شهد العالم العربي تحولات دراماتيكية منذ انطلاق الربيع العربي في 2011.
من تونس، حيث أطاح الشعب بحكم زين العابدين بن علي بعد 23 عامًا، إلى مصر التي ثارت ضد حسني مبارك بعد 30 عامًا من السلطة.
ليبيا شهدت مقتل معمر القذافي بعد 42 عامًا من الحكم إثر ثورة مسلحة، واليمن شهدت تنحي علي عبد الله صالح، الذي قُتل لاحقًا في 2017.
في السودان، أنهت الاحتجاجات الشعبية حكم عمر البشير الذي دام 30 عامًا.
اليوم، اكتمل المشهد بسقوط بشار الأسد، الذي حكم سوريا لـ23 عامًا قبل أن تطيح به هيئة تحرير الشام في عملية عسكرية انتهت بلجوئه إلى موسكو.
https://twitter.com/i/status/1866425473036947755
بن علي أول الراحلين
أول من أسقطه ما سمي بـ “الربيع العربي” كان الرئيس التونسي زين العابدين بن علي. وكان أحيا بدوره الآمال حين وعد بإرساء الديموقراطية في البلاد، بعدما أعلن أن الرئيس المسن الحبيب بورقيبة لم يعد أهلا لممارسة مهامه في السابع من تشرين الثاني/نوفمبر 1987.
مرت الأعوام ولم يقدم أي تنازل. بل إن عائلة الرئيس استولت على قطاعات اقتصادية بكاملها، الأمر الذي اعتبرته الدبلوماسية الاميركية “نظاما مافيويا”، بحسب برقية كشفها موقع ويكيليكس.
ومع نهاية 2010، اندلعت احتجاجات في إحدى مناطق تونس المهمشة قبل أن تمتد الى المدن الكبرى في شرقها.
وإثر تظاهرة ضخمة في العاصمة التونسية في 14 كانون الثاني/يناير 2011، غادر بن علي تونس مع أمل بالعودة للإمساك مجددا بزمام الامور. لكن ذلك كان مجرد أمنية، وتوفي الرئيس التونسي الأسبق في منفاه بالسعودية في أيلول/سبتمبر 2019.
القذافي ضحية الثوار
أمضى الزعيم معمر القذافي، “مرشد ثورة” الفاتح من أيلول/سبتمبر 1969، 42 عاماً في السلطة مدافعاً عن فكرة الوحدة العربية ومستغلاً الموارد النفطية الهائلة لبلاده في دعم أنظمة صديقة وحركات سياسية في أنحاء مختلفة من العالم، في مقدمها “الجيش الجمهوري الايرلندي”.
وداخل ليبيا، روّج لنظام سياسي فريد سماه “الجماهيرية” يقوم على حكم الشعب لنفسه عبر ديموقراطية مباشرة. لكنه واظب خلال حكمه الطويل على ارتكاب انتهاكات بحق مواطنيه ومعارضيه.
ويتهم نظام القذافي بالضلوع في اعتداءي لوكربي في كانون الاول/ديسمبر 1988 و”يوتا دي سي 10″ (ايلول/سبتمبر 1989) اللذين خلفا مئات القتلى. وفي ضوء ذلك، فرض حظر دولي على ليبيا واضطرت السلطات الى دفع تعويضات لعائلات ضحايا الهجومين.
وحين ثار الليبيون على القذافي، تدخل حلف شمال الأطلسي. وقتل الزعيم الذي عمد الى الفرار في 20 تشرين الأول/أكتوبر 2011 بأيدي الثوار في ظروف لا تزال ملتبسة.
الجيش المصري تخلى عن مبارك
تولى حسني مبارك الحكم في مصر في عام 1981 بعد اغتيال سلفه أنور السادات، وظل على رأس السلطة في مصر طوال ثلاثين عاماً.
واجه المقاطعة العربية بسبب اتفاق السلام الذي وقعته مصر واسرائيل في عام 1979، فضلا عن صعوبات اقتصادية وعنف التنظيمات الاسلامية المتطرفة.
اندلعت انتفاضة شعبية ضد مبارك في كانون الثاني/يناير 2011 على خلفية شكوك في نيته توريث نجله جمال، على غرار ما يحصل في سوريا. ولم يتردد الجيش المصري في التخلي عنه رغم أنه كان ضابطا رفيعا في صفوفه، ما اضطره الى التنحي في شباط/فبراير 2011.
حوكم بعدها لمسؤوليته عن مقتل متظاهرين وبتهم فساد، لكنه برئ في عام 2017 بعد سجنه، وتوفي في شباط/فبراير 2020.
صالح وإدمان السلطة
كان الرئيس علي عبدالله صالح يردد على الدوام أن حكم اليمن يشبه “الرقص على رؤوس الثعابين”. فهذا البلد الفقير يشكل فسيفساء معقدة من القبائل المتناحرة.
نجح في رهانه طوال 33 عاما مواجها العديد من ثورات الحوثيين الشيعة، فضلا عن حرب أهلية أعقبت محاولة فاشلة لتوحيد شمال اليمن وجنوبه.
اندلعت تظاهرات مناهضة له في عام 2011، فأجبر على تسليم السلطة لنائبه عبد ربه منصور هادي. لكنه لم ييأس، وتوسل كل ما لديه من حنكة سياسية للعودة، وصولاً الى التحالف مع الحوثيين، أعدائه السابقين. غير أن هؤلاء انقلبوا عليه مجددا واغتالوه في كانون الأول/ديسمبر 2017.
عمر البشير وجرائم الحرب
استولى عمر البشير على الحكم في السودان عبر انقلاب عسكري في عام 1989. والمفارقة أن الجيش عاد وانقلب عليه في 2019 بعد تظاهرات شعبية حاشدة.
ظل في الحكم ثلاثين عاما أمضاها متحالفا أو مخاصما الاسلاميين بزعامة حسن الترابي. وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية في عام 2010 مذكرة توقيف بحقه بتهمة ارتكاب إبادة وجرائم ضد الانسانية وجرائم حرب إبان النزاع في إقليم دارفور بغرب السودان.
كذلك، حاكمه القضاء السوداني بتهمة الفساد وانتهى به الأمر خلف القضبان. وفي 2023، انزلق السودان الى حرب أهلية نتجت من تنازع على السلطة بين قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وحليفه السابق قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو.
الأسد: من الانفتاح الى القمع
لدى وصوله الى السلطة العام 2000 وكان في عامه الرابع والثلاثين، بعد ثلاثين عاما من حكم والده حافظ الأسد بقبضة من حديد، أحيا الرئيس الجديد أملا بالانفتاح. وتحدث المراقبون حينها عن “ربيع دمشق”، لكن هذا التفاؤل لم يستمر طويلا.
فحين اندلعت ثورة شعبية محدودة في عام 2011 في غمرة ما سمي بـ “الربيع العربي”، تم قمعها بشدة وسرعان ما تحولت نزاعا داميا وحربا أهلية. ويدين النظام السوري ببقائه الى مساعدة حليفيه الروسي والإيراني، وإلى “حزب الله” اللبناني.
وأرست هدنة 2020 هدوءا نسبيا، واتاحت لسوريا العودة الى الحاضنة العربية بعدما استبعدت منها لأعوام طويلة.
غير ان النظام تجاهل الدعوات الى إيجاد حل سياسي مع معارضيه ولم يقدم أي تنازلات.
المصدر – وكالات – شبكة رمضان الإخبارية