خطة مضادة من الدعم السريع لمنع تصدير السلع إلى مصر.. لماذا تم إغلاق الحدود الغربية للسودان؟

كشف الناطق الرسمي باسم القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح، الرائد أحمد حسين أدروب، أنهم قرروا إغلاق الحدود مع كل من ليبيا وتشاد ومصر، وذلك لإغلاق كافة المعابر التي تمد الدعم السريع بالمعدات اللوجستية والعسكرية والبشرية.

وقال الناطق الرسمي باسم القوة الداعمة للجيش السوداني: إن ولاية شمال دارفور، التي عاصمتها الفاشر، تمتلك موقعًا جيوسياسيًا استراتيجيًا، تحدها ثلاث دول وهي مصر وليبيا وتشاد، وهو ما ساعد مليشيات الدعم السريع في إدخال الإمدادات اللوجستية والعسكرية.

وأضاف المتحدث أن مليشيات الدعم السريع أدخلت معدات عبر معابر حدودية مع ليبيا وتشاد، وهي معابر تعد شريان الحياة بالنسبة لها، لذا قررت القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح استخدام استراتيجية الهجوم المباغت بدلًا من الدفاع.

وحسب المتحدث، فقد تم تدمير القواعد العسكرية المهمة لمليشيات الدعم السريع بدارفور، والتي يتم فيها استلام الإمدادات القادمة من ليبيا وتشاد والنيجر أيضًا.

واعتبر المتحدث أن خطوة إغلاق الحدود لمليشيات الدعم السريع لها تأثير واضح على مسرح العمليات سواء كان في دارفور أو في بقية الأقاليم السودانية الأخرى، وقريبًا سوف يتم تطهير مدينة الفاشر وضواحيها من وجود الدعم السريع في المحاور.

ولمدة تجاوزت 18 شهرًا، لا تزال المعارك متواصلة بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة حميدتي، مخلفة أزمة إنسانية بسبب استهداف المدنيين، ونزوح الآلاف من المواطنين من منازلهم الواقعة وسط ساحات الاقتتال.

ويرى مراقبون أن هذه العملية منعت الإمداد البري لقوات الدعم السريع في دارفور، وساعدت في تقدم العمليات العسكرية بشكل ملحوظ غرب البلاد، وفرض السيطرة الكاملة على منطقة المثلث والمالحة الواقعتين على الشريط الصحراوي الرابط بين السودان وليبيا ومصر.

الفاشر المدينة الساخنة

لا زالت قوات الدعم السريع تسعى للسيطرة على مدينة الفاشر منذ مايو\_آيار 2024، إذ أصبحت مسرحًا للمواجهات الدموية اليومية يستهدف فيها المدنيون، رغم تصريحات قائد الدعم السريع المكررة التي يروج فيها لخطاب حماية المدنيين والالتزام بالقوانين الدولية الإنسانية.

وشهد الأسبوع الماضي مواجهات ساخنة بالمحورين الشرقي والجنوبي لمدينة الفاشر، وقصف الطيران الحربي للجيش والطائرات المسيرة للطرفين، حيث تحاول قوات الدعم السريع التوغل أكثر نحو وسط المدينة.

وكشفت مصادر لـ”عربي بوست” أن المواجهات في هذا الشهر هي الأسخن منذ اندلاع الحرب في الفاشر قبل أشهر، وأن الأهمية في المرحلة المقبلة بعد فصل الخريف بعد جفاف الطرق البرية والوديان من مياه الأمطار التي كانت تعيق التحركات العسكرية.

هذه الخطوة، حسب المصادر نفسها، أسهمت في تقدم عمليات القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح المتحالفة مع الجيش ضد الدعم السريع بدارفور بشكل ملحوظ، بحسب المصادر.

من جهتها، قالت مصادر في القوات المشتركة لحركات الكفاح المسلح: “إن عملياتها العسكرية لا تقتصر على الفاشر فحسب، بل ستكون شاملة لتحرير كافة مدن إقليم دارفور والسودان”.

وأضافت المصادر نفسها أن الجيش أعد قواته بالانفتاح على كافة الجبهات لتعزيز سيطرته واسترداد كافة المناطق التي احتلتها قوات الدعم السريع، وفي القريب العاجل سيتم حسم المعركة لصالح القوات المسلحة.

وقبل أن يتدخل الجيش،  تسللت عناصر الدعم السريع إلى أحياء تمباسي ومكركا جنوب غرب السوق الكبير الواقع في وسط الفاشر، الأمر الذي أسهم في نزوح المدنيين من تلك الأحياء القريبة من سوق المواشي جنوب غرب المدينة.

في المقابل، يستمر الجيش والقوات المساندة له من قوات الحركات المسلحة في التصدي لهجمات الأخيرة، وقام بقتل أبرز القادة الميدانيين للدعم السريع وهم: اللواء علي يعقوب المقرب من حميدتي، وعبدالرحمن قرن شطة، وفتحي بناني مسؤول الاستنفار في جنوب دارفور، واللواء سالم النعيم.

