لماذا يخفق أغلب اللاجئين في امتحان اللغة الألمانية؟

Deutsch-lernen

 

هل تعلم عزيزى المهاجر أن تعلم الألمانية شرط أساسي للاندماج والحصول على فرصة عمل، بالإضافة إلى أنها شرط للحصول على الإقامة الدائمة والجنسية. لكن لماذا يخفق كثير من اللاجئين في تعلم الألمانية وإتقانها ونسبة الرسوب كبيرة جدا في امتحانات اللغة؟

لا خلاف ولا جدال بين اللاجئين والمهاجرين حول أهمية وضرورة تعلم اللغة الألمانية وإتقانها، سيما إذا عرفنا أن اللغة شرط أساسي للحصول على الإقامة الدائمة والجنسية الألمانية. لذا يحاولون تعلمها والوصول إلى المستوى المطلوب بأسرع ما يمكن. لكن الإرادة والمواظبة على دورات اللغة لا تكفي للنجاح في الامتحانات التي تجرى في ختام الدورة، حيث تخفق نسبة كبيرة من اللاجئين وخاصة الأميين منهم الذين لم يدرسوا في بلادهم. إذ تشير الإحصائيات الأخيرة التي نشرها المكتب الاتحادي للهجرة واللجوء “بامف” إلى أن 20 بالمائة فقط ينجحون في الامتحانات أي أن 80 بالمائة يضطرون إلى إعادة الدورة والامتحان. لكن ما سبب هذا الإخفاق ومن المسؤول عنه، هل اللاجئ أم طريقة التدريس والمناهج الدراسية المعتمدة أم هناك اسباب أخرى؟

نقص الكوادر المؤهلة لتعليم الأجانب

على ذلك يجيب اللاجئ السوري خالد الجوهري (36 عاما) الذي كان مدرسا للغة العربية في دمشق، بأن “رسوب الكثيرمن اللاجئين في امتحانات اللغة الألمانية يعود إلى نقص الكوادر المؤهلة لتعليم الأجانب”. وحسب رأيه فإنه ونظرا للحاجة الماسة إلى المدرسين، “لا تعلق المدارس أهمية كبيرة على شرط الكفاءة في تدريس الأجانب والتعامل معهم، لدى تعيين المدرسين”. وأشار إلى أهيمة أسلوب المدرس وخبرته، إذ يمكن أن يكون هناك “معلم لغة ألماني يجيد لغته بمستوى جيد جدا، لكنه يعجز عن إيصال أبسط فكرة لطلبته بدورة اللغة”.

بالإضافة إلى ذلك يرى اللاجئ السوري أنه من الضروي  الاحتكاك بالناطقين بالألمانية من أهل البلاد والتحدث معهم لكي تترسخ اللغة ومبادئها في ذهن الفرد، إذ أن الممارسة العملية شرط أساسي لإتقان اللغة فهي “تساعد المتعلم على توظيف رصيده من المعلومات التي تلقاها”. لم يخف إحباطه لأنه أصبح يفقد كل يوم مفردات تعلمها بدل خلال دورة اللغة، بدل أن يكتسب المزيد منها ويستعملها في حياته اليومية.

لا بد من الممارسة العملية

ويعتقد الجوهري أن تخصيص 300 ساعة فقط لمستوى B2، الذي يأتي بعد انتهاء دورة الاندماج أي B1، لا يكفي نظرا للتباين الكبير بين المستويين وكثافة محتوى مستوى B2. لذا يقترح زيادة عدد الساعات المخصصة لهذا المستوى العالي نسبيا لتحقيق “نتائج أفضل”. وفي دلالة منه على صعوبة هذا المستوى ونسبة الإخفاق الكبيرة بين الطلاب قال بأنه حضر دورة B2 وأجرى بعدها الامتحان فكانت النتيجة أن “طالبا واحدا من 20 نجح في الامتحان!”.

ونتيجة للإخفاق ويأس كثير من اللاجئين وفقدانهم الثقة بالدورات التعليمية وكفايتها لتعلم اللغة وإتقانها والنجاح في الامتحان، لجأ بعضهم مواقع التواصل الاجتماعي وتشكيل مجموعات بهدف تعلم اللغة، ومنهم من نشر إعلانات على الإنترنت يعرض فيها خدمات تعليم اللغة العربية مقابل تعلم اللغة الألمانية.

في هذا السياق اشتكى حمزة البني (20 عاما) الذى أنهى دورة الاندماج، من صعوبة الجزء الكتابي في الامتحان، وقال لا تكتسب في المدارس”. ويرى الشاب السوري القادم إلى ألمانيا منذ سنتين أنَ “قلة الاحتكاك المباشر مع أهل البلاد، سبب في التحصيل الضعيف، وبالتالي يتزايد مستوى الرسوب في الامتحان”. وقال حمزة بأنه يعتمد على الانترنت في تعلم اللغة من خلال متابعة مقاطع الفيديو التعليمية على يوتيوب، المتوفرة باللغتين العربية

التشتت والقلق على الأسرة

بدروه يقول الخبير في شؤون الاندماج، محمد السويفى إن اللاجئ الذي “مستواه في لغته الأم ضعيف، تكون نتائجه في اللغة الألمانية ضعيفة جدا”. أما نسبة الإخفاق الكبيرة والرسوب في الامتحانات حتى بين اللاجئين الأكاديميين أيضا، فيعود حسب رأيه ودراسات أجريت على طلبة أجانب إلى إصابة “بعض منهم بالصدمة الثقافية، جراء التغير المفاجئ في نمط الثقافة” ويضيف أن “هذه الصدمة تسبَب نوبات من الغضب تستمر لمدة سنة”.

وحسب المتحدث، من بين أسباب الرسوب في الامتحانات أيضا غياب “الإرادة اللازمة عند البعض من اللاجئين والرغبة في تحقيق الاندماج والنجاح في المجتمع الجديد” وهذا يرجع إما إلى “التنشئة الاجتماعية التي نهل منها اللاجئ في بيئته الأولى، التي لا تعلق أهمية على ضرورة التكوين للحياة العملية منذ الصغر”. كما أشار السويفى الخبير في شؤون الاندماج إلى أنَ أمورا مثل التفكير في لم شمل الأسرة، والخوف من عدم تجديد الإقامة، والتفكير في فرص الحصول على الإقامة الدائمة، كلها عوامل “تشتَت تركيز واهتمام اللاجئ، وتجعله يعيش في حالة من التيه والتشوش وعدم الاطمئنان”. ويختم السويفى حواره بأن ذلك يؤدي إلى إخفاق اللاجئ في تعلم اللغة والرسوب في الامتحان بعد انتهاء الدورة.

 

شاهد أيضاً

“الإمبراطور الأبيض”.. مقاتلة الجيل السادس الصينية المصممة للهيمنة على السماء والفضاء

تشهد المنافسة بين الصين والولايات المتحدة تصعيداً ملحوظاً في العديد من المجالات، من أبرزها التسابق …