جوزيف عون رابع قائد للجيش اللبناني يصبح رئيساً – يحتاج إلى تعديل دستوري لتنصيبه

جوزيف عون رئيس لبنان الجديد

بعد سنتين من الفراغ الرئاسي الذي أثقل كاهل لبنان سياسياً واقتصادياً، وحرب مع الاحتلال هي الأشدّ منذ أكثر من عقد، اتفق البرلمان اللبناني أخيراً على انتخاب قائد الجيش جوزيف عون رئيساً للجمهورية. هذا القرار يأتي بعد حرب وشهور طويلة من المفاوضات والتجاذبات السياسية التي عكست الانقسامات العميقة داخل البلاد، والمصالح الإقليمية والدولية المتشابكة في المشهد اللبناني.

ما يجب أن تعرفه عن السياسة اللبنانية وكيفية اختيار الرئيس:

تُعتبر السياسة الداخلية اللبنانية واحدة من أكثر النظم تعقيداً في المنطقة، إذ تعتمد على نظام طائفي دقيق يوزع المناصب العليا في البلاد بين الطوائف الدينية الرئيسية. فرئيس البلاد يجب أن يكون مسيحياً مارونياً، رئيس الوزراء مسلماً سنياً، ورئيس مجلس النواب مسلماً شيعياً، مما يعكس التوازن الطائفي الحساس في البلاد.

هذا النظام، الموروث من اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990)، جعل عملية انتخاب الرئيس تحدياً دائماً، تتخلله ضغوطات دولية، وتحالفات سياسية متغيرة تضم غالباً شخصيات بارزة من فترة الحرب الأهلية.

وما يزيد من تعقيد الأمور توزيع المقاعد البرلمانية البالغ عددها 128 على أساس طائفي أيضاً، حيث يتطلب انتخاب الرئيس في الجولة الأولى تأمين ثلثي الأصوات (86 صوتاً)، وفي الجولات اللاحقة أغلبية بسيطة من 65 صوتاً.

من هو جوزيف عون؟

حصل جوزيف عون على 99 صوتاً خلال الدورة الثانية للتصويت، في جلسة استثنائية عقدها مجلس النواب اللبناني اليوم الخميس 9 يناير/كانون الثاني، بحضور كامل أعضاء المجلس البالغ عددهم 128 نائباً.

ورغم انتخابه، يواجه عون عقبة دستورية تستلزم تعديلاً قانونياً لتولي المنصب رسمياً، إذ ينص الدستور اللبناني على منع انتخاب الموظفين في الفئة الأولى الذين لا يزالون في الخدمة، ويشترط مرور عامين على استقالتهم أو إحالتهم إلى التقاعد قبل السماح لهم بالترشح لرئاسة الجمهورية.

كان جوزيف عون، البالغ من العمر 60 عاماً، قائداً للجيش اللبناني، وقد تولى مهمة حساسة في بلد يعاني من انقسامات سياسية وطائفية عميقة، بما في ذلك مراقبة وقف إطلاق النار بين الاحتلال الإسرائيلي وحزب الله، والعمل كمنطقة عازلة للدوريات في جنوب لبنان.

وُلد عون في العام 1964 في بلدة سن الفيل بمحافظة المتن، حيث استقرت عائلته بعد أن تهجرت من بلدة العيشية الجنوبية بسبب الظروف الأمنية في ذلك الوقت. التحق بالمدرسة الحربية متطوعاً عام 1983 وتخرج منها ضابطاً عام 1985، وذلك خلال فترة قيادة ميشال عون، الذي لا تربطه به صلة قرابة.

برز دور عون بشكل لافت عام 2015، حين عُيِّن قائداً للواء التاسع المنتشر على الحدود مع الاحتلال. لاحقاً، أُسندت إليه قيادة العمليات في شرقي لبنان، حيث كانت المنطقة تعج بمسلحين ينتمون إلى تنظيمي “داعش” و”جبهة النصرة”. وفي أغسطس/آب 2017، أطلق الجيش بقيادته عملية “فجر الجرود”، التي أدت إلى طرد المسلحين من تلك المنطقة الحدودية مع سوريا.

رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي مع جوزيف عون في جنوب لبنان

خلال قيادته للجيش، واجه عون أحداثاً كادت أن تؤدي إلى اندلاع مواجهات أهلية في لبنان. في أكتوبر/تشرين الأول 2021، تعامل مع اشتباكات الطيونة، التي أسفرت عن مقتل ستة أشخاص بسبب توترات بين مؤيدي “حزب الله” وحركة “أمل” من جهة، و”القوات اللبنانية” من جهة أخرى. كذلك، تعامل مع حادثة الكحالة في أغسطس/آب 2023، عندما أدت حادثة انقلاب شاحنة محملة بأسلحة تابعة لحزب الله إلى سقوط قتيلين. في كلا الحدثين، اتخذ الجيش موقفاً حيادياً.