كما أصابت القوات المشتركة في الفاشر كل من القائد الميداني الزير سالم، والسافنا، وأبو الجود المسيري وغيرهم من بقية القيادات الشابة الذين كان لهم أثر واضح في سير عمليات الدعم السريع منذ اندلاع حرب الخامس عشر من أبريل\_نيسان 2024، العام الماضي بين الجيش والدعم السريع.

وقال المحلل السياسي السوداني حافظ كبير إن توسع المعارك غربًا يرجع لحالة التأهب والاستنفار القصوى، التي تحدث لأول مرة بعدما أعلن الدعم السريع استدعاء قوات الاحتياط، ومعدل الاستجابة سريع جدًا.

وعن أسباب ارتفاع التوتر غرب السودان، يقول المتحدث في تصريح لـ”عربي بوست”: إن إعلان القوات المسلحة عملية عسكرية برية واسعة في محاور مختلفة من السودان وقفل باب التفاوض من بين أبرز الأسباب.

والفاشر السودانية تعد آخر ولاية سودانية في دارفور لم تسيطر عليها قوات الدعم السريع، لكنها تتعرض لعمليات قصف مدفعي عشوائي لم تتوقف طيلة هذه الفترة ما أجبرت السكان على النزوح قسرًا بعد تدمير معظم المرافق الحيوية والمنازل والمساجد.

في 15 أبريل 2024، يمر عام على الحرب في السودان

خطة الدعم السريع لمعاقبة مصر

بالمقابل، تقول قوات الدعم السريع شبه العسكرية في السودان إنها قد بدأت  للتو تنفيذ المرحلة الثانية من عملياتها التي وصفتها بالخطة (ب)، والتي يرى مراقبون أنها بدأت بتنفيذ العديد من الهجمات على المناطق التي يسيطر عليها الجيش.

ومنعت قوات الدعم السريع أيضاً تصدير المحاصيل الزراعية والمنتجات المحلية من الصمغ العربي وغيرها من المنتجات، بغرض توفيرها في مناطق سيطرتها بهدف بيعها وتصديرها إلى دول الجوار الأخرى عدا مصر.

ومنعت قوات الدعم السريع أيضاً تصدير المواشي بشتى أنواعها إلى مناطق سيطرة الجيش السوداني داخل البلاد، الأمر الذي سيؤثر سلباً على مصر كذلك باعتبارها تستفيد من الناتج المحلي السوداني.

الكاتب الصحفي السوداني محمد مصطفى جامع، أوضح أن قرارات حميدتي جاءت في إطار الخطة “ب” لمعاقبة مصر، رغم أن حميدتي في خطابه لم يقدم أي دليل منطقي لفهم اتهاماته للقاهرة.

واتهم حميدتي مصر بقصف المناطق التابعة لقوات الدعم السريع بالطائرات، الأمر الذي اعتبره الكاتب السوداني مستحيلاً من الناحية الفنية، بسبب بعد المسافة حتى لو انطلقت من أسوان على الحدود المصرية فلن تصل إلى منطقة جبل مويه.

وقال إن الهجوم المصري يمكن أن يتم إن كانت هناك تمركزات في القواعد العسكرية السودانية، مثل قاعدة مروي، وادي سيدنا، أو قاعدة كنانة الجوية، وكان سيتم كشفه عبر عمليات الرصد كما كُشف الطيران الإماراتي الذي يدعم الدعم السريع عبر تشاد.

وقال إن هدف حميدتي تخفيف الضغط عن الإمارات، هذه الأخيرة التي انتقلت من التبرير إلى الهجوم على الجيش واتهامه بقصف والاعتداء على مقر سفيرها في الخرطوم، وهو بالأصل مقر خالٍ له أكثر من سنة ونصف.

أما عن مدى تأثير قرارات حميدتي على الاقتصاد المصري، فيعتقد جامع أن تأثير هذه القرارات على الاقتصاد المصري قد لا يكون كبيرًا بهذه الدرجة عدا توقيف تصدير الماشية، لأن السوق المصرية تعتمد على السودان بنحو 13 لـ14% من الواردات، اللحوم الحية والمذبوحة.

لكن في المقابل، يقول المتحدث هناك خيارات أخرى أمام مصر مثل اللحوم الصومالية، الإثيوبية، الكينية، وكذلك الأسترالية وغيرها، لكن اللحوم السودانية كانت ميزتها أنها مرغوبة لأن معظمها تأتي في معظم الأحيان كماشية حية وليست مذبوحة ومجمدة.

وقال إن الدعم السريع لا يسيطر على كل مناطق الإنتاج المصدرة للناتج المحلي السوداني بنسبة 100%، وهنالك أجزاء لا يستهان بها من المناطق المصدرة للماشية شرق السودان وكردفان، بالإضافة إلى الفول السوداني والصمغ العربي وحب البطيخ وغيرها من المنتجات.

