لكل لاجئ قصة ومأساة دفعته إلى النزوح من وطنه. والمرأة اللاجئة عادة ما تكون معاناتها أشد خاصة إذا كانت وحيدة وضحية جريمة اغتصاب مثل دليلة التي تروي قصتها وقصص أخريات أيضاً، تحدثن عن معانتهن ومغامرة اللجوء وما يحلمن به.
جومانة اسماعيل: لاجئة سورية تعيش في مخيم كافالا- اليونان للاجئين مع عائلتها وتحلم بحياة يومية عادية مثلما كانت تعيش في سوريا
بعد رحلة طويلة وشاقة ومواجهة الموت أكثر من مرة وصلت إلى اليونان في أغسطس 2017، إنها دليلة نيوغا، التى تعيش الأن في مخيم يوانينا باليونان. دليلة من الكاميرون في بداية الثلاثين من عمرها، درست الجامعة وتخرجت من كلية الاقتصاد. اضطرت إلى الهروب من وطنها بعد مروها بتجربة قاسية حطمتها نفسيا وأضحت حياتها في خطر، إذ أنها حملت بالجنين الذي في بطنها بعد تعرضها لجريمة اغتصاب.
إنها ليست ضحية جريمة اغتصاب فقط، وإنما ضحية مجتمع ذكوري محافظ لا يرحم المرأة حسبما تقول اللاجئة الكاميرونية في حديث لها قالت “بعد اغتصابي وحملي أصبحت منبوذة من المجتمع المحافظ، وبدأت أتلقى التهديدات وأصبحت حياتي في خطر”. فلم يبق أمامها سوى الهرب من البلاد بحثا عن ملاذ آمن وجدته في اليونان.
وصلت دليلة إلى جزيرة ليسبوس اليونانية في بحر إيجة قادمة من تركيا على متن قارب مطاطي مع عشرات اللاجئين. الرحلة كانت خطرة وكاد القارب أن ينقلب عدة مرات وتغرق دليلة ومن معها “لكننا نجونا والحمد الله” تقول وهي تتذكر تلك المغامرة الخطرة. رغم أنها أصبحت بأمان بعد وصولها إلى ليسبوس، إلا أنها لم تكن مرتاحة هناك حيث كان عليها أن تتقاسم خيمة مع آخرين، وتضيف “لم أحصل على الرعاية النفسية، ولا الرعاية الطبية الكافية. لم يكن لدي حيز شخصي ولم أستطع النوم حيث الوضع سيء والضجيج دائم”.
تم نقلها بعد فترة إلى مخيم اللاجئين قرب مدينة يوانينا شمال غربي اليونان، حيث الوضع أفضل بكثير مما كان في ليسبوس. “إنني أشعر هنا بالراحة والأمان، فليس
هناك شرطة تسيء معاملتي ولا أخشى أن يغتصبني أحد
دلليلة نيوغا لاجئة من الكاميرون تعيش في مخيم يوانينا- اليونان للاجئين
لكن رغم الراحة والأمان وبدئها تعلم اليونانية والإنكليزية، إلا أن دليلة تريد الذهاب إلى فرنسا “لأنني سأشعر بالراحة أكثر هناك، والاندماج في المجتمع الفرنسي أسهل بالنسبة إلي لإتقاني اللغة الفرنسية” وختمت حديثها مع مهاجر نيوز بأن كل ما تسعى إليه هو حياة آمنة ومستقبل جيد لها وللجنين الذي في بطنها.
مأساة حمزية العراقية لم تنته رغم الأمان في اليونان
وصلت حمزية مع زوجها وابنتيها إلى جزيرة ليسبوس بعد مجازفة على متن قارب مطاطي مع لاجئين آخرين. فريق مهاجر نيوز التقاها مع زوجها المريض في مخيم تيبين للاجئين الذي كانت قد نقلت إليه من ليسبوس.
