين الرِّجْلين، الضعفاء، الفقراء”.

ولم تسمع وردة شيئاً عن زوجها، الذي تزوج بأخرى وبقي في سوريا خلال العامين الماضيين.

ويكافح موسى عويد الجاسم (من حلب)، كذلك، للحفاظ على ذكريات سوريا حيةً في أذهان أبنائه السبعة، الذين تتراوح أعمارهم بين 4 أعوام و16 عاماً.

ويقول الجاسم، (43 عاماً)، وهو عامل سابق بمصنع للنسيج: “الطفلة الصغيرة ما بتعرف شي يعني، بتعرف هون المخيم، حتى ما بتحكي ما بتعرف شي عن سوريا يعني، إذا ما بنذكر قدامها حكي إنه نحن من سوريا، نحن من منطقة كذا، ما بتعرف، إذا بتسأليها، ما بتعرف هي من وين!”.

لا يوجد ما يذكِّرهم بالوطن

ويقول الجاسم إن أسرته ليس لديها ما يذكِّرهم بالوطن أو بحياتهم السابقة. وأوضح أنهم عندما غادروا لم يكن لديهم متَّسع من الوقت لحمل ألبومات الصور العائلية أو حتى حجج الأرض التي يملكونها.

وأضاف: “ولا مرّة شايف هالمنظر، يعني، ولا مرة شايفين هالضرب وهالقصف، منا متعودين عليها يعني، فجأة صار هالشي عندنا، منا مهيئين للأشيا هاي!”.

 

وفي هذا المخيم الصغير على مشارف بلدة “قب الياس”، يقول السكان إنهم يحاولون قدر استطاعتهم جعل المكان أشبه ما يكون بوطنهم.

فقد أبقوا وسط المخيم خالياً؛ لإقامة حفلات الزفاف وتجمعات العزاء، وليلعب فيه الأطفال.

وفي نهارِ يوم مشمس، أخذ الدجاج يتبختر وسط المخيم، ووقفت قطة تبحث عن فتات الطعام المتناثر، بينما تقشر النساء حبات البطاطا (البطاطس) وتقطع البصل على حصير مبسوط في الخارج. وبَنَتْ حماماتٌ سوداء أعشاشها فوق إطارات تُستخدم لدعم أسقف الخيام.

لكنّ ابنَي الجاسم؛ خالد (16 عاماً) وماجد (14 عاماً)، كانا من بين قلة لم تتبدد تماماً ذكرياتها عن سوريا.

وقال ماجد، عندما طُلب منه وصف كيف كان وطنه: “مثل الجنة وأحسن”.

في حين ردَّ خالد على سؤال عن الحياة في مخيم، قائلاً “جحيم..!”.

شاهد أيضاً

قانون لجوء الأجانب في مصر يثير الجدل.. كيف أجبر الاتحاد الأوروبي القاهرة على الإسراع بتمريره؟

مررت الحكومة المصرية بشكل مبدئي قانون لجوء الأجانب الذي أثار جدلاً حقوقياً وشعبياً واسعاً خلال …