شركاء في الإبادة.. هكذا انتهكت بريطانيا وألمانيا القانون الدولي بدعم إسرائيل عسكريّاً في الحرب على غزة

رغم صدور قرار محكمة الجنايات الدولية بإصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، تواصل عدة دول غربية دعم الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في الحرب على غزة في انتهاك واضح للقانون الدولي.

وكان خبراء الأمم المتحدة حذروا من أن أي نقل للأسلحة أو الذخيرة إلى إسرائيل لاستخدامها في غزة من المرجح أن يشكل انتهاكاً للقانون الإنساني الدولي، ويجب أن يتوقف على الفور.

فمنذ أن شنت إسرائيل حرباً على غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، تلقت دعماً عسكرياً غربياً شمل إرسال الآلاف من الذخائر والعربات المدرعة والقنابل الذكية.

وكانت أبرز الدول التي بادرت بدعم جيش الاحتلال عسكرياً الولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا.

فيما أوصت مؤسسات قضائية في دول أوروبية أخرى حكوماتها بوقف تصدير الأسلحة لإسرائيل، ومن بينها هولندا التي أوصى المحامي العام للمحكمة العليا بها، الجمعة، بتأييد الحكم الذي ينص على أنه يتعين على الدولة الهولندية وقف تصدير مكونات طائرات إف-35 إلى إسرائيل، بحسب وكالة رويترز.

وأمرت محكمة الاستئناف في لاهاي في فبراير/ شباط الحكومة بوقف تصدير هذه المكونات بسبب مخاوف من استخدامها في انتهاك القانون الدولي في حرب غزة، مما دفع الحكومة إلى القول إنها ستلجأ إلى المحكمة العليا.

ش

إذن ما هو موقف القانون الدولي، من دول مثل المملكة المتحدة وألمانيا، التي تدعم إسرائيل عسكرياً، وتصر على الاستمرار في هذا المسار؟ 

تتحمل الدول التي تزود إسرائيل بالأسلحة والمعدات العسكرية الأخرى المسؤولية عن جرائمها في غزة، وذلك وفقاً للاتفاقيات الدولية التي نوردها فيما يلي:

معاهدة تجارة الأسلحة: 

  • تنص معاهدة تجارة الأسلحة للأمم المتحدة لعام 2013 في المادة 6 (3) على أنه ينبغي حظر عمليات نقل الأسلحة إذا كانت الدولة تعلم أن الأسلحة سوف تستخدم في الإبادة الجماعية أو الجرائم ضد الإنسانية أو جرائم الحرب.
  • تتطلب المادة السابعة من معاهدة تجارة الأسلحة من الدول أن تقيّم ما إذا كان من الممكن استخدام المعدات لارتكاب أو تسهيل انتهاك للقانون الإنساني الدولي قبل السماح بشحن الأسلحة.
  • بالنظر إلى أحكام محكمة العدل الدولية بشأن غزة وقرارات المحكمة الجنائية الدولية، من الواضح أن الدول الموردة للأسلحة ينبغي أن تكون على علم أو من المتوقع أن تكون على علم بخطر استخدام إسرائيل لهذه الأسلحة في مثل هذه الجرائم.
  • لا تشترط معاهدة تجارة الأسلحة تقديم دليل قاطع على الجرائم من أجل حظر نقل الأسلحة؛ ويكفي أن تكون الدول الموردة على علم أو من المتوقع بشكل معقول أن تكون على علم بإمكانية وقوع مثل هذه الجرائم.

اتفاقية الإبادة الجماعية:

  • تلتزم جميع الدول بمنع الإبادة الجماعية بموجب المادة الأولى من اتفاقية الإبادة الجماعية.
  • أكدت محكمة العدل الدولية أن الدول الأطراف في اتفاقية الإبادة الجماعية ملزمة بعدم دعم الإبادة الجماعية، بما في ذلك عدم إرسال الأسلحة عندما تكون على علم أو من المتوقع أن تكون على علم بخطر جدي للإبادة الجماعية.
  • يلغي قرار محكمة العدل الدولية الصادر في 26 يناير/كانون الثاني، والذي يسلط الضوء على الخطر الواضح لوقوع إبادة جماعية في غزة، دفاع الدول الداعمة التي تدعي الجهل أو عدم الوعي بخطر الإبادة الجماعية المحتمل.
  • يفرض حكم محكمة العدل الدولية بأن هناك “خطر محتمل للإبادة الجماعية” في غزة التزاماً على الدول الثالثة ليس فقط بالامتناع عن دعم مثل هذه الإبادة الجماعية، بل وأيضاً بمنعها بشكل فعال.
  • يعني استمرار الدول في إرسال شحنات الأسلحة إلى إسرائيل انتهاك تفويض محكمة العدل الدولية بعدم دعم الإبادة الجماعية.
  • في الأول من مارس/آذار 2024، رفعت نيكاراجوا قضية أمام محكمة العدل الدولية ضد ألمانيا، واتهمتها بمواصلة توريد الأسلحة إلى إسرائيل على الرغم من إدراكها لخطر الإبادة الجماعية في غزة.

اتفاقية جنيف لعام 1949:

  • تلزم المادة الأولى من اتفاقيات جنيف لعام 1949، الدول بـ “ضمان احترام” القانون الإنساني الدولي.
  • يتطلب ذلك من جميع الدول ليس فقط تجنب مساعدة الانتهاكات أو دعمها (على سبيل المثال، من خلال صادرات الأسلحة) ولكن أيضاً اتخاذ خطوات استباقية لضمان امتثال الأطراف المتحاربة لالتزاماتها بموجب القانون الدولي. ويمكنهم القيام بذلك عبر القنوات الدبلوماسية أو بفرض العقوبات .

