توقف ضخ الغاز الروسي إلى النمسا هل يضعها في منعطف حرج ؟

قال Alfons Haber، عضو مجلس إدارة هيئة E-Control، النمساويين عدم وجود أى خطر في نقص الغاز في البلاد خلال الشتائين المقبلين، حتى في حال توقف روسيا عن نقل الغاز عبر أوكرانيا اعتبارًا من يناير 2025. وشدد Haber بأن الإمدادات الروسية يمكن تعويضها بالكامل عبر الواردات من ألمانيا وإيطاليا والتوسع في الطاقة المتجددة

فى بدايات الحرب الأوكرانية، رفضت الحكومة النمساوية رفضًا قاطعًا تطبيق أى حظر أوروبى على الغاز الروسى، مبررة ذلك بأن هذه الخطوة ستضر بشدة الاقتصاد النمساوى، الذى خرج لتوه من تبعات جائحة كورونا. وحتى وكالة الطاقة النمساوية (Austrian Energy Agency) اعتبرت – وفق ورقة صادرة عنها فى عام 2022 – أن أقرب موعد ممكن لتحقيق الاستقلال التام عن الغاز الروسى هو عام 2030، وليس 2027، كما هو مقرر بموجب خطة الاتحاد الأوروبى للتخلص من الواردات الروسية. ولعل هذا التاريخ يسبق موعد انتهاء العقد المُوقع بين شركتى «غازبروم إكسبورت» و«أو إم في» النمساوية لتوريد الغاز الروسى إلى النمسا بنحو 10 سنوات؛ إذ إن موعد انتهائه الفعلى بحلول عام 2040.

وتلافيًا لأن يتحمل اقتصادها أى أضرار جانبية، استمرت النمسا فى تلقى تدفقات الغاز الروسى دون انقطاع فى عامى 2022 و2023، وبمعدلات قياسية بلغت  3,3 مليار متر مكعب العام الماضي؛ ما شكّل ما يزيد عن 80% من واردات البلاد من الغاز فى نفس العام. يُذكر أن الوقود الأحفورى لا يزال يُشكل حصة كبيرة من مزيج الطاقة فى النمسا وبنسبة تبلغ 66%  تقريبًا، فى حين يستخدم الغاز بصفة أساسية فى مجالى التدفئة والتصنيع.

ويبدو السؤال الجوهرى، هل النمسا على درجة كافية من الاستعداد للتخلى عن الغاز الروسى؟ وهنا يكشف خطاب الحكومة النمساوية أن بمقدورها تجاوز المرحلة التالية لإنهاء اتفاقية نقل الغاز الروسى عبر أوكرانيا؛ إذ إن لديها خيارات عديدة لاستبدال الغاز الروسى، سواء من خلال الحصول على شحنات إضافية من الغاز المُسال، أم استيراد الغاز عبر شبكة الغاز المجاورة (خاصةً من النرويج وإيطاليا وألمانيا). يُضاف إلى ذلك، أن لدى النمسا مخزونًا كبيرًا من الغاز، نسبته 93.5% حتى أكتوبر الجارى (ما يعادل 9500 تيراوات فى الساعة)؛ ومن ثم يمكن تلبية أى نقص مُحتمل فى إمدادات الغاز لأشهر متواصلة، حتى وإن لم تتلق إمدادات إضافية من إيطاليا أو ألمانيا.

وفى الحقيقة، تمتلك شركة «أو إم في» النمساوية، أكبر شركة طاقة فى البلاد، قدرات لوجستية كبيرة وعلاقات تجارية ممتدة مع موردى الطاقة حول العالم، بما سيُسهل مهمة الحكومة النمساوية فى الحصول على الغاز من النرويج والسوق العالمية، مع إمكانية استيراد شحنات الغاز الطبيعى المُسال عبر محطة (GATE) فى روتردام، حيث تمتلك الشركة هناك سعة لإعادة «تغويز» الغاز (Regasification Capacity) بقدرة ٣ مليارات متر مكعب سنويًا.

إضافة إلى ما سبق، وبدءًا من عام 2026، ستتلقى شركة «أو إم فى» شحنات إضافية من الغاز المُسال من شركة «بى بى» بقدرة مليون طن سنويًا، بالإضافة إلى تدفقات أخرى قدرها 850 ألف طن سنويًا بدءًا من عام 2029 من شركة «شينير إنيرجي» الأمريكية (Cheniere Energy). كل هذه الخيارات المتاحة ستُتيح للحكومة النمساوية التعامل بمرونة كافية مع توقف ضخ الغاز الروسى عبر أوكرانيا فى بداية العام المقبل.

وربما تتخذ الحكومة النمساوية إجراءات إضافية لتعزيز أمن الطاقة بالبلاد؛ وذلك من خلال تبنى تدابير إضافية لتعزيز كفاءة استهلاك الطاقة، وترشيد استهلاك الغاز، إلى جانب التوسع فى تطبيقات الطاقة المتجددة بقطاع المنازل والتدفئة. وفى كل الأحوال، لا تعتبر الإجراءات المذكورة سابقًا حلًا دائمًا فيما يتعلق بهدف النمسا لتحقيق الحياد المناخى بحلول عام 2040  فهى بحاجة لتطوير خيارات أخرى لتوسيع قدرات الطاقة المتجددة واستيراد الهيدروجين الأخضر، وفق ما تقوله وكالة الطاقة النمساوية.

بلغت سعة التخزين الحالى في النمسا بمقدار 92 تيراواط ساعة، ما يمثل 90% من طاقتها. وأكد Haber أن حوالي 33 تيراواط ساعة من هذا المخزون مخصصة للعملاء النمساويين، مع وجود احتمالية عالية لبقاء 16 تيراواط ساعة أخرى في السوق المحلي. كما تخطط النمسا لزيادة السعة المستوردة عبر ألمانيا إلى 117 تيراواط ساعة سنويًا بحلول 2027، ضمن مشروع WAG-Loop، مع الاحتفاظ باحتياطي استراتيجي قدره 20 تيراواط ساعة.

ختامًا، يمكن القول إن حساسية سوق الغاز الأوروبية لمخاطر انقطاع ضخ الغاز الروسى عبر أوكرانيا، باتت أقل حدة، بخلاف ما كان عليه الأمر خلال العامين الأولين للحرب الأوكرانية (2022 و2023)؛ وذلك بسبب وفرة الإمدادات وتعدد خيارات التوريد؛ ومع ذلك لن يكون هناك مفر أمام الدول الأوروبية من اتباع نهج شامل لتعزيز أمن الطاقة بها، وتقليل انكشافها على سوق الغاز الأوروبية ذات التوازن الهش، وسيتضمن ذلك التوسع فى قدرات الطاقة المتجددة، وتعزيز تدابير كفاءة الطاقة.

وأصبح الغاز المسال جزءًا لا يتجزأ من إستراتيجية النمسا، مع إبرام العقود من خلال هولندا وألمانيا. بالإضافة إلى ذلك، ووفر خط أنابيب عبر البحر الأدرياتيكي (تاب) (TAP)، الذي ينقل الغاز من أذربيجان إلى إيطاليا، طريقًا آخر للإمدادات غير الروسية.

المصدر – الصحف النمساوية

 

 

 

شاهد أيضاً

تقرير – الأهلي المصرى يحصل على 50 مليون دولار من مشاركته في المونديال 2025

كشفت تقارير صحفية خارجية أن كل فريق شارك في كأس العالم للأندية 2025، بما في …