تقرير: أكثر من 50 ألف مهاجر قاصر مفقود في أوروبا والنمسا مستعدة للتعاون

يونيسف تدعو أوروبا لتوفيرالحماية للمهاجرين القصر في اليونان

كشف تقرير صدر عن منظمة متخصصة في الصحافة الاستقصائية، نتائج مقلقة حول أعداد المهاجرين القصر غير المصحوبين الذين اختفوا داخل الاتحاد الأوروبي خلال السنوات الثلاث الماضية، إذ أوضحت “لوست إن يوروب”(Lost in Europe) أن 51,433 قاصرا اختفوا في أوروبا بين عامي 2021 و2023. وتأتي هذه النتائج في ظل غياب أي منظومة أوروبية لتوثيق حالات اختفاء هذه الفئة الهشة من المهاجرين.

سجل الاتحاد الأوروبي في عام 2024 أكثر من 250 ألف طلب لجوء، من بينها 411,55 طلبا قدم من قصر غير مصحوبين. يصل هؤلاء الأطفال إلى دول الاتحاد، حيث يتم دمج الأكثر حظا منهم ضمن خدمات مساعدة الأطفال التي تعنى بالقصّر، بينما يختفي عدد كبير منهم عن أنظار الأجهزة الرسمية، ليصبح مصيرهم مجهولا.

ويحدث ذلك في ظل غياب تقنين واضح لآليات تتبعهم أو حتى تحديد أعدادهم داخل أوروبا. وفي هذا السياق، خلصت منظمة “لوست إن يوروب” ( Lost in Europe) في تقريرها إلى أن أكثر من 51 ألف قاصر غير مصحوب اختفوا في الاتحاد الأوروبي خلال السنوات الثلاث الماضية، اي بين 2021 و2023.

مخطط بياني يظهر الدول التي شاركت بياناتها.

تصدرت إيطاليا القائمة بـ22,899 حالة، تلتها النمسا بـ20,077، ثم بلجيكا بـ2,241، وألمانيا بـ2,005 حالة.

وفي النمسا، عزت وزارة الداخلية البيانات المرتفعة إلى كون البلاد معبرا رئيسيا على طريق البلقان، وأوضحت أن أكثر من 80% من القصر غير المصحوبين الذين دخلوا البلاد في عام 2022 اختفوا قبل التحقق من أعمارهم أو إتمام إجراءات طلب اللجوء.

وفي بلجيكا، تم تصنيف 343 حالة بأنها مقلقة للغاية، إما بسبب صغر سن الطفل أو حالته الصحية.

كما أشارت منظمة “لوست إن يوروب” إلى أن 19,250 من الأطفال المفقودين ينحدرون من أفغانستان، بينما ينحدر الآخرون بشكل أساسي من الجزائر وإريتريا وإثيوبيا والمغرب.

وتجدر الإشارة إلى أن هذا التقرير يأتي كاستمرارية لتقرير سابق أصدرته المنظمة في عام 2021، والذي أظهر أن 18,000 مهاجر قاصر غير مصحوب بذويه اختفوا دون أثر بين عامي 2018 و2020.

خلل في نظام تسجيل البيانات “المعطل”

في حديثها لمهاجر نيوز، أوضحت الصحفية جيسجي فان هارين، منسقة “لوست إن يوروب” أن المنهجية التي اعتمدتها المنظمة هي نفسها التي استخدمت لإصدار أول تقرير الذي يتناول الفترة ما بين عامي 2018 و2020. حيث تواصل صحفيو المنظمة عبر البريد الإلكتروني مع جميع الدول الـ27 للحصول على بياناتها (ممثلي وزارات الهجرة والداخلية والشرطة)، إذ يفترض، نظريا، أن كل دولة ملزمة بجمع هذه البيانات ونشرها للعلن [ملاحظة التحرير].

وعلى الرغم من ذلك، فإن “جميع الدول لا تلتزم بهذه التشريعات”، وحددت جيسجي فان هارين أن التقرير الأول الذي صدر سنة 2021 كان أكثر شمولية، حيث شاركت عدد أكبر من الدول وتعاونت في ذلك الوقت. وتأسفت قائلة “خلال فترة إعداد تقرير سنة 2024، واجهنا نقصا كبيرا في البيانات. على مدى خمسة أشهر، تابعنا جميع دول التكتل مطالبين بالأرقام فقط وحصرا، وتواصلنا مع منظمات غير حكومية والمؤسسات المسؤولة عن الطفولة”.

ومع ذلك، “لم تستجب بعض الدول أو زعمت أنها لا تملك مثل هذه البيانات، مشيرة فقط إلى أن لديها بيانات عامة عن الهجرة، ولكن لا شيء يتعلق بالقصر غير المصحوبين”.

كما أضافت أن غياب نظام مركزي لتسجيل البيانات بين دول الاتحاد الأوروبي فيما يخص اللاجئين القصر يجعل مهمة عدهم أصعب بكثير.