كيف بدأ تطبيق خطة الدعم السريع؟

وبدأت قوات الدعم السريع في توقيف السيارات المحملة بالفول السوداني، والصمغ العربي، والذرة، والماشية، المعدة للترحيل والتصدير من مناطق سيطرتها في دارفور وكردفان، بداية من ولاية شرق دارفور، مدينة الضعين، التي تعد منطقة الحاضنة الأساسية لحميدتي وغالبية قواته.

ومُنعت سيارات الشحن من العبور من شرق دارفور، من كل من الضعين، جابر، اللعيت والمناطق المجاورة لها، وهذه المناطق معروفة بإنتاج الفول السوداني، والسمسم، والدخن، والذرة، والكركديه.

هذا، إلى جانب منع ترحيل المحاصيل من مناطق كردفان التي تقع تحت سيطرتها، خاصة منطقة حمرة الشيخ شمال كردفان، والفولة غرب كردفان، وهي من المناطق الشهيرة بإنتاجية عالية للصمغ العربي والماشية.

وتم قطع الطرق البرية الرابطة بين مناطق إقليم دارفور غرب البلاد عن مناطق كردفان بوسط البلاد عن شرقها تمامًا، وتم إرجاع الماشية عن التصدير، وأعيدت عربات المحاصيل إلى الأسواق المحلية بمناطق سيطرتها.

وترى قوات الدعم السريع الخطوة بأنها ستُسهم في تعزيز سيطرتها الاقتصادية أكثر، وتصب في محاربة مصر، بحسب ما أعلن مستشار قائد الدعم السريع، الباشا طبّيق، عبر صفحته الرسمية على تويتر.

حافظ كبير المحللين السياسيين السوداني قال لـ”عربي بوست”: “إن هذه الخطوة التي ذهبت فيها قوات الدعم السريع تسعى لحسم مناطق شمال دارفور وكردفان كأولوية، وإعادة تنظيم الحياة فيها بما يحقق الاستقرار”.

وحسب المتحدث، تسعى قوات الدعم السريع إلى تقوية المؤسسات المدنية التي تتولى إدارة الشأن المدني، ومنه التجارة التي ستشهد تحولًا في العلاقات الاقتصادية بعد الإجراءات الاقتصادية الجديدة التي جاءت كرد فعل لمنع الجيش عبور السلع والأدوية لمناطق الدعم السريع، خاصة في الجزيرة وأم درمان.

أما بشأن مصر فيقول: “إن مصر لها علاقة مباشرة بالعمليات العسكرية التي يقودها الجيش من خلال التدخل المباشر للطيران المصري، الأمر الذي كشفت عنه قوات الدعم السريع وهو ما قاد إلى التصعيد في الخطاب ضد التدخل المصري”.

وحسب المتحدث، فإن قوات الدعم السريع تفكر في خلق بدائل وعلاقات ومناطق حرة لبيع السلع المنتجة محلياً في دارفور وكردفان.

وحول الخطة “ب”، قال حافظ كبير المحللين السياسيين السوداني لـ”عربي بوست”: “إنها عملية عسكرية واسعة بغرض إحكام السيطرة وفرض واقع جديد، خاصة بعد قفل باب التفاوض، وكذلك اتباع منهج جديد في العمليات العسكرية”.

وأضاف: “إنه من أهدافها إعادة تنظيم القوات بما يحقق سيطرة كاملة عليها، وتنفيذ رؤية وموجهات قائد قوات الدعم السريع في قواعد السلوك والاشتباك، والتعامل مع المدنيين”، على حد قوله.

ومع تواصل العمليات العسكرية بين الجيش والدعم السريع في الفاشر، أحرقت قوات الدعم السريع والمليشيات العربية المتحالفة معها خلال اليومين الماضيين قرى واسعة بمناطق دار زغاوة في شمال دارفور والمناطق الغربية من مدينة الفاشر.

وشهدت هذه المناطق معارك ضارية بين الدعم السريع والقوات المشتركة لحركات الكفاح المسلح، وقُتل عدد من المواطنين، حيث ندد حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، في تغريدة بالانتهاكات المستمرة.

كما أفادت مصادر صحفية مطلعة في دارفور بحرق مليشيات الدعم السريع لقرى أخرى بمنطقة “شقرة”، ريفي الفاشر الغربية. وتسببت هذه الحرائق في زعزعة أمن السكان المحليين بتلك المناطق، ما دفعهم للنزوح مشياً على الأقدام.

بينما تسعى مجموعة القوى السياسية المدنية بقيادة رئيس الوزراء السابق، عبدالله حمدوك، إلى إقناع المجتمع الدولي بفرض تدخل قوات أممية إلى السودان، وقد وجد معارضة شديدة من طرف الأطراف المتصارعة.

المصدر – وكالات – شبكة رمضان الإخبارية

شاهد أيضاً

النمسا – السجن لسوري 9 أشهر هدد ابنته بالقتل دفاعاً عن الشرف

أصدرت المحكمة الإقليمية في مدينة زالتسبورج النمساوية، أمس الأثنين، حكما بالسجن لمدة تسعة أشهر مع …