المؤهلات

يحمل عون شهادة في العلوم السياسية (اختصاص شؤون دولية) ويتقن اللغتين الفرنسية والإنجليزية. بالإضافة إلى ذلك، شارك في دورات أركان في الولايات المتحدة وفرنسا.

يحكى عن عون أنه شخصية مهنية ومتزنة. فوفقاً لجريدة “المدن” اللبنانية، يصفه العارفون به بأنه كان ضابطاً نشيطاً ورصيناً منذ أيام دراسته الحربية. تنقل بين مختلف الوحدات والألوية العسكرية، ما أكسبه خبرة في إدارة العمليات العسكرية في مختلف المناطق اللبنانية، كما يُشار إليه بأنه لم يظهر تفضيلاً لأي تحالفات طائفية أو مناطقية.

لماذا اختير جوزيف عون؟

عقد البرلمان اللبناني 12 جولة انتخابية بين أكتوبر/تشرين الأول 2022 ويونيو/حزيران 2023 دون التوصل إلى اتفاق على رئيس جديد. رغم ذلك، بقي اسم العماد جوزيف عون غائباً عن قائمة المرشحين البارزين الذين تصدرت أسماؤهم الساحة السياسية. إذ انحصر التركيز في تلك الفترة على زعماء الأحزاب المارونية البارزة مثل سمير جعجع (القوات اللبنانية)، جبران باسيل (التيار الوطني الحر)، وطوني فرنجية (تيار المردة)، إلى جانب شخصيات مستقلة كالنائب ميشال معوض والخبير المالي جهاد أزعور.

لكن مع تزايد تعقيد المشهد السياسي الداخلي، وارتباط مرحلة ما بعد الحرب الأخيرة مع الاحتلال ودور الجيش اللبناني، بدأت التوافقات الدولية والمحلية تتجه نحو طرح جوزيف عون كمرشح الضرورة الذي أملته ظروف إعمار لبنان وتثبيت الهدنة بعد حربه الأخيرة مع إسرائيل.

فوفقاً لمايكل يونغ، مدير تحرير في مركز مالكوم كير–كارنيغي للشرق الأوسط، فإن جوزيف عون يحظى بدعم واضح من “المجموعة الخماسية” التي تضم الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية وقطر ومصر. هذه الدول، التي تجتمع منذ ما يقارب عامين لمناقشة مستقبل لبنان، ترى في الجيش اللبناني المؤسسة الوحيدة القادرة على ملء الفراغ الأمني والسياسي الذي خلّفه حزب الله بعد الحرب مع الاحتلال.

عنصر من الجبش اللبناني على الحدود

إذ يوضح في مقال نشر صباح اليوم الخميس 9 يناير، أن هزيمة حزب الله في الحرب الأخيرة مع إسرائيل تركت فراغاً، ويبدو أن الأميركيين وسائر أعضاء المجموعة الخماسية يعتقدون أن الجيش اللبناني هو الوحيد الذي ينبغي عليه ملأه. ويشير إلى أن عون، الذي يُعدّ قائداً ذا مصداقية عالية، قد تجاوز سنّ التقاعد. وبالتالي، إذا كانت النية إبقاءه منخرطاً في اللعبة السياسية، فيجب التوصّل إلى آليةٍ ما تسمح بذلك.

ويرى كاتب المقال أن المجموعة الخماسية خلُصت إلى أن الرئاسة تشكّل هذه الآلية. فبهذه الطريقة، سيكون عون قادراً على ممارسة نفوذٍ مستمرّ على القوات المسلحة والشبكات التي يسيطر عليها لضمان تنفيذ الجيش القرار 1701. وعلى القدر نفسه من الأهمية تقريباً، سيؤدّي عون في موقع رئاسة الجمهورية دوراً أساسياً في تعيين خلفه في قيادة القوات المسلحة، ما يضمن استمرارية قدرة الجيش على ملء الفراغ الأمني الذي خلّفه حزب الله.

المصدر – وكالات – شبكة رمضان الإخبارية

شاهد أيضاً

حاكمة ولاية النمسا السفلى، “يوهانا ميكل” أتخاذ تدابير لمكافحة الإسلام تصريحات تُشعل فتيل الكراهية

في تطور أثار غضبًا واسعًا بين أبناء الأقلية المسلمة فى البلاد ، طالب رئيس الهيئة …