وفي هذا السياق، سبق وأن صرحت مفوضة الشؤون الداخلية في الاتحاد الأوروبي، إيلفا يوهانسون، أن النظام الحالي غير قادر على حماية المهاجرين القصر غير المصحوبين. ثم أكدت أن الميثاق الأوروبي الجديد بشأن الهجرة واللجوء يسعى إلى إدخال الأطفال غير المصحوبين تلقائيا في إجراءات اللجوء، مما يتيح لهم “حماية أفضل”.

النمسا أبدت استعدادها للتعاون.. وفرنسا الغائبة الكبرى

ومن بين الدول الـ27 في التكتل الأوروبي، شاركت 13 دولة فقط في جمع البيانات، وهي: إيطاليا، النمسا، النرويج، السويد، فنلندا، الدنمارك، إيرلندا، هولندا، ألمانيا، بلجيكا، سلوفاكيا، سويسرا، وسلوفينيا.

وفي هذا الصدد، أشارت جيسجي فان هارين إلى أن التحدي الذي لم تتمكن المنظمة من التغلب عليه هو رفض بعض الدول تقديم بياناتها، ومن بينها فرنسا واليونان وبلغاريا.

على سبيل المثال، ردت بلغاريا مؤكدة أنها “لا تملك بيانات محددة عن القصّر غير المصحوبين”. إذ يكتفون فقط بتسجيل القصّر في بياناتهم كطالبي لجوء ومهاجرين، دون دمجهم في قاعدة بيانات خاصة بالقصّر مما يصعّب كثيرا مهمة عدهم.

أما في فرنسا، فتأسفت جيسجي فان هارين قائلة “بما أن الصحفيين المحليين يعرفون بلدانهم بشكل أفضل، ففي فرنسا، استعنا بمساعدة خمسة صحفيين محليين لمساعدتنا في تقديم طلب للسلطات، لكن لم يتلق أي منهم ردا”.

ومن بين الدول التي أبدت رغبة في التعاون، نبهت جيسجي فان هارين إلى النمسا التي زودت المنظمة ببيانات شاملة ومدققة مقارنة مع أرقام التقرير الأول الذي صدر سنة 2021.

كما أوضحت أن “ارتفاع أعداد القُصَّر المفقودين في النمسا ليس مرتبطا بالضرورة باختفاء المزيد من الأطفال، بل لأنهم قاموا بإعادة تنظيم طريقة فرزهم منذ أول دراسة قمنا بها، مما حسن رؤيتهم ورؤيتنا في الملف”. وبالتالي “نعلم أن دولا أخرى لا تحسب الأعداد بدقة”.

ضحايا محتملون للاستغلال والتشريد في أوروبا

يختفي المهاجرين القصّر غير المصحوبين ويظل مصير معظمهم مجهولا، لكن تتعدد التكهنات والروايات حول ما آل إليه حالهم. من بين هذه الروايات، هناك سيناريوهات موثقة ومعاشة، حيث يلتحق بعضهم بأفراد عائلاتهم أو أصدقائهم الذين يعيشون في دول أخرى من الاتحاد الأوروبي، بينما يصبح آخرون ضحايا للاستغلال.

جعل هشاشة وضعهم بعض القصر “فريسة سهلة” لشبكات تهريب المخدرات، خاصة في ظل الأعباء المالية والديون التي تثقل كاهل بعضهم. هذه الديون هي في الواقع المبالغ المالية التي يجب عليهم دفعها للمهربين الذين نظموا رحلاتهم إلى أوروبا.

عدد من القصر غير المصحوبين بذويهم ممن وصلوا إلى صقلية بحرا، وتتم استضافتهم في مراكز الاستقبال بالإقلي

علاوة على ذلك، أشارت جيسجي إلى أنه “خلال إقامتهم في ملاجئ الدولة، لا يحصل القصر على أي مساعدات مالية لتغطية نفقاتهم اليومية، مما يجعل من المستحيل عليهم سداد ديونهم لمهربي البشر، وما يدفعهم بالتالي للانخراط في أنشطة غير قانونية”.

وأضافت “نتيجة لذلك، يصبح هؤلاء الأطفال عرضة لتجارة المخدرات، وغالبا ما يستخدمون كناقلي مخدرات من بلد إلى آخر. كما يتم استغلال بعضهم في مراحل مبكرة من هذه التجارة، حيث يجبرون على العمل في مزارع القنب الهندي غير القانونية، إذ إن أيديهم الصغيرة تسهل عليهم قطف النبات بسهولة”.

وبجانب تجارة المخدرات، يواجه الأطفال أيضا خطر الاستغلال الجنسي، بالإضافة إلى ما وصفته جيسي بـ”العبودية الحديثة”، حيث وثقت المنظمة حالات لأطفال يحتجزون في المنازل ويجبرون على العمل لدى أشخاص أثرياء في أوروبا.

المصدر – وكالات – شبكة رمضان الإخبارية

شاهد أيضاً

من المقرر أن يعود قريباً أحد أهم المعابد المصرية القديمة إلى رونقها بعد مضي أكثر …