بدأت مأساة حمزية قبل عدة سنوات في العراق، وتقول إنهم هربوا من بغداد لسوء معاملتهم وتعرض حياتهم للخطر. فزوجها فلسطيني الأصل نزح مع أهله إلى العراق عام 1948 ولكنه ولد في بغداد. “اعتقل زوجي لمدة أربع سنوات ونصف، تعرض خلالها للتعذيب وكسرت رجله ولم يعد يستطيع المشي بدون عكازات كما ترون”. مأساة حمزية لم تنته بعودة زوجها، حيث اختفى ابنها قبل سنتين ونصف ولا تعرف عنه شيئا.
تقول حمزية إنهم يشعرون بأمان الآن في اليونان والوضع في هذا المخيم أفضل بكثير مما على جزيرة ليسبوس، حيث كان “سيئا جدا هناك بشكل لا يوصف. إذ كانت عدة عائلات تتقاسم خيمة واحدة يمكن أن يتجاوز عدد من يقيمون تحتها العشرين شخصا. لم تكن هناك أي رعاية طبية ولا خدمات صحية” هكذا تصف اللاجئة العراقية الوضع في مخيم اللاجئين على جزيرة ليسبوس. لكن رغم أن الوضع في المخيم الجديد أفضل إلا أن الزوج المريض لا يحصل على الرعاية الطبية.
ومثل غالبية اللاجئين تريد حمزية أيضا أن تغادر اليونان مع زوجها المريض وابنتيها إلى النمسا حيث يعيش أحد أبنائها أو إلى السويد حيث تعيش إحدى بناتها هناك.
جومانة تحلم بحياة يومية عادية مثلما في سوريا
كانت تعيش في حلب مع زوجها وأطفالها السبعة حياة بسيطة هادئة، هكذا تصف اللاجئة السورية جومانة إسماعيل حياتها في مدينة حلب قبل الأحداث والحرب التي تشهدها سوريا منذ عام 2011. بعد اشتداد المعارك وانتشار الدمار والموت وغياب الأمان في حلب، لم يبق أمام جومانة وعائلتها سوى النزوح إلى عفرين ومن هناك إلى تركيا.
اللاجئة العراقية حمزية تعيش مع ابنتهيا وزوجها المريض في مخيم تيبين- اليونان للاجئين
مثل باقي المهاجرين لم يكن أمام العائلة السورية من سبيل للوصول إلى اليونان سوى طريق البحر والمغامرة على متن قارب مطاطي. وتصف جومانة الرحلة لمهاجر نيوز قائلة “ركبنا القارب وغادرنا الساحل التركي تحت جنح الظلام، كنا 50 شخصا على متن القارب بينهم 28 كبار والباقي أطفال صغار” وتضيف أنها كانت تشعر بالخوف الشديد من البحر وعلى أطفالها من الغرق “فالقارب كان يعلو ويهبط مع حركة الأمواج”.
بقيت جومانة مع زوجها وأطفالها السبعة، ثلاثة أشهر على جزيرة ساموس، ونقلوا بعدها إلى مخيم للاجئين قرب كافالا. الوضع في المخيم أفضل مما على الجزيرة، لكنه ليس على ما يرام. فالعائلة المؤلفة من تسعة أشخاص تقيم في غرفة واحدة صغيرة نسبيا. وتقول جومانة “إن الوضع صعب، حيث لم نشعر بالاستقرار بعد ونحن ننتقل من مكان لآخر. إننا لا نعيش حياة يومية عادية وليست لنا أي خصوصية، فكلنا (9 أشخاص) نعيش في هذه الغرفة الصغيرة”. زوجها لا يعمل إنه يشعر بضيق شديد “لأنني لا أعمل. فأنا لم أعتد الجلوس في البيت عاطلا عن العمل”.
وختمت اللاجئة السورية حديثها ، بأنها تحلم بالاستقرار “وحياة يومية عادية يذهب فيها أطفالي إلى المدرسة وزوجي إلى العمل، ونلتف مساء حول مائدة العشاء” وأضافت أنهم لا يفكرون بمغادرة اليونان الآن، وقدموا طلب لجوء ويأملون في الحصول على حق الإقامة والعمل في اليونان.