ل

هل يمكن إصدار مذكرات اعتقال من الجنائية الدولية بحق مسؤولين غربيين دعموا إسرائيل؟

  • أفاد خبراء قانونيون بأن المحكمة الجنائية الدولية لديها الآليات القانونية التي تمكنها من الناحية الفنية توجيه اتهامات إلى مسؤولين في دول غربية لدعمهم الاحتلال الإسرائيلي.
  • ونقلت تقارير عن سيليست كميوتيك، المحامية في مشروع التقاضي الاستراتيجي في المجلس الأطلسي، قولها: “بما أن فلسطين دولة طرف في نظام روما الأساسي، فإن الدائرة التمهيدية تستطيع إصدار مذكرات اعتقال بحق أي شخص، بغض النظر عن جنسيته، إذا كان مسؤولاً عن جرائم على الأراضي الفلسطينية”.
  • بحسب نظام روما الأساسي، فإن الطريق أمام المحكمة الجنائية الدولية لمتابعة أوامر الاعتقال ضد المسؤولين الغربيين عن الجرائم المرتكبة في الحرب الإسرائيلية على غزة يكمن في المادة 25 من نظام روما الأساسي.

كيف انتهكت بريطانيا القانون الدولي بدعم إسرائيل عسكرياً؟

أولاً: رفض تعليق جميع مبيعات الأسلحة لإسرائيل:

  •  رفض رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، طلب تعليق جميع مبيعات الأسلحة لإسرائيل في تصريحات أدلى بها أمام البرلمان البريطاني قبل يومين.
  • وفي 2 سبتمبر/ أيلول الماضي، أعلن وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، أن بلاده ستعلق بيع بعض الأسلحة لإسرائيل، مشيرا أنه سيتم تعليق نحو 30 من أصل 350 ترخيصاً بهذا الخصوص.
  • وانتقدت منظمات حقوقية دولية ومؤسسات غير حكومية قرار بريطانيا بفرض حظر جزئي على الأسلحة لإسرائيل ووصفته بأنه “غير كافٍ”، و”تم اتخاذه بعد فوات الأوان”، مطالبة بوقف إمدادات الأسلحة بشكل كامل.
  • ونقلت تقارير أن مسئولي حزب العمال البريطاني تجنبوا فرض حظر كامل على توريد الأسلحة إلى إسرائيل لحماية العلاقات الخاصة مع واشنطن والناتو.

ثانياً: تسيير رحلات تجسسية فوق غزة لمساعدة الاستخبارات الإسرائيلية

  • كشفت تقارير بريطانية أن حكومة حزب العمال أمرت بتسيير 100 رحلة تجسسية فوق قطاع غزة لمساعدة الاستخبارات الإسرائيلية.
  • وأدان نواب بريطانيون استمرار هذه الرحلات حتى بعدما أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق نتنياهو.

ثالثاً: شحن أسلحة لإسرائيل سراً عبر المجال الجوي البريطاني: 

  • كشف موقع ديكلاسيفايد أن أسلحة موجهة إلى إسرائيل تم شحنها بهدوء عبر المجال الجوي البريطاني وسط حرب الإبادة الجماعية في غزة.
  • وتضمنت الشحنات المرسلة على متن الطائرات المتجهة إلى إسرائيل ذخيرة قناصة ومتفجرات تستخدم في الطائرات العسكرية وأجهزة تفجير. ويبلغ الوزن الإجمالي للشحنة أكثر من 55 طناً.

كيف انتهكت ألمانيا القانون الدولي بدعم إسرائيل عسكرياً؟

أولاً: ثاني أكبر مزود بالأسلحة:

  • تعد ألمانيا ثاني أكبر مزود أسلحة لإسرائيل بعد الولايات المتحدة. وتم منح أكثر من 80% من طلبات الترخيص لتصدير الأسلحة لإسرائيل في عام 2023 بعد أحداث السابع من  أكتوبر/تشرين الأول.
  • أعلنت وزارة الاقتصاد الألمانية في 16 أكتوبر/تشرين الأول الماضي عن موافقة الحكومة على صفقات أسلحة ومعدات عسكرية لإسرائيل بقيمة 45.74 مليون يورو خلال عام 2024.

ثانياً: استخدام الأسلحة الألمانية في غزة:

  • نشر جيش الاحتلال الإسرائيلي مشاهد تظهر استخدام سفينة حربية تم تصنيعها في مدينة كيل الألمانية بواسطة شركة Thysen Krupp لقصف غزة.
  • بالإضافة إلى ذلك، نشر الجنود الإسرائيليون على وسائل التواصل الاجتماعي صوراً تظهر استخدام قاذفات الصواريخ من نوع Matador RGW 90 في غزة، كما تعمل دبابات ميركافا الإسرائيلية بمحركات ديزل ألمانية الصنع.

ثالثاً: طريقة قانونية آمنة لتصدير الأسلحة إلى إسرائيل:

  • أفادت الصحافة الألمانية في أكتوبر/تشرين الأول الماضي بأن الحكومة أرغمت إسرائيل على التوقيع على بند كشرط مسبق لتوريد المزيد من الأسلحة. ويقال إن هذا البند يطالب الحكومة الإسرائيلية بضمانات مكتوبة بأن الأسلحة الألمانية لن تستخدم إلا وفقاً للقانون الدولي.
  • وأوضحت الحكومة الألمانية للجانب الإسرائيلي أن إصرارها على البند هو إجراء لمنع فرض حظر عام على الصادرات.

ب

 

شاهد أيضاً

تقرير – الأهلي المصرى يحصل على 50 مليون دولار من مشاركته في المونديال 2025

كشفت تقارير صحفية خارجية أن كل فريق شارك في كأس العالم للأندية 2025، بما في …